ضرورة معرفة الإمام
وولايته :
فمن عرف إمام زمانه بأ
نّه مفروض الطاعة
والولاية ، فوالاه وأحبّه
وأطاعه ، كما أطاع اللّه
ورسوله ، فإنّه كان مؤمنا
حقّا ومات على الإيمان
والهداية
والعلم :
« مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ
فَقَدْ أطَاعَ اللّهَ
»(3) .
وبهذه الآية الكريمة
يستدلّ على حجّيّة السنّة
بالكتاب الكريم ، كما
بحديث
الثقلين المتواتر والثابت
عند الفريقين يستدلّ على
حجّيّة أقوال العترة
الهادية
والأئمّة الأطهار
عليهمالسلام ، ووجوب
إطاعتهم على الإطلاق ،
لعصمتهم وطهارتهم
بآية التطهير وغيرها .
قال رسول اللّه
صلىاللهعليهوآله :
« فوالذي نفس محمّد بيده
لا ينفع عبدا عمله إلاّ
بمعرفتنا وولايتنا »(4) .
فالإمام واجب الطاعة
وإنّه الوسيلة إلى اللّه
، وواسطة الفيض بين
الخالق
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الذاريات : 56 .
(2) البحار 5 : 312 .
(3) النساء : 80 .
(4) البحار 27 : 193 .
··· (15)
--------------------------------------------------------------------------------
والمخلوق ، وإنّه حجّة
اللّه على الخلائق كلّها
، إذ أ نّه المحور والقلب
وقطب العالم
الإمكاني ، لضرورة ذلك
عقلاً وعلميّا ، لكونه
الإنسان الكامل الذي يخلف
اللّه
ويكون مظهر أسمائه ومرآة
صفاته ، ولولاه لساخت
الأرض بأهلها ، به يمسك
اللّه
السماء أن تقع على الأرض
، وبيمنه رُزق الورى ،
وبموالاته تمّت الكلمة ،
وتقبل
الطاعة المفترضة والعمل
الصالح ، وشرط بقاء
العالم إنّما يكون بحضوره
لا بظهوره ، فهو حاضر في
الخلق وإن كان غائبا عن
الناس ، فإنّه كالشمس
خلف السحاب ، فوجوده لطف
من اللّه كما في النبيّ
صلىاللهعليهوآله ،
وتصرّفه التكويني
والتشريعي لطف آخر ويتمّ
بحضوره لا بظهوره ، وأمّا
غيبته وعدم تصرّفه
القيادي
الاجتماعي فمنّا ، فمتى
ما تهيّئت الاُمّة
واستعدّت لدولته الكريمة
، فإنّه يظهر
بإذن اللّه سبحانه ،
ليملأ الأرض قسطا وعدلاً
.
أجل ، لا بدّ من معرفة
إمام الزمان لتصحّ
التكاليف والوظائف
الشرعيّة ،
وتقبل الطاعات والأعمال
الصالحة ، يفوز الإنسان
بسعادة الدارين ، وتكون
عباداته عن دراية وفهم ،
فإنّه ورد في الحديث
الشريف : « المتعبّد بغير
فقه
كالحمار في الطاحون »(1)
أي يمشي ويتحرّك إلى
الأمام إلاّ أ نّه يرى
نفسه في آخر
الأمر واقفا في مكانه من
دون أن يتقدّم ويتطوّر ،
فكانت حركته حركة حماريّة
،
وليست إنسانيّة إلهيّة .
وقد بُني الإسلام على خمس
كما ورد في الصحيح
الباقري عليهالسلام : «
بني
الإسلام على خمس : على
الصلاة ، والزكاة ،
والصوم ، والحجّ ،
والولاية ، ولم يُنادَ
--------------------------------------------------------------------------------
(1) نهج الفصاحة: 627.
(16) ··· الشاهد والمشهود
--------------------------------------------------------------------------------
بشيء كما نودي بالولاية ،
فأخذ الناس بأربع وتركوا
هذه »(1) .
ثمّ قال زرارة : وأيّ شيء
من ذلك أفضل ؟ فقال
عليهالسلام : الولاية
أفضل لأ نّها
مفتاحهنّ ، والوالي هو
الدليل عليهن .
والإمام السجّاد
عليهالسلام يقول : « ولو
أنّ رجلاً عمّر ما عمّر
نوحٌ في قومه ألف
سنة إلاّ خمسين عاما ،
يصوم النهار ، ويقوم
الليل في ذلك الموضع ـ
بين الركن
والمقام ـ ثمّ لقي اللّه
بغير ولايتنا لم ينفعه
شيئا »(2) .
فيجب عقلاً ونقلاً معرفة
إمام الزمان ، وقبول
ولايته ، وامتثال أوامره
ونواهيه ، وإمام زماننا
هو الحجّة الثاني عشر ابن
الإمام الحسن العسكري
عليهالسلام
وأ نّه حيّ يرزق ، بوجوده
ثبتت الأرض والسماء ، وبه
يتميّز الحقّ من الباطل ،
فمن
آمن به كان من أهل الحقّ
، وكان مأواه الجنّة ،
ومات على الإيمان
والهداية ، ومن
جهله وأنكر وجوده ، كان
من أهل الباطل ولم يقبل
عمله ، وكان مأواه النار
، ومات
على الجاهليّة والضلال
والكفر .