من ملكوت النهضة
الحسينيّة ··· (41)
--------------------------------------------------------------------------------
العباس قمر بني هاشم(1)
الحمد للّه ربّ العالمين
، والصلاة والسلام على
محمّد وآله الطاهرين .
أمّا بعد :
فقد قال اللّه تعالى في
كتابه الكريم :
« والشمس وضحاها والقمر
إذا تلاها » .
من تأويل الآية الشريفة
أنّ الشمس هو الرسول
الأعظم محمّد
صلىاللهعليهوآله ،
والقمر
هو أمير المؤمنين .
وفي دعاء الندبة في وصف
الأئمة المعصومين
عليهمالسلام :
( أين الشموس الطالعة
والأقمار المنيرة ) .
فكلّ إمام باعتبار ما سبق
هو شمس ، وباعتبار كونه
لاحقا وآخذا نور
الإمامة من سابقه هو قمر
منير ، فإنارته من الشموس
الطالعة من قبل ، ودون
مرتبة
النبوّة والإمامة
المعصومة مرتبة العلماء
الصلحاء ، الأمثل فالأمثل
، فإنّهم ورثة
--------------------------------------------------------------------------------
(1) مجموعة مقالات
إسلاميّة نشرت في صحيفة (
صوت الكاظمين ) الشهريّة
.
(42)
--------------------------------------------------------------------------------
الأنبياء ، فإنّ العلم
نور يقذفه اللّه في قلب
من يشاء ، وذلك القلب
النوراني في
صدر العالم الربّاني هو
شمس وقمر باعتبار السابق
واللاحق ، فيصدق عنوان
الشمسيّة والقمريّة على
الاُستاذ والتلميذ أيضا ،
فإنّ علم التلميذ أي نوره
من تعليم
اُستاذه أي من نوره ،
فيكون بمنزلة الشمس له ،
فقسما بالشمس ونورها في
ساعة
الضحى ، ثمّ قسما بالقمر
الذي يبزغ بعد غياب الشمس
إلاّ أنّ نوره من نورها ،
وهناك علاقة وثيقة
وارتباط عميق بينهما .
ومن المصاديق التامّة
للشمس والقمر في العالم
الإنساني وفي سماء
البشرية الإمام الحسين
سيّد الشهداء عليهالسلام
وأخوه أبو الفضل العباس
قمر
بني هاشم .
وكان العباس عليهالسلام
لأخيه الإمام الحسين
عليهالسلام كما كان أمير
المؤمنين
عليّ عليهالسلام لرسول
اللّه محمّد
صلىاللهعليهوآله ،
فهناك مقايسة عجيبة بين
هذين الشمسين
والقمرين كما يحدّثنا
التاريخ بمواقفهم الخالدة
وسيرتهم المباركة وحياتهم
الشريفة ، فإذا كان أمير
المؤمنين عليّ
عليهالسلام لرسول اللّه
سيفا ودرعا طيلة دعوته
المباركة ، فكذلك ولده
العباس كان للإمام الحسين
عليهالسلام سيفا ودرعا
طيلة حياة
الإمام عليهالسلام لا
سيّما في قصّة عاشوراء
وأحداث كربلاء والطف
الأليمة .
وإذا أردنا أن نقف على
عظمة أبي الفضل العباس
ومقامه الشامخ عند اللّه
سبحانه وعند أهل البيت
عليهمالسلام ، إنّما
يمكن ذلك من خلال ما ورد
في حقّه في
كلمات الأئمة الأطهار
عليهمالسلام . فإنّ
والده أمير المؤمنين عليّ
عليهالسلام يطلب من أخيه
عقيل أن يزوّجه امرأة تلد
له بطلاً يوم كربلاء .
وحين ولادته يقدّم قماطه
إلى أبيه
أمير المؤمنين عليّ
عليهالسلام واُمّ البنين
تنظر إليهما ، فيبكي
عليهالسلام ويقبّل يدي
العباس ،
العبّاس قمر بني هاشم ···
(43)
--------------------------------------------------------------------------------
فتعجب اُمّ البنين من
الموقف ، فتسأل عن السبب
، فيجيبها أمير المؤمنين
عليهالسلام
راويا واقعة كربلاء ،
وكيف تقطع يدي أبي الفضل
عليهالسلام في ساحة
المعركة .
وإنّ زين العابدين
عليهالسلام يقول :
إنّ لعمّي العباس في
الجنّة مقاما يغبطه به
الأوّلون والآخرون .
وما أكثر النصوص الواردة
في شأنه ، يكفيك شاهدا ما
ورد في
زيارته عليهالسلام ،
فراجع .