ارسال السریع للأسئلة
تحدیث: ١٤٤٥/١٢/٢٤ السیرة الذاتیة کتب مقالات الصور دروس محاضرات أسئلة أخبار التواصل معنا
العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
فهرست کتاب‌‌ لیست کتاب‌ها
  1. النوران الزهراء والحوراء
  2. الأقوال المختارة في احکام الصلاة سنة 1436هـ
  3. الکافي في اصول الفقه سنة 1436هـ
  4. في رحاب الخير
  5. الغضب والحلم
  6. إیقاظ النائم في رؤیة الامام القائم
  7. الضيافة الإلهيّة وعلم الامام
  8. البداء بين الحقيقة والافتراء
  9. سيماء الرسول الأعظم محمّد (ص) في القرآن الكريم
  10. لمعة من النورین الامام الرضا (ع) والسیدة المعصومة(س)
  11. الدوّحة العلوية في المسائل الافريقيّة
  12. نور الآفاق في معرفة الأرزاق
  13. الوهابية بين المطرقة والسندانه
  14. حلاوة الشهد وأوراق المجدفي فضيلة ليالي القدر
  15. الوليتان التكوينية والتشريعية ماذا تعرف عنها؟
  16. الصّارم البتّار في معرفة النور و النار
  17. بريق السعادة في معرفة الغيب والشهادة
  18. الشخصية النبوية على ضوء القرآن
  19. الزهراء(س) زينة العرش الإلهي
  20. مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
  21. نور العلم والعلم نور
  22. نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل
  23. دروس الیقین فی معرفة أصول الدین
  24. في رحاب اولى الألباب
  25. الله الصمد في فقد الولد
  26. في رواق الاُسوة والقدوة
  27. العلم الإلهامي بنظرة جديدة
  28. أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم
  29. الانسان على ضوء القرآن
  30. إجمال الكلام في النّوم والمنام
  31. العصمة بنظرة جديدة
  32. الشباب عماد البلاد
  33. الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين
  34. النور الباهر بين الخطباء والمنابر
  35. التوبة والتائبون علی ضوء القرآن والسنّة
  36. القصاص علی ضوء القرآن والسّنة الجزء الثاني
  37. القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الثالث
  38. القول الرشید فی الإجتهاد و التقلید 2
  39. القول الرشيد في الاجتهاد والتقليد 1
  40. القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الاول
  41. الأقوال المختارة في أحكام الطهارة الجزء الأوّل
  42. أحكام السرقة على ضوء القرآن والسنّة
  43. الهدى والضلال على ضوء الثقلين
  44. في رحاب حديث الثقلين
  45. المأمول في تكريم ذرية الرسول 9
  46. عصمة الحوراء زينب 3
  47. عقائد المؤمنين
  48. النفحات القدسيّة في تراجم أعلام الكاظميّة المقدّسة
  49. قبس من أدب الأولاد على ضوء المذهب الإمامي
  50. حقيقة الأدب على ضوء المذهب
  51. تربية الاُسرة على ضوء القرآن والعترة
  52. اليقظة الإنسانية في المفاهيم الإسلامية
  53. هذه هی البرائة
  54. من لطائف الحجّ والزيارة
  55. مختصر دليل الحاجّ
  56. حول دائرة المعارف والموسوعة الفقهية
  57. رفض المساومة في نشيد المقاومة
  58. لمحات قراءة في الشعر والشعراء على ضوء القرآن والعترة :
  59. لماذا الشهور القمرية ؟
  60. فنّ الخطابة في سطور
  61. ماذا تعرف عن العلوم الغريبة
  62. منهل الفوائد في تتمّة الرافد
  63. سهام في نحر الوهّابية
  64. السيف الموعود في نحراليهود
  65. لمعة من الأفكار في الجبر والاختيار
  66. ماذا تعرف عن الغلوّ والغلاة ؟
  67. الروضة البهيّة في شؤون حوزة قم العلميّة
  68. النجوم المتناثرة
  69. شهد الأرواح
  70. المفاهيم الإسلامية في اُصول الدين والأخلاق
  71. مختصر دليل الحاجّ
  72. الشهيد عقل التاريخ المفكّر
  73. الأثر الخالد في الولد والوالد
  74. الجنسان الرجل والمرأة في الميزان
