أصول (15)

6 ربيع الأول

1441 هـ

عطفاً على ما سبق في التعدي من المرجحات المنصوصة إلى غيرها مع وحدة الملاك والمناط كما ذهب إليه الشيخ الأنصاري قدس سره تمسكاً بوجوه ومنها: أنّ التعليل الوارد في النصوص في مقام الترجيح بمخالفة العامة بأنّ الرشد في خلافهم يدل على أنّ كلّ خبرين يكون في أحدهما الرشد غالباً وما يصدق عليه الرشد ولو عقلاً فإنّه يجب الأخذ به، فإنّه ليس الأخذ بمخالفة العامة بأنّ الرشد  دائماً لكثرة الأحكام المشتركة والمتفق عليها الفريقان في نفسها، وبعبارة أخرى ما ذكره من التعليل إنّما هو على نحو الأعم الأغلب وعلى نحو الطريقية إلى كشف الواقع ومطابقته كما في خبر الثقة، وليس على نحوالموضوعية.

وأورد عليه: أوّلاً: إنّ التعليل لم يكن من الإمام عليه السلام ولم تكن في الرواية، وإنّما هو في عبارة الكافي، وإنّما وقع ما يرادفه من قوله عليه السلام (فإنّ الحق فيما خالفهم) فتأمل.

وثانياً: إنّما ورد وفي المقبولة ما يدل على ذلك إلّا أنها ضعيفة السند، ولكن كما مرّ تكراراً أنها مقبولة عند الأصحاب .

وثالثاً: ما جاء في المقبولة هو لفط الرشاد، وهذا ليس بعنوان التعليل حتى يتعدى منه إلى غيره من باب تنقيح المناط، بل ذكر بعنوان الحكم حيث قال عليه السلام (ما خالف العامة ففيه الرشاد) أي يجب الأخذ به، فلا تعليل فيه حتى يؤخذ بعمومه.

ورابعاً: لو سلّم أنّ العبارة للتعليل إلّا أنّ ذلك لا على نحو العليّة ومع وجود العلة يوجد المعلول لعدم الإنفكاك بينهما، بل من التعليل اللغوي وليس الفلسفي والدّقي وأنّها هو بإعتبار الأعم الأغلب وذلك من جهة أنّ العامة تعتمد كثيراً في إستنباطهم للإحكام على الإستحسانات والأقيسة الظنية كما عند أبي حنيفة، واستغنوا عن مراجعتهم إلى الأئمة عليهم السلام لنصبهم أو لدنياهم وأتباعهم خلفاء الجور، فوقعوا في مخالفة الأحكام الشرعية كثيراً، ومن ثم كان الرشد والرشاد في مخالفتهم في الأعم الأغلب، وحينئذٍ لا مانع من التعدي إلى كل مزية تكون موجبة للرشد غالباً من حيث الكبروية إلّا أنّ الكلام في الصغرى فإنّها غير محققة لهذه الكبرى، إذ ليس في المرجحات ما يكون موجباً لغلبة مطابقة الواقع، فتأمل.