أصول (53)

28 ربيع الثاني

1442 هـ

المقصود من الأدلة الأربعة في موضوعية علم الأصول

ذهب المشهور ـ كما مر ـ أنّ موضوع علم الأصول عبارة عن الأدلة الأربعة بوصفها الدليلي، أن المراد من الكتاب ليس كل آيات القرآن الكريم بل المقصود خصوص آيات الأحكام التي تبلغ خمسمائة ونيف من الآيات الكريمة على ما هو المعروف، كما أن المراد من العقل حكمه المستقل، فإنّه تارة يحكم العقل بعد حكم الشارع المقدس كحكمه بالموافقة القطعية بعد العلم بالحكم الشرعي فيحكم بوجوب الإطاعة، ومثل هذا الحكم العقلي ليس من موضوع علم الأصول، وأخرى يستقل العقل في حكمه من دون أن يلاحظ الحكم الشرعي، وإذا حكم الشارع فإنّه يكون حكمه حينئذٍ ارشادي إلى حكم العقل لا من الحكم المولوي كوجوب إطاعة الله سبحانه كما في قوله تعالى (اطيعوا الله) فإنّه العقل يحكم بذلك ثم كرّر الأمر بالإطاعة فقال (وأطيعوا الرسول) ليكون الثاني من الحكم الشرعي كما يحكم العقل به.

أيضاً، فالعقل لوحكم مع قطع النظر إلى حكم الشارع كحكمه بقبح الظلم وحسن العدل وإذا حكم الشارع بهما سيكون من الحكم الإرشادي والتأكيدي للحكم العقلي، وحكما حكم العقل بقبحه بمعنى مذّمته على الفعل حكم الشرع أيضاً بحرمته، للملازمة بينهما ولو تمت لو صلنا إلى الحكم الشرعي أيضاً، فمثل هذا الحكم يسمى بالحكم العقلي المستقل كما يسمى بالمستقلات العقليّة، ومثل هذا العقل يكون من أدلة الإستنباط ومن موضوع علم الأصول وإذا حكم العقل بحكم تبعاً للحكم الشرعي فمثل هذا خارج عن علم الأصول بحثاً وموضوعاً.

وأمّا الإجماع فإنّه من موضوع علم الأصول لو كان كاشفاً عن قول المعصوم× كما في مدرسة أهل البيت^.

وأمّا السّنة فمحل الكلام فيه فيما لو قال المعصوم× بكلام وللكلام ظهور بعد صدوره القطعي أو الإطمئناني فهل ظواهر قوله حجة كظواهر قول الله سبحانه في كتابه الكريم، فهذا من مباحث علم الأصول، وأمّا قوله× بمعنى علمه ورأيه وأنّه من علم الله سبحانه فهذا من مباحث علم الكلام والعقائد.

وإذا قيل بناء على ما ذكر يلزم خروج مباحث حجيّة خبر الثقة عن علم الأصول إذا كان المبحث عن أحوال الخبر والمخبر لا عن السّنة؟

فجوابه: إنّ السنة بمعنى إنتسابها إلى المعصوم عليه السلام سواء تفّوه بذلك أو ينقل عنه خبراً كقول زرارة سمعت المعصوم× يقول كذا وكذا، فالمراد من السنة إنتسابها إلى المعصوم حقيقة ومباشرةً أو حكايةً ومع الواسطة، وحينئذٍ البحث عن حجيّة خبر الثقة وكذا في تعارض الخبرين بحث عن السنة أيضاً.

ثم المصنف الآخوند عليه الرحمة يذهب إلى خروج بحث حجيّة الخبر الثقة عن موضوع علم الأصول لو كان المراد من السنة قول المعصوم عليه السلام وبمفاد كان التامة، ولكن لو كان المراد ما هو أعم فإنّه يدخل في علم الأصول إلّا أنّه يبقى الاشكال في عدم جامعية ذلك في بعض المباحث الأصولية كالبحث عن صيغة افعل هل يدل بظاهره على الوجوب، فإنّ مثل هذا المبحث يعدّ عاماً ولا يختص بكتاب الله أو السنة الشريفة، فيكون من العوارض الغريبة بالنسبة إلى الموضوع في علم الأصول، فإنّه ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة بلا واسطة في العروض، إلّا أنّه بناء على ما ذكره من المبني في إتحاد موضوع كل علم مع موضوعات مسائله عيناً وخارجاً، فإنّ البحث عن صيغة افعل عين الصيغة التي في الكتاب أو السنة، وبهذا يدخل البحث عن الصيغة حينئذٍ في موضوع علم الأصول أيضاً.