فقه (54)

28 ربیع الثاني

1441 هـ

مسألة 47: إذا إنقطع نَفَسه في مثل الصراط المستقيم بعد الوصل بالألف واللام وحذف الألف، هل يجب إعادة الألف واللام بأن يقول: (المستقيم) ويكفي قوله مستقيم؟ الأحوط الأول، وأحوط منه إعادة الصراط أيضاً وكذا إذا صار مدخول الألف واللّام غلطاً، كأن صار مستقيم غلطاً، فإذا أراد أن يعيده فالأحوط أن يعيد الألف واللام أيضاً بأن يقول: (المستقيم) ولا يكتفي بقوله: (مستقيم) وكذا إذا لم يصح المضاف إليه، فالأحوط إعادة المضاف، فإذا لم يصح لفظ المغضوب فالأحوط أن يعيد لفظ غير أيضاً.

أقول: من أحكام القراءة الصحيحة في الصلاة، ويشترط في صحة القراءة أوّلاً: رعاية مادة وهيئة الكلمات والحروف.

وثانياً: إعتبار الموالات بين الآيات والكلمات الحروف، ومن باب تناسب الحكم مع الموضوع، فرعاية الولاة ستكون كل مورد بحسبه من حيث ضيق دائرة الموالاة وسعتها، وبطبيعة الحال دائرة الموالاة بين الآيات أوسع من دائرة الموالات بين الكلمات بحسب الطبيعة والصدق العرفي، كما أنّ دائرة الموالات في الحروف اضيق من دائرة الموالاة بين الكلمات، وحينئذٍ يبتني على ذلك فيمن أخلّ بالموالاة بين الحروف، ويضرب المصنف لذلك بأمثلة منها:

1 ـ لو إنقطع نفسه في مثل (الصراط المستقيم) بعد أن وصل طاء الصراط مع الألف واللام من المستقيم مع حذف الألف لأنّ الميم من الحروف الشمسية، فهل يجب عليه حينئذٍ أوّلاً: أداء الكلمة مع أداة التعريف، وثانياً: الأوّل مع إعادة الموصوف وهو الصراط أيضاً، وثالثاً: إعادة الأولين مع إعادة الفعل وهو (إهدنا).

في المسألة وجوه: وترجع إلى إعتبار الهيئة الإتصالية والموالاة بين الآيات أوّلاً، والكلمات ثانياً، والحروف ثالثاً، وكل شيء يحسبه وبحسب الصّدق العرفي كما مرّ تكراراً ومراراً.

وعليه: لابدّ من إعادة أداة التعريف من الألف واللّام، وإلّا لزم الفصل بين أجزاء الكلمة الواحدة فلا يقول في الصورة الأولى (مستقيم) بل يقول بعد قطع النَفس والإعادة (المستقيم) لأنّ لام التعريف يعدّ عرفاً ولغةً جزءاً من الكلمة، فتفوت معها الموالاة المعتبرة بين أجزاء الكلمة الواحدة.

نعم لو كان الفصل يسيراً جداً بنحو لا يخلّ بالهيئة الإتصالية المعتبرة في الكلمة عرفاً فلا يبعد عدم البأس بإتيان (مستقيم) من دون إعادة الألف واللام.

ويجري حكم الإعادة فيما لو كان مدخول الألف واللام غلطاً، كأن صار مستقيم غلطاً، فإذا أراد أن يعيده فإنّه يعيد الألف واللام أيضاً: بأن يقول: (المستقيم) ولا يكتفي بقوله: (مستقيم).

هذا في الصفة والموصوف وكذا يجري الحكم في المضاف والمضاف إليه فيما إذا أخلّ بالمضاف من حيث الهيئة لإتصافية والوالاة بين الحروف أو في المضاف إليه، كما لو أخل في (غير المغضوب) أمّا في غير فيعيدها مع المغضوب أو في المغضوب فيعيدها مع (غير).

والأحوط في كل الصور إعادة الموصوف أيضاً فيقول (الصراط المستقيم) كما في إعادة المضاف لو أخل بالمضاف إليه وكذلك العكس لأنّ الصفة والموصوف والمضاف والمضاف إليه يعّدان في العرف في حكم الكلمة الواحدة، لما بينها من شدة الإرتباط، فالاخراج بأحدهما إخلال بكليها فتأمل.

ثم الأكثر إحتياطاً أن يعيد الفعل أيضاً في (الصراط المستقيم) فيقول: (إهدنا الصراط المستقيم) وربما الوجه في ذلك لاعتبار الإتصال بين الفعل ومتعلقاته عرفاً.

وفي هذه الصور من الإعادات سواء في الصفة والموصوف أو المضاف (المضاف إليه) والفعل ومتعلقه إنّما يقصد الجامع بين الجزئية والقرآنية على الأحوط كما هو المختار.

وقيل: لا يحتاج إلى إعادة (إهدنا) وإن كان يجري عليه أحكام الدرج من حذف الألف عند الوصل بالصّراط، إلّا أنّ أحكام الدرج لا يتوقف اجراؤها على الدرج بالقرآن، بل أعم من ذلك فلا يعدّ من شرائط صحة القراءة في الصلاة أو في القرآن، فتأمل.

ثم في إعادة الموصوف في قوله (الصراط المستقيم) إختلف العلمان المعاصران في وجه ذلك:

فذهب سيدنا الحكيم قدس سره ان إعادة (الصراط) ليس من جهة الهيئة الاتصالية كما سبق، إذ الوصل بالمفرد الغلط لا يوجب فوات هيئة الموصول، بل لأنّه لو إقتصر على المستقيم للزم الفصل بالأجنبي بين الموصوف وصفته، إلّا أن يبني على جوازه في ضرورة الغلط بأنّه يجوز عند الضرورة فيما لو غلط إضطراراً كما هو الظاهر بأنّه يجوزأن يعيد الصفة أي (المستقيم) فقط.

ومع الشك في إعادة الموصوف فإنّه من الشك التكليف وهو مجري أصالة البراءة فلا يجب عليه الإعادة.

وكذا الحال في المضاف والمضاف إليه، فإنّه لا حاجة إلى إعادة المضاف إذا جاء بالمضاف إليه غلطاً بل يعيد المضاف إليه فقط إذا الفصل به لا يقدح لغة في الهيئة الإتصالية المعتبرة بين المضاف والمضاف إليه^([1]).

وأمّا سيدنا الخوئي قدس سره فيرى الصف والموصوف والمضاف والمضاف إليه في حكم الكلمة الواحدة لما بينهما من شدّة الإرتباط فالإخلال بأحدهما تارح بكليها، لا لكون تكراره منفرداً من الفصل الأجنبي ـ كما عند الله الحكيم ـ لعدم كون الكلمة المعادة أجنبية، بل لإحتمال الإخلال بالهيئة الاتصالية كما عرفت ولذا كان التكرار أحوط، فتأمل فما ذكره مجرد الكمال ومن الإستحسان الظني والله العالم.