أصول (26)

12 ربيع الأول

1440هـ

عطفاً على ما سبق: في اشتراط الدخول في الغير في قاعدة الفراغ فذهب البعض إلى عدم الإطلاق في قاعدة الفراغ لشموله أن يدخل في الغير أو لم يدخل فإنّه تصدق بمجرد الفراغ عن العمل، وكان الكلام يقع في مقامين: الأول في وجود المقتضي للإطلاق وشمول الدليل لموارد عدم الدخول في الغير، قد مرّ الكلام فيه وإستدلال من قال بعدم الإطلاق وأن القاعدة تختص بالدخول في الغير كما في قاعدة التجاوز بوجوه ثلاثة ومناقشة الوجوه، وأن أدلة الفراغ مقتضاها وجود المقتضي لشمول عدم الدخول في الغير أيضاً.

وأمّا المقام الثاني: والكلام فيه حول وجود مانع من العمل بالإطلاق وأنّه خاص بموارد الدخول في الغير وربما يستدل على ذلك: بأن المقيد لإطلاقات أدلة قاعدة الفراغ هو ما ورد في أدلة قاعدة التجاوز من صحيحة زرارة وموثقة إسماعيل بن جابر فإنّه قيّد عدم الإعتناء بالشك فيهما بما إذا كان الشك بعد الدّخول في الغير، وكذا في قاعدة الفراغ.

وأُجيب عنه: أولاً: مورد الروايتين في قاعدة التجاوز كما تقدم، وإذا قلنا ما يستظهر في مقام الإثبات والأدلة الظاهر إختلاف القاعدتين واستقلاليتهما وإختلاف ملاكهما فإن أحدهما الشك في الصحة مع إحراز الوجود بمفاد كان الناقصة، والآخر الشك في الوجود بمفاد كان التامة، فلا مجال للتوهم بأن أدلة قاعدة التجاوز ورواياتها تقيّد الإطلاقات الواردة في قاعدة الفراغ، ومجرد أن يقال بكونهما في مقام الثبوت مجعولتين بجعل واحد لا يوجب إتحادهما في مقام الإثبات بل في مقام الإثبات يشترط ويعتبر في قاعدة التجاوز الدخول في الغير دون قاعدة افراغ فهي باعتبار أدلتها مطلقة فشمل الدخول في الغير وعدمه.

وثانياً: أن الدخول في الغير في قاعدة التجاوز ممّا لابدّ منه، مع قطع النظر عن الصحيحة والموثقة، لأنه كما مرّ تفصيله أن المراد من التجاوز لغة عرفاً وتحقق معنى الخروج أنه لا يتحقق ذلك إلّا بالدخول في الغير، وما ذكر في الخيرين من التصريح بالدخول في الغير إنّما هو من القيد التوضيحي وليس الاحترازي، وهذا بخلاف المعني المذكور في قاعدة الفراغ، فإنّ المقصود نه مضى نفس المشكوك فيه، وهذا يتحقق في الخارج بمجرد الفراغ من العمل ولو مع عدم الدخول في الغير، وإذا اعتبر الدخول في الغير في التجاوز فإنّه باعتبار كونه مقوّماً لمفهوم ومعنى التجاوز، فإنّه لا يتحقق موضوعه إلّا بالدخول في الغير، وعليه لو كان يصدق عرفاً ولغة موضوع التجاوز من دون الدخول في الغير لما كان موجباً لتفييد التجاوز بالدخول في الغير.

وقيل: مما يدل على كون الإطلاق في قاعدة الفراغ مقيداً موثقة ابن أبي يعفور في قوله عليه السلام: (إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره، فليس شكك بشيء، إنّما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه) ^([1]).

وجه الإستدلال: لابدّ أن يكون موردها قاعدة الفراغ، لعدم جريان قاعدة التجاوز في الوضوء وذلك للنص الخاص كما في صحيحة زرارة الآتية، وكما ذكر الدخول في الغير في الموثقة فحينئذٍ يقال باعتباره وشرطه.

وأجيب عند بوجوه وللحديث صلة ان شاء الله تعالى.