20 محرم

1435

عطفاً على ما سبق:

يقع الكلام فيما ذكره الشيخ الأعظم من الملازمة بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي من جهة الحجيّة وعدمها المختصة بالحكم الوضعي والجواز والحرمة المختص بالحكم التكليفي، فإنّه وإن قال بعدم جواز التعبد بالظن المطلق بالأدلة الأربعة وهذا من المسائل الفقهية وكلامنا في المسألة الاصولية وهي الحجيّة وعدمها، إلّا أنّه جعل الحكم الوضعي إنّما هو باعتبار الحكم التكليفي، فعدم الجواز في التكليفي لازمه عدم الحجيّة في الوضعي فثبت المطلوب وكانت المسألة اصولية حينئذٍ.

ولكن أُورد على الملازمة بين الأحكام الوضعية والأحكام التكليفية التي يدعيها الشيخ+ بالنقض في ثلاثة موارد كما أشار إليها السيد الإمام الخميني+ في تقريراته^([1]).

الأول: ما ذكره المحقق الخراساني+ من النقض بالظن على الحكومة فإنّ الظن حال الإنسداد ـ إنسداد باب العلم ـ يكون حجّة عقلاً، مع عدم صحة إسناد ذلك إلى الشارع المقدس^([2]).

الثاني: ما حُكِيّ عن المحقق العراقي+ من النقض بالشك قبل الفحص، فإنّه حجّة على الواقع، إلّا أنّه لا يصح إسناد المشكوك فيه إلى الشارع^([3]).

الثالث: ما عن المحقق العراقي أيضاً، وهو النقض بالشّك في موارد وجوب الإحتياط، فإنّ الشك حجّة على الواقع عند ذلك مع عدم صحة إسناد المشكوك فيه إلى الشارع.

هذا وأورد على النقوض الثلاثة:

أولاً: أنّ الظنّ على الحكومة ليس من الحجّة العقليّة المستقلّة على الأحكام الواقعية، بل الحجيّة فيه من جهة العلم الإجمالي بيان ذلك: إنّ العقل على تقدير الحكومة والإنسداد لا يحكم بحجيّة الظن من حيث هو هو ، لأنّ من مقدمات الإنسداد هو وجود العلم الإجمالي بثبوت تكاليف شرعية في ذمة المكلف أي نعلم إجمالاً أنّ هناك تكاليف في عهدة المكلّف لا يرضى الشارع المقدّس بإهمالها، ثمّ بعد تمامية سائر المقدمات لابد من الإحتياط حينئذٍ بإتيان جميع المحتملات وهذا من الإحتياط التام إلّا أنّه لا يمكن ذلك عادة للزومه العسر والحرج الشديد وإختلال النظام الإجتماعي فيما إذا أراد كل واحد أن يأتي بكل الإحتمالات، فإنّ العقل يحكم حينئذ بتجزي الإحتياط والقول به في الجملة لا بالجملة كما هو المختار أو لزوم العمل بالمظنون دون غيره عند دوران الأمر بين العمل بخصوص المظنون أو العمل بالمشكوك فيه أو العمل بالموهوم فإنّه يقدم المظنون على الآخرين، فما يكون الحجّة في الواقع هو العلم الإجمالي لا الظن بما هو هو ولولا وجود العلم الإجمالي لانهدم أساس الإنسداد والحكومة.

وبعبارة أخرى: ليس الظن على الحكومة من الحجّة العقلية كسائر الحجج العقليّة، بل الحجّة من جهة وجود العلم الإجمالي وعدم لزوم الإحتياط التام والناقص أي الإحتياط كلّا أو بعضاً، فإنّ الحكم حينئذٍ عند دوران الأمر بين الإكتفاء بخصوص المظنون أو المشكوك أو الموهوم يحكم بتقديم المظنون على الأخيرين المشكوك والموهوم لأنّ المظنون لاشك يكون أقوى منهما مع وجود العلم الإجمالي، فإنّ الظنّ فوق الشك ودون الشك الوهم كما هو واضح وثابت في محلّه.

فثبت إنّ الظنّ على الحكومة حجتّه بإعتبار العلم الإجمالي لا أنّه من الحجج العقليّة دون الشرعيّة، فلا ينقض بذلك مقولة الشيخ+.