العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
عناوین المحاضرات احدث ملفات العشوائیة الاکثر مشاهدة

■ الدروس الحوزوية (١١)
خارج الفقه
خارج الأصول
اللمعة الدمشقیة
رجال (١٥)
١٢٠- شرح التجرید (٢٢٢)
■ المحاضرات الثقافیّة
■ المحاضرات الأخلاقیة
■ المحاضرات العرفانیة
٨٦- نسمة السحر - رمضان ١٤٣٤ هـ (٥٨)
٨٧- خیر من ألف شهر (٤)
٨٩- شرح حدیث عنوان البصري (١١)
٩١- مناجاة الأرواح (٣٠)
٩٢- المعرفة الإلیهیة في لیلة القدر (١٤)
٦٥ - الطرق الی الله (٥)
٦٦ - الشباب في ضیافة الله (١)
٦٧ - یا رفیق من لا رفیق له (٧)
٦٨ - الدعاء في مدرسة الامام الحسین (١٠)
٦٩ - أسرار الحج والزیارة (٨)
٧٠ - الثبات (٢)
٧١ - مع الراغبین (٩)
٧٢ - شوقاَ إلیک (٣٠)
٧٣ - تلک آثارهم (٩)
٧٤ - شرح مناجات الشعبانیّة (٢٦)
٧٥ - في رحاب الزّیارة الرجبیّة (٢)
٧٦ - في رحاب شهر شعبان
٧٧ - العلم الالهامي (٦)
٧٨ - زیارة الامام الحسین (ع) في یوم العرفة (٥)
٧٩ - قد أفلح من زکّاها (٧)
٨٠ - أقرب الطرق الی الله (١)
٨١ - العرفان في مدرسة فاطمة الزهراء(س) (٢)
٨٢ - الصلح مع الله (٤)
٨٣ - تفسیر سورة یوسف (ع) - ١ (٢٦)
٨٤ - تفسیر سورة یوسف (ع) - ٢ (١٩)
٨٥ - تفسیر سورة یوسف (ع) - ٣ (٢٧)
٨٨ - مقاطع - لطائف وفوائد (٢١٥)
٩٤- نسمات رحمانیة - رمضان ١٤٣٦هـ (١٤)
٩٥- نسمات رحمانیة - رمضان ١٤٣٧هـ (٣٠)
٩٦- ضیاء العاشقین (٢٥)
١٢٢ - شهود عاشوراء (٢)
١٢٣- نسمات رحمانیة - رمضان ١٤٣٨هـ (١٥)
١٢٤- القلب و ما أدرک ما القلب! رمضان ١٤٣٨ هـ (١٦)
١٢٨- في رحاب عاشوراء - قناة الفرات (٥)
١٢٩- کيف أکون عبداً لأمير المؤمنين علیه السلام (٣)
مهجة قلب الحسين عليه السلام وأصحابه - محرم الحرام ١٤٤٢ هـ (١٠)
■ المحاضرات العقائدیة
٠١- علي المیزان و الصراط المستقیم (٣)
٠٢- الحیاة عقیدة وجهاد (٥)
٠٣- شرح نهج البلاغة (٢٠)
٠٤- في رحاب المعاد (١٠)
٠٥- علي حبه جنة (٣)
٠٦- الإمام و الإمامة (٦)
٠٧- علم الإمام في ليلة القدر (٤)
٠٨- لیلة القدر، لیلة التقادیر الإلهیة (٣)
٠٩- عظمة لیلة القدر وما یستحب من الأعمال فیها (٣)
١٠- الحج قرآئة قرآنية (٢)
١١- الشوق الهائم في سیرة القائم عج (٢)
١٢- طاووسية الإمام المهدي عج (٢)
١٣- عصر الظهور و الدولة الكريمة (٢)
١٤- إزالة الشبهات عن فضائل الزيارات (١)
١٥- الغلو و الغلاة (٢)
١٦- تثبيت العقيدة و ردّ الشبهات (١)
١٧- الولاية التكوينيّة و التشريعيّة (٥)
١٨- ردّ شبهات الوهابيّة ١ (٢٥)
١٩- رد شبهات الوهابيّة ٢ (٢١)
٢٠- أجوبة الشبهات ١ (١٢)
٢١- أجوبة الشبهات ٢ (١٣)
٢٢- أجوبة الشبهات ٣ (١٠)
٢٣- تفسير زيارة عاشوراء ١- محرم ١٤٣١ هـ (١٥)
٢٤- تفسير زيارة عاشوراء ٢- محرم ١٤٣٢ هـ (٣٠)
٢٥- تفسير زيارة عاشوراء ٣- محرم ١٤٣٣ هـ (٢٧)
٢٦- تفسير زيارة عاشوراء ٤ - محرم ١٤٣٤ هـ (٢٨)
٢٧- تفسير زيارة عاشوراء ٥ - محرم ١٤٣٥ هـ (١٠)
٢٩- شرح وتفسیر زیارة عاشوراء ٦ - محرم ١٤٣٦ هـ (٢٣)
٣٠- الرحلة الحسینیة بهدایته ومصباحه وسفینته (١٤)
٣١- شمة من العرفان الإسلامي علی ضوء الثقلین (١٧)
٣٢- کمال المرأة ادواته ووسائله (٩)
١٢١ - وارث الانبیاء (٣)
■ المحاضرات التفسیریة
■ محرم الحرام
■ رمضان الکریم
■ القنوات الفضائیة و المراکز الإسلامیة (٧)
■ القصص الصوتیة (١٠٠)
■ أدعیة و زیارات (٢٤)
■ النعي و اللطمیات (٨)
■ المتفرقات (١٥)
■ مسجد علوی
■ محاضرات في أستراليا (٤)
■ مقاطع لبرامج التواصل الاجتماعي (١٠)
■ تشييع آية الله السيد عادل العلوي قدس سره (٦)

