الصور النشاطات السيرة  
الصور النشاطات السيرة  
الصوتيات المرئيات الکتب  
الصوتيات المرئيات الکتب  
الإتصال بنا القائمة العامة الإستفتائات  
الإتصال بنا القائمة العامة الإستفتائات  
       
 
   علوی.نت . العربیة . مکتبة الکتب . رسالات الإسلامیة . المجلد الثالث و العشرون - 23 . من ملکوت النهضة الحسینیّة . 19 .  

بعد  فهرست  قبل 
(54) ··· من ملكوت النهضة الحسينيّة
--------------------------------------------------------------------------------
التعزية ملح المحاضرات الإسلاميّة
لا يخفى أنّ للخطباء وأصحاب المنابر الحسينية في المذهب الشيعي
الجعفري دور بارز وهام في توعية الجماهير وتثقيفهم وربطهم باللّه‏ وبرسوله
وأهل بيته الأطهار عليهم‏السلام ، لا سيّما شدّهم وتعلّقهم بقضية عاشوراء وواقعة كربلاء
ويوم الطف الحزين ، وشهادة سيّد الشهداء وأهل بيته وأصحابه الميامين ، وإسارة
حريمه وبناته وسبي عقائل النبوّة وبنات الرسالة .
فالخطيب اللسن في الواقع إنّما يمثّل لسان الإسلام لينطق بمفاهيم الثقلين
( كتاب اللّه‏ والعترة الطاهرة ) ويأخذ بيد الجماهير المؤمنة ليحلّق معهم في سماء
الفضائل وآفاق المكارم والعلوم والآداب ، فيرث الأنبياء كالعلماء في
مسؤوليّاتهم ووظائفهم الدينية ، من هداية الناس وإرشادهم وتعليمهم وتربيتهم ،
بتزكية النفوس وتهذيب الأرواح .
ثمّ لكلّ خطيب ومنبري اُسلوبه ومنهجيّته في طرح المواضيع وسرد
الحوادث والقصص والمعلومات الدينية واستنتاجاتها وما يترتّب عليها من
المنافع والفوائد الروحيّة والعلميّة والثقافية والاجتماعية وغيرها ، فللخطيب
حرّيته في تشكيلة خطبته وخطاباته وكيفية الدخول في البحث والتنقيب بذكر آية
(55)
--------------------------------------------------------------------------------
قرآنية ثمّ تفسيرها أو حديث شريف ثمّ بيانه والتعليق حوله أو قصّة تاريخية أو
بيت شعر أو قصيدة أو غير ذلك .
هذا والخطباء على اختلاف أذواقهم ومذاقاتهم وثقافاتهم يشتركون في
خصلة واحدة ، ألا وهي ختم الموضوع بقراءة ( التعزية ) والمأتم الحسيني بذكر
مصائب أهل البيت عليهم‏السلام ومظلوميّتهم وما جرى عليهم من قبل مناوئيهم وأعدائهم
وغاصبي حقوقهم ، فإنّهم مشرّدون مظلومون مقهورون ، وما منهم إلاّ مسموم أو
مقتول ، ثمّ تختم المصيبة بمصيبة سيّد الشهداء ، فإنّها اُمّ المصائب ولا يوم كيوم
الحسين عليه‏السلام ، فتُذرف الدموع وتنحدر على الخدود ويعلو البكاء أو التباكي حتّى
يضجّ المجلس بالنحيب ، ثمّ ينتهي بالدعاء ..
أمّا البكاء والتباكي على مصائب أهل البيت عليهم‏السلام ولا سيّما سيّد الشهداء
الإمام الحسين عليه‏السلام فقد ورد في فضله ورفعة منزلته أحاديث كثيرة صحيحة
الإسناد ، كما جاء في ( كامل الزيارات ) للمحدّث الكبير الثقة ابن قولويه عليه
الرحمة ، فراجع .