  75. الشاهد والمشهود
  76. محاضرات في علم الأخلاق القسم الثاني
  77. مقتل الإمام الحسين 7
  78. من ملكوت النهضة الحسينيّة
  79. في ظلال زيارة الجامعة
  80. محاضرات في علم الأخلاق
  81. دروس في علم الأخلاق
  82. كلمة التقوى في القرآن الكريم
  83. بيوتات الكاظميّة المقدّسة
  84. على أبواب شهر رمضان المبارک
  85. من وحي التربية والتعليم
  86. حبّ الله نماذج وصور
  87. الذكر الإلهي في المفهوم الإسلامي
  88. السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
  89. شهر رمضان ربيع القرآن
  90. فاطمة الزهراء مشكاة الأنوار
  91. منية الأشراف في كتاب الإنصاف
  92. العين الساهرة في الآيات الباهرة
  93. عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
  94. بهجة الخواصّ من هدى سورة الإخلاص
  95. من نسيم المبعث النبويّ
  96. ويسألونک عن الأسماء الحسنى
  97. النبوغ وسرّ النجاح في الحياة
  98. السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
  99. نسيم الأسحار في ترجمة سليل الأطهار
  100. لمحة من حياة الإمام القائد لمحة من حياة السيّد روح الله الخميني ومقتطفات من أفكاره وثورته الإسلاميّة
  101. قبسات من حياة سيّدنا الاُستاذ آية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي «قدّس سرّه الشريف »
  102. طلوع البدرين في ترجمة العلمين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الأمام الخميني 0
  103. رسالة من حياتي
  104. الكوكب السماوي مقدّمة ترجمة الشيخ العوّامي
  105. الكوكب الدرّي في حياة السيّد العلوي 1
  106. الشاكري كما عرفته
  107. كيف أكون موفّقآ في الحياة ؟
  108. معالم الصديق والصداقة في رحاب أحاديث أهل البيت
  109. رياض العارفين في زيارة الأربعين
  110. أسرار الحج والزيارة
  111. القرآن الكريم في ميزان الثقلين
  112. الشيطان على ضوء القرآن
  113. الاُنس بالله
  114. الإخلاص في الحجّ
  115. المؤمن مرآة المؤمن
  116. الياقوت الثمين في بيعة العاشقين
  117. حقيقة القلوب في القرآن الكريم
  118. فضيلة العلم والعلماء
  119. سرّ الخليقة وفلسفة الحياة
  120. السرّ في آية الاعتصام
  121. الأنفاس القدسيّة في أسرار الزيارة الرضويّة
  122. الإمام المهدي عجل الله تعالی فرجه الشریف وطول العمر في نظرة جديدة
  123. أثار الصلوات في رحاب الروايات
  124. رسالة أهل البيت علیهم السلام سفينة النجاة
  125. الأنوار القدسيّة نبذة من سيرة المعصومين
  126. السيرة النبوية في السطور العلوية
  127. إشراقات نبويّة قراءة موجزة عن أدب الرسول الأعظم محمّد ص
  128. زينب الكبرى (سلام الله علیها) زينة اللوح المحفوظ
  129. الإمام الحسين (علیه السلام) في عرش الله
  130. رسالة فاطمة الزهراء ليلة القدر
  131. رسالة علي المرتضى (علیه السلام) نقطة باء البسملة
  132. الدرّ الثمين في عظمة أمير المؤمنين - علیه السلام
  133. وميض من قبسات الحقّ
  134. البارقة الحيدريّة في الأسرار العلويّة
  135. رسالة جلوة من ولاية أهل البيت
  136. هذه هي الولاية
  137. رسالتنا
  138. دور الأخلاق المحمّدية في تحكيم مباني الوحدة الإسلاميّة
  139. أخلاق الطبيب في الإسلام
  140. خصائص القائد الإسلامي في القرآن الكريم
  141. طالب العلم والسيرة الأخلاقية
  142. في رحاب وليد الكعبة
  143. التقيّة في رحاب العَلَمَين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الإمام الخميني
  144. زبدة الأفكار في طهارة أو نجاسة الكفّار
  145. طالب العلم و السیرة الأخلاقیّة
  146. فاطمة الزهراء سلام الله علیها سرّ الوجود

