3 ذي الحجة 1434

يقع الكلام في متمميّة الجعل لرفع غائلة التضاد بين الحكم الظاهري والواقعي عند عدم مطابقتهما وهي أن الأحكام الواقعية بوجود امتها النفس الأمري، لا تصلح للداعوية المحركيّة لإرادة العبد نحو إمتثالها في صورة الشك في وجودها، فإن الحكم لا يمكن أن يتكفل بوجود نفسه في حال الشّك، وإن كان محفوظاً في ذلك الحال على تقدير وجوده الواقعي فلابدّ من جعل ثانوي يتكّفل بوجود الحكم في أزمنة وجوده، ومنها زمان الشك فيه، ويكون ذلك من متممّات الجعل الأولي الذي كان للحكم الواقعي ويتحد الجعلان الأول والثانوي  في صورة وجود الحكم الواقعي، وذلك فيما إذا كان الحكم الواقعي على وجه يقتضي جعل المتمم لمصلحة في الواقع تكون بمثابة من الأهمية بحيث يلزم رعايتها بإيجاب الإحتياط في صورة الشك.

وقد لا يكون الحكم بتلك المثابة من الأهمية، حتى يوجب جعل المتمم في زمان الشك.

ثم المحقق يوضّح كلامه ويجعل فرقاً بين الشك والحيرة فيقول : إن للشك في الحكم إعتبارين:

الأول: كون الشك من الحالات والطوارئ اللّاحقة للحكم الواقعي أو موضوع الحكم الواقعي كحالة العلم والظّن.

والثاني: إعتبار كون الشكّ موجباً للحيرة في الواقع وعدم كونه موصلاً إلى الواقع ومنجزاً له.

ولا يكاد يمكن أخذ الشك بالاعتبار الأول موضوعاً لحكم يضاد الحكم الواقعي لانخفاظه أن كونه محفوظاً ولو بنتيجة الإطلاق بكونه ممّا يشترك فيه العلم والجاهل عند الشك.

وأما بالاعتبار الثاني، فيمكن أخذه موضوعاً لما يكون متمماً للجعل ومنجزاً للواقع، كما يمكن أخذه موضوعاً لما يكون مؤمناً للواقع، بأن كانت مصلحة الواقع مهّمة في نظر الشارع كان عليه جعل المُتمم كمصلحة الإحترام المؤمن وحفظ نفسه فإنه أهم في نظر الشارع من مفسدة حفظ دم الكافر، فإقتضى ذلك التشريع حكم ظاهري طريقي بوجوب الاحتياط عند الشك تحرزاً من الوقوع في مفسدة قتل المؤمن، وهذا الحكم أي يكون في طول الحكم الواقعي نشأ عن أهمية المصلحة الواقعية، ولذا كان الخطاب بالاحتياط خطاباً نفسياً أي وجوباً نفسياً إلا أنه للغير وكونه وجوباً كمرياً لا تقدمياً وبالغير، ولذا كان العقاب على مخالفة التكليف بالإحتياط عند تركه وأدائه إلى مخالفة الحكم الواقعي، لا على مخالفة الواقع، لقبح العقاب عليه مع عدم العلم به أي قبح العقاب بلا بيان.