ومن الأحاديث الشريفة الواردة في فضل البكاء ما يبهر القارئ والسامع ،
فإنّه من الأمر الصعب المستصعب الذي لا يتحمّله إلاّ ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو
مؤمن امتحن اللّه‏ قلبه بالإيمان ، يكفيك أ نّه من يبكي عليهم ولو بقطرة من الدموع ،
وجبت له الجنّة .
ثمّ لا يمكن لأيّ أحد من الخلق أن يؤدّي حقّ الإمام المعصوم عليه‏السلام
والإمامة الحقّة ، إلاّ أ نّه ورد عن الإمام الصادق لسان اللّه‏ الناطق أ نّه من بكى على
جدّه الإمام الحسين عليه‏السلام فقد أدّى حقّهم .
كما ورد في زيارة جامعة أئمة المؤمنين أنّ أهل السماء ـ أي الملائكة ـ
(56) ··· من ملكوت النهضة الحسينيّة
--------------------------------------------------------------------------------
يتقرّبون إلى اللّه‏ سبحانه بمحبّة الأئمة وولايتهم ، والبراءة من أعدائهم ، وتواتر
البكاء في مصائبهم ، أي يبكون متواترا بلا انقطاع في مصائب أهل البيت عليهم‏السلام
ويتقرّبون بهذا البكاء إلى ربّهم ، فإذا كان أهل السماء يتقرّبون بالبكاء فكيف لا
بأهل الأرض ، فهم أولى بالتقرّب إلى اللّه‏ سبحانه بالبكاء على أهل البيت
ومظلوميّتهم عليهم‏السلام .
والنصوص الدينية كثيرة وجمّة في فضيلة البكاء ، وبهذا امتازت الشيعة
الإمامية الاثنى عشريّة بمجالس البكاء والعزاء واللطم والنحيب وغيرها من
الشعائر الحسينية الإلهية .
أجل إنّ ( التعزية ) وقراءتها تعدّ ملح المجالس والمحافل ، حتّى كبار
العلماء الأعلام كصاحب الجواهر ، كانوا يبدأون حلقات دروسهم بقراءة المصيبة
على سيّد الشهداء للتيمّن والتبرّك وإحياءً لذكرى عاشوراء وواقعة كربلاء ، فإنّ كلّ
يوم عاشوراء وكلّ أرض كربلاء ، وصاحب الزمان عليه‏السلام في زيارة الناحية
يخاطب جدّه سيّد الشهداء ( لأندبنّك في الصباح والمساء ، ولأبكينّ عليك بدل
الدموع دما ) ، ولنا في إمام زماننا اُسوة حسنة وقدوة صالحة بإقامة مجالس العزاء
في الدور والمساجد والتكايا والحسينيات وفي كلّ مكان صباحا ومساءً .
أجل ، في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة جديدة في المجتمعات الشيعية
باسم ( المحاضرات ) حيث يتصدّى عالم ديني ومفكّر إسلامي منبرا ومنصّة ،
ليلقي على مسامع الجماهير محاضرة إسلامية ، تمتاز عن محاضرة الخطباء التي
ربما تكون مكرّرة وروتينية ـ مع الاعتذار عن هذا التعبير ـ بعمقها نوعا ما ،
وبموضوع جديد من رشحات المحاضر الفكرية ، وقد أقبل الناس على هذا اللون
من المحاضرات إمّا لما فيها من الفوائد الجديدة ، أو لأ نّها من الجديد ولكلّ جديد
التعزية ملح المحاضرات الإسلاميّة ··· (57)
--------------------------------------------------------------------------------
لذّة ، وعلى كلّ حال صار المحاضر الديني الحوزوي يمتاز برتبة جديدة تبليغية
تقع بين الخطيب وبين المرجع ، فصنّفوا الحوزة إلى أصناف ثلاثة :
فالخطيب وهو مبلّغ وقارئ حسيني ، ثمّ العالم أو العلاّمة والمحاضر الديني
وربما يكون اُستاذا قديرا في الحوزة أو كاتبا شهيرا أو مجتهدا أو فقيها ، ثمّ
المرجع الديني صاحب الفتوى والتقليد .