احدث ملفات

العشوائیة

الدروس الحوزوية » خارج الأصول » عام 1442 هـ » خارج أصول 4 جمادي الأولى لسنة 1442 هـ في الفارق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية (56)

قم المقدسة - منتدی جبل عامل الإسلامي - سماحة الأستاذ السید عادل العلوي (حفظه الله) - الساعة التاسعة صباحاً

أصول (56)

4 جمادي الأولى

1442 هـ

الأمر الثاني

الوضع وأقسامه

قال المصنف: الأمر الثاني: الوضع هو نحو إختصاص اللفظ بالمعنى وإرتباط خاص بينهما...

أقول: يقع الكلام في الأمر الثاني في بيان الوضع وأقسامه وذلك من جهات عديدة.

الأولى: في الوضع أي وضع الألفاظ على معانيها من جهة الواضع لغة فيقع الكلام في حقيقة الوضع وماهيته وفي بدو الأمر نشير إلى ثلاثة من أقوال الاعلام في علم الأصول وما يرد على الأقوال من المناقشات، والأوّل للآخوند الخراساني والثاني للمحقق الكمباني والثالث للشيخ الايرواني.

ذهب الآخوند+: إلى أنّ الوضع نحو إختصاص بين اللفظ والمعنى أي إرتباط خاص بينهما نشأ تارة من تخصيص اللفظ بالمعنى وأخرى من كثرة إستعماله فيه، وبهذا يصحّ تقسيمه إلى الوضع التعيّني والتعيني، فإنّ تعيين الوضع ربما يكون بالإستعمال كما يقول رب الأسرة مثلاً عندما يولد له مولود: جئتني بولدي محمد، ولم يسّم من قبل، فبهذا الإستعمال أراد الأب أن يعين إسم المولود،فهذا من الوضع التعيّني، وأمّا إذا كان ذلك بكثرة الإستعمال والغلبة، فإنّه من الوضع التعيني أما المحقق الكمپاني عليه الرحمة فله كلمات ومطارحات:

منها: لم يكن الوضع بمعنى الإرتباط الخاص بين اللفظ والمعنى، بل الوضع إنّما هو بمنزلة شيء داخل بينهما وأنّه من الأمر الإعتباري وليس كوضع شيء على شيء في الخارج حتى يكون له وجود حقيقي بل في الألفاظ المقصود من الوضع هو إعتبار الوضع أي أن اللفظ وضع على المعنى إعتباراً لا كالوضع الخارجي الحقيقي.