منشأ الاختلاف في المراتب 34

منشأ الاختلاف في المراتب

 

ثم إختلاف مراتب العصمة إنّما هي باعتبار مبانيها وإختلافها سعةً وضيقاً، فإنّ العصمة إنّما تبتني على العلم كما ورد في الخبر النبوي الشريف (ثمرة العلم العصمة) وعلى الزهد في الدنيا، فان (حب الدينا رأس كل خطيئة) فلابد من الزهد فيها كما في دعاء الندبة[1] ، وعلى الصبر واليقين كما في قوله تعالى : (وَجَعَلْنا

مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ )[2] .

 

فهذه العوامل الثلاثة : العلم والزّهد والصبر من أُمّهات وأهمّ العوامل للعصمة مطلقآ، فكلّما إزداد علمآ وزهدآ وصبرآ إزداد عصمةً ومنعآ من الذنوب والرذائل والمعاصي والقبائح مطلقآ.

والعصمة الذاتية تبتني على العلم اللّدني أي (من لدن حكيم) ويكفي في إختلاف علم الأنبياء، بل وعلم الأولين والآخرين في قبال علم الأربعة عشر معصوم  :، انه كالقطرة في مقابل البحر، إذ أنّهم عندهم علم الكتاب ، والأنبياء
عندهم علم من الكتاب ، وهذا ما يأتينا بيانه إنشاء الله تعالى .

كما إنّهم أزهد الناس من الأولين والآخرين ، وانهم أصبر الخلق على المصائب والبلايا، فكيف لا يزدادون عصمة وطهارة وقداسة وقرباً من الله سبحانه .

ولما كانوا هم سرّ الوجود وبداية الخلق (بكم فتح الله وبكم يختم) وإختارهم الله لسرّه وعلمه ، كما دلّت النصوص المتواترة على خلقهم النوري ، وانهم منشأ الفيوضات الالهية بين الخالق والمخلوق[3] ، وهم وجه الله الذي يتوجه إليه  

الأولياء، والسبب المتصل بين الأرض والسماء، فكل فيض الهي يمرّ من خلالهم ، ومن وجودهم القدسي ، فهم وسيلة الله العظمى . ومنه فيض العصمة ، فعصمة الأنبياء من عصمتهم ، وعصمتهم من عصمة الله، كما إن عصمة العلماء من عصمة الأنبياء، فان العلماء ورثة الأنبياء، كما إنّ عصمة الصلحاء والمؤمنين والمؤمنات من عصمة العلماء، فسلسلة العصمة تنتهي إلى عصمة واجب الوجود لذاته ، المستجمع لجميع صفات الجلال والجمال والكمال جلّ جلاله .

ثم ذهب الجمهور من العامة إلى عصمة النبي الأعظم محمد 6 في تبليغ رسالته فقط .

وأما أصحابنا الإماميّة (مذهب العدل والعصمة) فقد قالوا: بعصمة النبي والأنبياء من بداية حياتهم إلى رحلتهم إلى الله تعالى ، كما انهم عصموا من كل زلل
وخطأ وذنب ، فقد إنفردوا ـفهذا يدلّ على مصداقية الفرقة الناجية ، فعندهم ما ليس عند غيرهم ـ في عصمة أئمّتهم الاثنى عشر
:، كما قالوا بعصمة سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء 3.

قال العلّامة خواجه نصيرالدين الطوسي في تجريد الاعتقاد: (ويجب في النبيّ العصمة ليحصل الوثوق فيحصل الغرض ولوجوب متابعته ، والسيد علم الهدى  1 صنّف كتاباً باسم (تنزيه الأنبياء) تطهيراً لساحتهم لمّا ينسب إليهم ، وإنهم معصومون .

يقول شيخنا المفيد 1: إنّ الأئمّة معصومون كعصمة الأنبياء، ولا تجوز عليهم صغيرة .

والذي أذهب إليه في النظرة الجديدة إنّهم عصموا حتى عن ترک الاُولى ، فانهم وجدّهم النبي المصطفى وأبيهم علي المرتضى واُمّهم فاطمة الزهراء : في قمة العصمة الممكنة ، وإنهم تالي تلو العصمة الإلهية الكبرى التي هي بلا نهاية ولا بداية ، فهي مطلق العصمة والعصمة المطلقة ، كما لا يقاس بذات الله أحد، فكذک في صفاته وأفعاله ، فهو الواحد الأحد في الذات والصفات والأفعال والعبادة .

