الصور النشاطات السيرة  
الصور النشاطات السيرة  
الصوتيات المرئيات الکتب  
الصوتيات المرئيات الکتب  
الإتصال بنا القائمة العامة الإستفتائات  
الإتصال بنا القائمة العامة الإستفتائات  
       
 
   علوی.نت . العربیة . مکتبة الکتب . رسالات الإسلامیة . المجلد الثالث و العشرون - 23 . مقتل الامام الحسین - ع . 49 .  

بعد  فهرست  قبل 
الوداع الثاني
ثمَّ إنّهُ عليه‏السلام ودّعَ عيالَهُ ثانيا وأمَرَهمْ بالصَّبرِ ولبسِ الاُزَرِ وقالَ :
اسْتَعِدُّوا لِلْبَلاءِ وَاعْلَموا أنَّ اللّه‏َ تَعالَى حاميَكُمْ وَحافِظَكُمْ وَسَيُنْجيكُمْ مِنْ شَرِّ
الأعْداءِ وَيَجْعَلُ عاقِبَةَ أمْرِكُمْ إلَى خَيْرٍ وَيُعَذِّبُ عَدُوَّكُمْ بِأنْواعِ العَذابِ وَيُعَوِّضُكُمْ
عَنْ هَذِهِ البَلِيَّةِ بِأنْواعِ النِّعَمِ وَالكَرامَةِ فَلا تَشْكوا ، وَلا تَقولوا بِألْسِنَتِكُمْ ما يُنْقِصُ مِنْ
(78) ··· مقتل الإمام الحسين عليه‏السلام
--------------------------------------------------------------------------------
قَدْرِكُمْ .
حقّا لوْ قيلَ بأنَّ هذا الموقفُ منْ أعظمِ ما لاقاهُ سيّدُ الشهداءِ في هذا اليومِ ،
فإنَّ عقائلَ النّبوّةِ تُشاهدُ عمادَ أخبيتها وسياجَ صونِها وحِمى عزّها ومَعقدَ شرفِها
مؤذنا بفراقٍ لا رجوعَ بعدَهُ ، فلا يدرينَ بمنْ يعتصمْنَ منْ عاديةِ الأعداءِ ، وبمنْ
العزاءَ بعدَ فقدهِ ! فلا غروَ إذا اجتمعنَ عليهِ وأحطنَ بهِ وتعلّقنَ بأطرافِهِ ، بينَ صبيٍّ
يَئِنُّ ، ووالهةٍ أذهلها المصابُ ، وطفلةٍ تطلبُ الأمنَ ، واُخرى تنشدُ الماءَ ! إذا فما
حالُ سيّدِ الغيارى ومثالُ الحنانِ وهوَ ينظرُ « بعلمهِ الواسعِ » إلى ودائعِ الرسالةِ
وحرائرِ بيتِ العصمةِ وهنَّ لا يعرفنَ إلاّ سجفَ العزِّ وحُجبَ الجلالِ ، كيفَ يتراكضنَ
في هذهِ البيداء المقفرةِ ، بعَوْلَةٍ مشجيةٍ وهُتافٍ يفطّرُ الصخرَ الأصمَّ ، وزَفراتٍ
مُتصاعدةٍ منْ أفئدةٍ حَرّى ! فإنْ فررنَ فعنِ السلبِ ، وإنْ تباعدنَ فمنَ الضربِ ، ولا
محامٍ لهنَّ غيرَ الإمامِ الذي أنهكتْهُ العلّةُ .
فلوْ أنَّ أ يّوبا رأى بعضَ ما رأى لقالَ بلى هذا العظيمةُ بلواهُ أمّا عقيلةُ بني هاشمٍ « زينبٍ الكبرى » فإنّها تبصرُ هذا وذاكَ فتَجدُ عُروةَ
الدينِ الوثقى عُرضةً للانفصامِ ، وحبلَ النبوّةِ آيلاً إلى الانصرامِ ، ومنارَ الشريعةِ إلى
الخمودِ ، وشجرةَ الإمامةِ إلى الذبولِ .
تنعى ليوثُ البأسِ منْ فتيانِها وغيوثُها إنْ عمّتِ البأساءُ
تبكيهُمُ بدمٍ فقلْ بالمهجةِ الحرّا تسيلُ العبرةُ الحمراءُ
حنّتْ ولكنَّ الحنينَ بكا وقدْ ناحتْ ولكنْ نوحها إيماءُ(1)
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوداع الثاني للشيخ عبد اللّه‏ بن داود الدرمكي
وأمَّ نحوَ الخيامِ مبتدرا ودمعُ عينيهِ يحرقُ الردنا
يقولُ ودّعكتمُ إلهكمُ يا أهلَ بيتي أرى الفراقَ دنا
فلتاحَ للطاهرين منطقةً منكسرَ القلبِ باكيا حزنا فأقبلتْ زينبٌ تقولُ لهُ في يدِ مَنْ يا حسينُ تتركنا
أراكَ يا ابنَ البتولِ منكسرٌ بمثلِ هذا الكلامِ تزعجنا
قالتٌ عزيزٌ عَلَيَّ يا أمليْ صبريْ على حزننا وغربتنا
مَنْ ذا يفكُّ الأسرَ بعدكَ أوْ يكفلُ أيتامنا ويؤنسنا
فانتحبَ السبطُ رحمةً لهمُ وقالَ للنائباتِ مقدمنا
لا تحرقونيْ بدمعكمُ فلقدْ اُبيحَ للمعضلاتِ جانبنا
* * *
تعنّه احسين لخته وطبّ عليها يصبّرها اعلى فگده ويسلّيها
بطل حيلي لمّن سمعت وليها تغيّر لونها وتراكم الهمّ * * *
طلعن صارخات من الخيم ليه خواته وكل بناته شبچن عليه
هذي تحبّ رجله او هاي ايديه او زينب نادبه والدمع منثور
( نصّاريات )
رد وعياله من العطش يومن او صاح حسين للتوديع گومن مثل سرب الگطا گامن يحومن تطيح عليه وحدتهن او تعثر * * *
قوموا إلى التوديعِ إنّ أخيْ دعا بجوادهِ إنَّ الفراقَ طويلُ
فخرجنَ ربّاتُ الخدورِ عواثرا وغدا لها نحوَ الحسينِ عويلُ
··· (79)
--------------------------------------------------------------------------------
والتفتَ الحسينُ عليه‏السلام إلى ابنتهِ سكينةَ التي يصفُها للحسنِ المثنّى « بأنَّ
الاستغراقَ معَ اللّه‏ِ غالبٌ عليها » فرآها منحازةً عنِ النساءِ باكيةً نادبةً ، فوقفَ عليها
(80) ··· مقتل الإمام الحسين عليه‏السلام
--------------------------------------------------------------------------------
مُصبّرا ومُسلّيا ولسانُ حالهِ يقولُ :
هذا الوداعُ عزيزتي والملتقى يومَ القيامةِ عندَ حوضِ الكوثرِ
فدعي البكاءَ وللأسارِ تهيّأي واستشعري الصبرَ الجميلَ وبادري
وإذا رأيتيني على وجهِ الثرى دامي الوريدِ مبضّعا فتصبّري(1)
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الحديث مع سيّدتي سكينة عليهاالسلام محمّد بن نقيح
وأتَتْ سهامُ القومِ بعدُ كأ نّها مطرٌ تدفعهُ الرياحُ الزعزعُ
ذادوهُ عنْ ماءِ الفراتِ بجحفلٍ فيهِ الصوارمُ والسلاحُ يقعقعُ
فتيقّنَ السبطُ اللقاءَ لربّهِ فأتى الخيامَ بدرعهِ يتلفّعُ
يوصي سكينةَ بالسكينةِ بعدهُ بالصبرِ عندَ مصابهِ ويودّعُ
وأتَتْ سكينةَ وهيَ تندبُ حاسرا بأبيْ الشجاعُ الأريحيُّ الأروعُ
وا سيّداهُ عدمتكَ بعدكَ صحّتي فإلى الإلهِ المشتكى والمفزعُ
* * *
تااللّه‏ِ لا أنساهُ وهوَ بكربلا شبحَ السهامِ وكلَّ رمحٍ أقومِ
يرعى الخيامَ وتارةً يرعى الوغى أبدا بطرفٍ بينها متقسّمِ
ويرى الأحبّةَ صرّعا منْ حولِهِ فوقَ البسيطةِ كالنسورِ الجثّمِ
ثمَّ انثنى نحوَ الخيامِ مودّعا أطفالهُ توديعةَ المستسلمِ
