العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
عناوین المحاضرات احدث ملفات العشوائیة الاکثر مشاهدة

■ الدروس الحوزوية (١١)
خارج الفقه
خارج الأصول
اللمعة الدمشقیة
رجال (١٥)
١٢٠- شرح التجرید (٢٢٢)
■ المحاضرات الثقافیّة
■ المحاضرات الأخلاقیة
■ المحاضرات العرفانیة
٨٦- نسمة السحر - رمضان ١٤٣٤ هـ (٥٨)
٨٧- خیر من ألف شهر (٤)
٨٩- شرح حدیث عنوان البصري (١١)
٩١- مناجاة الأرواح (٣٠)
٩٢- المعرفة الإلیهیة في لیلة القدر (١٤)
٦٥ - الطرق الی الله (٥)
٦٦ - الشباب في ضیافة الله (١)
٦٧ - یا رفیق من لا رفیق له (٧)
٦٨ - الدعاء في مدرسة الامام الحسین (١٠)
٦٩ - أسرار الحج والزیارة (٨)
٧٠ - الثبات (٢)
٧١ - مع الراغبین (٩)
٧٢ - شوقاَ إلیک (٣٠)
٧٣ - تلک آثارهم (٩)
٧٤ - شرح مناجات الشعبانیّة (٢٦)
٧٥ - في رحاب الزّیارة الرجبیّة (٢)
٧٦ - في رحاب شهر شعبان
٧٧ - العلم الالهامي (٦)
٧٨ - زیارة الامام الحسین (ع) في یوم العرفة (٥)
٧٩ - قد أفلح من زکّاها (٧)
٨٠ - أقرب الطرق الی الله (١)
٨١ - العرفان في مدرسة فاطمة الزهراء(س) (٢)
٨٢ - الصلح مع الله (٤)
٨٣ - تفسیر سورة یوسف (ع) - ١ (٢٦)
٨٤ - تفسیر سورة یوسف (ع) - ٢ (١٩)
٨٥ - تفسیر سورة یوسف (ع) - ٣ (٢٧)
٨٨ - مقاطع - لطائف وفوائد (٢١٥)
٩٤- نسمات رحمانیة - رمضان ١٤٣٦هـ (١٤)
٩٥- نسمات رحمانیة - رمضان ١٤٣٧هـ (٣٠)
٩٦- ضیاء العاشقین (٢٥)
١٢٢ - شهود عاشوراء (٢)
١٢٣- نسمات رحمانیة - رمضان ١٤٣٨هـ (١٥)
١٢٤- القلب و ما أدرک ما القلب! رمضان ١٤٣٨ هـ (١٦)
١٢٨- في رحاب عاشوراء - قناة الفرات (٥)
١٢٩- کيف أکون عبداً لأمير المؤمنين علیه السلام (٣)
مهجة قلب الحسين عليه السلام وأصحابه - محرم الحرام ١٤٤٢ هـ (١٠)
■ المحاضرات العقائدیة
٠١- علي المیزان و الصراط المستقیم (٣)
٠٢- الحیاة عقیدة وجهاد (٥)
٠٣- شرح نهج البلاغة (٢٠)
٠٤- في رحاب المعاد (١٠)
٠٥- علي حبه جنة (٣)
٠٦- الإمام و الإمامة (٦)
٠٧- علم الإمام في ليلة القدر (٤)
٠٨- لیلة القدر، لیلة التقادیر الإلهیة (٣)
٠٩- عظمة لیلة القدر وما یستحب من الأعمال فیها (٣)
١٠- الحج قرآئة قرآنية (٢)
١١- الشوق الهائم في سیرة القائم عج (٢)
١٢- طاووسية الإمام المهدي عج (٢)
١٣- عصر الظهور و الدولة الكريمة (٢)
١٤- إزالة الشبهات عن فضائل الزيارات (١)
١٥- الغلو و الغلاة (٢)
١٦- تثبيت العقيدة و ردّ الشبهات (١)
١٧- الولاية التكوينيّة و التشريعيّة (٥)
١٨- ردّ شبهات الوهابيّة ١ (٢٥)
١٩- رد شبهات الوهابيّة ٢ (٢١)
٢٠- أجوبة الشبهات ١ (١٢)
٢١- أجوبة الشبهات ٢ (١٣)
٢٢- أجوبة الشبهات ٣ (١٠)
٢٣- تفسير زيارة عاشوراء ١- محرم ١٤٣١ هـ (١٥)
٢٤- تفسير زيارة عاشوراء ٢- محرم ١٤٣٢ هـ (٣٠)
٢٥- تفسير زيارة عاشوراء ٣- محرم ١٤٣٣ هـ (٢٧)
٢٦- تفسير زيارة عاشوراء ٤ - محرم ١٤٣٤ هـ (٢٨)
٢٧- تفسير زيارة عاشوراء ٥ - محرم ١٤٣٥ هـ (١٠)
٢٩- شرح وتفسیر زیارة عاشوراء ٦ - محرم ١٤٣٦ هـ (٢٣)
٣٠- الرحلة الحسینیة بهدایته ومصباحه وسفینته (١٤)
٣١- شمة من العرفان الإسلامي علی ضوء الثقلین (١٧)
٣٢- کمال المرأة ادواته ووسائله (٩)
١٢١ - وارث الانبیاء (٣)
■ المحاضرات التفسیریة
■ محرم الحرام
■ رمضان الکریم
■ القنوات الفضائیة و المراکز الإسلامیة (٧)
■ القصص الصوتیة (١٠٠)
■ أدعیة و زیارات (٢٤)
■ النعي و اللطمیات (٨)
■ المتفرقات (١٥)
■ مسجد علوی
■ محاضرات في أستراليا (٤)
■ مقاطع لبرامج التواصل الاجتماعي (١٠)
■ تشييع آية الله السيد عادل العلوي قدس سره (٦)

احدث ملفات

رمضان الکریم » رمضان عام 1434 هـ » إیقاظ النائم في رؤیة الإمام القائم عج - 2 (9)

المدة 1:02
12 شهر رمضان عام 1434 هـ مرکز الأبحاث العقائدیة: و من جملة المدعویین للندوات العقائدیة في هذا المرکز سماحة الأستاذ في لیالي 11 و 12 رمضان 1434 هـ تحت عنوان (إیقاظ النائم في رؤیة الإمام القائم عجل الله تعالی فرجه الشریف) في الساعة 11 مساءاً بتوقیت ایران علماً بأنه هاتان المحاضرتان ستبث مباشرة علی الإنترنت في برنامج بالتوک غرفة الغدیر.