فعصمة الأربعة عشر المعصوم  : هي العصمة بالمعنى الأخص ، فعند غيرهم من المعصومين ما عندهم ولا عكس .

ثم عصمة المعصومين ليست بجبر من الله سبحانه كما توهّم البعض ، بأنّه سبحانه أجبرهم على عدم إرتكاب المعصية ، وسلب إختيارهم وقدرتهم على ذلک ، فلا يتمكّنون منها وإن قصدوها، وذلک من جهة المانع العقلي بين القول
بالاختيار، وبين وجوب العصمة وضرورتها في المعصومين .

وجوابه واضح : فإنه لا مانع من ذلک ، فليس كلّما وجب فعل وإمتنع آخر يلزمه الجبر عقلاً وضرورة ، وإلّا لزم أن يكون سبحانه مجبراً على ترک الظلم وفعل العدل مع مطلق إختياره ، فانه في عين كونه مختاراً لا يفعل القبيح كالظلم ولا يريده ولا تنافي بين عصمته وإختياره ، وأراد عزوجل أن يكون الانسان مظهراً لذلک .

كما أنّ المراد من الذاتي في عصمة المعصومين ليس الضروري الفلسفي الذي هو بمعنى الوجوب والامتناع الذاتي ، أي ضرورة الثبوت أو ضرورة الامتناع ، كضرورة إجتماع النقيضين وإرتفاعهما، بل المراد الضرور الكلامي ، والذي نعني به الوجوب أو الامتناع الوقوعي ، فانه ممكن في ذاته ، إلّا إنّه ضروري الوقوع أو الامتناع ، وذلک باعتبار الخارج ، كوقوع الظلم من الله، فانه وان كان ممكناً في ذاته لمحض القدرة والاختيار، إلّا انه ممتنع الوقوع في الخارج ، فلا تنافي بين القدرة وبين إمتناع وقوع شيء في الخارج ، فالأول باعتبار ذات الشيء، والثاني باعتبار وقوعه ، فالمعصوم وان كان قادراً على المعصية ذاتاً، إلّا انه يمتنع عليه ذلک وقوعاً.

أو بعبارة اُخرى : الضروري في العصمة إنّما هو من قبيل لوازم الوجود التي لا تنفک عنها، أضيف إلى أنّ النصوص الكثيرة من القرآن الكريم والسنة الشريفة وردت بلغة الأمر والتهديد والتحذير للأنبياء والمرسلين والأئمة الطاهرين ، مما يدل بوضوح على قدرتهم واختيارهم للمعصية ، وإنّما تركوها عن إرادة وإختيار
(قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظيüمٍ )[4]  (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُکَ

وَلا يَضُرُّکَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّکَ إِذاً مِنَ الظّالِميüنَ )[5]  وهكذا فإنّه كثير من الآيات تحذر

الأنبياء من الشرک ومعصية الله سبحانه أو الكذب عليه (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الاَْقاويüلِ * لاََخَذْنا مِنْهُ بِالَْيميüنِ * ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتيüنَ * فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزيüنَ )[6] .

 

ثم الثواب والعقاب إنّما يترتبان على الاختيار والقدرة مطلقاً بلا فرق بين المعصوم وغيره .

(لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُکَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِريüنَ )[7] .

 

وأما السنة الشريفة فكثير من الروايات تدل على ان جميع ما ناله الأنبياء والأوصياء، إنّما كان بالطاعة لله سبحانه ، فان (علياً بلغ ما بلغ عند رسول الله 6 بصدق الحديث وأداء الأمانة . وجبرئيل في مقام العظة يقول للنبي الأعظم  6 (واعمل ما شئت فانک لاقيه) (وما أطاق أحد عمل علي  7 من ولده بعده ، إلّا علي بن الحسين  8).

وقد تواترت الأخبار في سيرة الأئمة الأطهار : وما كانوا يقومون به من الجهد الجهيد في مقام الطاعة والعباد لله سبحانه ، وإنّما نالوا المقامات الرفيعة عند الله بأعمالهم وعباداتهم وتقواهم وتهجّدهم ، فكل هذا يدل على عدم كونهم
مجبرين على الطاعة وترک المعصية ، فمن قال بذلک فقد خالف الأدلة العقلية والنقلية من الكتاب الكريم والسنة الشريفة والسيرة الطاهرة .

هذا ولا يصحّ قول القائل كما نسب إلى بعض المتكلمين : بأن المعصوم يختلف عن الناس وانه سنخ وجود لا يصدر منه إلّا الطاعة كالملائكة ، فهو بهذا ليس ببشر، فانه ينافي كونه اُسوةً وقدوةً للناس ، فانه لابد أن يكون من الناس ، ويحمل ما يحملون من الغرائز والدوافع النفسيّة والشهويّة ، وبهذا لم تكن الملائكة قدوة الناس . بل الاقتداء والتأسي إنّما كان بالأنبياء (أُولئِکَ الَّذيüنَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ )[8] .

 

وفي الحديث الصادقي عند ما سئل عن الملائكة انهم أفضل أم بنو آدم فقال  : قال أميرالمؤمنين  7: إنّ الله ركّب في الملائكة عقلاً بلا شهوة ، وركب في البهائم شهوة بلا عقل ، وركب في بني آدم كلتيهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة ، ومن غلب شهوته عقله ، فهو شر من البهائم)[9] .

 

ثم القرآن الكريم صرح بكونهم بشراً، كما في قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِکَ إِلّا رِجالاً نُوحيü إِلَيْهِمْ )[10]  (قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) (قُلْ إِنَّما

أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ) كما يدلّ على بشرية الأنبياء والأوصياء أكلهم الطعام ، وعدم خلودهم في الدنيا، وكونهم لهم أزواج وذريّة ، فهذه من الآثار البشرية والانسانيّة فليس المعصوم جنس آخر من الموجودات بصورة البشر، فان هذا
الاحتمال يخالف العقل والقرآن الكريم والسنة الشريفة . بل المعصوم من البشر، وإنّ عصمته بالاختيار بتوفيق من الله سبحانه ، لا بالجبر والقهر والإلجاء.

قال شيخنا المفيد 1: العصمة من الله تعالى لحججه هي التوفيق واللطف والاعتصام من الحجج بها عن الذنوب ، والغلط في دين الله تعالى ، والعصمة لفضل من الله تعالى على من علم أنّه يتمسک بعصمته ، والاعتصام فعل المعتصم ، وليست العصمة مانعة من القدرة على القبيح ، ولا مضطرة للمعصوم إلى الحسن ، ولا ملجئة له إليه)[11] .

 

أجل : إن السفير الالهي وخليفة الله في الأرض وهو النبي ووصيّه ، لابد أن يكون مؤيداً بروح القدس ، وبه لا يلهو ولا يغفل ولا ينسى ولا يعصي ولا يأثم ، بل يعصم في جميع أحواله وأطواره وشؤونه قبل البعثة أو بعدها، وقبل الإمامة أو بعدها، فالنبي وكذلک الوصي معصومان في الأفعال والأقوال مطلقاً بالأدلة العقلية والنقلية ، ومن أسند اليهما الخطأ فهو المخطئ ، ومن أسند إليهما السهو، فهو أولى به .

قال الصبيان للنبي يحيى  7 الّذي آتاه الله الحكم صبيّآ، إذهب بنا لنلعب ، فقال : ما للعب خُلقنا، فانزل الله فيه (وآتيناه الحكم صبيا) صاحب العصمة منذ ولادته وحتى وفاته ، كل أقواله وأفعاله وآثاره يكون عن حكمة وحُكم ، فيكون حكيماً ومعصوماً بعصمة ذاتية ومطلقة كليّة .

والنّبوة : وظيفة الهيّة وسفارة ربانيّة ، جعلها الله تعالى لمن يختاره ويصطفيه
من عباده الصالحين ، وخلقه المطيعين ، وأوليائه الكاملين فيبعثهم الله بعد الاجتباء والصيانة بعصمة منه ، إلى سائر الناس ، لهدايتهم وإرشادهم وإقامة العدالة الإجتماعية .