فالمرجع الفقيه لا يصعد المنبر ولا يحاضر ، لأ نّه يعتبر ذلك كسرا لشأنه
وتنزيلاً لمقامه ، والحال كان مراجعنا في الماضي يصعدون المنابر ويقرأون
التعازي ، ويتقرّبون بذلك إلى اللّه‏ وإلى رسوله وأهل بيته عليهم‏السلام كما ينقل عن سيرة
صاحب الجواهر والعلاّمة المجلسي وغيرهما من فطاحل العلم والاجتهاد والفقه ،
بل كان أمير المؤمنين يصعد المبنر ويخطب كما يشهد بذلك ( نهج البلاغة ) .
ثمّ المحاضر يصعد المنبر ويحاضر ، إلاّ أ نّه لا يقرأ ( التعزية ) فإنّه يرى ذلك
خفّةً له ، وإنّه يحسب على الخطباء وهم دونه في الحوزة والعلم .
والذي يحزّ في النفس أ نّه مع هذه الهجمات الشرسة والشبهات الشيطانية
التي ترد بين آونة واُخرى على المذهب الحقّ من قبل أعدائه وخصومه ، نحتاج
إلى أن نشدّ الناس وشيعة أمير المؤمنين عليّ عليه‏السلام بأهل البيت أكثر فأكثر ، ومن
أهمّ عوامل الربط والشدّ الذي أكّد عليه أئمتنا الأطهار عليهم‏السلام هي إحياء معالم
عاشوراء ، والبكاء على سيّد الشهداء ، وإقامة المجالس وقراءة التعزية وذكر
المصائب ، فالمفروض على المحاضر الإسلامي أن لا يتغافل عن ملح محاضرته ،
بأن يقرأ شيئا من المقتل ولو نقلاً بالمعنى ، حتّى تنحدر دموع الولاء ولو تباكيا ،
ولدقائق في نهاية المحاضرة ، فإنّه عند ذلك كان في طاعة اللّه‏ والرسول والعترة
الطاهرة ، كما أنّ القلب إذا قسى ومات فإنّه يوجب جمود العين ، فالبكاء إحياء
(58) ··· من ملكوت النهضة الحسينيّة
--------------------------------------------------------------------------------
للقلوب وتطهير للنفوس .
ثمّ المحاضرة التي تفقد ملحها ليست إلاّ تخزين معلومات جوفاء ،
وليس السامع فيها إلاّ كحامل الكتب والأسفار في ذهنه ، فيكون مكتبة عامّة
سيّارة ، لا ينتفع من علمه .
أ يّها المحاضرون الكرام ، هلمّوا إلى إحياء يوم عاشوراء ، فإنّه محور
الكائنات وخلاصة التاريخ الإنساني ، هو وجناحه الثاني ـ يوم الغدير ـ أساس
الإسلام وروحه وجلاله وجماله وكماله ، فلا نغفل عن تخطيط الأعداء وهجمات
الاستعمار العالمي ومكائد الشيطان ، ولا نغترّ بالعلم ، فلولا التهذيب والبكاء
لا سيّما على سيّد الشهداء عليه‏السلام لكان الحجاب الأكبر .
« أحيوا أمرنا رحم اللّه‏ من أحيا أمرنا » .
طوبى لمن أقام المآتم الحسينية ومجالس العزاء وقرأ أو سمع ( التعزية )
فبكى أو تباكى ، وإنّما يُعلم حقيقة ما أقول يوم تُبلى السرائر وتظهر الضمائر ، يوم
لا ينفع مالٌ ولا بنونَ إلاّ من أتى اللّه‏ بقلبٍ سليم .
بعد  فهرست  قبل 
نسخ الرابط :  
 ." جميع الحقوق محفوظة للمؤسسة الإسلامِة العالمية " التبليغ و الإرشاد .
   
العربية    فارسي    English