هل يمكن لقاء الإمام صاحب الأمر × ورؤيته في غيبته الكبرى؟

إنّ رؤية الإمام المعصوم × ومشاهدته بالبصر مطلقاً سواءاً كان في زمن الحضور أو الغيبة من الممكن الذاتي الذي لا استحالة فيه عقلاً، لوجود المقتضي وعدم المانع، فإنّه جسم يأخذ حيزاً في الوجود طولاً وعرضاً وعمقاً، ومع سلامة حاسة البصر، ووجود النور، فإنه قابل للإنعكاس في عدسة البصر، فيكون قابلاً للرؤية البصرية هذا من جهة الامكان الذاتي وبالعقل الميزاني كما مر.

وأما الرّؤية البصرّية في زمن غيبته فهل من الممكن الوقوعي؟

ذهب من ذهب بقول شاذ إلى عدم إمكان وقوعه، فكان من النّافين تمسكاً بخبر واحد وهو التوقيع المروي عن صاحب الزمان^ بسند شيخ الطائفة في غيبته، والشيخ الصدوق في إكمال الدين.

وأما المشهور من علماء الطائفة فإنهم من المثبتين، قالوا: بإمكانه الوقوعي، وتحقق ذلك في عصر الغيبة الكبرى في الجملة، تمسكاً بوجوه:

الأول: الأخبار والحكايات الصادقة الكثيرة المتواترة القطعية التي لا يمكن إحصائها لكثرتها، وتدل على وقوع المشاهدة، وتشّرف البعض بدرك فيض زيارته ومحضره، والتواتر القطعي مما يفيد العلم، وانه من النّص، ولا يقاومه الظن والظهور والخبر الواحد والخبر الواحد.

الثاني: ما إتّفق الكلّ عليه ظاهراً، حتى الشيخ ناقل هذا التوقيع  الشريف، من مشاهدة جماعة كثيرة إيّاه×.

الثالث: المناقشة في التوقيع سنداًَ ودلالة، فإنه ما ذكر من التوقيع والخبر إنما هو خبر واحد مرسل ضعيف، لم يعمل به ناقله، وهو الشيخ في الكتاب المذكور لنقله جملة ممّن من شاهد الإمام× في زمن الغيبة الكبرى.

الرابع: قد أعرض الأصحاب عن الخبر، فيسقط عن الاعتبار، فلا يعارض الوقايع والقصص والأخبار التي يحصل القطع عن مجموعها، بل من بعضها المتضّمن لكرامات ومفاخر لا يمكن صدورها من غيره×.

الخامس: وجود طائفة من الروايات المعارضة الدالة على وقوع الرؤية البصرية في زمن الغيبة الكبرى.

ومن الاعلام كما هو المشهور، ممّن يرى التعارض بين الخبر وبين الحكايات المتواترة القطعية الدالة على وقوع المشاهدة، ويحاول أن يرفع التعارض مهما أمكن بذكر وجوهٍ للجمع، ومنهم من يرى عدم التعارض والتنافي في المصداق والدّلالة بذكر وجوه أخرى، هذا إجمال ما يقال من الوجوه عند المشهور.

 وأما تفصيل ذلك:

أما دليل القول الأول النافي للرؤية البصرية في زمن الغيبة الكبرى مطلقاً، متمسكاً بما رواه الشيخ الطوسي+ في الغيبة: كما جاء في كتاب منتخب الأثر([1]): عن جماعة عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه عن أبي محمد أحمد بن الحسن المكّتب، قال: كنت بمدينة السّلام ـ بغداد ـ في السنة التي توفي فيها الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السّمري+ فحضرته قبل وفاته، فأخرج إلى الناس توقيعاً نسخته (بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السّمري أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام، فاجمع أمرك، ولا توصي إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التّامة (الثانية) فلا ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ذكره، وذلك بعد طول الأمد، وقسوة القلوب، وإمتلاء الأرض جوراً، وسيأتي لشيعتي من يدّعي المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة، وهو كذّاب مُفتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) قال: فنسختُ هذا التوقيع ، وخرجنا من عنده، فلّما كان اليوم السادس، عدنا إليه وهو يجود بنفسه، فقيل له من وصيّك من بعدك؟

فقال: لله أمر هو بالغه وقضى، فهذا آخر كلام سمع منه رضي لله عنه وأرضاه.

أقول: هكذا وجدت الخبر في النسخة الموجودة عندي من غيبة الشيخ، ونقله في جنة المأوى عن الشيخ والطبرسي مثلما نقلنا عنه، غير أنّه نقل (وسيأتي من شيعتي من يدّعي المشاهدة، إلا فمن أدّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر) وفي بعض الكتب (وسيأتي في شيعتي) إنتهى كلامه.

وقال صاحب منتخب الأثر آية الله العظمى الشيخ لطف الله الصافي (دام ظله) في الهامش، وهو خرّيت هذا الفن وفي المجال المهدوي.

