الصور النشاطات السيرة  
الصور النشاطات السيرة  
الصوتيات المرئيات الکتب  
الصوتيات المرئيات الکتب  
الإتصال بنا القائمة العامة الإستفتائات  
الإتصال بنا القائمة العامة الإستفتائات  
       
 
   علوی.نت . العربیة . مکتبة الکتب . رسالات الإسلامیة . المجلد الثالث و العشرون - 23 . من ملکوت النهضة الحسینیّة . 3 .  

بعد  فهرست  قبل 
خلود ثورة الإمام الحسين عليه‏السلام :
فلماذا نجدّد قصّة كربلاء وحادثة عاشوراء ؟
إنّ الإمام الحسين سيّد الشهداء عليه‏السلام بثورته الخالدة ونهضته النابعة من
صميم الإسلام المحمّدي الأصيل فضح المنافقين على مرّ العصور والأحقاب ،
وعلى اختلاف مشاربهم وأصناف حيلهم وخدعهم بمن فيهم خلفاء الجور وطغاة
بني اُميّة الذين بالغوا واجتهدوا لإعادة العرب إلى أيّام الجاهليّة الاُولى .
كما أبان بتضحياته وسبي عياله مواقف علماء السوء الذين خدموا
السلطات الجائرة ، كما أوضح زيف أشباه الزهّاد والذين تستّروا ببعض الطقوس
الظاهريّة وتركوا أهمّ الفرائض الدينيّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) سورة التحريم : الآية 6 .
(2) سورة آل عمران : الآية 164 .
من ملكوت النهضة الحسينيّة ··· (11)
--------------------------------------------------------------------------------
كما فضح خطّ النفاق على طول التاريخ للذين يتّخذون الثورة وسيلةً لبلوغ
مآربهم الدنيويّة من الفساد والإفساد والأطماع والملاذّ واتّباع الأهواء .
إنّ الإمام الحسين عليه‏السلام بثورته الخالدة ، أوغل في عمق الزمان حتّى هيمن
عليه ، فكان كلّ يوم عاشوراء ، وتوغّل في آفاق المكان حتّى أحاط بالكائنات ،
فكان كلّ أرض كربلاء ، وما ذلك إلاّ لأنّ الحسين أبو عبد اللّه‏ نهض للّه‏ سبحانه ،
وقام بإحياء دينه بدمه ومهجته وبسبي عياله ، فرعاه اللّه‏ وأمدّه في اُفقي الزمان
والمكان ، وجعله مصباح هدىً لمن استنار بنوره ، واستضاء بضوئه ، واهتدى
بهداه ، وسفينة نجاة من الضلال والذنوب والذمائم لمن ركب فيها ، ولا تزال سفينته
السريعة والوسيعة تخبّ بحار التاريخ لينجو بها كلّ غريق ، ويجيب نداؤه المدوّي
في ضمير الإنسانيّة « هل من ناصرٍ ينصرنا » كلّ من يريد أن يعيش بحرّيّة وسلام ،
فإنّ فرصة الالتحاق به متاحة لكلّ من أراد النجاة والحياة الطيّبة والعيش السعيد .
ففي كلّ يوم وفي كلّ عام في أيّام محرّم الحرام يلتحق بالحسين عليه‏السلام أعداد
هائلة من البشريّة ولسان حالهم يقول : لبّيك يا داعي اللّه‏ ، إن كان لم يجبك بدني
عند استغاثتك واستنصارك ، فقد أجابك قلبي وسمعي وبصري وكلّ وجودي
وما أملك في الحياة .
فالحسين رمز وعنوان وميزان في العقيدة والسلوك والعمل ، قام للّه‏ لا أشرا
ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما ، ودعى إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة على
سيرة جدّه وأبيه ، ونصر دينه بدمه وأهل بيته وأصحابه ، مصلحا مجاهدا آمرا
بالمعروف وناهيا عن المنكر ، ليقيم الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر .
ليست قضيّة الحسين أ نّه قتل وقتل أصحابه وأهل بيته ، وسبي عياله وأطفاله
(12) ··· من ملكوت النهضة الحسينيّة
--------------------------------------------------------------------------------
وحسب ، بل إنّما القضيّة أعمق من ذلك ، فإنّ الحسين عليه‏السلام إنّما قام للّه‏ من أجل
العدالة والحرّيّة وإعلاء كلمة الإسلام ، وإحياء كتابه وسنّة نبيّه ، في ظروف حلكة
وقاسية ، أحاطها الركود الاجتماعي ، واللامبالاة الجماعيّة ، والفساد الأخلاقي
والمالي والثقافي والديني من ظهور البدع والأباطيل والضلال وإماتة حدود
الكتاب والسنّة .
فالثورة الحسينيّة التراث الإلهي والنوري الذي يرجع إليه الثائرون
والأحرار على طول التاريخ بما تحمل من عقيدة وإيديولوجيّة صحيحة
وواضحة ، وسلوك عملي يمارس في النضال والجهاد يترجم تلك العقيدة السليمة ،
والخطّة الدقيقة المرسومة بحكمة وحِنكة ، والاعتماد على النضال المقدّس والعنف
المشروع .
فالصراع في عاشوراء الحسين صراع بين الحقّ والباطل ، بين القيم
الإنسانيّة العليا وبين قيم الجاهليّة الاُولى .
فالحقّ آنذاك قد طمس نوره ، وتغيّرت معالمه ، فلا بدّ من ثورة مباركة
قدسيّة تزهق الباطل وعوالمه ، وتبعث الروح الإسلاميّة والإنسانيّة من جديد ،
ولتبقى شعلة وهّاجة وشمس مضيئة للأجيال والثوّار على امتداد التاريخ .
وكلّ واحد في كلّ زمان ومكان تخطر على باله أسئلة مصيريّة وخطيرة ،
فمن أنا ؟ ومن الذي أوجدني ووهبني ما أنا فيه من النّعم ؟ من الذي مهّد لنا
الأرض ، وسخّر لنا ما في السماوات والأرض ؟ وماذا بعد هذه الدنيا ؟ وإلى أين
تسير بنا الأقدار ؟ فإلى أين نذهب ؟ وماذا يراد منّا ؟ ومثل هذه الأسئلة تثير في
الوجدان الإنساني أن يبحث عن حقيقته وعن مسيره في الحياة ، وأن يعيش في
من ملكوت النهضة الحسينيّة ··· (13)
--------------------------------------------------------------------------------
متنها ، لا في الهوامش .
وتجد جواب الأسئلة كلّها في قضيّة عاشوراء ، فإنّها مدرسة حيّة خالدة ،
ينبع منها عيون العلوم والمعارف ، ويتلألأ منها الحضارات والمدنيّات التي
تسودها العدالة ونور الحقّ وضياء الحقائق والمعرفة .
بعد  فهرست  قبل 
نسخ الرابط :  
 ." جميع الحقوق محفوظة للمؤسسة الإسلامِة العالمية " التبليغ و الإرشاد .
   
العربية    فارسي    English