وبعبارة أخرى: كما سيأتي بالتفصيل في بحث الطلب إنّه على قسمين: تارة من الطلب الحقيقي الذي فيه الشوق المؤكد الذي يكون باعثاً وسبباً ولحركة الطالب نحو المطلوب والمراد، وأخرى من دون الشوق في نفسه كأن يكون للإختيار كما لو أمر المولى عبده شيء ليختبر مدى إطاعته وإهتمامه بالأمر فينشأ الإرادة إلّا أنها ليست حقيقية بل من الإنشاء عند الإطلاق ينصرف إلى الطلب الحقيقي، وكذلك الوضع فإنّه ليس له وجود حقيقي كوضع شيء على شيء في الخارج كوضع الكتاب على الطاولة، بل هو من الأمر الإعتباري، لأنّ الإضافة بين النفس والمعنى لو كان من قبيل الإضافة الحقيقية لكان له وجود في الخارج حتى تحصل في النفس تبعاً، والحال اللفظ يرتبط بالمعنى حتى لو لم يوجد أو لم تتحقق الإضافة الخارجيّة وسواء تفوّه المتكلم باللفظ أو لم يتفوّه، ومثل هذا الإرتباط لم يكن من الأمور الإعتبارية الذهنية لأنّ الأمور الإعتبارية الذهنية موقوفة على أنّ يُوجد المعتبر في ذهنه شيئاً بإسم الوجود الذهني ولو تصوراً، مثل الكليّة والجزئية فلابدّ من وجود ذهني أوّلاً حتى يتصف بالكليّة والجزئية، وهذا بخلاف ما نحن فيه فانا نرى الإرتباط الإعتباري بين طبيعي اللفظ وطبيعي المعنى، سواء وجد اللفظ أم لم يوجد وسواء وجد المعنى أم لم يوجد ولو قيل توهّماً: إنّ هذا الإرتباط له منشأ إنتزاع في الخارج وبهذا يكون ذاتياً كالوفقية للسطح، فإنّه ولم يكن لها يابه الأزاء في الخارج إلا أنه لها منشأ إنتزاع في الخارج كالملكيّة عند الآخوند عليه الرحمة، فإنّها تنتزع من قول البائع بعثك العين، فإنّه وإن لم يكن له ما به الأزاء في الخارج إلّا له منشأ إنتزاع وهو مقول البائع إيجاباً أو قبول المشتري.

فجوابه: إن الوضع ليس كذلك، فإنّه ليس له ما بالأزاء في الخارج كما ليس له منشأ إنتزاع، فإنّه لا ينتزع من قول الواضع، وضعت اللفظ على المعنى (الوضع) إذ ليس له عنوان اشتقاقي كما كان في الفوقيّة والتحتية . كما لو يكن له منشأ النزاع لعدم الإشتقاق المجوز للحمل فيه، وبهذا يكون من الوضع من الأمور الإعتبارية لا الحقيقية، ويؤيد ذلك أن الفوقيّة لا تختلف بإختلاف الأنظار والآراء، بخلاف الوضع فإنّه يختلف بإختلاف الأنظار، فالإرتباط في اللفظ لا يدخل تحت مقولة، كما ليس له وجود حقيقي، وإلّا لكان له في الخارج ما به الآراء أو يكون له منشأ إنتزاع.

وخلاصة الكلام: إنّ الوضع أمر إعتباري، وأنّه ليس بمعنى وضع الشيء على الشيء في الخارج، وإنّ الإرتباط لازم الوضع.

ونقول: أمّا ادّعاه الأول بأن الوضع أمر إعتباري فهذا ما سنذكره في المستقبل، وأمّا ادعاه أنه ليس من سنخ وضع الحجر على الحجر، فهو كذلك وإلّا لصّح أن يقال: وضع اللفظ على المعنى والحال الصحيح منه أن يقال وضع اللفظ للمعنى.

وأمّا الإرتباط فإن كان معناه أنّه ينتقل من اللفظ إلى المعنى فهذا تابع للعلم بالوضع، وبعد العلم يحصل الإنس بينهما فينتقل المعنى بمجرد اللفظ فهذا يكون من الأمر الحقيقي التابع للعلم بالوضع، فإنّ الإنتقال له وجود حقيقي معلول للعلم بالوضع فتأمل.

وذهب الشيخ الايرواني أن معنى الوضع أن الواضع يدعى أن هذا اللفظ يمين هذا المعنى ولابد فيه من مصحح.

