فاطمة
الزهراء حُسن اللّه :
ثمّ قال رسول اللّه
صلىاللهعليهوآله :
ولو كان الحسن شخصا لكان
فاطمة بل هي أعظم .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) إذ يجب على كلّ مسلم
بالغ أن يفهم دينه
ويتعلّم المسائل التي
يبتلى بها ، فإنّ العلم
فريضة
على كلّ مسلم ومسلمة .
(72) ··· فاطمة الزهراء
مشكاة الأنوار
--------------------------------------------------------------------------------
فإذا كان عليّ
عليهالسلام هو الفقه
والعلم ، فإنّ فاطمة هي
الحسن والجمال ، فإنّها
تجمع جميع المحاسن سواء
الاعتقاديّة أو
الأخلاقيّة أو العباديّة
أو العقلائيّة أو
العقليّة ، وكلّ ما كان
في وجود الأنبياء
والأوصياء والأولياء
والملائكة ، وفي
السماوات والأرضين ، وفي
الطبيعة وما ورائها ،
فإنّ الحسن المطلق ومطلق
الحسن وهو اللّه سبحانه
بأسمائه الحسنى وصفاته
العليا يتجلّى جماله
وحسنه في
فاطمة الزهراء
عليهاالسلام .
فلو جمع اللّه المحاسن
والجمال كلّه في شخص ثمّ
نفخ فيه من روحه ، فإنّه
يكون فاطمة الزهراء سلام
اللّه عليها .
ولا غرو فإنّ هذا التعبير
الدقيق ورد في حقّ
الأئمّة الأطهار
عليهمالسلام أبناء
فاطمة الزهراء
عليهاالسلام كما في زيارة
الجامعة الكبرى التي هي
من أصحّ الزيارات
سندا ودلالة ، وفيها : (
والحقّ معكم وفيكم ومنكم
وإليكم وأنتم أهله ومعدنه
وميراث النبوّة عندكم ) .
فكلّ ما نزل به الملائكة
على الأنبياء فإنّه مخزون
عند الأئمّة الأطهار
عليهمالسلام ، وأيّ حُسن
يذكر من العلم والحلم
والكرم ، وأيّ صفة حسنة
في العوالم
كلّها ، فإنّ أصله وأوّله
ومنتهاه عندهم
عليهمالسلام .
« إن ذكر الخير كنتم
أوّله وأصله وفرعه ومعدنه
ومأواه ومنتهاه »(1) .
فهم معدن الخير وأصله
ومنتهاه ، فجذور جميع
الخيرات واُصول المحاسن
كلّها والشموخ والعظمة
إنّما هي في الأئمّة
عليهمالسلام ، وما عندهم
إنّما هو من اُمّهم
--------------------------------------------------------------------------------
(1) زيارة الجامعة ـ
مفاتيح الجنان .
المحاضرة الرابعة ···
(73)
--------------------------------------------------------------------------------
فاطمة الزهراء التي هي
مشكاة مصابيح الهدى . كما
ورد في تأويل قوله تعالى
:
« مَثَلُ الَّذِينَ
يُنفِقُونَ أمْوَالَهُمْ
فِي سَبِيلِ اللّهِ
كَمَثَلِ حَبَّةٍ
أنْبَتَتْ سَبْعَ
سَنَابِلَ فِي كُلِّ
سُنْبُلَةٍ مِائَةُ
حَبَّةٍ وَاللّهُ
يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ
وَاللّهُ وَاسِعٌ
عَلِيمٌ »(1) .
قال الإمام الصادق :
الحبّة هي فاطمة الزهراء
صلّى اللّه عليها ،
والسبع
السنابل سبعة من ولدها
سابعهم قائمهم(2) . وسبع
سنايل هم الأئمة السبعة
من
أولادها بدءا من الإمام
الصادق وحتّى الإمام
المهدي عليهمالسلام
وإنّما خصّ هؤلاء مع
أنّ الحسن والحسين من
سنابلها أيضا ؛ لأنّ علوم
الزهراء ومحاسنها إنّما
اشتهرت
وانتشرت في عصر الإمام
الصادق وإلى يومنا هذا .
وإذا لم تكن الحبّة فكيف
يكون الزرع ؟ وكيف يكون
عمل الزارع
وفلاحته ؟ فالزهراء حبّة
، وقد زرعها اللّه
سبحانه وسقاها محمّد
صلىاللهعليهوآله
ورعاها
أمير المؤمنين عليّ
عليهالسلام ، والأئمة
الأطهار من أولادها إنّما
هم سنابلها الطيّبة ،
وكلّ بركة في السنبل
إنّما يرجع إلى أصله ، أي
يكون من الحبّة ،
فالبركات كلّها من
المباركة الطاهرة
المطهّرة سيّدة النساء
فاطمة الزهراء
عليهاالسلام ، والأئمّة
وذرّيتها
وشيعتها يرثونها في كلّ
حسن وفضيلة وخير ، فلو
كان الحسن شخصا لكان
فاطمة
بل هي أعظم . إذ أ نّها
تخلق الحُسن أيضا فلا
تعادل وتساوي الحسن وحسب
بل
تبدع وتخلق الحسن وتفطم
محبّيها عن الرذائل وعن
جهنّم ، كما ورد في وجه
تسميتها بفاطمة إنّها
تفطم محبّيها من نار
جهنّم وتلتقطهم في المحشر
كما يلتقط
--------------------------------------------------------------------------------
(1) البقرة : 261 .
(2) تفسير البرهان 1 :
253 .
(74) ··· فاطمة الزهراء
مشكاة الأنوار
--------------------------------------------------------------------------------
الطير الحبّ الجيّد من
الحبّ الرديء ، فتحفظ
شيعتها من الرذائل ، إذ أ
نّها مظهر
الحسن والجمال الإلهي .