فقه (50)

9 ربيع الثاني

1442 هـ

العاشر: أن تضع المرأة يدها على فخذيها فوق الركبتين.

أقول: من المعلوم أنّ الأحكام الشرعية منها ما يشترك فيها الرجل والمرأة لقاعدة الإشتراك في الأحكام الشرعية سواء التكليفية أو الوضعية إلّا ما خرج بالدليل لما يتناسب مع خلق المرأة وخلق الرّجل من حيث الجسد ومن حيث الميول والرغبات والعواطف والأحاسيس والغرائز كما هوثابت في محله، كما أنّ الله حكيم فخلق وأحسن خلقه ثم هدى كل بما يتناسب مع خلقه.

وفي المقام في ركوع المرأة أنه يستحب لها أن تضع يديها على فخذيها فوق ركبتيها.

ولا يخفى أنّ مثل هذه الأحكام الخاصة يتناسب مع رعاية جانب الحياء في المرأة أكثر من الرجال، فإنّ المرأة كلّها عورة كما أنّ جسمها من العنصر اللّطيف، وإنّ مفاتن جسدها أن لم تحجب بحجاب، فإنّه يجرّ المجتمع إلى الفساد والإفساد، ومن ثم أمر الله المرأة بالحجاب كما في سورة النور، وإن موسى الكليم رضي بمهر بنت شعيب بأن يخدم عشر سنوات، لأن اختياره لزوجته لم يكن لما لها أو نسبها وحسبها أو جمالها، بل لحياتها ﴿تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾.

وإذا كان في الركوع يستحب للرجل أن يضع يديه على ركبتيه ويفتح جناحيه، فإنّ المرأة يستحب لها أن تضع يديها على فخذيها فوق الركبتين من دون تجنيح حتى يقل من إنحنائها، والعاقل تكفيه الإشارة.

الوسائل: باب 18 من أبواب الركوع: باب إستحباب زيادة الرجل في إنحناء الركوع بغير إفراط، وأن يجنح بيديه، وعدم إستحباب ذلك للمرأة وفي الباب 6 روايات.

وفي حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: المرأة إذا قامت في الصلاة جمعت بين قدميها وتضم يديها إلى صدرها لمكان ثدييها، فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلا تطأطأ كثيراً فترتفع عجيزتها: الحديث: 2).

الحادي عشر: تكرار التسبيح ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً، بل أزيد.

أقول: لقد مرّ هذا الحكم الإستحبابي أمّا الثلاث فكما في صحيحة زرارة وصحيحة حمّاد كما مرّ، وأمّا الخمس فذهب صاحب الجواهر إلى عدم الوقوف فيه على نصّ معتبر غير ما جاء في الرضوي حيث فيه: (ثلاث مرات، وإن شئت خمس مرات وإن شئت سبع مرات) (إن شئت التسع فهو أفضل) (مستدرك الوسائل باب 4: من أبواب الركوع الحديث: 2).

كما يدل عليه ما ورد في أن يكون الذكر بالوتر لا بالشفع.

وأمّا السبع فقد تضمنها صحيحة هشام بن سالم قال عليه السلام به (والفضل في سبع) (مستدرك الوسائل باب 4 من أبواب الركوع ح1) وأمّا الزيادة على ذلك وإلى ستين وقد تقدم في المسألة الحادية عشر كما دلّت على ذلك الروايات التي ترجح وتجنّد إطالة الركوع والسجود، وإطالتهما بإطالة الأذكار والتسبيحات فيها كما في موثقة سماعة: (ومن كان يقوى على أن يطوّل الركوع والسجود فليطول ما استطاع، ويكون ذلك في تسبيح الله وتحميده وتمجيده والياء والتّضرع، فإنّ أقرب ما يكون العبد إلى ربّه وهو ساجد) (الوسائل: باب 6 من أبواب الركوع الحديث: 4) ونحوها غيرها، وقد سمع من الصادق عليه السلام ستون تسبيحة في ركوعه وسجوده كما في صحيحة أبان بن تغلب كما مرّ (الوسائل: باب 6 من أبواب الركوع الحديث: 1) وقد تقدم من الذكرى ما يمنع من منافاة الصحيحة المذكورة لإستحباب الإيثار فراجع.