توضيح ذلك:

مقولة الايرواني وجوابه:

ذهب الشيخ الايرواني في (نهاية النهاية): إلى أن الوضع بمعنى أن الواضع يدعي إن هذا اللفظ عين ذلك المعنى فيقول بالعينية بين اللفظ والمعنى بحسب ادّعاء الواضع ولابدّ فيه من مصحح وهو أن يفهم من اللفظ ذلك المعنى فكأنما عند إطلاق اللفظ يحضر المعنى عند السامع والمخاطب، فلابدّ للإدعاء من مصحح كما ذكر، فحقيقة الوضع هو ادعاء العينية بشرط المصّحح، وإنّما ذهب إلى هذا بعد البناء على أن الدلالة في الألفاظ ذاتية ولا تفتقر إلى الوضع ومعنى الدلالة الذاتية أن ذات اللفظ يدل على ذات المعنى وإنّما نحتاج إلى الوضع لتعين المقصود والمراد من اللفظ والمعنى، فعند إطلاق اللفظ كأنما يأتي عين المعنى وذاته في ذهن السامع، ولا يخفى أن باب العينية باب واسع، والمصحح للعينية غرض الواضع.

ويدل على ذاتية الألفاظ للمعاني أنه يستعمل في المعنى ولو لم يكن له معنى كما في استعمال المهمل كديز والأخبار عن ديز بأنه مهمل كقولنا (ديز مهمل) وهذا يدل على أنه معنى حمل عليه الإهمال.

ونقول في جوابه: لم يفهم كيف يكون (ديز مهمل) شاهد على مدّعاه من الذاتية بين الألفاظ والمعاني فإنّ مراد الواضع هو التفهيم والتفهّم بالوضع أولاً، وإن لم يكن فبالقرائن، فقولنا (ديز مهمل) إنّما صحّ بقرينة المحمول أي المهمل بأنّه أريد منه النوع فنوع (ديز) يكون مهملاً.

ثم العقل يحكم ويدل على أن المتكلم العاقل الحكيم حين صدور فعل منه لابدّ له من غرض ومن كلامه نفهم أنه أراد المعاني بألفاظه الدالة على ذلك، وهذه دلالة عقليّة.

وأمّا كون الدلالة ذاتية بأن أريد معنى خاص من لفظ خاص فلم يكن كذلك كما لم يكن لفظ (المهمل) عين لفظ (ديز) وإلّا لزمت العينية في الاعلام أيضاً والحال ليس لفظ زيد عين معناه.

وإذا قيل بالعينية في أسماء الله سبحانه وينزل منزلتها أسماء الأجناس كذلك فجوابه أنه في أسماء الله توفيقيّة فلا يصح دعوى العينية فيها مقولة النائيني وجوابه:

ثم ذهب المحقق النائيني إلى أن تعين اللفظ على المعنى وإن كانت بالدلالة إلّا أنه بالوضع وبالذات معاً وليس بأحدهما فقط، على أن اللفظ الدال على معنى في اللغة لابدّ له من مناسبة واقعيّة بينهما، وأنها ربما تكون مجهولة عندنا، إلّا أنه مجرد المناسبة لا يكفي في الدلالة وإلّا لما جهل أحد معنى اللفظ ولا أنكر أحد لغة أحد، فلابدّ حينئذٍ بعد القول بالمناسبة والتي نسميها بالدلالة الذاتية من الوضع أيضاً في هذا التعيين.

والوضع إنّما هو من فعل الله سبحانه لا من البشر وإنّما كان إبلاغه إلى الناس بالإلهام وهو الحد الوسط في الوضع ما بين الأحكام الشرعيّة، فإنّها بجعل من الله إلّا أن إبلاغها بإنزال الكتب وإرسال الرسل وبعث الأنبياء، وفي الوضع بإلهام بما في جبلّة الإنسان، فإنّه يدرك بجبلّته وغريزته الجوع والعطش وكذلك يدرك الوضع، فكان الوضع الحد المتوسط ما بين إرسال الرسل وبين الأمور الجبليّة.

وإنّما قلنا بأنّ الواضع هو الله سبحانه لأنّه لو إحتمل أن يكون غيره لبان، والحال نقطع بعدم ثبوت ذلك في التواريخ بأن شخص أو أشخاص تصدّوا لتأسيس لغة ووضعها الخاص، ولا يكون ذلك عادة لكثرة المعاني.

ونقول في جوابه: أنه لم يذكر شاهداً على أنّه لابدّ من المناسبة بين الألفاظ والمعاني والظاهر أنه يبتني على قاعدة قبح الترجيح بلا مرجح وهو غير تام بدليلين:

الأول: إنّه يكفي في تحقق الغرض في الوضع أن لا يكون قبحاً في وضع لفظ على معنى، وإذا حصل القرض الكلّي في الوضتع فإنّه يكفي في تعيين اللفظ للمعنى.

