أمّا
الاُولى :
فإنّ العرب من أجل أن لا
تطفأ شعلة السراج أو
الفانوس أو المصباح ،
فإنّه
(66) ··· فاطمة الزهراء
مشكاة الأنوار
--------------------------------------------------------------------------------
يضعونه في بيت زجاجي
حفاظا عليه ، ثمّ يوضع في
الكوّة والمشكاة . ليضيء
الأطراف ، أو الجانبين من
الحمّام والمنزع ـ كما
ذكرنا ـ والضوء تارة
يعبّر عنه
بالسراج واُخرى بالمصباح
. والثاني أكثر ضوءا من
الأوّل ، فما كان فيه
النور
الساطع بحيث يطرد الظلام
، ويجعل الموضع كالصبح من
أثر الضوء ، فإنّه يسمّى
بالمصباح ، فالنبيّ هو
المصباح كما أنّ الإمام
الحسين عليهالسلام هو
المصباح ( حسين
منّي وأنا من حسين )
وإنّه كتب على عرش اللّه
بلون أخضر ( إنّ الحسين
مصباح
الهدى وسفينة النجاة )(1)
وفي زيارة الجامعة الكبرى
عبّر عن الأئمة الأطهار
عليهمالسلام
بمصابيح الدجى وأنّ
اللّه خلقهم أنوارا
فجعلهم بعرشه محدقين(2) .
فلا ليل ولا ظلام
فيهم ، بل وجودهم وحياتهم
نور يطرد الظلام والسواد
.
عن الإمام الصادق
عليهالسلام : واللّه
إنّ أمرنا هذا ـ أي
الإمامة والولاية ـ أوضح
من نور الشمس .
فهؤلاء الأئمة
عليهمالسلام إنّما هم
أنوار قدسيّة ومصابيح
إلهيّة ، ومن لم يرهم
فإنّما
في عينه الرمد ، وإنّه
أعمى القلب . كمن لا يرى
الشمس ونورها لعمى فيه .
ثمّ أمير المؤمنين عليّ
عليهالسلام هو زجاج هذا
المصباح النبوي ، فإنّ
الزجاجة
من خصائصها أ نّها تعكس
النور ، وتحفظ شعلة
المصباح من الأرياح وممّا
يوجب
--------------------------------------------------------------------------------
(1) ذكرت شرح هذا الحديث
الشريف في ثلاثمائة صفحة
في كتاب ( الإمام الحسين
في
عرش اللّه ) في المجلّد
السادس من موسوعة (
رسالات إسلاميّة ) ،
مطبوع ، فراجع .
(2) لقد تعرّضنا إلى خلق
الأئمة النوراني في كتاب
( الأنوار القدسيّة ) وهو
مطبوع في المجلّد
السابع من موسوعة (
رسالات إسلاميّة ) ،
فراجع .
المحاضرة الرابعة ···
(67)
--------------------------------------------------------------------------------
إطفاؤه ، فالإمامة
والخلافة الحقّة
المتمثّلة بعلي وأولاده
الطاهرين تحفظ لنا خطّ
النبوّة عن الانحراف
والاضمحلال وإطفاء نوره
وخمود ضوئه ، وتنشره في
العالم
التكويني والتشريعي .
والزجاجة الثانية في قوله
تعالى إشارة إلى الإمام
الحسن
المجتبى عليهالسلام ،
والكوكب إلى الإمام
الحسين سيّد الشهداء
عليهالسلام ، والدرّي
إلى
الإمام السجّاد زين
العابدين عليّ بن الحسين
، وهكذا إلى قوله تعالى «
يَهْدِي اللّهُ
لِنُورِهِ » ـ أي للإمام
المهدي القائم من آل
محمّد عليهمالسلام ـ «
مَنْ يَشَاءُ » من
عباده .
ثمّ يضرب اللّه الأمثال
للناس لعلّهم يتفكّرون
ويتعقّلون ، فإنّه جلّ
جلاله
ضرب مثلاً لنوره كالمشكاة
التي فيها المصباح ، ثمّ
أخبر مرّة اُخرى أنّ هذه
المشكاة بما فيها من
الأنوار القدسيّة إنّما
هي في بيوت أذن أن ترفع
شأنها ويعلو
مقامها ويذكر فيها اسمه ،
فقال سبحانه : « فِي
بُيُوتٍ أذِنَ اللّهُ
أنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ
فِيهَا
اسْمُهُ » أي نور اللّه
الذي كالمشكاة فيها مصباح
يكون في هذه البيوت الذي
أذن
اللّه أن ترفع أقدارها
وتعظم ساكنيها . وإنّها
بيوت الأنبياء والأوصياء
والعلماء
الصالحين ، وأنّ من
أفاضلها بيوت محمّد وآل
محمّد عليهمالسلام .