(80) ··· فاطمة الزهراء
مشكاة الأنوار
--------------------------------------------------------------------------------
الشهادات الأربع في
الأذان والإقامة(1)
ما لي ولنقد وجرح بعض
هواة الأحزاب ( هداهم
اللّه سبحانه ) في
ما كتبته(2) من قبل ،
وألقيته في محاضرات
إسلامية في المحافل
العامّة حول
الشهادة الرابعة ،
ورجحانها في الأذان
والإقامة عقلاً لا بقصد
الجزئيّة ، فقالوا :
إنّها
بدعة جديدة كالشهادة
الثالثة ، التي مرّت
عليها أكثر من ألف سنة ،
والتي لا يزال
صداها يدوّي في العالم
رغم اُنوف الخصماء
والأعداء والمنكرين .
أجل ، مقصودي من هذه
المقالة المختصرة والكلمة
المستعجلة ، إنّما هو
توضيح الأمر لإخواني
المؤمنين ـ أعزّهم اللّه
في الدارين ـ من أتباع
مذهب أهل
البيت عليهمالسلام
أوّلاً ، ثمّ تبصرة لمن
أراد أن يعرف الحقيقة ،
كي لا يلتبس عليه الحقّ
بالباطل ، من خلال
الشائعات الحزبيّة ، أو
جهل المغرضين ، أو خصومة
المعاندين ،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) طبع في صحيفة صوت
الكاظمين سنة 1423 ه ق .
(2) راجع الدرّة البهيّة
في الأسرار الفاطميّة ،
في المجلّد السادس من (
رسالات إسلاميّة ) ،
مطبوع .
(81)
--------------------------------------------------------------------------------
أو إنكار الشياطين ، أو
أيّ سبب آخر ، واللّه
العاصم والمعين .
فأقول مقدّمةً : ذكر
المحقّق الكبير سيّدنا
اليزدي قدسسره في كتابه
القيّم ( العروة
الوثقى ) أ نّه : لا
إشكال في تأكّد رجحان
الأذان والإقامة في
الفرائض اليوميّة ،
أداءً وقضاء ، جماعةً
وفرادى ، حضرا وسفرا ،
للرجال والنساء ، وذهب
بعض
العلماء إلى وجوبهما ...
والأقوى استحباب الأذان
مطلقا والأحوط عدم ترك
الإقامة للرجال في غير
موارد السقوط .
قال صاحب المدارك قدسسره
: أجمع العلماء كافّة على
مشروعيّة الأذان
والإقامة للصلوات الخمس .
وفي الحدائق الناضرة قال
المحقّق البحراني قدسسره
: لا ريب ولا إشكال في
رجحان الأذان والإقامة في
الصلوات الخمس المفروضة
أداء وقضاء لجملة
المصلّين ذكورا وإناثا ،
فرادى وجماعة .
وفي المستند : « لا ريب
في مشروعيّتهما
ومطلوبيّتهما لكلّ من
الفرائض
الخمس اليوميّة ومنها
الجمعة ، إلاّ فيما يأتي
الكلام فيه للرجال
والنساء فرادى
وجماعة أداء وقضاء حضرا
وسفرا ، بل هي إجماع من
المسلمين بل ضروري
الدين » .
فمشروعيّة الأذان
والإقامة ممّا عليه إجماع
أهل القبلة ، كما يدلّ
عليه
النصوص الكثيرة ، ثمّ
المحكي عن المشهور ، بل
الأشهر استحباب الأذان
والإقامة
مطلقا ، إلاّ أ نّه عن
كتاب الجمل وشرحه ،
والمقنعة ، والنهاية ،
والمبسوط ،
والوسيلة ، والمهذّب ،
وكتاب أحكام النساء
للمفيد : إنّهما واجبان
على الرجال في
الجماعة . وعن القاضي
نسبته إلى الأكثر ، وعن
الغنية والكافي والإصباح
: إطلاق
(82) ··· فاطمة الزهراء
مشكاة الأنوار
--------------------------------------------------------------------------------
وجوبهما في الجماعة من
دون تقييد بكونه على
الرجال . وعن ابن أبي
عقيل
وابن الجنيد القديمين :
وجوب الإقامة في الصلوات
مطلقا ، وخصّ الوجوب
بعضهم بصلاة المغرب
والصبح ، وبعضهم بصلاة
الجماعة وجعلهما شرطا في
صحّتها ، وبعضهم جعلهما
شرطا في حصول ثواب
الجماعة ، والأقوى عندي
استحباب الأذان والإقامة
مطلقا ، استحبابا مؤكّدا
، كما عليه النصوص
الكثيرة .
