فقه (93)

15 شوال

1441 هـ

مسألة 1: يكره ترك سورة التوحيد في جميع الفرائض الخمس.

أقول: يقع الكلام بعد الواجبات والمستحبات في القراءة في مكروهاتها، والمكروه بمعنى ورود النهي التنزيهي فيه لما في العمل من مرجوحية ومفسدة غير ملزمة كالدورة الباطنية واعزازه، فالأولى للمؤمن أن يترك المكروهات فإن تركه من التقوى في مرتبتها الثانية، فإن الأولى ترك المحرمات والثانية ترك الشبهات والمكروهات والثالثة ترك الحلال لما في الحلال من الحساب كما ورد في جملة من الأخبارثم قبل ما كان فعله مستحباً فتركه مكروهاً، وكذلك العكس إلّا أنه عند المحققين عدم التّلازم بينها على نحو الموجبة الكلية وإن كان ذلك في بعض الموارد وبنحو القضية المهملة التي بحكم الجزئيّة، ومن ثمّ كما في المستحبات الشرعية لابدّ من نصوص دينية وإن قلنا بالتسامح في أدلة السنن، فإنّه كذلك في المكروهات وبناءً على الحقاتها في التسامح بالسنن.

فذكر المصنف جملة من مكروهات القراءة: الأوّل: يكره ترك سورة التوحيد في جميع الفرائض الخمس، كما هو المشهور ممّا ورد في جملة من النصوص كخبر منصور بن حازم في الكافي بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام: من مضى به يوم واحد فصلّى فيه بخمس صلوات ولم يقرأ فيها بقل هو الله أحد، قيل له: يا عبد الله لست من المصلين. (الوسائل: باب 24 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث الثاني وفي الباب 6 أحاديث في عقاب الأعمال وفي ثواب الأعمال بإسناده فراجع.

وجه الإستدلال: إنّ النفي فيه من نفى الكمال، وليس نفي الصحة حتى يقال بالبطلان في واحدة منها وإعادتها.

وقد ورد في فضلها الكثير ومنه أنها ثلث القرآن كما أنّ الحمد ربعه.

الثاني: (مسألة 2: يكره قراءة التوحيد بنفس واحد وكذا قراءة الحمد والسورة بنفس واحد).

أقول: كما هو المشهور ويدل عليه ما رواه محمد بن يحيى بإسناد له عن أبي عبد الله عليه السلام: يكره أن يقرأ قل هو الله أحد في نفس واحد (الوسائل: باب 19 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث الثاني).

ونحوه خبر محمد بن الفضيل: محمد بن يعقوب عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد الأسدي عن أحمد بن الحسن الميثمي عن أبان بن عثمان عن محمد بن الفضيل قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يكره أن تقرأ قل هو الله أحد في نفس واحد، (الباب 19 الحديث الأول).

وذهب سيدنا الحكيم في مستمسكه إلى أنه من الروايتين يستفاد كراهة قراءة الحمد والسورة بنفس واحد، وإلّا فلم أعثر عاجلاً على ما يدل عليه، نعم في صحيح إبن جعفر عن أخيه الكاظم عليه السلام: عن رجل يقرأ في الفريضة بفاتحة الكتاب وسورة أخرى في النفس الواحد.

قال عليه السلام: إن شاء قرأ في النفس وإن شاء غيره (الوسائل باب 46 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث الأول).

وفي خبره المروي عن قرب الاسناد عن الحميري: زيادة (ولا بأس) (الوسائل باب 46 محلق الحديث الأول).

وعنون الشيخ الحرّ العاملي قدس سره في وسائله الباب: (باب جواز قراءة المصلّي الفاتحة والسورة في نفس واحد على كراهية، وكذا في الاخلاص وإستحباب سكتة في آخر كل من الحمد والسورة وفي الباب ثلاث روايات).

وربما وجه إلحاق كراهة قراءة الحمد والسورة بنفس واحد بكراهة قراءة التوحيد بنفس واحد من باب تنقيح المناط الإطميناني والقياس الأولى إلّا إذا قيل بتعبدية الأحكام محصناً وعدم القياس في المذهب فتأمل.

