فقه (25)

1 ربيع الأول

1442 هـ

عطفاً على ما سبق: فيمن كان كالراكع خلقة أو لعارض فالمسألة ذات صور كما مرّ جملة منها وبقيت الصورة الأخيرة وهي: إن لم يتمكن من الزيادة في الركوع أو كان على أقصى مراتب الركوع بحيث لو إنحنى أزيد من ذلك خرج عن حدّ الركوع الشرعي ودخل في الركوع اللغوي أو العرفي وإن قصد به الركوع كان من البدعة الضّالة وادخال ما ليس من الدين في الدين.

فذهب المصنف إلى أنّ الأحوط وجوباً له الإيماء بأن يومئ برأسه إنخفاظاً ثم يرفعه قليلاً بقصد القيام كما عن كشف الغطاء.

والوجه في ذلك: لاحتمال دخولالفرض والصورة فيمن لا يمكنه الركوع، وقد جعل له الإيماء بدلاً عنه.

وأورد عليه: بضعف هذا الإحتمال والقول إذ أنّ دليل البدلية في الإيماء يختصّ بمن لا يمكنه الركوع أصلاً، فلا إطلاق ولا عموم فيه حتى يعمّ الفرض المذكور.

ومع الشك في التكليف بالإيماء فإنّ مقتضى أصالة البراءة عدم وجوبه، كما إقتضى ذلك في الصورة السابقة من عدم وجوب الإنحناء اليسير زيادة على ما هو عليه من الركوع الخلقي أو لعارض، وهذا ما ذهب إليه سيدنا الحكيم قدس سره في مستمسكه: (6: 315) إلّا أنّ سيدنا الخوئي قدس سره ذهب إلى أنه لا ينبغي الشك في تعيّن الإيماء في حقه، فلا مجال لأصالة البراءة حينئذٍ لأنّ المفروض عدم تمكّنه من الإنحناء الزائد كي يحتمل وجوبه وعند الشك يقال بأصالة البراءة.

وأمّا مقالة صاحب الجواهر ومن قبله ومن بعده من أنه ينوي الركوع ببقائه على هذه الحالة كما في الصورة السابقة لعدم الدليل على وجوب الإنحناء الزائد فيما إذا تمكن منه أو إذا لم يتمكن أو لو إنحنى أزيد لخرج عن حدّ الركوع، والأمر بالركوع البقائي ليس من تحصيل الحاصل حتى يكون الأمر به لغواً، لإمكان هدم تلك الهيئة الركوعية بالجلوس ونحو ذلك، فيؤمر بالبقاء على تلك الهيئة ويقصد بذلك الركوع الشرعي المأمور به في الصلاة، إنّما يتم كلامه بعد تقوته على أمرين كما مرّ تفصيلهما أوّلاً: ان صدق الركوع الشرعي هو عبارة عن نفس تلك الهيئة الخاصة وأمّا الهوي والإنحناء بمراتبه فإنّه من المقدمات العقلية الصرفة.

والثاني: ان المأمور به في الركوع هو الأعم من الحدوثي والبقائي فلا مانع من قصد الركوع على تلك الهيئة بقاءً إلّا أن كلا الأمرين قابلان للنقاش والردّ كما مرّ.

وعليه: الأقوى إحداث قول ثالث في المسألة وهو سقوط الركوع عند معجزه والإنتقال إلى بدله وهو الإيماء لإطلاق أدلته فيؤمئ برأسه إن أمكن إلّا فبالعينين ومع العجز عنهما ينوي بقلبه، والأحوط في المقام أن يجمع بين الإيماء وبين زيادة الإنحناء ويقصد بأحدهما ما هو الركوع المأمور به في حقّه وما هو تكليفه في الواقع، ويقع الآخر لغواً من دون ضرر وهذا قول جامع بين الأقوال وأمّا في الصورة الأخرى فلا ينبغي في الشك والاشكال في تعين الإيماء في حقه تمسكاً بإطلاق بدليته عند العجز عن الركوع فتأمل ثم إن عجز عن الإيماء الرأسي فإنّه ينتقل إلى مرتبته الثاني من غمض العينين وفتحاً للرفع وإن عجز لمن ذلك أيضاً فإنّه ينتقل إلى البدل لا خير من قصد الركوع في قلبه ويأتي بالذكر الواجب.

وأمّا آراء الاعلام في المسألة: (العروة الوثقى والتعليقات عليها: 7: 285).