ربما يقال: بأنّ هذا التوقيع بظاهره ينافي الحكايات الكثيرة المتواترة القطعية التي لا يمكن إحصائها لكثرتها، وتدل على وقوع المشاهدة، وتشّرف البعض بدرك فيض زيارته، ومحضره، وينافي أيضاً ما اتّفق الكل عليه ظاهراً حتى الشيخ ناقل هذا التوقيع من مشاهدة جماعة كثيرة إياه، وقد ذكروا لرفع التنافي أو الجواب عن هذا الخبر وجوهاً، ذكر الستة منها في جنة المأوى، منها: ما عن المجلسي+ في البحار وغيره، وهو: أن سياق الخبر يشهد بأن المراد من إدّعاء المشاهدة ادعائها مع النيابة والسفارة وإيصال الأخبار من جانبه إلى الشيعة على غرار قول السفراء في الغيبة الصغرى، وهذا الوجه قريب جداً.

ومنها: إنّه خبر واحد مرسل ضعيف، لم يعمل به ناقله وهو الشيخ في الكتاب المذكور، وأعرض الأصحاب عنه، فلا يعارض تلك الوقايع والقصص التي يحصل القطع عن مجموعها، وبل من بعضها المتضمّن لكرامات ومفاخر لا يمكن صدورها من غيره ×.

أقول: وهذه الكرامات والمفاخر هن من علائم الإمامة، وكونه الإمام المهدي× بعينه، فإنّها لا تأتي من غير الإمام المعصوم×، فمن رآه بالبصر وشاهد منه هذه الكرامات والمفاخر علم أنه أمام زمانه، كما هو × في بعض الوقائع يخبر بذلك، ويعرّف المشاهد بأنه إمام زمانه، كما في قصة الرّمانة مع الشيخ محمد بن عيسى البحراني، وكذلك لقاءات السيد مهدي بحر العلوم+ ففي قصّة الرمانة: (البحار: 52: 179) (... فقال: يا محمد بن عيسى: أنا صاحب الأمر فاذكر حاجتك، فقال إن كنت هو فأنت تعلم قصتي ولا تحتاج إلى أن أشرحها لك، فقال له: نعم خرجت لما وهمكم من أمر الرّمانة، وما كتب عليها، وما أوعدكم الأمير به، قال: فلمّا سمعت ذلك توجّهت إليه، وقلت له: نعم يا مولاي، قد تعلم ما أصابنا، وأنت إمامنا وملاذنا والقادر على كشفه عنا)..

وأما وجه الاستدلال بالخبر لمن نفى الرؤية في الغيبة الكبرى مطلقاً.

أولاً: قوله× (فلا ظهور الأبعد إذن الله تعالى ذكره)، فإطلاقه مع لا النافية والإستثناء يدل على نفي الظهور، ومنه الرؤية مطلقاً، فإنها من مصاديق الظهور.

وثانياً: قوله× (سيأتي الشيعي من يدعي المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر) ، فإطلاقه يعمّ جميع من يدعي الرؤية والمشاهدة فهو كذاب، أي كثير الكذب، ومن باب التأكيد المعنوي وصف بالإفتراء أيضاً فهو كدُّاب مُفتر.

ويرد عليه في كلا الوجهين:

أولاً: ما من مطلق إلا وقُيّد، كما، أنّه ما من عام إلّا وخُصّ ، فيقيد الاطلاق بالقرائن المقاليّة اللفظية المتصلة أو المنفصلة، والحالية المقاميّة كالسياق، أو بالإنصراف لغلبة الإستعمال أو كثرته، وفي الخبر قرنية حالية من جهة دلالة السياق، وكذلك الانصراف، إلى أن المراد من دعوى المشاهدة، أي دعوى السفارة والوصاية والوكالة، كما كان للسفراء الأربعة من قبل، وهذا المعنى ما أشار إليه كبار الأعلام حتى من ينقل الخبر والتوقيع الشريف، كما أنه من أقرب الوجوه لرفع التعارض بين التوقيع والأخبار المتواترة، كما سيأتي.

وثانياً: الظاهر، والظواهر حجة ـ من قوله× (فلا ظهور) أي ما يقابل الحضور والوصال كما كان في الغيبة الصغرى. كما أن كلمة الظهور لغلبة الاستعمال وكثرته كما في الروايات الأخرى، إنما يقصد منه الحضور العادي الذي يكون كما كان لآباءه الطاهرين^ من كونه أماماً حاضراً، بل في الغيبة أصبح إماماً غائباً، وهذا لا يعني أنه لا يراه أحد، ويستحيل وقوع ذلك. ومن البعيد جداً، أن يكون الرؤية البصرية من مصاديق الظهور في مثل هذه الأخبار التي تتحدث عن الظهور العادي، فتدبّر.

الثالث: قوله× (سيأتي شيعي) بظاهره يدل على أن الذي يأتي للشيعة ليس منهم، كما لو كان من المنافقين ويدعي المشاهدة، وأنه جاء إليكم بأمرٍ أو نهي من قبل صاحب الزمان× فهذا كذّاب مفتر، وهذا لا يدل على أنه من الشيعة كذلك لو أدعى المشاهدة مطلقاً فهو كذّاب، كيف وممن إدّعى المشاهدة أمثال سيدنا السيد مهدي بحر العلوم + كما في كتاب (قصص العلماء: 287) كما أخبر به زميله المحقق الميرزا القمي صاحب كتاب القوانين قدس سرهما، وان قال: وإن قال له: ولكن تكليفك  إنّك تكذبني.

الرابع: المناقشة في السند، لإرسال الخبر، أو لإعراض الأصحاب.

الخامس: الاضطراب في النقل وهذا ممّا يوجب الوهن والضعف في الخبر، فإنه نقل تارة (سيأتي شيعي) وأخرى (سيأتي من شيعتي) وثالثه (سيأتي في شيعتي) وكم فرق بين النقولات، كما هو واضح عند أهله.

السادس: وجود طوائف من الروايات تدل على رؤية الإمام في غيبته الكبرى، وهي تعارض الخبر التوقيعي المناقش فيه سنداً ودلالة مما يوجب  تقديم تلك الطوائف من الاخبار والتي.

