الصور النشاطات السيرة  
الصور النشاطات السيرة  
الصوتيات المرئيات الکتب  
الصوتيات المرئيات الکتب  
الإتصال بنا القائمة العامة الإستفتائات  
الإتصال بنا القائمة العامة الإستفتائات  
       
 
   علوی.نت . العربیة . مکتبة الکتب . رسالات الإسلامیة . المجلد الثالث و العشرون - 23 . من ملکوت النهضة الحسینیّة . 2 .  

بعد  فهرست  قبل 
(6) ··· من ملكوت النهضة الحسينيّة
--------------------------------------------------------------------------------
كلّ يوم عاشوراء :
لماذا في كلّ عام ، بل وفي كلّ يوم نجدّد قضيّة عاشوراء وواقعة كربلاء
بالأحزان والآلام والمصائب، ونتأمّل في شهادة سيّد الشهداء الإمام الحسين عليه‏السلام ،
ونتفاعل مع ما جرى على أهل بيته من القتل وسبي النساء الطاهرات ، مخدّرات
الرسالة والعصمة ؟ فنذرف الدموع ونلطم الصدور ونشقّ الجيوب ونضرب
الهامات ؟ !
أجل لقد مرّت القرون والأحقاب على حادثة الطفّ الأليمة ، والمفروض أن
تكون بحكم الحوادث التاريخيّة الاُخرى التي أكل عليها الدهر وشرب ، فإنّها وإن
كانت عظيمة المأساة والآلام ، إلاّ أنّ لنا في التاريخ وقائع مأساويّة عظيمة الرزيّة
كبيرة المصيبة أيضا . فكيف بحادثة عاشوراء تتجدّد في كلّ عام بمظاهر الحزن
والألم ، ويتفاعل معها الناس من كلّ الطبقات شيبا وشبّانا ، بل وحتّى الأطفال
والنساء في كلّ عصر ومصر ، فما من شخص ـ وإن لم يكن مسلما ـ سمع قصّة
كربلاء إلاّ وانصهر في بوتقتها الحزينة ، واغرورقت عيناه ، واختنقت عبرته ،
وجرت دموعه على وجناته ، ليعبّر عن تفاعله واندماجه في فضاء عاشوراء
وحوادث كربلاء .
فما هو السرّ في ذلك ؟ ؟ ولماذا نجدّد الحزن في كلّ عامّ في محرّم الحرام
وفي شهر صفر وبهذا الزخم والدعم ؟ ولماذا نحيي قصّة كربلاء وشهادة الإمام
الحسين عليه‏السلام بهذه الضخامة التي لا مثيل لها في كلّ الملل والنحل ؟ فلماذا هذه
الشعائر الحسينيّة في كلّ عام ؟ حتّى اتهّمنا الأعداء بشتّى التهم ، ووصفنا بالجنون
والتخلّف والرجعيّة ، إلاّ أنّ الجواب واضح جدّا ، فإنّه ما كان ذلك منّا إلاّ اقتداءً
من ملكوت النهضة الحسينيّة ··· (7)
--------------------------------------------------------------------------------
وتأسيّا بالشهيد بكربلاء عابس الشاكري ، حيث قيل له عندما دخل المعركة خالعا
اللبوس والدرع : أجننت ؟ فقال : أجنّني حبّ الحسين .
فلماذا كلّ يوم عاشوراء ، وكلّ أرضٍ كربلاء ؟
نقف على الجواب إجمالاً من خلال النقاط التالية :
1 ـ لمّا كانت العترة الطاهرة ـ بنصّ حديث الثقلين الثابت عند الفريقين ـ
عدل القرآن الكريم وشريكه وصنوه ، فإنّ كلّ ما دلّ عليه القرآن الكريم بالدلالة
المطابقيّة يدلّ على الأئمّة الأطهار عليهم‏السلام بالدلالة الالتزاميّة ، وكلّ ما دلّ على
الأئمّة الأطهار بالدلالة المطابقيّة دلّ على القرآن بالدلالة الالتزاميّة ؛ لأ نّهما لن
يفترقا في كلّ شيء من البداية حتّى النهاية ، تمسّكا بحديث الثقلين الثابت متواترا
عند الفريقين السنّة والشيعة ، فإنّ النبيّ قال في مواطن عديدة : « إنّي تارك
ـ مخلّف ـ فيكم الثقلين : كتاب اللّه‏ وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ
الحوض ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبدا » .
ثمّ القرآن الكريم ـ كما في الحديث عن الإمام الصادق عليه‏السلام ـ غضّ جديد
لا يبلى ، لأ نّه لكلّ زمان ومكان وللأجيال جميعا ، فكذلك الأئمّة الأطهار عترة
الرسول المختار عليهم‏السلام ، فإنّ سيرتهم الذاتيّة ، وحياتهم المشرقة ، وأحاديثهم
النورانيّة ، غضّة جديدة لكلّ الأعصار والأمصار وللبشريّة جمعاء .
ومن ثمّ قضيّة سيّد الشهداء ونهضته في كربلاء وإن وقعت سنة 61 هجريّة ،
إلاّ أ نّها غضّة وجديدة لا تبلى ، وأ نّها خالدة بخلود القرآن الكريم . فكلّما تتلو
القرآن تشتاق إلى تلاوته مرّةً اُخرى ، وإنّه يختلف عن كلّ كتاب آخر ، فإنّه
المهيمن على الكتب الاُخرى ، ومن الواضح أنّ القصّة مهما كانت جميلة ومشوّقة ،
فإنّها ما تقرأها مرّات أو تسمعها مرارا ، إلاّ وتملّ منها ، بخلاف القرآن الكريم ،
(8) ··· من ملكوت النهضة الحسينيّة
--------------------------------------------------------------------------------
وكذلك واقعة الطفّ الأليمة فإنّك لو سمعتها وقرأتها كلّ يوم تجدها لا زالت جديدة
وتعيش الحاضر ، ومن هذا المنطلق يقول صاحب الأمر عليه‏السلام في زيارة الناحية :
« لأندبنّك صباحا ومساء ، ولأبكينّك بدل الدموع دما » .
2 ـ في كلّ عام ، وفي ليلة القدر خاصّة ، تتنزّل الملائكة والروح ـ وهو ملك
أعظم من جبرائيل وميكائيل ـ على صاحب الأمر عليه‏السلام وتعرض عليه مقاليد
السماوات والأرض بإذن اللّه‏ سبحانه ، كما تنزّل عليه تفسيرا وتأويلاً جديدا
للقرآن الكريم ، فإنّه يحمل وجوها وبطونا ومعاني لا يعلمها إلاّ اللّه‏ سبحانه ، ففي
كلّ سنة للقرآن تفسير جديد ، يلهم به صاحب الأمر عليه‏السلام ، ومن ثَمّ يُلهم به
المفسّرون للقرآن الكريم بعد ارتباطهم وعلقتهم الروحيّة والطينيّة بينهما
ـ والتفسير رفع القناع عن الظواهر ، والتأويل رفع القناع عن البواطن ـ ففي كلّ
سنة نشاهد تفسيرا وتأويلاً للقرآن الكريم ، يتماشى مع كلّ زمان ومكان ، ومع
التجدّد والحضارات ، وكذلك قصّة عاشوراء وثورة الإمام الحسين وما فيها من
الأهداف والغايات والمعاني السامية ، فإنّها تتجدّد في تفسيرها وتأويلها ، وتتطوّر
في معانيها ومفاهيمها ، فلا بدّ أن نطرحها بثوبها الجديد ، بنظرة ملكوتيّة اُخرى ،
ولا نكتفي بسرد قصّة عاشوراء .
