1 ذي الحجة 1434

عطفاً على ما سبق:

في مناقشته مقوله المحقق النائيني+ في دفع المحذور من إجتماع الضدين بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري في مورد الأصول الحرزة من الجري العملي في الأصول، فقيل يتنافى هذا مع ظاهر كثير من الأخبار الدالة على الأصول المحرزة كالاستصحاب وقاعدة الفراغ أو التجاوز هذا أولاً وثانياً: لو سلمنا لما قاله المحقق النائيني من الجري العملي على أحد فرض الشك على أنه هو الواقع والفاء الطرف الآخر حتى جعله كالمعدوم وهذا من الجعل الهوهوية العمليّة، إلّا أن المحذور من إجتماع الضدين يبقى على حاله، فإن الحري والبناء العملي على إتيان الجزء المشكوك فيه مثلاً مع أنه لم يأت به واقعاً فإن هذا لا يجتمع مع مطلوبية الجزء على كل حال، فإن إرادة إتيان الصلاة متطهراً واقعاً مع إعتبار الاستصحاب على الطهارة المودى أحياناً إلى خلافه لا يكاد أن يجتمعا، فإنه لا يكاد أن تجتمع إرادة إتيان الجزء أو الشرط كالطهارة واقعاً مع إيجابه أو ترخيصهم في أمر ربما يؤدي ولو أحياناً إلى تركه، فرجع الاشكال حينئذ مرة أخرى.

والذي يظهر من المحقق النائيني (من استاذه المحقق الخراساني قدس سرهما وغيرهما من أعلام في كيفية الجمع بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي انهما شبيه ونظير العرضين كالواد والبياض فكما يمتنع اجتماعهما في موضوع واحد الجسم مثلاً فكذلك لا يجتمعن الحكمان في موضوع واحد، فأرادوا دفع المحذور بتغير الموضوع فيهما حتى ترتفع التضاد فإن من الوجدات الثانية في التضاد ووحدة الموضوع فإذا اختلف فلا تضاد كقولنا زيد في المدرسة وعمر وليس في المدرسة فلا تضاد بينهما لإختلاف الموضوع بينهما، فكذلك في الحكم الظاهري والحكم الواقعي، فإنه في الأمارات والطرق أحد الحكمين طريقي وهو الحكم الظاهري والآخر واقعي ، وفي الأُصول المحرزة لم يكن حكمان بل حكم واحد في الطرف المشكوك مع جعل الطرف الآخر كالمعدوم، والحال لم يكن تام المحذور من جانب الموضوع وحسب، بل لأنه يلزمه مع جعل طريق ولو من جهة الإمضاء، أو من جهة إيجاب العمل على أحد طرفي الشك مع أدائه ولو في بعض الاعيان، إلى ترك الواقع الذي لا يرض بتركه، وهذا غير معقول، فإنّ ترخيص العمل بما يوجب الوقوع في مخالفة الواقع الذي لا يرضى بتركه غير معقول إلّا أن يقال برفع اليدين الواقع والحكم الواقعي، وإن التكليف مثلاً هو الحكم الظاهري وما أدّت إليه الطرق والأمارات الظنيّة المعتبرة شرعاً، أو الأصول العملية كما كان المختار، فيرتفع المحذور والإشكال تمسكاً سيرة العقلاء وبنائهم على أ×ذ مودى الظنون وقد امضاها الشارع بعدم وعهم، كما سيأتي توضيحه إنشاء الله تعالى.