منها: ما تدل أنّ هناك جماعة مع صاحب الزمان× يزيلون وحشته، ومنها: ما تدّل على الأوتاد والأبدال والصالحين المعروف عنهم برجال في خدمة صاحب الأمر×.

ومنها: ما يدل على لقاء الخضر به× .

1 ـ الشيخ الصدوق في إكمال الدين بسنده عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله× يقول: يفتقد الناس إمامهم فيشهدهم الموسم، فيراهم ولا يرونه([2])  أي لا يعرفونه.

2 ـ الصدوق بسنده عن إبن فضال عن الإمام الرضا× قال: إن الحضر شرب من ماء الحياة فهو حيّ لا يموت حتى ينفخ في الصور، وإنه ليأتينا فيسلّم علينا، فنسمع صوته، ولا نرى شخصه، وإنه ليحضر حيث ذُكر، فمن ذكره منكم فليسلّم عليه، وإنه ليحضر المواسم فيقضي جميع المناسك ويقف بعرفة، فيؤمن على دعاء المؤمنين، وسيؤنس الله به وحشة قائمنا× في غيبته، ويصل به وحدته([3]).

3 ـ الصدوق بسنده عن محمد بن عثمان العمري قال: سمعته يقول: والله إنّ صاحب هذا الأمر يحضر الموسم كل سنة، فيرى الناس ويعرفهم ، ويرونه ولا يعرفونه([4]).

4 ـ غيبة الشيخ الطوسي بسنده عن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله× يقول إن لصاحب هذا الأمر غيبتان إحداهما تطول حتى يقول بعضهم مات، ويقول بعضهم قتل، ويقول بعضهم ذهب، حتى لا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر سير، لا يطّلع على موضعه أحد من ولده ولا غيره إلّا المولى الذي يلي أمره.

5 ـ غيبة الشيخ الطوسي بسنده عن أبي بصير عن أبي جعفر× قال: لابدّ لصاحب هذا الأمر من عُزلة، ولابد في عزلته من قوة، وما بثلاثين من وحشة، ونعم المنزل الطّيبة، ورواه الكليني عن الوشاء، ومثله عن محمد بن مسلم.

بيان من العلامة المجلسي+: العُزلة ـ بالضم ـ اسم للاعتزال، والطيبة اسم المدنية  المنّورة الطيبة، فيدل على كونه× غالباً فيها وفي حواليها، وعلى أن معه ثلاثين من مواليه وخواصّه، إن مات أحدهم قام آخر مقامه.

أقول: وربما ما نقرأه في زيارة آل يس (السلام عليك حين تقرء وحين تبيّن) يكون إشارة إلى هؤلاء الذين هم مع الإمام × يقرء عليهم ويبّين لهم، كما يحتمل أن يكونوا من رجال الغيب الذي يشير إليهم الشيخ الكفعمي في مصباحه من الأوتاد  الأربعة، والأبدال السبعة، والصالحين السبعين، وإذا مات من الاوتاد يلتحق بهم من خيرة الأبدال، ثم من خيرة الصالحين بالابدال، ومن خيرة الناس بالصالحين، والله العالم.

6 ـ غيبة الشيخ بسنده عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: خرجت مع أبي عبد الله× فلما نزلنا الرّوحاء نظر لي جبلها مُطّلاً عليها، فقال لي ترى هذا الجبل؟ هذا جبل يدعي رضوى من جبال فارس أحبنا فنقله الله إلينا، أما إنّ فيه كل شجرة مطعم، ونِعَم أمان للخائف مرتين، أما إن لصاحب هذا الأمر فيه غيبتين، واحدة قصير، والأخرى طويلة.

أقول: وربما ما جاء في دعاء الندبة إشارة إلى ذلك (ليت شعري أين استقرت بك النوى ؟ بل أيّ أرض تُقلّك أو ترى؟  أبرضوى أو غيرها أم ذي  طوى، عزيز عليّ أن أرى الخلق ولا تُرى).

7ـ غيبة النعماني بسنده عن سدير الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله الصادق× يقول: إن في صاحب هذا الأمر لشبه من يوسف، فقلت: فكانك تخبرنا بغيبة أو حيرة فقال: ما ينكر هذا الخلق الملعون أشباه الخنازير من ذلك؟ إنّ أُخوة يوسف كانوا عقلاء ألبّاء، أسباط، أولاد أنبياء، دخلوا عليه فكلّموه وخاطبوه وتاجروه وراده (راودوه) وكانوا إخوته وهو أخوهم، لم يعرفوه حتى عرّفهم نفسه، وقال لهم: أنا يوسف فعرفوه حينئذٍ.

فما ينكر هذه الأمة المتحيّرة، أن يكون الله جل وعزّ يريد في وقت (من الأوقات) أنيستر حجّته عنهم، لقد كان يوسف إليه ملك مصر، وكان بينه وبين أبيه مسيرة ثمانية عشر يوماً، فلو أراد أن يعلمه مكانه لقدر على ذلك [والله لقد سار يعقوب وُولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر).

فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله يفعل بحجته ما فعل بيوسف أن يكون صاحبكم المظلوم المحجود حقه، صاحب هذا الأمر يتردّد بينهم، ويمشي في أسواقهم، ويطأ فرشهم، ولا يعرفونه حتى يأذن الله أن يعرّفهم نفسه، كما أذن ليوسف حتى قال له أُخوته: إنك لأنت يوسف؟ قال: أنا يوسف([5]).

8 ـ غيبة النعماني بسنده المعتبر قال: قال أبو عبد الله×: للقائم غيبتان إحداهما قصيرة والأخرى طويلة (الغيبة) الأولى لا يعلم بمكانه (فيها، إلّا خاصة شيعته، والاخرى لا يعلم بمكانه فيها، إلا خاصة مواليه في دينه).

