أصول (32)

23 ربيع الأول

1440 هـ

بيان ذلك: لا يخفى أن التعقيب إن كان معتبراً بحسب الجعل الشرعي مؤخّراً عن التسليم، لا أنّه لم يعتبر إن كان التسليم مقدماً على التعقيب، فالملازمة من طرف واحد وهي الملازمة بالمعنى الأعم، فإنّه من المعلوم لم يشترط في التعقيب كتسبيح الزهراء عليها السلام أن يكون التسليم قبله، وهذا نظير صلاة الظهروالعصر، فإنّه في العصر يعتبر أن تكون مؤخرة عن صلاة الظهر ولكن لا يعتبر في الظهر أن تكون مقدمة عن العصر كما هو ثابت في محلّه وحينئذٍ لا يكون الشك في التسليم مع دخوله في التعقيب شكاً بعد مضي المحل، لبقاء محّل التدارك، ويترتب على ذلك أنّه من تذكر وهو في التعقيب أنه لم يأت بالتسليم وجوب عليه التدارك ولا يلزمه إلّا خلال بصلاته أصلاً، كما لا شيء عليه حتى سجدة السهو.. ثم ما يؤيد المقام من عدم جريان قاعدة التجاوز أنّه لو شك في الإتيان بأصل الصلاة مع الدخول في التعقيب فإنّه لا مجال لقاعدة التجاوز، بل عليه أن يأتي بصلاته لكون الشك في الوقت، ومن ثم لا فرق بين الشك في أصل الصلاة والشك في التسليم مع الإشتغال في التعقيب، ففي كليها لا تجري قاعدة التجاوز، فلا تجري القاعدة في هذه الصورة أيضاً، كما تجري قاعدة الفراغ، فإنّه مع الشك في الجزء الأخير لم يحرز الفراغ من العمل حتى يكون مورداً للقاعدة إلّا في الوضوء لخروج ذلك بالدليل بصحيحة زرارة كما مرّت، ويجب الإقتصار عليه لكونه خلاف القاعدة، فلا يجري ذلك في مثل الغسل فلو شك في الجزء الأخير مع الإشتغال بشي آخر كالصلاة، فإنّه لا مجال لقاعدة الفراغ، ويجب عليه أن يعتني بشكه لقاعدة الشك في المحل.

الرابع: لو شك في الجزء الأخير بعد الإتيان بالمنافي مطلقاً سواء عمداً أو سهواً، كما لو شك في التسليم بعد الحدث أو إستدبار القبلة أو السكوت الطويل، فلا تجري قاعدة التجاوز أيضاً لأنه قد مرّ إنما تجري لو تجاوز المحل بدخوله في محل آخر من سنخ المحل الأولى شرعاً، فيكون محل الشكوك فيه سابقاً على الغير بحسب الجعل الشرعي وليس المقام من ذلك.

وإنّما يقال بجريان قاعدة الفراغ، فإنّ الصلاة قد مضت حقيقة، وشك في صحتها وفسادها، فيحكم بصحتها لقاعدة الفراغ، وقيل في الشك في الجزء الأخير مع السكوت الطويل فإنّه إنّما يصدق ذلك في المركبات التي اعتبرت الموالاة بين أجزائها كالصلاة والوضوء دون المركب الذي لايعتبر الموالاة بين أجزائه كالغسل، فإنّه لو شك في اليد اليسرى ولو كان بعد زمان طويل، فإنّه يعتني بشكه لإحتمال كونه لازال في العمل فلم يحرز الفراغ منه حتى يقال بجريان قاعدة الفراغ فتأمل.