وإلى ما فيه مصالحهم ومنافعهم في معادهم ومعاشهم في الدنيا والآخرة وتزكيهم من درن مساوئ الأخلاق ومفاسد العادات ، وما تأمر به النفس الأمارة بالسوء، ويزين لهم الشيطان ، وتعليمهم الحكمة والمعرفة ، وبيان طرق السعادة والخير والاحسان والعدل ، لتبلغ الانسانية كمالها اللائق بها، فتسمو وترتفع إلى الدرجات العالية في الدارين (كَما أَرْسَلْنا فيüكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ )[12] .

 

فبعث الرسل والأنبياء من لطف الله وعدله ، ليقرّب العبد إلى طاعته ، ويبعّده عن معصيته ، بتعريضه للثواب لينال السعادة بإمتثال تكاليفه من إتيان الواجبات وترک المحرمات ، ومعلّم التكاليف والهادي إلى الرشاد هو النبي المعصوم أوّلاً، ثم خليفته ووصيّه الإمام المعصوم الذي يحفظ رسالته مطلقاً.

فارسال الأنبياء ومن ثمّ نصب الأوصياء إنّما هو لإرشاد العباد إلى صراط الكمال ، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وهذا كلّه من لطف إلهي ، فيجب عن الله تعالى فعله ، فانه (كتب على نفسه الرحمة )[13]  ولما تقتضيه حكمته وتسدعيه

رحمته ورأفته ، فهذا من اللطف الواجب اللازم الذي لا ينفک عن الله سبحانه ،
كلزوم ووجوب الوجود لذاته ، فيستحيل أن ينفک عنه ، فتدبّر.

وفي رياض السالكين قال السيد علي خان : العصمة : في الاصطلاح لطف يفعله الله بالمكلّف بحيث لا يكون معه داع إلى فعل المعصية مع قدرته عليها)[14] .

 

وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي : قال : (قال الأكثرون من أهل النظر: بل المعصوم مختار متمكن من المعصية والطاعة .

وقال أصحابنا ـ المعتزلة ـ العصمة لطف يمتنع المكلف ـ عند فعله ـ من القبيح إختياراً[15] .

 

وقال العلامة الطباطبائي في تفسيره (الميزان): (ونعني بالعصمة وجود أمر في الانسان المعصوم يصونه عن الوقوع فيما لا يجوز عن الخطأ والمعصية[16] .

 

فالعصمة من الله سبحانه سبب في الانسان النبي ، تصدر عنه أفعاله الاختيارية صواباً وطاعةً ، وهو نوع من العلم الراسخ)[17] .

 

ثم لا يخفى أن الكتب الكلامية والعقائدية عند الفريقين : السنة والشيعة ـ قديمها وحديثها ـ مشحونة بموضوع (العصمة) والبحث عنها مفهومآ ومصداقآ، وقد طرح القرآن مسألة العصمة بمعنى المصونيّة عن الخطأ والعصيان كما جاء في وصف الملائكة (عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا
يُؤْمَرُونَ
)[18] . فالعصمة بمفهومها الوسيع مع قطع النظر عن موصوفها قد طرحها

القرآن الكريم وألفت نظر المسلمين إليها[19] . ولا يصحّ قول من قال أنّ فكرة

العصمة ترجع إلى الأحباء، أو إلى الشيعة بالخصوص وأنهم أخذوا عقائدهم عن المعتزلة . فتدبّر.

 



[1] ()  راجع آخر مفاتيح الجنان للشيخ عباس القمي  1.

[2] ()  السجدة : 24.

[3] ()  ذكرت تفصيل ذلک في كتاب (الانوار القدسية) مطبوع في رسالات اسلامية المجلدالسادس .

[4] ()  الأنعام : 15.

[5] ()  يونس : 106.

[6] ()  الحاقة : 44 ـ 47.

[7] ()  الزمر: 65.

[8] ()  الانعام : 90.

[9] ()  علل الشرائع : 4.

[10] ()  يوسف : 109.

[11] ()  تصحيح الاعتقاد: 128.

[12] ()  البقرة : 151.

[13] ()  الانعام : 12.

[14] ()  رياض السالكين : :5 531.

[15] ()  شرح نهج البلاغة : :7 7.

[16] ()  الميزان : :5 78.

[17] ()  الميزان : :2 139.

[18] ()  التحريم : 6.

[19] ()  عصمة الأنبياء في القرآن : 10.