مع الشهيد الصدر الثاني+: وقد ناقش بعض الأعلام المعاصرين هذه الوجوه والإيردات، بعد أن ذكر التوقيع الشريف، وأشار إلى أن الإمام× أكدّ في هذا البيان على أمور، فذكر أموراً ثمانية، وقال في الأمر الثامن([6]) : إنّ من إدّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو مفتر كذّاب، وهو واضح في مدلوله، فإن المراد بيان إحتجاب الإمام المهدي× عن الناس حتى زمان تحقق هاتين العلامتين، فمن الواجب تكذيب كل من إدّعى رؤية المهدي × قبل تحقق ذلك، وإنما ينفتح المجال لإحتمال صدقه بعد تحقق العلامتين، بمعنى أن ذلك الحين هو موعد الظهور، فمن إدّعى رؤية المهدي × يومئذٍ فهو صادق أو محتمل الصدق على الأقل وأمّا قبل ذلك فلا.

وقد اصطدم ذلك ـ في نظر عدد من العلماء ـ بالأخبار القطعية المتواترة ـ أي ليست قصص وحكايات وعواطف وغلو كما قال البعض، بل الاخبار القطعية المتواترة ـ المفيدة للعلم والقطع وبمنزلة النّص ـ التي وردتنا عن لقاء الكثيرين للإمام المهدي× خلال غيبته الكبرى، من بعد صدور هذا البيان الذي سمعناه إلى الآن، بنحو لا يمكن الطعن فيه أو احتمال الخلاف، ومقتضاها لزوم تصديق المخبرين في الجملة، مع ان هذا التوقيع المهدوي يوجب علينا تكذيبه، فكيف يتمّ ذلك، وما هو وجه الجمع بينه وبين تلك الأخبار.

وما قيل أو يمكن أن يقال من وجوه الجمع لو حصلت المعارضة ـ عدة وجوه:

الأول الطعن في سند التوقيع الشريف ورواته حيث قالوا: إنه خبر واحد مرسل ضعيف، لم يعمل به فاعله، وهو الشيخ في الكتاب المذكور، وأعرض الأصحاب عنه، فلا يعارض تلك الوقائع والقصص التي يحصل القطع عن مجموعها، بل من بعضها المتضمن بكرامات ومفاخر لا يمكن صدورها عن غيره ×.

إلّا أن هذا الوجه لا يمكن قبوله لوجوه:

الأول: أما كونه خبر واحد فهو ليس نقصاً فيه، لما ثبت في علم أصول الفقه من حجية خبر الواحد الثقة ، وأما القول بالعدم حجيته فهو شاذ لا يقول به إلّا القليل النادر من العلماء.

أقول: فقبول السند حينئذٍ يكون مبنويّاً، فمن قال بعدم حجية خبر الاحاد كالسيد المرتضى وابن إدريس يلزمه سقوط الخبر عن الاحتجاج به، وكذلك من كان يقبل خبر الاحاد إذا كان محفوفاً بالقرائن الدالة على صحة إسناده وصدوره، ودونه يلزمه عدم الأخذ بالخبر أيضاً.

الثاني: وأمّا كونه خبراً مرسلاً، فهو غير صحيح إذ رواه الشيخ في الغيبة (ص:242) فقال: أخبرنا جماعة عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسن بن بابويه قال: حدثني أبو محمد أحمد بن الحسن المكتّب إلى آخر الخبر، كما رواه الصدوق ابن بابويه في إكمال الدين عن أبي محمد المكتب نفسه فأين الإرسال؟ والزمن بحسب العادة مناسب مع وجود الواسطة الواحدة.

الثالث: وأمّا كونه ضعيفاً، فهو على تقدير تسليمه، يكفي للإثبات التاريخي، كما قلنا في مقدمة هذا التاريخ، وإن لم يكن كافياً لإثبات الحكم الشرعي، كما حقق في محلّه.

أقول: وحينئذٍ يكون الأمر مبنويّاً أيضاً فمن قال بكفاية الخبر الضعيف في القضايا التاريخية، فإنه  يعمل بالخبر هذا، لكونه خبراً تاريخيّاً، وأمّا غيره فيسقط الخبر عنده من الاعتبار لضعفه، أضف إلى أنه لو كان يترتب على القضية التاريخية حكماً شرعياً كما في المقام، من تكذيب مدعي المشاهدة وعدمه، فحينئذ لابدّ من صحة الصدور في الخبر، فتأمل.

الرابع: وأما إعراض الشيخ الطوسي والأصحاب عن العمل به، فإنّما تخيّله صاحب الاشكال بإعتبار إثبات الشيخ وغيره رؤية الإمام المهدي × في غيبته الكبرى، وهذا مما لاشك فيه ـ وهذا ينفي قول من يشكّك في الاخبار والحكايات والقصص المروّية الدالة على لقاء الحجة والتشِّرف بخدمته، ورؤيته في الغيبة الكبرى، فلاشك فيه ـ إلّا أنه إنما يصلح دليلاً على إعراضهم لو كانت معارضة ومنافات بين التوقيع وإثبات الرؤية، وأمّا مع عدم المعارضة ـ على ما سيأتي ـ فيمكن أن يكون العلماء: الشيخ الطوسي وغيره  ـ قد التزموا بكلام الناحيتين، من دون تكذيب بينهما، ومعه لا دليل على هذا الاعراض منهم.

أقول: وحينئذ أيضاً يلزم أن يكون الأمر مبنويّاً، فلو كان بين الخبر التوقيعي المنافي للرؤية والاخبار المتواترة الدالة على وقوع الرؤية تعارضاً، حينئذ لابدّ من الجمع أولاً مهما أمكن، فإنه الأولى، وإلا فيؤخذ بالمرجّحات الداخلية السندية، أو الخارجية الدلالتية كالأخذ، بالأفقه والأعدل، وبما وافق كتاب الله وخالف العامة، وبما اشتهر بين أصحابك، كما في الأخبار العلاجيّة، والغالب على العلماء في هذا المقام قالوا بالتّعارض  وتقديم الاخبار المتواترة لإعراض الأصحاب عن الخبر التوقيعي لأي سبب كان سواء من جهة سند؟ ومن جهة الدالة كما هو المختار ونقول بالتفصيل حينئذ كما سيتضح إن يشاء الله تعالى.

