أصول (39)

14 ربيع الأول

1441 هـ

عطفاً على ما سبق في جواز تقليد المجتهد، فإن كان المجتهد إنفتاحياً فيجب تقليد العامي منه كما مرّ تفصيل ذلك وإن كان إنسدادياً فلا يصح الرجوع إليه مطلقاً سواء كان يقول بحجية الظن المطلق لإنسداد باب العلم والعلمي على الحكومة والكشف، لأن الذي دل على جواز ووجوب الرجوع العامي إلى المجتهد من باب رجوع الجاهل إلى العالم وهذا ما لا يصدق على المجتهد الإنسدادي فإنّه يكون من رجوع الجاهل إلى الجاهل لأنّ الإنسدادي يعترف بعدم علمه بالأحكام لعدم الطريق إليها من العلم والعلمي.

ثم ما دل على وجوب رجوع العامي إلى المجتهد كما ذكر هو من باب رجوع الجاهل إلى العالم وليس من باب رجوع المتخير في وظيفته إلى غير المتحيّر حتى يقال بجواز الرجوع إليه لإنّه هو غير متخير في وظيفته.

ثم لابدّ في رجوع العامي إلى المجتهد الإنسدادي من دليل آخر غير دليل رجوع غير العالم إلى العالم والمتحير إلى غير المتحيّر، وغير دليل الإنسداد الجاري في حق المجتهد، ولم يكن في المقام إلّا دعوى الإجماع على رجوع العامي إلى المجتهد مطلقاً سواء أكان إنفتاحياً أو إنسدادياً ودعوى جريان مقدمات دليل الإنسداد آخر في حق العامي غير ما تجرى في حق نفس المجتهد الإنسدادي.

وبعبارة أخرى أدلة رجوع المقلد العامي إلى المجتهد إمّا أن يكون بإعتبار رجوع الجاهل إلى العالم وهذا يصدق في المجتهد الإنفتاحي دون الإنسدادي لإنّه يرى نفسه غير عالم بالأحكام بل هو ظان بها فإنّ النتيجة تتبع أحسن المقدمات ومقدماته كل ظنية من الظن المطلق.

وأمّا الدليل هو دليل الإنسداد فهو حجة بالنسبة إلى المجتهد الإنسدادي خاصة دون غيره، وأمّا في العامي إذا أراد أن يتمسك بدليل إنسدادي أيضاً فلابدّ له من رعاية مقدمات حتى تنتج النتيجة المطلوبة من حجيّة دليل إنسدادي آخر للعامي أيضاً.

والمقدمات كما يلي: أوّلاً: لابدّ من إثبات وجود العلم الإجمالي بثبوت تكاليف فعليّة في الجملة.

وثانياً: لابدّ أن يعتقد أن باب العلم والعلمي مسدود في حقه.

وثالثاً: لا يجوز إهمال التكاليف الفعلية الدينية.

ورابعاً: بطلان الإحتياط في المقام أو عدم لزومه.

وخامساً: لا يجوز إجراء الأصول النافية للتكليف كأصالة البراءة أو الجواز أو الإباحة.

وسادساً: ترجيح المرجوح على الراجح قبيح، وحينئذٍ مع هذه المقدمات تنتج إعتبار الظن المطلق الحاصل بالأحكام من رأي المجتهد الإنسدادي.

وجواب الدعويين: إمّا الإجماع فله يتحقق ذلك لأنّ مسألة الإنسداد من المسائل المستحدثة، فدعوى الإجماع فيها غير مسموعة، فتأمل.

وأمّا مقدمات الإنسداد في حق العامي فلا تجري، لأنّ المقدمة الرابع كانت عبارة عن بطلان الإحتياط في حقه، فإنّه من المعلوم عدم بطلان التقليد في حق الجاهل العامي إن كان هناك مجتهد إنفتاحي فإنّه يرجع إليه من باب رجوع الجاهل إلى العالم.

ولو فرض إنحصار المجتهد في الإنسدادي فإنّ تقليده وإن كان باطلاً إلّا أنّ بطلان الإحتياط بالنسبة إليه غير معلوم، فعليه أن يحتاط ما لم يستلزم العسر والحرج وإختلال النظام والمعاش، وإن إستلزم العسر وقلنا بنفي وجوب الإحتياط العسري بحكومته دليل نفي الحرج على دليل الإنسداد الذي كان مقتضاه الإحتياط، فإنّه حينئذٍ يقتصر على الإحتياط غير المستلزم للعسر.

وخلاصة الكلام: أمّا بطلان التقليد، فإنّه يتفرع بإمكانه لعدم إنحصار المجتهدبالإنسدادي، وأمّا بطلان الإحتياط: فيندفع بجوازه ما لم يلزم العسر والمحذور الشرعي والإختلال والمحذور العقلي، وربما يقال بوجوب الإحتياط على الجاهل حتى لو إستلزم العسر، إلّا إذا أراد أن يريح نفسه من الإحتياط العسري بنفيه بقاعدة الحرج.

وأخيراً إثبات هذه المقدمات الإنسدادية في حق العامي دونه خرط القتاد لعدم إنحصار المجتهد بالإنسدادي في شيء من الأعصار وكأنما فرضه مثل فرض من يقول فرض المحال غير محال ويبنى على ذلك ما يقال.

هذا بناء على عدم جواز تقليد الإنسدادي بالنسبة إلى من قاتل بالإنسداد الحكومي وأمّا بناءً على القائل بالإنسداد الكشفي فإنّ الرجوع إليه أيضاً في غاية الإشكال وذلك لوجهين: