14 ذي الحجة

1434

عطفاً على ما سبق:

يقع الكلام في بيان قول المشهور في معرفة الغروب الشرعي، فإنه هو الغروب العرفي والفلكي نفسه الذي يتحقق بمجرد سقوط القرص واستتار الشمس تحت الأفق من دون ذهاب الحمرة المشرقية من سمت الرأس كما كان عند الأشهر، وذهب إلى هذا القول جماعة من المحققين منهم المحقق في الشرايع (1: 72) وصاحب المدارك السيد العاملي (3: 52) وغيرهما، ودلّت عليه جملة من الأخبار المعتبرة من الصحاح والموثقات فضلاً عن غير المعتبرة فإنها كثيرة، ومن ثم يقع التعارض بينها وبين الطائفة الأولى التي استدل بها الأشهر كما مرّ تفصيل ذلك.

فمنها: صحيحة عبد الله بن سنان

عن أبي عبد الله× قال: سمعته يقول: وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها^([1]).

وجه الإستدلال: واضح فإن الغروب الشرعي يكون هو الغروب العرفي والفكي وهو غروب الشمس وغياب القرص أي سقوطه مجرد استتاره تحت الأفق.

ومنها: صحيحة زرارة

قال: قال أبو جعفر ×: وقت المغرب إذا غاب القرص، فإن رأيت بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك، وتكف عن الطعام إن كنت أصبت منه شيئاً^([2]).

وجه الإستدلال: كذلك واضح إن المغرب يتحقق لغياب القرص بل لو صلّى ظاناً بدخول الوقت كما لو غابت الشمس خلف حائل كالجبل إلّا إنه لم تسقط تحت الأفق فتبين الخلاف فعليه ان يعيد الصلاة، وفي الصوم يمضي ويكف عن الطعام إن أصاب منه شيئاً.

ومنها: صحيحة زرارة الأخرى

عن أبي جعفر× قال: إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر، وإذا غابت الشمس دخل الوقتان الغروب والعشاء الآخرة.

ومنها : موثقة إسماعيل بن الفضل الهاشمي.

عن أبي عبد الله× قال: كان رسول الله‘ يصلي المغرب حين تغيب الشمس حيث تغيب حاجبها .

وجه الإستدلال: إن فعل المعصوم حجّة، فكان ـ ويدل على الاستمرارية ـ يصلي النبي المغرب بمجرد أن تغيب الشمس وشبه الأرض بالحاجب فإذا غابت الشمس وراء الحاجب بذهاب آخر جزء منها وراء الأرض أي لا يرى بعد ذلك الشمس أثراً، ثم تقع الصلاة بعد ذلك على النحو المتعارف بإتيان المقدمات كالآذان والإقامة ونحوهما بعد دخول الوقت.

ومنها: خبر إسماعيل بن جابر

عن أبي عبد الله× قال: سألته عن وقت المغرب، قال ما بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق.

ومنها: صحيحة صفوان بن مهران الجمال.

قال: قلت لأبي عبد الله×: إن معي شبه الكرش المنشور فأوُخر صلاة المغرب حتى عند غيبوبة الشفق ثم أصليها جميعاً يكون ذلك أرفق بي، فقال: إذا غاب القرص فصلّ المغرب، فإنما أنت ومالك لله^([3]).

ومنها:

ومنها: خبر جابر

عن أبي جعفر× قال قال رسول الله‘: إذا غاب القرص أفطر الصائم ودخل وقت الصلاة^([4]).

ومن: صحيحة داود بن فرقد.

سمعت أبي يسأل أبا عبد الله× متى يدخل وقت المغرب: فقال ×: إذا غاب كرسيها، قلت: وما كرسيّها، قال×: قرصها، قلت متى تغيب؟ قال×: إذا نظرت إليه فلم تره^([5]).

ومنها: خبر عن علي بن الحكم عمّن حدثه^([6]).

عن أحدهما × .

وخبر عمرو بن أبي نصر:

سمعت أبا عبد الله× يقول في المغرب: إذا توارى القرص كان وقت الصلاة، وأفطر^([7]).

ومنها: خبر الربيع بن سليمان وأبان إبن أرقم وغيرهم ـ وقد مرّ الخبر وكيف رأه الإمام الصادق× يصَلي عند سقوط القرص فلا يفيد ـ

ومنها: خبر محمد بن يحيى الخثعمي

عن أبي عبد الله× انه قال: كان رسول الله‘ يصلي المغرب ويصلّي معه حَي من الأنصار يقال لهم (بنو سلمة) منازلهم على نصف فيصلون معه، ثم ينصرفون إلى منازلهم وهم يرون موضع سهامهم^([8]).

ومنها: رواية الشحام: قال رجل لأبي عبد الله×: أوخّر المغرب حتى تستبين النجوم، فقال×: خطابية ـ أي يفعله جماعة أبي

خطاب الملعون ـ إن جبرئيل نزل بها على محمد‘ حين سقط القرص^([9]).

ومنها: صحيحة إبن سنان عن أبي عبد الله× في حديث قال: وقت المغرب حين تجب الشمس إلى أن تشتبك النجوم.

وجه الإستدلال: أن الوجوب هنا بمعنى السقوط كما في قوله تعالى: وإذا وجبت جنوبها أي سقطت ـ فبداية وقت المغرب بسقوط الشمس عن الأفق.

ونهايته إلى أن تشتبك النجوم وينتشر الظلام في الأفق المشرقي والمغربي.

ومنها: رواية أبي بصير: وقت المغرب حين تغيب الشمس.

ومنها رواية الفضل: إنما جعلت الصلاة في هذه الأوقات ولم تقدم ولم تؤخر لأن الأوقات المشهورة المعلومة التي تعم أهل الأرض فيعرفها الجاهل والعالم أربعة، غروب الشمس مشهور ومعروف تجب عنده المغرب...) ^([10]).

إلى غير ذلك مما هو كثير ويدل على أن المغرب إنما يتحقق بمجرد استتار القرص تحت الأفق، وحينئذٍ يقع التعارض بين هذه الطائفة والطائفة الأولى من الأخبار، وفي مقام التعارض ترجع إلى الأخبار العلاجيّة بأخذ المرجحات الداخلية والخارجية أولاً.

إلّا أنه بعد القول بأن الجمع مهما كان أولى من الطرح، فإن أمكن الجمع وكانت المرجحات فيها، وإلّا يلزم القول بسقوطهما والرجوع إلى العموم الفوقاني في أو الأخذ بالأصل العملي من البراءة أو الاحتياط، أو القول بالتخيير بينهما ابتداءاً على إختلاف المباني في سقوط الأخبار بالتعارض.