(52) ··· من ملكوت النهضة
الحسينيّة
--------------------------------------------------------------------------------
الإمام زين العابدين
عليهالسلام
وديموميّة الثورة
الحسينية
الحمد للّه ربّ العالمين
، والصلاة والسلام على
أشرف خلق اللّه محمّد
وآله
الطاهرين .
أمّا بعد :
فمن القوانين الثابتة
التي لا تقبل التغيّر ولا
التخلّف ، قانون ( العلّة
والمعلول ) ، وهو الحاكم
على هذا الكون الرحب
الوسيع ، فما من معلول
إلاّ وله
علّته ، وما من علّة إلاّ
ولها معلولها ، والممكن
ذاتا ما تساوى فيه طرفي
الوجود
والعدم ، فإذا وجب وُجد
وإذا وجد وجَب ، فالممكن
الوجود واجب الوجود
لغيره ، فكلّ ممكن له في
وجوده وعدمه علّة الوجود
أو العدم ، وحقيقة
الإمكان
الملازم لماهية الممكن
يوجب أن يكون لكلّ ممكن
في وجوده وبقائه أن يحتاج
إلى علّة محدثة وعلّة
مبقية .
ثمّ قصّة كربلاء الخالدة
، وواقعة الطف الأليمة ،
إنّما تكوّنت وتخلّدت
بعلّتين ، فإنّ العلّة
المحدثة لإيجادها سنة 61
ه ق إنّما كان بنهضة
الإمام
سيّد الشهداء الحسين بن
عليّ عليهماالسلام وثورته
ضدّ الظلم والجور والفساد
المتمثّل
بيزيد السفّاك وبني
اُميّة وأعوانهم الظلمة
آنذاك .
(53)
--------------------------------------------------------------------------------
وفلسفة نهضته الخالدة
إنّما تتجلّى آياتها في
صرخته الأبديّة حيث
قال عليهالسلام : « لم
أخرج أشِرا ولا بَطِرا
ولا ظالما ولا مفسدا
إنّما أردت الإصلاح في
اُمّة جدّي وأبي ، آمر
بالمعروف وأنهى عن المنكر
» .
وكما جاء في زيارته : «
وبذل مهجته فيك حتّى
استنقذ عبادك من الجهالة
وحيرة الضلالة » ،
فالمقصود من ثورة الإمام
الحسين هو إنقاذ العباد
من الجهالة
وحيرة الضلالة بالإصلاح
والأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر .
فالعلّة المحدثة والموجدة
للثورة الحسينية
الإصلاحية لكافة البشرية
هو
الإمام الحسين
عليهالسلام ، وأمّا
العلّة المبقية فتمثّلت
بالإمام السجّاد زين
العباد الإمام
عليّ بن الحسين
عليهماالسلام وإعلام
الحوراء زينب عليهاالسلام
، فإنّه بمواقفه الخالدة
منذ
شهادة أبيه وإلى آخر
حياته الشريفة ، كان
يذكّر الناس بنهضة أبيه
ويديم ثورته
بالبكاء والنحيب إلى آخر
حياته الشريفة ، والتاريخ
يحدّثنا عن مواقفه
الصامدة
بعد عصر عاشوراء ، وفي
مجلس ابن زياد لعنه
اللّه ، وفي طريقه إلى
الشام ، وفي
المسجد الاُموي وخطبته
الشهيرة ، واحتجاجه مع
يزيد الخمّار لعنه اللّه
، وكان مهره
الشريف الذي يختم به
الرسائل مكتوب عليه ( خزي
وخَسِر قاتل الحسين ) ،
وهذا
يعني أنّ الرسائل التي
كان يختمها ويرسلها إلى
أقطار العالم وإلى شيعته
والمسلمين كان يذكّر
الناس بقتل سيّد الشهداء
عليهالسلام ، ثمّ لظروفه
الخاصّة كان ينشر
معارف أهل البيت
عليهمالسلام من خلال
الدعاء ، فكانت صحيفته
زبور آل محمّد
عليهمالسلام
تعجّ بالنور والعلم
والمعرفة الإلهيّة ،
وبمثل هذه المواقف
الحماسيّة ، استدامت ثورة
أبيه الإمام عليهماالسلام
ولا زالت .