فقه (105)

16 شوال

1442 هـ

الثامن والعشرون: وضع الركبتين قبل اليدين للمرأة عكس الرّجل عند الهوي للسجود، وكذا يستحب عدم تجافيها حاله، بل تفترش ذراعيها، وتلصق بطنها بالأرض، وتضَم أعضاءها وكذا عدم رفع عجيزتها حال النهوض للقيام، بل تنهض وتنتصب عدلاً.

أقول: إنّ الأحكام الشرعية في الأعم الأغلب ما يشترك فيها الرجال والنساء لقاعدة الإشتراك إلّا ما خرج بالدليل، فهناك أحكام تختص بالنساء دون الرّجال وكذلك العكس، وذلك لحكمة الله سبحانه ومن باب وضع الشيء في موضعه، ممّا يدل على الحكمة والعدالة والعقلانية، فكلّ بما يتناسب مع جمسه وبدنه، إذ التفاوت بينها في الجسم دون الرّوح، فكانت المرأة كما يقال من الجنس اللّطيف وإنّه كلّها عورة بروزها توجب إثارة الشهوة عند الرجال، وممّا يوجب فساد المجتمع، فلابدّ من شرها والحفاظ على عفتها وحياتها، فإنّ مفاتن جسمها تغري الرجل، ويطمع فيها من كان في قلبه مرض فيها، ومن ثمّ يراعي جانب الحجاب فيها حتى في صلاتها وعمود دينها ومعراجها إلى ربّها سبحانه وتعالى.

فمن مستحبات سجودها: أوّلاً وضع الركبتين قبل اليدين عكس الرّجل عند الهوي للسجود، وربما الحكمة في ذلك لا يرتفع عجزيتها، وثانياً: يستحب لها أيضاً عدم تجافيها حال السجود بعكس الرجل كما مرّ، بل تفترش ذراعيها، وتلصق بطنها بالأرض، وتضمّ أعضاءها، وثالثاً: كذلك يستحب لها عدم رفع عجيزتها حال النهوض للقيام، بل تنهض وتنصب عدلاً من دون أن تنحني.

وهذا هو المشهور ويدل عليه ما في خبر زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: (فإذا جلست فعلى إليتيها ليس كما يجلس الرجل، وإذا سقطت للسجود بدأت بالقعود وبالرّكبتين قبل اليدين، ثم تسجد لاطئةً بالأرض، فإذا كانت في جلوسها ضمّت فخذيها ورفعت ركبتيها من الأرض، وإذا نهضت إنسلّت إنسلالاً ولا ترفع عجيزتها أوّلاً (الوسائل: باب: 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 40).

وفي صحيحة أبي يعفور: (إذا سجدت المرأة بسطت ذراعيها) (الوسائل: باب 3 من أبواب السجود الحديث 2).

وفي مرسلة إبن بكُير: (المرأة إذا سجدت تضمّمت والرجل إذا سجد تفتّح) (الوسائل باب 3 من أبواب السجود الحديث: 3) والمختار ما عليه المصنف والمشهور.

التاسع والعشرون: إطالة السجود والإكثار فيه من التسبيح والذكر.

أقول: ويستحب في السجود إطالته فإنّه أقرب ما يتقرب به العبد لله سبحانه إنّما هو في سجوده كما في الأخبار وكما أمر الله حبيبه في آخر آية من آيات سورة العلق أن يسجد ويقترب، فأستفاضت النصوص بذلك أو تواترت إجمالاً.

ففي خبر زياد القندي: أن أبا الحسن عليه السلام كتب إليه: (إذا صليت فأطل السجود) كما عقد باباً في الوسائل باب 23 من أبواب السجود وفي الباب 16 رواية وعنوان الباب: باب إستحباب طول السجود بقدر الإمكان والأكثار منه والاكثار فيه من التسبيح والذكر) فاستحباب الإطاعة مع التسبيح والذكر كما هو المختار.

الثلاثون: مباشرة الأرض بالكفّين.

ويدل عليه ما في صحيحة زرارة كما تقدم: (وإن أفضيت بهما إلى الأرض فهو أفضل) وقد تقدم في آخر المسألة الثانية من مسائل السجود فراجع.

الواحد والثلاثون: زيادة تمكين الجبهة وسائر المساجد في السجود.

أقول: في نهاية المطاف فيما ذكره المصنف قدس سره من مستحبات السجود أنه يستحب زيادة التّمكين في السجود، ويقصد منه تمكين الجبهة على ما يصحّ عليه السجود، بل ويستحب التمكين لسائر المساجد الستة الأخرى في السجود بل ويلحق به رغم الأنف.

ويدل عليه جملة من النصوص، منها: خبر السكوني عن الإمام الصادق عليه السلام: قال: قال علي عليه السلام: إني لأكره للرّجل أن أرى جبهته جلحاء ليس فيها أثر السجود. (الوسائل باب 21 من أبواب السجود الحديث: 1).

وفي الفعل روى الصدوق عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام: (إنّ أبي علي بن الحسين عليه السلام كان أثر السجود في جميع مواضع سجوده، فسمّى السجاد لذلك. (الوسائل باب 21 من أبواب السجود الحديث 2) ونحو ذلك الروايات الأخرى في الباب وفي الباب أربع روايات ولنا في رسول الله وأهل بيته الأسوة الحسنة والقدوة الصالحة، فقولهم وعملهم وتقريرهم لنا من حجة ومن السُّنة.

والمراد من زيادة التّمكين والتمكن في السجود هو تحصيل أثره الذي مدح الله تعالى عليه بقوله عز وجل: (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) (الفتح: 29) . أو يضغط على ما يصح السجود عليه بنحوٍ ما وخفيفاً.

وروى إسحاق بن الفضل عن الصادق عليه السلام: أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يحب أن يمكن جبهته من الأرض، ونحوه مثله كما هو المختار: آراء الأعلام في المقام: (التعليقات: 7: 368) (يوم الأحد: 28 شعبان المعظم 1442 هـ ق الحوزة العلمية ـ قم المقدسة].