ثمّ الأذان قسمان : أذان
الإعلام والإعلان في أوّل
الوقت ، وأذان الصلاة
متّصل بها ، وإن كان في
آخر الوقت ، ويشترط في
أذان الصلاة كالإقامة قصد
القربة فإنّهما من
الاُمور العباديّة ،
بخلاف أذان الإعلام ،
فإنّه لا يعتبر فيه ،
لحصول
الغرض بفعله مطلقا .
وفصول الأذان ثمانية عشر
: ( اللّه أكبر ) أربع
مرّات ، ثمّ الشهادة
الاُولى
( أشهد أن لا إله إلاّ
اللّه ) ، والشهادة
الثانية ( أشهد أنّ
محمّدا رسول اللّه ) و (
حيّ
على الصلاة ) و ( حيّ على
الفلاح ) و ( حيّ على خير
العمل ) و ( اللّه أكبر
) و ( لا إله
إلاّ اللّه ) كلّ واحد
مرّتان ، وفصول الإقامة
سبعة عشر : ( اللّه أكبر
) في أوّلها مرّتان ،
ويزيد بعد ( حيّ على خير
العمل ) ( قد قامت الصلاة
) مرّتين ، وينقص من ( لا
إله
إلاّ اللّه ) في آخرها
مرّة . ويستحبّ الصلاة
على محمّد وآله عند ذكر
اسمه ،
وأمّا الشهادة الثالثة (
أشهد أنّ عليّا وليّ
اللّه ) أي الشهادة
بالولاية وإمرة المؤمنين
لعليّ عليهالسلام ،
فليست جزءا منهما(1) .
قال سيّدنا الحكيم
قدسسره في مستمسكه بعد
بيان فصول الأذان
والإقامة :
--------------------------------------------------------------------------------
(1) المستمسك 5 : 544 .
الشهادات الأربع في
الأذان والإقامة ··· (83)
--------------------------------------------------------------------------------
بلا خلاف ولا إشكال ، قال
في محكيّ الفقيه بعد ذكر
حديث الحضرمي والأسدي :
ذا هو الأذان الصحيح لا
يزاد فيه ولا ينقص منه
...
وقال الشيخ الطوسي عليه
الرحمة في المبسوط :
وأمّا قول : ( أشهد أنّ
عليّا
أمير المؤمنين وآل محمّد
خير البريّة ) على ما ورد
في شواذّ الأخبار ، فليس
معمول عليه في الأذان ،
ولو فعله الإنسان لم يأثم
به غير أ نّه ليس من
فضيلة
الأذان ، ولا كمال فصوله
.
ثمّ قال السيّد الحكيم
عليه الرحمة : والظاهر من
المبسوط إرادة نفي
المشروعيّة بالخصوص ،
ولعلّه أيضا مراد غيره .
لكن هذا المقدار لا يمنع
من
جريان قاعدة التسامح على
تقدير تماميّتها في نفسها
، ومجرّد الشهادة بكذب
الراوي لا يمنع من احتمال
صدق الموجب لاحتمال
المطلوبيّة ، كما أ نّه
لا بأس
بالإتيان به ـ أي قول
الشهادة الثالثة ـ بقصد
الاستحباب المطلق ، لما
في خبر
الاحتجاج : ( إذا قال )
أحدكم : لا إله إلاّ
اللّه ، محمّد رسول
اللّه ، فليقل : عليّ
أمير
المؤمنين ، بل ذلك في هذه
الأعصار معدود من شعائر
الإيمان ، ورمز إلى
التشيّع ،
فيكون من هذه الجهة راجحا
شرعا ، بل قد يكون واجبا
، لكن لا بعنوان الجزئيّة
من الأذان . ومن ذلك يظهر
وجه ما في البحار ، من أ
نّه لا يبعد كون الشهادة
بالولاية من الأجزاء
المستحبّة للأذان ،
لشهادة الشيخ والعلاّمة
والشهيد وغيرهم
بورود الأخبار بها ،
وأيّد ذلك بخبر القاسم بن
معاوية المروي عن احتجاج
الطبرسي عن الصادق
عليهالسلام ، وما في
الجواهر من أ نّه كما ترى
. غير ظاهر(1) . انتهى
كلامه رفع اللّه مقامه .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) المستمسك 5 : 545 .