الخامس: على إنّ الإعراض لوكان حاصلاً لما أضرّ بحجية الحديث، لما هو الثابت المحقق في علم الأصول، بأن إعراض العلماء عن الرواية لا يوجب وهناً في الرواية سنداً ولا دلالة.

أقول: وهذا يرجع أيضاً إلى ما يختاره الفقيه من المبنى في فهمه الاعراض بأنّه يختص بأصحاب الأئمة فيوجب وهن الخبر وإن كان صحيحاً،  أو يعمّ إعراض العلماء والمشهور أيضاً.

ثم يذكر الشهيد الصدر الثاني+ وجوهاً أخرى للجمع كما سنذكره انشاء الله بالتفصيل لما فيه من التفصيل والفوائد النافعة.

مع خاتم المحدّثين شيخنا العلّامة النوري+:

لقد ألّف المحدث الثقة كتاباً بعنوان (جنة المأوى في ذكر من فاز بلقاء الحجة × أو معجزته في الغيبة الكبرى) وأُلحق الكتاب ببحار الأنوار المجلد 52) ويذكر فيه القصص والأخبار الدالة على التشرف واللقاء في الغيبة الكبرى فَيذكر (59) قصة من قصص الحق، وكما يؤخذ برواياته في الأحكام الشرعية لوثاقته، فإنه يؤخذ كذلك فيما يروى من القصص في هذا الباب ولا يصّح أن يقال أنّها أوهام أو قصص خياليّة أو يميل إلى مثل هذه القصص التّرفيهيّة.

ثم في نهاية الكتاب يذكرفائدتين، والكلام في الفائدة الأولى، في نقله للخبر التوقيعي عن غيبة الشيخ الطوسي+ ثم يقول كما قال غيره من الأعلام: وهذا الخبر بظاهره ينافي الحكايات السابقة وغيرها مما هو مذكور في البحار، والجواب عنه من وجوه، فيذكر وجوهاً ستة:

الأول: إنّه خبر واحد مرسل غير موجب علماً، فلا يعارض تلك الوقائع والقصص التي يحصل القطع عن مجموعها، بل ومن بعضها المتضمن لكرامات ومفاخر لا يمكن صدورها من غيره× ـ كما في قصة الرّمانة ـ فكيف يجوز الإعراض عنها، لوجود خبر ضعيف لم يعمل به ناقلة، وهو الشيخ في الكتاب المذكور. كما يأتي كلامه فيه، فكيف بغيره، والعلماء الأعلام تلقّوها بالقبول، وذكروها في زبرهم وتصانيفهم معّوّلين عليها، معتنين بها.

أقول: هذا الوجه قد مرّ الكلام فيه تفصيلاً.

الثاني: ما ذكره في البحار بعد ذكر الخبر المزبور ما لفظه: (لعلّه محمول على من يدّعي المشاهدة مع النيابة وإيصال الأخبار من جانبه إلى الشيعة على مثل السفراء، لئلا ينافي الاخبار التي مضت وسيأتي فيمن رآه× والله العالم) ([7]).

أقول: قيل كما مرّ، أنّ هذا أقرب الوجوه في رفع التعارض بين الخبر التوقيعي الشريف، وبين الاخبار المتواترة الدالة على اللّقاء والمشاهدة، والعجب  من بعض المعاصرين ـ هداه الله ـ في إحدى الفضائيات بحركات لا تليق سماحته أراد أن يسفّه عقول من قال بهذا الوجه القريب جداً، والحال قد ذهب الله جمع من كبار علمائنا الأعلام سواء أكان من القدماء أو المتأخرين، كالعلامة المجلسي+، وكذلك من المعاصرين كآية الله الشيخ لطف الله الصافي دام ظله.

نعم ذهب الشهيد الصدر الثاني+ إلى استبعاد هذا الوجه، إلّا أنه قابل للنّقاش.

بيان ذلك:

قال: في الوجه الخامس لدفع التعارض بين الخبر التوقيعي والاخبار المتواترة : الوجه الخامس([8]).

حمل التوقيع الشريف على دعوى المشاهدة مع إدعاء الوكالة أو السفارة عنه×، وإيصال الأخبار من جانبه إلى الشيعة على مثال السفراء في الغيبة الصغرى، قالوا: وهذا الوجه قريب جداً، وقد نقل عن البحار وغيره([9]).

إلّا أنه في الواقع بعيد جداً، بمعنى أنه خلاف الظاهر من عبارة الإمام المهدي× في بيانه ـ وهذا يعني أنّه  تمسّك بالظاهر الذي هو من الظن، ولا يدل على ما هو في الواقع الذي هو من العلم، وفي نفس الأمر وفي علم الله سبحانه، فهذا تفسير جديد لمعنى الواقع فتأمّل .

فإنه يحتاج إلى ضمّ قيد أو لفظ إلى عبارته لم تقم قرينة على وجودها، كما لو كان قد قال: ألا فمن إدّعى المشاهدة مع الوكالة فهو كذّاب مفتر، إلّا أن المهدي× لم يقل ذلك كما هو واضح، ومقتضاه التكذيب لمن ادعى السفارة أو غيره وربّما يناقش قوله:

أولاً: لا تنحصر القرائن والقيود على اللفظ وحسب، حتى تكون من القرائن والقيود اللفظيّة.

