فقه (90)

9 شوال

1441 هـ

عطفاً على ما سبق في بيان السور المخصوصة التي يستحب قراءتها في الفرائض وكان الكلام في مقامات وقد مرّ المقام الأوّل وهو ما يتعلق بالصلوات اليومية في كل الأيام، وأمّا المقام الثاني: قال المصنف قدس سره! (وقراءة سورة الجمعة في الركعة الأولى، والمنافقين في الثانية في الظهر والعصر من يوم الجمعة).

أقول: هذا هو المشهور وإدعى عليه السيد المرتضى قدس سره في الإنتصار الإجماع والعمدة ما في صحيحة زرارة عن الإمام الباقر× في حديث طويل:

1 ـ الشيخ الصدوق في علل الشرايع عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن حمّاد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل يقول: إقرأ سورة الجمعة والمنافقين، فإنّ قراءتهما سُنّة يوم الجمعة في الغداة والظهر والعصر، ولا ينبغي لك أن تقرء بغيرهما في صلاة الظهر يعني يوم الجمعة إماماً كنت أو غير إمام.

2 ـ وفي (الخصال) بإسناده عن علي عليه السلام في حديث الأربعمأة قال: القنوت في صلاة الجمعة قبل الركوع ويقرء في الأولى: الحمد والجمعة وفي الثانية الحمد والمنافقين.

3 ـ وفي مرفوعة حريز وربعي عن أبي جعفر×: إذا كان ليلة الجمعة يستحب أن يقرء في العُتمة سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون وفي صلاة الصبح مثل ذلك، وفي صلاة الجمعة مثل ذلك وفي صلاة العصر مثل ذلك.

4 ـ وفي خبر رجاء إبن أبي الضحاك عن الرضا عليه ال سلام: إنه كانت قراءته في جميع المفروضات في الأول الحمد (إنا أنزلناه) وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد، إلّا في صلاة الغداة والظهر والعصر يوم الجمعة، فإنّه كان يقرأ بالحمد وسورة الجمعة والمنافقين.

هذا ولكن المحقق الأوّل قدس سره في شرايعه نسب إلى بعض القول بوجوب الجمعة والمنافقين في الظهرين أي في الظهر والعصر وذلك من باب الغلبة فقال: (ومنهم من يرى وجوب السورتين في الظهرين وليس بمعتمد).

وأورد عليه: أنه لم يعرف من قال بوجوبهما في العصر، فإنّ المحكي عن الشيخ الصدوق قدس سره هو الظهر دون العصر، بل صرّح بعدم وجوبهما في العصر، ولهذا أنكر من تأخر عن المحقق على ما حكاه في معتبره من نسبة القول إلى الصدوق.

ولكن أورد على الإيراد كما في الجواهر: أوّلاً: أن المحكي عن بعضي نسخ المعتبر المعتبرة عدم هذه النسبة إلى الصدوق.

وثانياً: ربما في الشرايع أراد غير الصدوق، وعليه لا يتم الإنكار عليه حينئذٍ.

وثالثاً: وربما أراد بالظهرين فيه الجمعة والظهر وإن كان هذا المراد بعيداً، والأمر سهل، والمقصود أن هذا القول سواء كان للشيخ الصدوق أو لغيره فإنه غير معتمد عليه إذ لم يعرف له وجه ولا دليل عليه، وعدم الدليل دليل العدم.

ولكن ذهب بعض الأعلام المعاصرين إلى أنّ ظاهر عبارة الصدوق بالأمر بإعادة الصلاة لو نسيهما أو أحدهما في الظهر من يوم الجمعة ممّا يدل على الوجوب، وربما الوجه في ذلك لما ورد في بعض النصوص من الأمر بقراءة الجمعة والمنافقين في يوم الجمعة كما في مصححة الحلبي أو حسنته: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم عن إبن أبي عمير عن حمّاد عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام الجمعة إذا صليت وحدى أربعاً أجهر بالقراءة؟ فقال: نعم، وقال: إقرء سورة الجمعة والمنافقين في يوم الجمعة، محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن يعقوب مثله، وبإسناده عن سعد عن محمد بن الحسن بن أبي الخطاب عن جعفر بن بشير بن حماد بن عثمان وذكر الحديث الذي قبله.