(84) ··· فاطمة الزهراء
مشكاة الأنوار
--------------------------------------------------------------------------------
ولزيادة البصيرة والمعرفة
أذكر ما جاء في كتاب (
القطرة ) لآية اللّه
السيّد
أحمد المستنبط قدسسره
(1) : ثمّ إنّي أختم هذا
الباب ( الباب الثامن )
بذكر تشهّد الصلاة
والإقامة مع ما ورد في
خبر القاسم بن معاوية
المروي عن احتجاج الطبرسي
عن
أبي عبد اللّه
عليهالسلام : ( إذا قال
أحدكم لا إله إلاّ اللّه
محمّد رسول اللّه فليقل
عليّ أمير
المؤمنين وليّ اللّه )
غافلاً عن كونها جزءا من
الصلاة استحبابا على ما
روي عن
الصادق عليهالسلام ،
وإنّما اُورد الرواية
لندرة وجودها وشرافة
مضمونها ، وكثرة فوائدها
في زماننا هذا لمن تدبّر
فيها ، حتّى أنّ العلاّمة
النوري قدسسره غفل عنها
فلم ينقلها في
المستدرك ، والرواية
مذكروة في رسالة معروفة
بفقه المجلسي قدسسره
مطبوعة في
صفحة ( 29 ) ما هذا لفظه
: ويستحبّ أن يزاد في
التشهّد ما نقله أبو بصير
عن
الصادق عليهالسلام وهو :
( بسم اللّه وباللّه
والحمد للّه وخير
الأسماء كلّها للّه أشهد
أن لا إله
إلاّ اللّه وحده لا شريك
له وأشهد أنّ محمّدا عبده
ورسوله ، أرسله بالحقّ
بشيرا
ونذيرا بين يدي الساعة ،
وأشهد أنّ ربّي نعم الربّ
وأنّ محمّدا نعم الرسول ،
وأنّ
عليّا نعم الوصيّ ونعم
الإمام اللهمّ صلّ على
محمّد وآل محمّد وتقبّل
شفاعته في
اُمّته وارفع درجته ،
الحمد للّه ربّ العالمين
) .
وأيضا : لقد سأل بعض
العلماء من أبناء العامّة
سماحة العلاّمة الكبير
المحقّق
الميرزا أبو الحسن
الشعراني قدسسره عن
الشهادة الثالثة في
الأذان فأجاب سماحته
قائلاً :
بسم اللّه الرحمن الرحيم
: الإقرار بولاية أمير
المؤمنين عليّ بن أبي
طالب
--------------------------------------------------------------------------------
(1) القطرة من بحار مناقب
النبيّ والعترة 1 : 368 .
الشهادات الأربع في
الأذان والإقامة ··· (85)
--------------------------------------------------------------------------------
عليهالسلام والشهادة بها
جزء الإيمان وجائز في
الأذان ، ولا خلاف في ذلك
بين
المسلمين على اختلاف
فرقهم . والدليل على أ
نّه جزء من الإيمان
أحاديث كثيرة ،
منها : ما رواه الترمذي
وكتابه أحد الصحاح الستّة
عن اُمّ سلمة : كان رسول
اللّه
صلىاللهعليهوآله يقول
: « لا يحبّ عليّا منافق
، ولا يبغضه مؤمن » ـ ولا
يخفى أنّ كان تدلّ على
الاستمراريلاة ـ فمن
أبغضه ليس بمؤمن ، ومن
أحبّه مؤمن ، وهذا معنى
كون
ولايته جزء من الإيمان ،
وكان أحبّ الخلق إلى
اللّه بعد رسول اللّه
صلىاللهعليهوآله
لحديث
الطير المعروف بين
المسلمين ، وأمّا كونه
جائزا بين الأذان فلأ نّه
كلمة حقّ وقول
مشروع ، واتّفق الفقهاء
الأربعة ـ المالكي
والحنفي والشافعي
والحنبلي ـ على
جواز التكلّم بكلام غير
كثير لا يخلّ بالموالاة
بين فصول الأذان إلاّ أنّ
أحمد بن
حنبل لم يجوّز التكلّم
بكلام غير مشروع كالكذب
والغيبة ، وأبطل الأذان
به . ولم
يبطل به الأذان سائر
الفقهاء ، وكتبهم موجودة
وأقوالهم مشهورة وهذا
مصرّح به
في الصفحة 228 من الجزء
الأوّل من كتاب ( الفقه
على المذاهب الأربعة ) .
