7 جمادى الأول

1435

مسألة 18 ـ النافلة تنقسم إلى مرتّبة وغيرها، والأُولى: هي النوافل اليوميّة التي مرّ بيان أوقاتها. والثانية: أمّا ذات السبب كصلاة الزيارة والإستخارة والصلوات المستحبة في الأيام والليالي المخصوصة، وأمّا غير ذات السبب وتسمى بالمبتدأة، لا إشكال في عدم كراهة المرتبة في أوقاتها، وإن كان بعد صلاة العصر أو الصبح، وكذا لا إشكال في عدم كراهة قضائها في وقت من الأوقات، وكذا في الصلوات ذوات الأسباب، وأما النوافل المبتدأة التي لم يرد فيها نص بالخصوص، وإنّما يستحب الإتيان بها لأن الصلاة خبر موضوع وقربان كل تقّي، ومعراج المؤمن، فذكر جماعة أن يكره الشروع فيها في خمسة أوقات: أحدها: بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، الثاني: بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس. الثالث: عند طلوع الشمس حتى تنبسط، الرابع: عند قيام الشمس حتى تزول، الخامس: عند غروب الشمس أي قبيل الغروب، وأمّا إذا شرع فيها قبل ذلك فدخل أحد هذه الأوقات وهو فيها فلا يكره إتهامها، وعندي في ثبوت الكراهة في المذكورات إشكال.

أقول يقع الكلام في تقسيم النوافل وبيان جملة من أحكامها في مقامين: الأوّل: في تقسيم النوافل، فإنّها تتسم أولاً بالتقسيم الثنائي بين الإيجاب والنفي إلى مرتبة وغيرها.

والأولى: هي النوافل اليومية وهي (34) ركعة بالتفصيل الذي مرّ، كما مرّ بيان أوقاتها وجملة من أحكامها.

والثانية: بحسب الإستقراء التام إمّا أن تكون ذات السبب أي النافلة من أجل سبب من الأسباب كصلاة الزيارة للمعصومين^، وصلاة الإستخارة ولا سيّما ذات الرّقاع، الصلوات المستحبة المتعلقة في الزمان أو المكان ومن أول ما كانت مستحبة في الأيام والليالي المخصوصة كليالي القدر، والثانية كصلاة تحية المسجد.

وإمّا أن تكون غير ذات السبب وتسمى بالمتبدأة، فإنّه يستحب التطوع بالصلاة ، فإنّها خبر موضوع سواء إستقللت منها أو إستكثرت، فإنّها قربان كل تقي ومعراح المؤمن كما ورد في هذا المعنى روايات مستفيضة.

وأمّا المقام الثاني: في بيان جملة من مسائل وأحكام النوافل بصورة عامة، وذلك من خلال بيان مسائل:

الأُولى: ذهب المشهور كما عند المصنف انه لا إشكال في عدم كراهة النوافل المرتبة فيما لو كان إتيانها في أوقاتها حتى لو كان بعد صلاة العصر أو الصبح.

والوجه في ذلك إجمالاً:

أوّلاً: ما حكى عن السيد المرتضى+ في الناصريات من دعوى الإجماع على نفي الكراهة في مطلق ماله سبب من النوافل فيعّم مفروض المسألة.

وثانياً: ما حكي عن الشيخ الطوسي+ في الخلاف من دعوى الإجماع على عدم البأس والكراهة في ذوات الأسباب من قضاء نافلة أو تحية مسجد أو صلاة زيارة أو صلاة إحرام، أو طواف في ما كره لأجل الفعل بعد صلاة الصبح وبعد العصر.

وثالثاً: ما حكى عن العلّامة في المنتهى من الإجماع بقوله: (لا بأس بقضاء السنن الراتبة بعد العصر ذهب إليه علمائنا أجمع.

فظاهر هذه الإجماعات أنّه لا كراهة في إتيان النوافل في أوقاتها وأمكنتها مطلقاً حتى لو كان بعد صلاتي العصر أو الصبح حيث ورد النهي عن الصلاة بعدهما كما سيأتي إنشاء الله تعالى.

ولكن نصوص الكراهة بإطلاقها وعمومها تشمل الرواتب في أوقاتها كما ورد في موثقة الحلبي.

عن أبي عبد الله×: قال: لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، فإنّ رسول الله‘ قال: إنّ الشمس تطلع بين قرني الشيطان، وتغرب بين قرني الشيطان.

وقال×: لا صلاة بعد العصر حتى المغرب⁽[1]⁾.

وكذلك غيرها من الروايات فإطلاقها شامل للرواتب وغيرها وسواء في أوقاتها أو في غير وقتها. ولكن قيل بتعارضها بطائفة أخرى من الروايات دلّت على جواز إتيان النوافل في وقت العصر والصبح وأنّه أولى بأن يرغم أنف الشيطان في هذين الوقتين لو كانت تطلع الشمس بين قرني الشيطان كما ورد هذا المعنى عن صاحب الأمر× في توقيع كما سيأتي.

ربما يقال: إنّ توقيت الرواتب بأوقات خاصة ومعينة يتنافى مع القول بالكراهة بعد العصر والصبح ولكن يقال في جوابه:

أن توقيتها بالوقت المعين لا ينافي الكراهة من جهة وقوعها بعد العصر والصبح كما لا يخفى، فربما تكون معيّنة ولكن مع ذلك يكره إتيانها في هذين الوقتين، ولكن إنّما يستفاد نفي الكراهة من الأخبار الدالة على عدم كراهة قضائها مطلقاً في اي وقت كان حتى ولو كان بعد الصبح والعصر.

الثانية: وكذلك يذهب المصنف إلى أنّه لا إشكال في عدم كراهة قضاء الرواتب في وقت من الأوقات ويدل عليه ما ذكر من دعوى الإجماعات كما مرّ في المسألة الأولى، ولكن خالف ذلك الشيخ المفيد+ ففي محكي المقنعة: (ولا يجوز إبتداء النوافل، ولا قضاء الشي منها عند طلوع الشمس ولا عند غروبها) وعن النهاية: كراهة صلاة النوافل وقضائها في هذين الوقتين . كما أنّ عموم وإطلاق مستند الكراهة يشمل قضاء الرواتب أيضاً.

ولكن يدل على نفي الكراهة ما ورد في جملة من الروايات، منها رواية عبد الله بن أبي يعفور.

عن أبي عبد الله×: في قضاء صلاة الليل والوتر تفوت الرجل أيقضيها بعد صلاة الفجر وبعد العصر؟ فقال×: لا بأس بذلك⁽[2]⁾. ووجه الإستلدال واضح.

ونحوها رواية جميل بن دراج

سألت أبا الحسن الأوّل× عن قضاء صلاة الليل بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فقال: نعم وبعد العصر إلى الليل فهو من  سر آل محمد المخزون⁽[3]⁾ وغيرهما نحوهما.