وثانياً: من القرائن (سياق الكلام) وهو من القرائن الحالية، فإن سياق الخبر كما في المقام يدل على ذلك بوضوح، لأن المقام مقام إنتهاء السفارة الخّاصة وإنتهاء مدّة الغيبة الصغرى، وبدء الغيبة الكبرى الثانية والتّامة، فلا وكالة خاصة ولا سفارة خاصة بعد ذلك. بل في الحوادث الواقعة ترجع الأمة إلى الفقيه الجامع للشرائط والموصوف بما ورد في الخبر العسكري الشريف: أن يكون صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مطيعاً لمولاه، مخالفاً لهواه، فعلى العوام، أي من لم يكن مجتهداً ولا محتاطاً، أن يقلدّوه، فأرجع الإمام المنتظر× الأمة والشيعة في زمن الغيبة الكبرى إلى المرجعيّة الصالحة والمتّقية وجعلها حجة الله عليهم، كما كان هو حجة الله عليهم، والرّاد عليهم في حدّ الشرك، وهذا يعني قداسة المرجعية الحقّة والحقيقية دون من يدعي ما ليس فيه من المرجعيّة تبعاً لهواه، فإنه من المزّيفين كما ورد في الأخبار الشريفة، في بيان علماء السوء وذكر أوصافهم، كأن يكون مقبلاً على دنياه ومفتون بها، فإنه متّهم في دينه، ولا يؤخذ منه الدين، ولا مشروعية في قوله وفعله، ولا يكون مقدساً حينئذ.

وثالثاً: قد ذهب السيد الصدر نفسه إلى هذا الوجه القريب في مواضع من كتابه الشريف:

فقد قال عند بيان المستويات السبعة لعدم وجود التعارض بين التوقيع الشريف وبين الاخبار المتواترة فقال في المستوى الأول.

إننا سبق أن عرفنا أن الإمام المهدي× ليس مختفياً بشخصه عن الناس، وإنما يراهم ويرونه ولكنه يعرفهم ولا يعرفونه، فما هو الواقع خارجاً هو الجهل بعنوانه كإمام مهدي لا إختفاء جسمه كما تقول به بعض الأفكار غير المبرهنة... فرؤية الناس للمهدي× ثابتة في كل يوم وعلى الدوام كلما مشى في الطريق، أو ذهب إلى السوق، أو إلى الحج، أو إلى زيارة أحد أجداده الأئمة^، غاية الأمر أنّ الناس يرون فيه شخصاً عادياً، ويجهلون بالكليّة كونه هو المهدى ×.

إلى أن قال: (وظاهر بيان انتهاء السفارة ان ما هو كاذب أو ما يجب تكذيبه هو إدعاء مشاهدة المهدي بصفته إماماً مهدياً، أو الالتفات إلى ذلك ولو بالنتيجة، أو بعد انتهاء المقابلة، وهو ممّا لا يمكن أن يحدث في المقابلات الاعتيادية للمهدى×...)([10]).

وقال في موضع آخر وفي المستوى الخامس: (... نعم لو أخذنا بقوله ×: وسيأتي لشيعتي من يدعي المشاهدة، وفهمنا منه التنبيه على الدعوات المنحرفة بالخصوص، على ما سيأتي على المستوى الأتي .. كان ذلك قرنية على أن دعوى المشاهدة المقترنة بالدعوة المنحرفة هي الكاذبة دائماً، ومعه يكون إدّعاء المشاهدة المجردة عن الدعوة المنحرفة غير منصوص على كذبه في التوقيع، وإن تجرد عن الدليل الواضح، بل يبقى محتمل الصدق على أقل تقدير([11]).

وقال في المستوى السادس: (والمطمأن به هو أن هذا المستوى من الإدّعاء هو المقصود من التكذيب في التوقيع الشريف، فإن المستظهر من قوله×: (وسيأتي لشيعتي من يدعي المشاهدة) كون المراد منه الإشارة إلى حدوث دعوات منحرفة وحركات غير محمودة في داخل القواعد الشعبية الإماميّة، تقوم على دعوى المشاهدة، خلال الغيبة الكبرى، مع إلفات نظر المؤمنين، وتحذيرهم من تلك الدعوات، وتنبيهم على خطرها على الإسلام والمجتمع الإسلامي.

إذن فمدعي المشاهدة كاذب مزوّر في خصوص ما إذا كان منحرفاً، ينقل أموراً باطلة عن الإمام المهدي×، وأما فيما سوى ذلك، فلا يكون التوقيع الشريف دالاً على بطلانه، سواء نقل الفرد عن المهدي× أموراً صحيحة بحسب القواعد الإسلامية، أو محتملة الصحة على أقل تقدير، أو لم ينقل شيئاً على الإطلاق) ([12]).

فظهر مما ذكر إنّ المراد من مدّعي المشاهدة، ما كان يلزمه الإنحراف، كأن يدّعي السفارة أو الوكالة الخاصة أو الوصاية الخاصة كالبابية أو الدعوات المهدوية المزيفة والباطلة أخيراً بين الأوساط الشيعيّة. بأنه يأخذ الدين مباشرة من صاحب الأمر، وإن الناس يرجعون إليه، وليس إلى المراجع الكرام والفقهاء العظام، فهذا لا محالة كذّاب مفتر ملعون في الدنيا والآخرة.

ومن أنكر الرؤية إنما يقصد مثل هذه المشاهدات والرؤى، ولا ينافي من يذكر لقاءه مع الحجة×، من دون الدعوات المنحرفة والمزيفة، كما هو المختار، فلابد من القول بالتفصيل في الرؤية والمشاهدة من دون إفراط وتفريط.

وصايا الوالد لولده

لقد كان من دأب سلفنا الصالح أن ينصحوا ويوصوا أولادهم بمواعظ ونصائح ووصايا. كما فعل السيد بن طاووس مع ولده السيد محمد في كتابه (المحجة لثمرة المهجة)، وعلى نهجهم الكريم أُوصي ولدي وقرّة عيني السيد محمد علي حفظه الله ـ وأيّده بألطافه الجلية والخفيّة، وأسعده وإخوانه في الدارين ـ  بهذه الوصايا المتواضعة:

أوّلاً: الله الله في أيتام آل محمد وشيعة أهل البيت والموالين، فاتقِ الله فيهم، واجمع شملهم، وإسع في تقوية إيمانهم وتعظيم شوكتهم، وتحكيم كيانهم، فإنهم يشكون في كل شهر رمضان إلى الله سبحانه،  قلّة عددهم، وكثرة عدّوهم وغيبة وليهم، وفقد نبيهم، كما في دعاء الافتتاح في شهر رمضان المبارك.