3 ـ منذ أن خلق آدم من تراب وطين ، بدأ الصراع بين الحقّ والباطل ، بين
النور والظلام ، بين العقل والجهل ، بين الخير والشرّ ، فتمثّل الحقّ بآدم عليه‏السلام ،
كما تمثّل الباطل بالشيطان لعنه اللّه‏ ، وكان هذا الصراع على قدمٍ وساق بكلّ ألوانه
وأشكاله عقائديّا وسلوكيّا ودمويّا وغير ذلك ، في كلّ زمان ومكان ، وأفضل
مصداق يقتدى به ويتأسّى بمعالمه وعوالمه هو ثورة الإمام الحسين عليه‏السلام ، إذ جُمع
الحقّ بكلّ أسمائه الحسنى وصفاته العليا في الحسين عليه‏السلام ، كما جمع الباطل كلّه
من ملكوت النهضة الحسينيّة ··· (9)
--------------------------------------------------------------------------------
بكلّ مظاهره من الكفر والنفاق والإلحاد والرذائل والقبائح في يزيد اللعين ، فخير
مثال للصراع بين الحقّ والباطل وخير نموذج للثوّار الأحرار هو عاشوراء
الحسين عليه‏السلام .
4 ـ كتب على عرش اللّه‏ بلون أخضر : « الحسين مصباح الهدى وسفينة
النجاة » وإنّ سفينته أوسع وأسرع ... وتتجلّى قمّة سيرة الإمام الحسين عليه‏السلام في
عاشوراء(1) ، ولمثل هذا نتفاعل في كلّ يوم مع قصّة عاشوراء لنهتدي بمصباحه ،
وننجو بسفينته ، ونقتدي بهداه ، ونسير على خطّه ، وصراطه المستقيم ومنهجه
القويم .
5 ـ من المعروف الواضح أنّ التاريخ يعيد نفسه ، فإنّه يعاد الفيلم بين جيل
وجيل ، إلاّ أ نّه بأبطال آخرين ، وحينئذٍ خير قدوة واُسوة ، وأفضل فلم تاريخي
يؤخذ منها المن ملکوت النهضة الحسینیّةوالعبر هو قصّة عاشوراء ، فإنّ حادثة كربلاء خالدة ما دام
التاريخ يعيد نفسه .
6 ـ إنّما نجدّد حادثة الطفّ الأليمة لمعرفتنا أنّ الإمام الحسين لم يخرج
أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما كما قال عليه‏السلام ، إنّما خرج للإصلاح في اُمّة
جدّه ، وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لأنّ الخطر الداهم أحدق بالمسلمين
آنذاك ، وكان الإسلام على شرف الزوال ، لابتلاء المسلمين بالمثلّث المنافق الخطر
( النفس الأمّارة بالسوء ، والشيطان الرجيم ، والغفلة القاتلة ) وهذا الخطر يداهمنا
حتّى اليوم المعلوم وظهور صاحب الأمر عليه‏السلام ، فإنّه يحدق بالمسلمين ، ففي كلّ
--------------------------------------------------------------------------------
(1) ذكرت تفصيل ذلك في كتاب ( الإمام الحسين في عرش اللّه‏ ) المجلّد السادس من
موسوعتنا ( رسالات إسلاميّة ) فراجع .
(10) ··· من ملكوت النهضة الحسينيّة
--------------------------------------------------------------------------------
يوم عاشوراء ، وكلّ أرض كربلاء . فلا بدّ من الإصلاح الاجتماعي كما فعل الإمام
الحسين عليه‏السلام ، ولا بدّ أن يكون كلّ واحدٍ منّا حسينيّا في مبادئه وعقائده ، وفي
حركته ونهضته ، وعليه أن يبدأ بالإصلاح من نفسه ومع ربّه أوّلاً ، ثمّ اُسرته « قُوا
أنفُسَكُمْ وَأهْلِيكُمْ نَارا »(1) ثمّ مجتمعه واُمّته « كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن
رعيّته » وهذه المراتب الإصلاحيّة إنّما اختلافها في الرتبة ، أمّا في مقام العمل
والتطبيق فكلّها معا وسويّة في خطّ واحد ، كما في العلم والتزكية في قوله تعالى :
« وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ »(2) ، فإنّ التزكية والتعليم في اُفق واحد ،
إلاّ أنّ رتبة التزكية لأهمّيّتها تقدّمت على التعليم ، فتدبّر .
بعد  فهرست  قبل 
نسخ الرابط :  
 ." جميع الحقوق محفوظة للمؤسسة الإسلامِة العالمية " التبليغ و الإرشاد .
   
العربية    فارسي    English