الثاني عشر: أن يختم الذكر على وتر.

أقول: لقد مرّ الكلام تفصيلاً في أنه يستحب أن يكون ذكر الركوع والسجود بالوتر وإن الله فرداً ووتراً ويحبّ الوتر، كما مرّ جمعاً بين الأخبار الدالة على الوتر وصحيحة أبان بن تغلب الدالة على الستين بعدم المنافاة وتوجيه ذلك وراجع الوسائل (باب 6 من أبواب الركوع باب إستحباب الأكثار من تكرار التسبيح في الركوع والسجود والإطالة فيهما، مهما إستطاع حتى الإمام مع إحتمال من خلفه للأطالة، وفي الباب 8 روايات.

ومن الروايات التي فيها الجانب العبادي والأخلاقي والقرب من الله سبحانه وتعالى الرواية الخامسة من الباب: صحيحة زرارة أو حسنته محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أيه عن إبن أبي عمير عن جميل بن درّاج عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله  عليه السلام  يقول ثلاثة إن تعلمهنّ المؤمن كانت زيادة في عمره وبقاء النعمة عليه، فقلت: وما هنّ؟ فقال: تطويله في ركوعه سجوده في صلاته، وتطويله لجلوسه على طعامه إذا طعم على مائدته ـ فإذا كان ضيفاً فيراعي المقام ـ واصطفاه المعروف إلى أهله.

والكلام في هذا المجال في تربيةالأسرة على ضوء القرآن والعترة كثير وكثير.

وفي الرواية السابعة في الباب: أحمد بن محمد بن البرقي في (المحاسن) عن أحمد بن محمد عن علي بن حديد عن إبن إسامة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: عليكم بتقوى الله ـ إلى أن قال ـ وعليكم بطول الركوع والسجود، فإنّ أحدكم إذا أطال الركوع والسجود هتف إبليس من خلفه وقال: يا ويلتا أطاعوا عصيت، وسجدوا وأبيت.

ولا يخفى كما هو ثابت في عمله أن أهم عوامل الضلال: ثلاثة: اتباع الهوى،وحبّ الدنيا، والشياطين من الجنّ والإنس، فتدبر ولا تغفل.

الثالث عشر: أن يقول قبل قوله: (سبحان ربي العظيم وبحمده) (اللّهم لك ركعت، ولك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وأنت ربي) خشع لك سمعي، وبصري، وشعري،وبشري، ولحمي ودمي ومخي وعصبي وعظامي، وما أفلت قدماي، غير مستنكفٍ ولا مستكبر ولا مستحسر.

أقول: ما ذكره المصنف في المثنى يطابق ما ورد في صحيحة زرارة على ما في نسخة الجواهر إلّا أنه يخالفه يسيراً ما في نسخة الوسائل كما سبق فقيها (خشع لك قلبي) وهذا ما أشار إليه سيدنا الحكيم قدس سره في (مستمسكه: 6: 327).

الرابع: عشر: أن يقول بعد الإنتصاب: (سمع الله لمن حمده) بل يستحب أن يضم إليه قوله: (الحمد لله ربّ العالمين، أهل الجبروت والكبرياء والعظمة، الحمد لله رب العالمين) إماماً كان أو مأموماً أو منفرداً.

أقول: أما قولك (سمع الله لمن حمده) بعد رفع الرأس من الركوع وبعد الإنتصاب والقيام والإستقرار فهذا ما دلّ عليه صحيحة حماد كما مرّت، وأما ضمّ الدعاء المذكور إليه، فهذا ما ورد في صحيحة زرارة كما تقدم في المورد الثالث من مستحبات الركوع أمّا أنّه لا فرق في ذلك بل بين الإمام والمأموم وبين وبين الجماعة والإنفراد، فيدل عليه إطلاق الأدلة الواردة في المقام وللحديث صلة إن شاء الله .