الثالث: (مسألة 3: يكره أن يقرء سورة واحدة في الركعتين إلّا سورة التوحيد).

أقول: كما ذهب إليه المشهور ولم أجد مخالفاً فيصح دعوى الإجماع عليه بنحو الإجماع المحصّل إلّا أنّه من المدركي لخبر ابن جعفر عليه السلام محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن محمد عن موسى بن القاسم عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام : ورواه الحميري في (قرب الاسناد) عن عبد الله بن الحسن في جده علي بن جعفر مثله، وزاد: وإن فعل فلا شيء عليه لا يعود، ورواه علي بن جعفر في كتابه مع الزيادة.

عن الرجل يقرء سورة واحدة في الركعتين من الفريضة وهو يحسن غيرها، فإن فعل فما عليه؟ قال عليه السلام إذا أحسن غيرها فلا يفعل، وإن لم يحسن غيرها فلا بأس (الوسائل باب 6 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث الأول).

عنوان الباب : (باب أنه يجوز أن يقرأ في الركعة الثانية من الفريضة والنافلة السورة التي قرأها في الركعة الأولى على كراهيةٍ إن كان يُحسن غيرها وفي الباب أربع روايات) ثم استثنى من ذلك تكرار سورة التوحيد في الصلوات الخمس لخبر صفوان: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: صلاة الأوابين الخمسون ـ من الفرائض والنوافل المرتبة ـ كلها بقل هو الله أحد) (الوسائل: باب 7 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث الثالث) وفي صحيحة عنه عليه السلام: (قل هو الله أحد تجزئ في خمسين صلاة) ونحوهما غيرها وفي الباب أربع روايات رابعها محمد بن علي بن الحسين في كتاب (التوحيد) عن أحمد بن الحسين عن محمد بن سليمان عن محمد بن يحيى عن محمد بن عبد الله عن جعفر بن سليمان عن يزيد الرّسك عن مطرف بن عبد الله عن عمران بن الحصين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث سريّة ـ ما لم يكن فيها النبي بخلاف الغزوة واستعمل عليها علياً عليه السلام ـ أي هو قائد السّرية ـ فلما رجعوا سألهم فقالوا: كلُّ خير، غير أنه قرأ بنا في كل الصلوات بقل هو الله أحد، فقالوا يا علي لم فعلت هذا؟ فقال: لحبّي بقل هو الله أحد، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما أحببتها حتى أحبك الله قال صاحب الرسائل قدس سره: أقول: وتقدم ما يدل على ذلك، ويأت ما يدلّ عليه.

مسألة 4: يجوز تكرار الآية في الفريضة وغيرها، والبكاء، ففي الخبر: كان علي بن الحسين عليه السلام: إذا قرأ: (مالك يوم الدين) يكرّرها حتى يكاد أن يموت وفي آخر: عن موسى بن جعفر عليه السلام: عن الرجل يصلي له أن يقرء الفريضة فتمر الآية فيها التخويف فيبكي ويردد الآية ؟ قال عليه السلام: يردد القرآن ما شاء وإن جاءه البكاء فلا بأس أقول: إنّ من مبطلات الصلاة البكاء إلّا أنه مقيد بالدنيا أي يبكي لأمور تصيبه في الدنيا، وأمّا البكاء للآخرة خوفاً من عذاب الله كبكاء النبي يحيى أو شوقاً للقائه كبكاء المحبين كشعيب النبي كما ورد في الأخبار، فإنّه لا اشكال فيه، بل ربما يقال بإستحبابه، وما ذكره المصنف من الخبر الأول رواة الكليني بإسناده عن علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعاً عن القاسم بن محمّد عن سليمان بن داود عن سفيان بن عييتة عن الزهري في حديث قال: ..) (الوسائل: باب 68 الحديث الأول) وفي الباب ثلاث روايات وما ذكره المصنف هو الخبر الثالث عن عبد الله بن جعفر في (قرب الاسناد) عن عبد الله بن الحسن عن جدّه علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام.