الصور النشاطات السيرة  
الصور النشاطات السيرة  
الصوتيات المرئيات الکتب  
الصوتيات المرئيات الکتب  
الإتصال بنا القائمة العامة الإستفتائات  
الإتصال بنا القائمة العامة الإستفتائات  
       
 
   علوی.نت . العربیة . مکتبة الکتب . رسالات الإسلامیة . المجلد الثالث و العشرون - 23 . فاطمة الزهراء - س - مشکاة الأنوار . 5 .  

بعد  فهرست  قبل 
المحاضرة الثانية ··· (33)
--------------------------------------------------------------------------------
في ظلال تفسير وتأويل آية النور :
لمّا بدأ الصراع بين الحقّ والباطل والنور والظلمة والخير والشرّ ، وذلك منذ
أن خلق اللّه‏ آدم صفوته ، ثمّ أمر اللّه‏ الملائكة أن يسجدوا له ، فأبى إبليس واستكبر
وكان من الكافرين ، ثمّ اُهبط مع آدم إلى الأرض ليكون الشيطان عدوّ الإنسان ،
وإنّ آدم يمثّل الرحمن في أسمائه وصفاته .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) النور : 35 .
(34)
--------------------------------------------------------------------------------
وبدأ الصراع بين آدم وبينه الرحمانيّ ، وبين إبليس وأعوانه الشيطانيّ ،
ثمّ سبحانه وتعالى أتمّ حجّته البالغة على الخلق بالهداية العامّة والخاصّة ،
بإنزال الكتب السماويّة وإرسال الرسل ، وبعث الأنبياء ، ومن ثمّ ورثتهم الذين
أمرهم اللّه‏ بحفظ الرسالة النبويّة السمحاء من الأوصياء والعلماء الصالحين .
وميّز الخبيث من الطيّب والمؤمن من الكافر ، وأبان الحقائق وأظهرها في كلّ
زمرة وطائفة .
ومن هذا المنطلق نرى سبحانه في سورة النور وآياته من قوله تعالى :
« اللّه‏ُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ » إلى قوله : « وَاللّه‏ُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ »(1) ، يحكي لنا مقايسة بين المؤمنين والكفّار ، بحقيقة الإيمان
الذي هو نور خاصّ وحقيقة الكفر الذي هو ظلمة وظلمات فوقها فوق بعض .
فالمؤمنون يمتازون بالهدى والنور ، وأ نّهم مهديّون بأعمالهم الصالحة إلى
نور من ربّهم ، يفيدهم ويزيدهم معرفة اللّه‏ عزّ وجلّ ، ويسلك بهم إلى أحسن
الجزاء والفضل والكرامة من اللّه‏ سبحانه في الدنيا والآخرة ، فإنّه يحييهم حياة
طيّبة ويجازيهم بأحسن ما عملوا ، فينكشف عن قلوبهم وأبصارهم الغطاء ،
وتتنوّر جوارحهم وجوانحهم بالنوايا الصالحة والصادقة والأعمال الطيّبة
والأفعال الحسنة . أمّا الكفّار فلا تسلك بهم أعمالهم إلاّ إلى سراب لا حقيقة له ،
وهم في ظلمات بعضها فوق بعض ولم يجعل اللّه‏ لهم نورا وإماما صالحا فما لهم
من نور .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) النور : 35 ـ 46 .
المحاضرة الثالثة ··· (35)
--------------------------------------------------------------------------------
ثمّ يتّصف اللّه‏ سبحانه بالرحمة الرحمانيّة العامّة للمؤمنين والكفّار في
الدنيا ، والرحمة الرحيميّة المختصّة بالمؤمنين في الدنيا والآخرة ، فبيّن في آية
النور هذه الحقيقة بأنّ له تعالى نورا عامّا وخاصّا ، والأوّل : تستنير به السماوات
والأرض ، فتظهر به في الوجود بعدما لم تكن ظاهرة فيه .
والنور تعريفه وماهيّته أ نّه الظاهر بنفسه والمظهر لغيره كالنور الحسّي .