ثانياً: ولدي لقد إشتد لحمك وعظمك علماً وعملاً من بركات الحوزات العلميّة، فكن ولدها البّار الصّالح، واخدمها بكلّ ما أوتيت من قوة وبسطة في العلم والجسم، ولا تتحدّاها يوماً من الأيام في عرض مسألة تبدو لك أنّها علمية، وقد إنفردت  بها، فإن التّحدي يكون للخصم، والحوزة العلمية ليست خصماً لك، بل هي أُمّك الحاضنة والحاضرة، بل قدّم ما عندك من إبداع بكلّ تواضع خدمة للعلم والدين والمذهب والحوزة وعلمائها وطلّابها، فالتّحدي للخصوم، وأما الأصدقاء، فيقدّم لهم الخدمات الخالصة وبذل المعروف،وإعلم أن ما أوتيتم من العلم إلّا قليلاً، وفوق كل ذي علم عليم، وقل ربي زدني علماً وألحقني بالصالحين، وان العلم حجاب نوراني لو بقيت فيه منشغلاً بزيادة الفروع والتشعيب وبالغرور والكبرياء، كان هو الحجاب الأكبر، فالمفروض أن تخرق حجب النّور. لتصل إلى معدن العظمة.

ثالثاً: إحذر كل الحذر من الافراط والتفريط، فإنهما من الرذائل، وطرفي الفضيلة، وكن مؤدباً في أفعالك وأقوالك، واحترم آراء الآخرين، ولا تسفّه عقولهم، لتسحب البساط العلمي من تحت أرجهلم، بالتّهريج فهذا أسلوب الغوغائيين ولا تكن بذلك متبختراً ومتجبّراً ـ علماءً جبّارين ـ مبتلى بشكر العلم وتشعر في نفسك الأمارة بالسوء إنك أعلم من غيرك، فهذا هو الحجاب الأكبر، والمنزلق الأعظم لأهل العلم، فالحذار الحذار من النفس الأمارة، ومن وساوس وغرور شياطين الجن والإنس.

رابعاً: ولدي إن المرجعية في زمن الغيبة الكبرى إنّما هي بأمر من صاحب الأمر أمام زماننا ×، فمشروعيتها وقدسيتها منه وإليه، وإنها عقل التشيع المفكر والمدبّر، وقلب الشيعة النابض والحي، فلولاها لضاع الدين واندرس معالمه، فايّاك أن يسلب الشيطان حلمك وعقلك، فتهجم عليها وتضّعف كيانها بين الموالين بحجة التطهير والتعديل والتصحيح، فهذه من تسويلات إبليس اللعين، وانه ممّا يفرح به أعداء أهل البيت^، وإنهم في عصرنا هذا ليفرحون بما تقوله من الهجوم الصبياني والطفولي، ويثنونه على قناواتهم المقيتة، وفضائياتهم البغيضة، فالحذار الحذار، واتق الله في أيتام آل محمد^، كفاهم ما يرونه من الظلم والجور من قبل أعدائهم، فلا تزيد في المحنة والمصيبة، ولا تزيد في الطين بلّة، والله العاصم، وإنك لتعلم ان حجية المراجع العظام إنّما هو من حجية صاحب الزمان× فإنّهم من أبرز مصاديق رواة الحديث أو القدر المتيقّن منهم في عصرنا هذا. فإنه حجة الله عليهم كما هم حجته على الأمة في غيبته، والرّاد عليهم في حدّ الشرك([13]). نعم لك أن تبّين زيف من يدعي المرجعية وهو ليس من أهلها، كما أدّبنا أهل البيت^ في بيان علماء السوء بذكر أوصافهم وحالاتهم كحبّهم لدنيا، إذا رأيتم العالم مقبلاً على دنياه مفتون بها، فأتهموه أي لا تأخذوا دينكم منه، كما بيّنوا أوصاف العلماء الصالحين لدينه، وكذلك أوصاف المراجع والفقيه الذي يجب تقليده لمن لم يكن مجتهداً ولا محتاطاً، كقولهم (من كان حافظاً ، صائناً لنفسه مطيعاً لمولاه، مخالفاً لهواه، فعلى العوام أن يقلدوه، أسأل الله أن يعصمك من الزّلل والخطأ ، ويجعلك ذخراً للأمة وكهفاً وملاذاً للمسلمين والمؤمنين آمين رب العالمين .



([1])  منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر×: لسماحة آية الله العظمى الشيخ لطف الله الصافي: ص399 ـ 400.

([2])  البحار: 52: 151.

([3])  المصدر نفسه.

([4])  المصدر نفسه.

([5])  البحار: 52:  154 عن غيبة النعماني: 89 والكافي: 1: 240.

([6])  الغيبة الصغرى: 633 ـ 640.

([7])  راجع البحار: ج52 ص151 باب من أدعى الرؤية في الغيبة الكبرى.

([8])  تاريخ الغيبة الصغرى: 644.

([9])  انظر منتخب الأثر ص400 والبحار ج13 ص142 (الطبعة القديمة، المطبعة الحديثة: ح52: 151.

([10])  تاريخ الغيبة الصغرى: 646 ـ 647.

([11])  تاريخ الغيبة الصغرى: 652.

([12])  المصدر نفسه: 652 ـ 653.

([13])  البحار: 52: 181 قال×: واما الحوادث الواقعة فارحعوا فيها إلى رواة حديثنا، فانهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله عليهم.

ارسال الأسئلة