ودعا عزيزتهُ سكينةَ قائلاً سيطولُ بعديْ يا سكينةُ فاعلمي
وأحطنَ فيهِ بناتهُ وعيالهُ فكأ نّهُ بدرٌ يحاطُ بأنجمِ
* * *
صد لخيمته وعاين سكينه امهبّطه الراس وتنوح وحزينه
دار ايده عليها او جرت عينه يگلها اعليچ عگبي يكثر الهمّ
* * *
فرّت باچيه اسكينه لوليها تشوفه المن يوصّي اليوم بيها
تلگّاها او بچه ويلي عليها تحبّ ايده ويحبّها وتهمل العين
* * *
مسح دمعة اسكينة حسين بيده ويگلها الصبر منّچ أريده
تگلّه فرگتك چنها بعيده واليفارج يبويه اشيصبرونه * * *
كفّي البكاءَ فقدْ أزَدْتِ تأ لّميْ ووداعكِ أهما دموعي منْ دمِ
لا تجزعيْ منْ هولِ عشرِ محرّمٍ سيطولُ بعديْ يا سكينةُ فاعلميْ
منكِ البكاءُ إذا الحِمامُ دهانيْ
··· (81)
--------------------------------------------------------------------------------
فقالَ عمرُ بنُ سعدٍ : ويحكمْ اهجموا عليهِ ما دامَ مشغولاً بنفسهِ وحرمِهِ ، واللّه‏ِ
إنْ فرغَ لكمْ لا تمتازُ ميمنتكُمْ عنْ ميسرتِكُمْ ، فحملوا عليهِ يرمونَهُ بالسِّهامِ حتّى
تخالفتِ السهامُ بينَ أطنابِ المخيّمِ ، وشكَّ سهمٌ بعضَ اُزَرِ النساءِ فدهشْنَ واُرعبْنَ
وصِحْنَ ودخلْنَ الخيمةَ ينظرْنَ إلى الحسينِ عليه‏السلام كيفَ يَصنعُ ، فحملَ عليهمْ كالليثِ
الغضبانِ فلا يلحقُ أحدا إلاّ بعجَهُ بسيفهِ فقتلَهُ ، والسهامُ تأخذُهُ منْ كلِّ ناحيةٍ ، وهوَ
يتّقيها بصدرِهِ ونحرِهِ .
ورَجعَ إلى مركزِهِ يكثرُ منْ قولِ لا حولَ ولا قوّةَ إلاّ باللّه‏ِ العليِّ العظيمِ ،
وطلبَ في هذهِ الحالِ ماءً ، فقالَ الشمرُ : لا تذوقَهُ حتّى تَرِدَ النارَ ، وناداهُ رجلٌ : يا
حسينُ ، ألا ترى الفراتَ كأ نّهُ بطونُ الحيّاتِ ؟ فلا تشربُ منهُ حتّى تموتَ عَطشا .
فقالَ الحسينُ :
اللَّهُمَّ أمِتْهُ عَطَشا .
فكانَ ذلكَ الرجلُ يطلبُ الماءَ فيؤتى بهِ فيشربُ حتّى يخرجَ منْ فيهِ ، وما
(82) ··· مقتل الإمام الحسين عليه‏السلام
--------------------------------------------------------------------------------
زالَ كذلكَ إلى أنْ ماتَ عَطشا .
ورماهُ أبو الحتوفِ الجُعفيّ بسهمٍ في جبهتهِ فنَزعَهُ ، وسالتِ الدماءُ على
وجهِهِ فقالَ :
اللَّهُمَّ إنَّكَ تَرَى ما أنا فيهِ مِنْ عِبادِكَ هَؤُلاءِ العُصاةِ ، اللَّهُمَّ احْصِهِمْ عَدَدا
وَاقْتُلْهُمْ بَدَدا ، وَلا تَذَرْ عَلَى وَجْهِ الأرْضِ مِنْهُمْ أحَدا ، وَلا تَغْفِرْ لَهُمْ أبَدا .
وصاحَ بصوتٍ عالٍ :
يا اُمَّةَ السُّوءِ بِئْسَما خَلَّفْتُمْ مُحَمَّدا في عِتْرَتِهِ ، أما إنَّكُمْ لا تَقْتُلونَ رَجُلاً بَعْدي
فَتَهابونَ قَتْلَهُ ، بَلْ يَهونُ عَلَيْكُمْ ذَلِكَ عِنْدَ قَتْلِكُمْ إيَّايَ ، وَأيْمُ اللّه‏ِ إنِّي لأرْجو أنْ
يُكْرِمَني اللّه‏ُ بِالشَّهادَةِ ، ثُمَّ يَنْتَقِمَ لي مِنْكُمْ مِنْ حَيْثُ لا تَشْعُرون .
فقالَ الحصينُ : وبماذا ينتقمُ لكَ منّا يا ابنَ فاطمةَ ؟ قالَ :
يُلْقي بَأسَكُمْ بَيْنَكُمْ وَيَسْفِكُ دِمَاءَكُمْ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَيْكُمُ العَذابَ صَبَّا .