وظهور شيء بشيء يتطلّب أن يكون المظهر ظاهرا بنفسه أيضا ، فالظاهر بذاته
المظهر لغيره هو النور . فهو سبحانه وتعالى نور ـ كما أنّ من أسمائه الحسنى النور ـ
يظهر السماوات والأرض بإشراقه عليها . كما أنّ الأنوار الحسّية تظهر الأجسام
الكثيفة للحسّ بإشراقها عليها ، إلاّ أنّ الفرق الجوهري بين النور الحسّي ونور اللّه‏
سبحانه : أنّ ظهور الأشياء بالنور الإلهي عين وجودها ، وظهور الأجسام الكثيفة
بالأنوار الحسيّة غير أصل وجودها . وهذا النور العامّ من الرحمة الرحمانيّة .
وأمّا الثاني أي النور الخاصّ : فإنّه الرحمة الرحيميّة يستنير به المؤمنون
ويهتدون إليه بأعمالهم الصالحة .
وهو نور العلم والمعرفة الذي ستستنير به قلوبهم وأبصارهم يوم تتقلّب فيه
القلوب والأبصار ، فيهتدون به إلى سعادتهم الخالدة « وَأمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي
الجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا »(1) ، فيشاهدون فيه شهود عيان ما كان في غيب عنهم في
الدنيا ، وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين وما لم يخطر على قلب بشر .
ثمّ مثّل تعالى هذا النور بمصباح في زجاجة في مشكاة ، ثمّ يشتعل
--------------------------------------------------------------------------------
(1) هود : 108 .
(36) ··· فاطمة الزهراء مشكاة الأنوار
--------------------------------------------------------------------------------
من زيت في غاية الصفاء والطهارة ، فتتلألأ الزجاجة كأ نّها كوكب درّي فتزيد
نورا على نور ، وهذا المصباح الإلهي النوري قد وضعه اللّه‏ في بيوت العبادة ،
التي يسبّح فيها رجال من المؤمنين ، لا تلهيهم عن ذكر ربّهم وعبادته تجارة
ولا بيع .
فهذه صفة النور الإلهي الذي أكرم اللّه‏ به المؤمنين وحرّمه على الكافرين ،
فتركهم في ظلمات لا يبصرون ، وهذا لطف من اللّه‏ فمن اشتغل به وأعرض عن
الدنيا الدنيئة ، فإنّه يخصّه بنوره من عنده ، واللّه‏ يفعل ما يشاء ، له الملك وإليه
المصير ، يحكم بما أراد ، وينزل الودق والبرد من سحاب واحد ، ويقلّب الليل
والنهار ، ويجعل من الحيوان من يمشي على بطنه ومن يمشي على رجلين ومن
يمشي على أربع ، وقد خلق الكلّ من ماء ـ كلّ هذا بقدرته وعلمه عزّ وجلّ ـ .
ثمّ التفسير بمعنى كشف القناع عن الظاهر من الألفاظ والمعاني في القرآن
الكريم ، والتأويل هو كشف القناع عن الباطن ، فإنّ القرآن يحمل بطون ، مثل سبعة
بطون ، ولكلّ بطن سبعين بطنا ، بل ويزيد إلى ما علمه عند اللّه‏ سبحانه ، ثمّ النبيّ
قائل على التنزيل والإمام الوصيّ على التأويل ، ومن التأويل والتطبيق وبيان
المصاديق لمفاهيم القرآن الكريم ، وما يعلم تأويل القرآن إلاّ الراسخون في العلم
وهم الرسول الأعظم وخلفائه الأطهار عليهم‏السلام ومن يحذو حذوهم ، الأمثل فالأمثل
الذين يقتبسون من نورهم عليهم‏السلام الذي هو مظهر نور اللّه‏ سبحانه .
وبهذا نرى أئمّتنا الصادقين عليهم‏السلام قد فسّروا لنا آية النور بذكر أتمّ
المصاديق كما سيتّضح هذا المعنى من خلال عرض بعض الروايات الشريفة في
المقام .
بعد  فهرست  قبل 
نسخ الرابط :  
 ." جميع الحقوق محفوظة للمؤسسة الإسلامِة العالمية " التبليغ و الإرشاد .
   
العربية    فارسي    English