فقه (49)

21 ربيع الثاني

1441 هـ

عطفاً على ما سبق فيمن أخلّ بشيء من الكلمات أو الحروف في مادة القراءة من الحمد والسورة كمن يبدل حرفاً بحرف وكذلك لو أخلّ بهيئة القراءة كما لو أخلّ بحركة بناء أو إعراب أو مد واجب أو تشديد أو سكون لازم، وكذا لو أخرج حرفاً من غير مخرجه بحيث يعد عن عرف العرب غلطاً وخارج عن صدق ذلك العرف فإنّه في كلّ هذه الموارد والصور يقال ببطلان صلاته لو كان الاخلال عن علم وعمد، لأنّ الاخلال سواء في المادة أو الهيئة يوجب خروج القرآن عن كونه القرآن المنزل الذي يشترط في الصلاة فيدخل في الزيادة العمدية المبطلة كما يدخل في كلام الآدمي كما مرّ في نظائره وهذا ما ذهب إليه المشهور وأدعى عليه الإجماع بقسميه المحصّل والمنقول، وعن المنتهى بلا خلاف وعن فوائد الشرايع ولا نعرف فيه خلافاً.

ولكن عن السيد: جواز تغيير الاعراب الذي لا يتغير به المعنى، وأنّه مكرره ولا يوجب البطلان، إلّا أنّه في كشف اللثام قال وضعفه ظاهر لما ذكر من الوجه من أنّه من الزيادة العمدية المبطلة فيما لو كان مع العلم والعمد وأنّه من الكلام الأولي في الصلاة الموجب للبطلان هذا فيما لو أخل بالمادة أو الهيئة عالماً، ومتعمّداً، أما مع السهو فإنّه إنّما بطل الكلمة خاصة دون الصلاة فتصح القراءة مع التدارك حينئذٍ وخلاصة الكلام: أنّ الاخلال العمدي يوجب بطلان الصلاة أوّلاً: في الإخلال بالمادة بتغير كلمة أو بتبديل حرف بحرف .

وثانياً: في الاخلال بالهيئات بتغيير الترتيب الحرفي بتقديم وتأخير كتغيير الحمد بالمدح كما يقول بدلاً عن (الحمد لله) (المدح لله) وإن كان المعنى متحداً.

وثالثاً: في الإخلال في حركات الكلمة مطلقاً من أولها أو آخرها أو وسطها فيما إذا كانت مبنية ويعبر عنها بالحركات اللازمة فهذا أيضاً من التغيير في القرآن المنزل فيوجب الاخلال به متعمداً بطلان الصلاة وسهواً بطلان الكلمة.

ورابعاً: في الإخلال في الحركات غير اللازمة كالاعراب وهنا يقال بالتفصيل بين ما يكون ذلك يغير المعنى ويعدّ غلطاً عند العرب، فإنّه يوجب البطلان مع العمد لكونه يخرج عن القرآن المنزل والمطلوب في الصلاة قراءة القرآن المنزل كما أنزل.

وبين ما لا يكون غلطاً ولا مغيراً للمعنى وهذا يجري في الصفة والموصوفكما في الرأي قوله تعالى (الحمد لله رب العالمين) وفي كلمة (مالك) في (مالك يوم الدين) فإنّه قيل بجواز الوجوه الثلاثة من الاعراب فالخبر من باب تبعية الموصوف للصفة كما هو الشافع والنصب بتقدير فعل وفاعل (أعني) فيكون مفعولاً فينصب، والرفع بناءً على أنه خبر لمبتدء محذوف.

فيا ترى هل يجوز الثلاثة في الصلاة أو يؤخذ بما هو الشائع والمعروف فيتعين الأول؟

ربّما يقال بجواز الثلاث لإنها من القراءة الصحيحة في الجملة، ولكن قيل الظاهر البطلان لإنّ المأمور به هو قراءة القرآن كما أنزل وكما يقرءه الناس كما دلَت عليه النصوص الواردة في الباب وليس بكل كلام عربي فصيح صحيح، فاللازم المطلوب هو قراءة القرآن على الوجه النازل وليس كل صحيح مجزئاً، ولو جاز ذلك لجاز التغيير والتبديل في المواد أيضاً مع التحفظ على المعنى كأن يقول بدل قوله تعالى: (يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين) (إنك لمن النبيين) وهذا كما ترى، فتأمل فإنّه قياس مع الفارق أوّلاً وثانياً: يختلف معنى النبي عن المرسل فالأوّل أعم من الثاني.

وخامساً: في الإخلال في التسديد فإنّه لا يجوز ذلك ويوجب البطلان مع العلم والعمد لإنّه خلاف ما أنزل فلا يجوز أن يقال في (إنا إنزلناه في ليلة القدر) إننا أنزلناه بتفكيك التشديد كما هو المختار وأمّا المد الواجب وتغيير الحروف عن مخارجها فسيأتي تفصيل الكلام فيه إن شاء الله تعالى.

مسألة: 38 : يجب حذف همزة الوصل في الدرج مثل همزة (الله) و(الرحمن و(الرحيم) و(اهدنا) ونحو ذلك، فلو إثبتها بطلت، وكذا يجب إثبات همزة القطع كهمزة (أنعمت) فلو حذفها حين الوصل بطلت.

أقول: من الفروعات والمسائل في القراءة إنّه على المصلي أن يراعي همزات الوصل والقطع فلو أخل بها عالماً ومتعمداً فإنّه يوجب البطلان إلّا أنّه يا ترى بطلان الصلاة أو القراءة إختلف العلمان المعاصران في العبارة عميدنا الحكيم فذهب إلى بطلان القراءة ولابد من إستئنفافها ولو بإستئناف الصلاة من رأس إذا كان ذلك عمداً وإذا كان سهواً  فيستئفها دون إعادة الصلاة (المستمسك6: 233) وسيدنا الخوئي من بطلان الصلاة مع العمد والقراءة مع السّهو.

والوجه في البطلان: إنّ ذلك يعدّ غلطاً في كلام العرب فيكون غير ما أنزل عليه القرآن، فيدخل في الزيادة العمدية المبطلة كما يدخل في كلام الآدمي.

فيجب حينئذٍ حذف همزة الوصل في درج الكلام كما نصّ عليه أهل اللغة والعربيّة كما في الفقيه ابن مالك وغيره من دون التعرض لخلاف فيه ففي الفقيه ابن مالك؟

وعن ابن حاجب: (واتيانها وصلاً لحن وشذ في الضرورة) كالضرورة الشعرية.

وكذا يجب إثبات همزة اقطع فلو حذفها حين الوصل والدرج بطلت الصلاة مع العمد والقراءة مع السّهو.

مسألة: 39: الأحوط ترك الوقف بالحركة والوصل بالسكون.

أقول: يا ترى هل يجوز الوقف بالحركة أي يقف على آخر الكلمة بحركتها الاعرابية أو الوصل بالسكون أي في درج كلامه يسكّن المتحرك إختلف الاعلام في ذلك وسيأتي تمام الحديث إن شاء الله تعالى.