الثاني: القبيح أو المستحيل في الترجيح بلا مرجح هو وجود المعلول من دون علّة، وأمّا دون ذلك من الترجيح بلا مرجح فلا ضير فيه.

وأمّا قوله لم يكن يثبت في تاريخ وجود واضع للغة فجوابه: إنّ الوضع كان قبل التاريخ ثم كمل بمرور الزمان كما أن المخترعات الأخيرة وضعت ألفاظها من قبل مخترعيها أو كثرة إستعمال الناس ولم يكن وضعها من قبل الله سبحانه، فكان تكامل اللغة بحسب القرون المتتاليّة.

مقولة المحقق النهاوندي  في الوضع وجوابه:

ذهب المحقق النهاوندي إلى أن الوضع من قبيل التعهد، فهو مثل العقود وأنه تعهّد وإتفاق وقع بين الناس على أنّه متى أراد شخص المايع السائل بالطبع الرافع للعطش فاقد اللون والطعم والرائحة، فإنّه يطلق عليه لفظ الماء في اللغة العربية، كما يطلق عليه (آب) في اللغة الفارسية و(سو) في اللغة التركيّة وهكذا باقي اللغات المتّداولة في العالم، ومثل هذا التعهد الجماعي لا يختص بشخص خاص بل يتبع لأهل اللّغات فإنّ أهل كل لغة يتعهدون فيما بينهم بوضع ألفاظ على معان، وكان هذا التعهّد والقرار والتصميم من القدماء والسابقين فلحقهم المتأخرون واللاحقون في وضعهم وتعهّداتهم، فالواضع من كان سابقاً كمن يجدّد بناء المسجد بعد بناءه الأول فإنّه يسمى بإسم المعمار الأول وإن كان الثاني سبباً في حفظه وعدم إنهدامه في مقام البناء والتعمير.

ولا يخفى أنّ السابقية ومن كان أولاً في الوضع وكذلك إنسباق المعنى من اللفظ لم يكن من الدلالة الوضعيّة، بل من أجل أن المقام مقام الإفهام والتفهيم، فما يسمعه السامع من كلمات من إصكاك حجر أو من البغبغاء مثلاً ليس من الإنسباق بين اللفظ والمعنى بل من الخواطر وذلك من أجل الأنس المتبلور بين اللفظ والمعنى، وهذا نتيجة التعهد السابق بين الناس كل بحسب لغته وثقافته.

وجوابه: إنّه يلزم قوله عند سماع لفظ الماء من البغضاء لا ينتقل إلى الذهن معنى الماء، لأنّ إرادة التفهيم إنّما يوجب الإنتقال دون غيرها، والحال ما يشهد عليه الوجدان خلاف ذلك لكون ذات المعنى مع لفظه كان مأنوساً في الذهن ويوجب الإنتقال مطلقاً، فلو كان التعهد ملاك الوضع للزم أن يكون الإنتقال من اللفظ إلى المعنى عند إرادة التفهيم دون ما نسمعه من البغبغاء مثلاً، وهذا خلاف ما يشهد عليه الوجدان، فإنّه ننتقل من لفظ الماء إلى السائل الخاص مطلقاً سواء قصد التفهيم أو لم يقصد.

المختار في ماهية الوضع:

إذا لم يكن الوضع إلهاماً ولا تنزيلاً ولا تعهداً فما هو حقيقته إذن؟

نقول في الجواب: إنّ الوضع عبارة عن التعين على نحو العلامة كعلامة السحاب السوداء على المطر فهذه من العلامات التكوينية والوضع من العلامات الجعليّة البنائية أي ما يتبناه العقلاء في محاوراتهم وسلوكهم على أنه متى ما اُطلق لفظ الماء مثلاً، فإنّه يراد به معناه الخاص عند إرادة التفهيم كما هو المتعارف في محاوراتهم، وربنا هدى الناس إلى ذلك (فخلق فهدى) بأنّ اللفظ علامة لوجود المعنى في مقام التفهيم.

ثم الإستعمال يعني إتيان العلامة في مقام التفهيم، فكان حقيقة الوضع التعين إلّا أنه ليس تكوينيّاً، بل من باب العلامة المتبناة عند العقلاء في محاوراتهم.

لا يقال هل هذا إلّا التعهد المزعوم، فإنّه نقول بالفرق بين التعهد وما هو المختار من التعين كالعلامة، فإنّه في التعهد كان إرادة التفهيم من الموضوع له بخلاف التعين فإنّه داخل في الغرض فتدبّر.

ارسال الأسئلة