لمّا ضعُفَ عنِ القتالِ وقفَ يستريحُ فرماهُ رجلٌ بحَجرٍ على جبهتِهِ فسالَ
الدَّمُ على وجهِهِ ، فأخذَ الثوبَ ليمسحَ الدمَ عنْ عينيْهِ ، فَرماهُ آخرٌ بسهمٍ محدّدٍ لهُ
ثلاثُ شُعَبٍ وقعَ على قلبِهِ ، فقالَ :
بِسْمِ اللّه‏ِ وَبِاللّه‏ِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسولِ اللّه‏ِ .
ورفعَ رأسَهُ إلى السَّماءِ وقالَ :
إلَهي إنَّكَ تَعْلَمُ أ نَّهُمْ يَقْتُلونَ رَجُلاً لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأرْضِ ابْنُ بِنْتِ نَبِيٍّ
غَيْري ! !
ثمَّ أخرجَ السَّهمَ منْ قَفاهُ وانبعثَ الدمُ كالميزابِ ، فوضعَ يدَهُ تحتَ الجُرحِ ،
فلمّا امتلأتْ رمى بهِ نحوَ السماءِ وقالَ :
··· (83)
--------------------------------------------------------------------------------
هَوَّنَ عَلَيَّ ما نَزَلَ بي أ نَّهُ بِعَيْنِ اللّه‏ِ .
فلمْ يَسقُطْ منْ ذلكَ الدمِ قطرةٌ إلى الأرضِ ! ثمَّ وضعَها ثانيا ، فلمّا امتلأتْ
لطَّخَ بهِ رأسَهُ ووجهَهُ ولحيتَهُ وقالَ :
هَكَذا أكونُ حَتَّى ألْقَى اللّه‏َ وَجَدِّي رَسولَ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وَأنا مُخَضَّبٌ بِدَمي وَأقولُ :
يا جَدِّي قَتَلَني فُلانٌ وَفُلانٌ(1) .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) نزف دم الإمام الحسين عليه‏السلام للشيخ مفلح الصيمري
فمالوا عليهِ بالسيوفِ وبالقنا فبارزهمْ وهوَ الهزبرُ الغشمشمُ
وحّمَ فيهمْ سمهريّا مقوّما وأبيضَ لا ينبو ولا يتثلّمُ
وصالَ عليهمْ صولةً علويّةً فكانوا كضأنٍ صالَ فيهمْ ضيغمُ
فنادى ابنُ سعدٍ يالرماةِ ألا اقصدوا إليهِ جميعا بالسهامِ ويمّموا
فصادتهُ في النحرِ سهمٌ مصرّدٌ لهُ شُعَبٌ قعبُ المنيّةِ تعلمُ
فخرَّ طريحا في الترابِ معفّرا يعالجُ نزعَ السهمِ والسهمُ محكمُ ويأخذُ منْ دمِّ الوريدِ بكفّهِ ويرميْ بهِ نحوَ السما يتظلّمُ
* * *
شال احسين ثوبه يمسح الدم او لن سهم المثلّث ناگع بسم
ابگلبه وگع لا وخّر او جدّم هوى واظلم هواها والسما احمرّ
( نصّاري )
هوى والمهر گام يحوم دونه يحامي عن وليّه من يجونه خاف الگوم لنهم ياخذونه او يركبه غير خيّاله المشكّر
( قريض )
صلّتْ على جسمِ الحسينِ سيوفهمْ فغدى لساجدةِ الضبا محرابا
ومضى لهيفا لم يجد غير القنا ظلاًّ ولا غيرَ النجيعِ شرابا
(84) ··· مقتل الإمام الحسين عليه‏السلام
--------------------------------------------------------------------------------
وأعياهُ نزفَ الدمِ فجلسَ على الأرضِ ينوءُ برقبتهِ ، فانتهى إليهِ في هذا
الحالِ مالكُ بنُ النَّسرِ فشتَمهُ ثمَّ ضربَهُ بالسيفِ على رأسِهِ ، وكانَ عليهِ بُرنسٌ فامتلأ
البرنسُ دما ، فقالَ الحسينُ :
لا أكَلْتَ بِيَمينِكَ وَلا شَرِبْتَ ، وَحَشَرَكَ اللّه‏ُ مَعَ الظَّالِمينَ .
ثمَّ ألقى البرنسَ واعتمَّ على القلنسوةِ .
بعد  فهرست  قبل 
نسخ الرابط :  
 ." جميع الحقوق محفوظة للمؤسسة الإسلامِة العالمية " التبليغ و الإرشاد .
   
العربية    فارسي    English