فقه (24)

14 ربيع الأول

1441 هـ

عطفاً على ما سبق: في حكم الجاهل بالجهر والخفات، فإنّه معذور فيما لو كان جاهلاً بوجوبهما أوّلاً، أو جاهلاً بمحلهما ثانياً أو جاهلاً بمعنى الجهر والإخفات ثالثاً: أو جاهلاً في وجوب الإخفات في صلاة الجماعة لو إلتحق بالركعة الثانية في الجماعة وفي ثالثة الإمام فعليه أن يأتي بالقراءة إلّا أنّه يخفت فلو أجهر جهلاً بالحكم رابعاً، ففي هذه الصّور الأربع ذهب المشهور أنّه لا شيء عليه وصحّت صلاته، تمسكاً بإطلاق النصوص الواردة في الباب وذهب المصنف إلى أنّ الأقوى ذلك وإن كان الأحوط إستحباباً إعادة القراءة وذهب الإصطهباناتي إلى أنّه في صورة الإشتباه في المحل وفي معنى الجهر والإخفات فالاحتياط بالإعادة فيما لا يترك. وعند السيد الشاهرودي في الصورتين الجهل بالوجوب والجهل بالمحل الاقوائية ممنوعة، وعند الحائري في القوة منع، وعند السيد مهدي الشيرازي في معذورية الجاهل بمعناهما نظر، وفي أقوائية صورة المأموم الجاهل بالحكم في معذوريته كما عند المصنف فعند السيد البروجردي هذا محل تأمّل، وعند الكوةكمري: لا ينبغي ترك الاحتياط فيه وعند كاشف الغطاء: نعم لو وجب الإخفات لعارض خارج عن الصلاة كالخوف من عدوّ فلا معذورية, وعند السيد الشريعتمداري: لا يترك الإحتياط فيه وعند النائيني وجمال الدين الگلبايگاني: لا يترك الاحتياط في الأخيرة .وعند: السيد محمد تقي الخونساري والشيخ الآراكي في الصورتين الأوليتين لا يترك الإحتياط فيه، وعند السيد صدر الدين الصدر: لا يترك هذا الإحتياط، وعند السيد الشاهرودي: لا ينبغي تركه خصوصاً في الصورتين الأوليتين، وعند الشيخ الآملي: لا يترك في الصورة الأخيرة.

وعند السيد حسين القمي لا يترك، بل معذوريته في الصورة الثانية ممنوعة وعند السيد الفاني: لا ينبغي تركه في الصورةالأولى، أي فيما كان جاهلاً بوجوبهما.

وربّما الوجه في الإحتياط الوجوبي في الإعادة في الصور كما هو المختار إنصراف الإطلاق عن هذه الصّور أو القول بالتفصيل بينها فتأمل.

مسألة 25 : لا يجب الجهر على النساء في الصلاة الجهرية، بل يتخيّرن بينه وبين الإخفات مع عدم سماع الأجنبي، وأمّا معه فالأحوط إخفاتهن، وأمّا في الإخفاتية فيجب عليهن الإخفات كالرجال، ويعذرن فيما يعذرون فيه.

أقول: من فروعات مسألة الجهر والإخفات، ما يتعلق بالنساء ويقع الكلام في مقامات: الأوّل: في الحكم فإنّه لا يجب عليهن الجهر في الصلاة الجهرية كما كان واجباً على الرجال كما ذهب إليه المشهور بل الأشهر ويدل عليه وجوه: الأوّل: دعوى الإجماع كما في جامع المقاصد، بل نقل الإجماع عليه مستفيض أو متواتر، إلّا أنّه كما هو الظاهر من الإجماع المدركي ومن إتفاق الفقهاء استناداً لما عندهم من المدارك.

الثاني: الأخبار الواردة في المقام: منها: خبر علي بن جعفر عليه السلام عبد الله بن جعفر في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر أم سأل أخاه عن النساء هل عليهن الجهر بالقراءة في الفريضة؟ قال عليه السلام: لا، إلّا أن تكون إمرأة تؤم النساء فتجهر بقدر ما تسمع قراءتها ^([1]).

وجه الإستدلال: واضح فإنه من الصريح أنه لا جهر عليهن في القراءة فيما كانت القراءة جهريةً، إلّا أنّه إستثنى من ذلك فيما لو كانت المرأة إمامة جماعة فيجوز لها أن تجهر بمقدار أن تسمع نفسها.

وأورد عليه: أوّلاً بضعف السند بعبد الله بن الحسن العلوي فإنّه لم يوثق ولم يعتمد عليه إلّا أنّه لا ضير في ذلك بعد القول بإنجبار الضعف بعمل الأصحاب إلّا أن يقال أنّ القول به لم يكن مستنداً إلى هذا الخبر.

وثانياً: الإستثناء من النفي يدل على الوجوب كما في الرّجال، ولكن أورد عليه أوّلاً: قد حمل على الندب لعدم القائل بالوجوب كما في الجواهر وفي كشف اللثام كما حكاه  السيد الحكيم قدس سره (لم أظفر بفنون توافقه) ونحوه ما في غيره.

وثانياً: لا يجب على الإمام الرجل أن يجهر في صورته من أجل الجماعة وهذا يقتضي عدم الوجوب على النساء كذلك إمّا تمسكاً بقاعدة الإشتراك بين الرجال والنساء في الأحكام التكليفية الدينية إلّا ما خرج بالدليل أو بالقياس الأولوي فإنّه لم يجب على الرجال فعلى النساء بطريق أولى، فتأمل.