أمّا من تركه فإن كان عن
عنادٍ وبغض فهو خارج عن
الإيمان ، ومن تركه
لأ نّه ليس جزء من أجزاء
الأذان فلا بأس لأنّ
الشهادة بالولاية بقصد أ
نّها جزء من
الأذان ، وهذا واضح معروف
منهم ، وإنّما جعله
الغلاة والمفوّضة جزءا
ونحن منهم
براء ، وإنّما يؤتى بها
في بلاد الشيعة تبرّكا
وحرصا على إظهار محبّتهم
لعليّ عليهالسلام
مع علمهم بأ نّها ليست
جزءا من الأذان كما
يصلّون على النبيّ بعد
ذكر اسمه في
الأذان وغيره امتثالاً
للأمر به في الكتاب
الكريم ، ولا يخالف عملهم
هذا فتوى
أحد من الفقهاء الأربعة
...
وذهب سماحة العلاّمة آية
اللّه الشيخ حسن زادة
الآملي في كتابه ( فصّ
(86) ··· فاطمة الزهراء
مشكاة الأنوار
--------------------------------------------------------------------------------
حكمة عصمتيّه في كلمة
فاطميّة )(1) : بعد إثبات
عصمة الزهراء سيّدة
النساء عليهاالسلام
بالأدلّة العقليّة
والنقليّة إلى جواز
الشهادة الرابعة قائلاً :
وإذا دريت أنّ بقيّة
النبوّة
وعقيلة الرسالة ووديعة
المصطفى وزوجة وليّ
اللّه وكلمة اللّه
التامّة فاطمة
عليهاالسلام
ذات عصمة ، فلا بأس بأن
تشهد في فصول الأذان
والإقامة بعصمتها وتقول
مثلاً :
( أشهد أنّ فاطمة بنت
رسول اللّه عصمة اللّه
الكبرى ) أو نحوها .
زبدة المخاض :
إنّ الأذان والإقامة في
الشريعة الإسلاميّة
بمنزلة المحطّة الإذاعيّة
والأبواق
العالميّة لإعلان العقائد
، فإنّ الأذان شعار
المسلم في العالم ليعلن
عن مبادئه ودينه
وشريعته السمحاء ، فإنّه
بعد التكبيرات ، يشهد
بالتوحيد والوحدانيّة
للّه ( أشهد أن
لا إله إلاّ اللّه )
ليعلن هاتفا صارخا بنداء
الموحّدين ، فيرنّ صداه
الملوكتي في
الآفاق ، فإنّه لا يشرك
باللّه سبحانه في عبادته
، ولا يكون من المغضوب
عليهم
كاليهود والقائلين بأنّ
عزير بن اللّه ، ولا
لمقولة الضالّين من
النصارى القائلين
بالأقانيم الثلاثة ، ولا
من المضلّين من المجوس
القائلين بالثنويّة وإله
النور وإله
الظلمة ، ولا غيرهم من
الملحدين والمشركين
والشيوعيّين .
ثمّ يشهد برسالة خاتم
النبيّين محمّد
صلىاللهعليهوآله ،
ليعلن أ نّه من المسلمين
إلاّ أ نّهم
افترقوا بعد رسول اللّه
إلى ثلاث وسبعين فرقة ،
فأضافت الإماميّة الشهادة
الثالثة
بولاية أمير المؤمنين علي
عليهالسلام وأولاده
المعصومين الأئمة
الطاهرين عليهمالسلام ،
ليعلن
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الصفحة 152 .
الشهادات الأربع في
الأذان والإقامة ··· (87)
--------------------------------------------------------------------------------
المؤمن للعالم بإيمانه
الراسخ وحمله الولاية
والمودّة لذوي القربى ،
العترة الهادية ،
عدل القرآن الكريم وشريكه
.
وفي عصرنا هذا من الواضح
أنّ الشيعة ـ باعتبار
الفرق الإسلاميّة ـ طوائف
ومذاهب :
فمنهم : الزيديّة ،
القائلون بإمامة زيد بن
عليّ بن الحسين بعد أبيه
.
ومنهم : الاسماعيليّة ،
القائلون بإمامة إسماعيل
بن الإمام الصادق
عليهالسلام .
ومنهم : الواقفيّة .
ومنهم : الغلاة ، وهم
أكثر من ثلاثمائة فرقة .
وغيرهم ، فكلّ هؤلاء
يقولون بأنّ الخلافة بلا
فصل لرسول اللّه
صلىاللهعليهوآله
إنّما هي
لأمير المؤمنين عليّ
عليهالسلام كما تقول
بذلك الإماميّة الاثني
عشريّة أيضا ، فلا بدّ
لمن
كان مؤمنا بهم أن يمتاز
عن غيرهم من فرق الشيعة ،
ولا يتمّ ذلك إلاّ بشعار
خاصّ ، يعلنه في أذانه
وإقامته للصلاة في كلّ
يوم وفي أوقاتها الخاصّة
، وليس
ذلك الشعار الذي يمتاز به
الشيعي الإمامي الاثنا
عشري عن غيره إلاّ
الإقرار
والشهادة بعصمة سيّدة
النساء فاطمة الزهراء
عليهاالسلام ، لأنّ
الأئمة الأبرار
عليهمالسلام حجج
اللّه على الخلق ، وإنّ
فاطمة الزهراء المعصومة
حجّة اللّه على الحجج ـ
كما في
الخبر العسكري ـ فلا بدّ
من ذكر فاطمة عليهاالسلام
كثيرا ، ولا سيّما ونحن
نعيش عصر
قرب الظهور إن شاء اللّه
تعالى ، وإنّ الإمام
المهدي عليهالسلام من آل
محمّد عليهمالسلام إنّما
هو من ولد فاطمة الزهراء
عليهاالسلام ، فعصرنا هذا
عصر الزهراء عليهاالسلام
، ومثل الشهادة
الرابعة حينئذٍ تكون من
مقدّمات الظهور إن شاء
اللّه تعالى ، وتوطئة
لدولة الإمام
المهدي عليهالسلام ، فمن
الراجع عقلاً أن نقولها
في الأذان والإقامة ،
إلاّ أ نّه لا بقصد
(88) ··· فاطمة الزهراء
مشكاة الأنوار
--------------------------------------------------------------------------------
الجزئيّة ، بل أمرها كأمر
الشهادة الثالثة حذو
القُذّة بالقُذّة ، كما
أنّ أمير المؤمنين
كان كفوا لفاطمة الزهراء
عليهاالسلام فإنّهما
ككفّتي الميزان ، فما
أروع الأذان الذي يذكر
فيه الصنوان والمتكافئان
معا عليهماالسلام ، ثمّ
يجوز أن تلحق الشهادة
الرابعة بالثالثة ،
فيقول في ثانيتها أو
الاُولى ( أشهد أنّ عليّا
وأولاده المعصومين حجج
اللّه وأنّ
فاطمة الزهراء عصمة
اللّه ) وبهذه الزيادة
يتذكّر المؤذّن والمقيم
أنّ الشهادة الثالثة
كانت زائدة في الأذان
والإقامة ، فلا يقصد بها
الجزئيّة حينئذٍ ، وهذا
بنظري
ما يوافق الاحتياط أيضا ،
فتدبّر .
ومن المؤمنين من يقول :
الشهادة الرابعة براءةً
من الضالّين المضلّين ،
فإنّ
البعض ممّن قصّر في معرفة
المعصومين عليهمالسلام
شكّك في عصمة الزهراء ،
مدّعيا
أ نّها امرأة عاديّة ،
وأنكر ظلاماتها وما جرى
عليها بعد رحلة أبيها
المصطفى
صلىاللهعليهوآله
من الظلم والجور .
فمن يقول بخلافة الأئمة
الاثنى عشر وأ نّه كلّهم
من قريش كما نصّ عليهم
نبيّ الإسلام بنصب من
اللّه العلاّم وعصمهم
بعصمة ذاتيّة وكلّية ،
وكذلك اُمّهم حليلة
أمير المؤمنين
عليهالسلام فاطمة
الزهراء ، فإنّ اللّه قد
عصمها بعصمة ذاتيّة
وكلّية ، فجمعت
بين العصمتين : عصمة
النبوّة ، وعصمة الإمامة
، فكانت بنت النبيّ
المصطفى
وزوجة الوصيّ المرتضى
واُمّ الأئمة النجباء
عليهمالسلام ، فعصمتها
هي الجامع والدالّ
على الإقرار بإمامتهم
وعددهم الاثنى عشري ،
وبهذا يكون شعارا ولائيّا
يرشدنا
إلى الولاية العظمى ،
والإمامة الثابتة الكبرى
.
وأخيرا : فقد استفتي مكتب
سماحة آية اللّه العارف
المحقّق الشيخ بهجت
دام ظلّه عن قول الشهادة
الرابعة في الأذان
والإقامة ، فأجاب بعدم
البأس فيه .
والحمد للّه أوّلاً
وآخرا .
الشهادات الأربع في
الأذان والإقامة ··· (89)
--------------------------------------------------------------------------------