[1]⁾.

والمقصود اتخاذ ما ورد في الكفاية منهجاً فتعرض إلى ما قاله المصنف وجعلناه في التنبيه التاسع بما عندنا من التسلسل في التنبيهات ونستعين في التوضيح بما جاء في^([2]).

فمن باب المقدمة: قد تبين فيما مرّ في الأصل المثبت أمران كبرويّان:

الأول: ظهر أن مفاد أدلة الاستصحاب هو إنشاء حكم مماثل للمستصحب المشكوك فيه في استصحاب الأحكام ومماثل لأحكامه في استصحاب الموضوعات، بمعنى أنّ الأحكام المترتبة على المستصحب اليقيني في الواقع فإنّه مماثلة شرعاً وتعبّداً على نحو الطريقية يترتب على المستصحب المشكوك فيه ثم في استصحاب الموضوعات لا فرق فيه سواء ترتب الأثر على المستصحب بلا واسطة شيء كاستصحاب عدالة زيد عند الشك فيها ليترتب عليه جواز الإقتداء به، أم كان بوساطة أثر شرعي كاستصحاب طهارة الماء لترتيب أثره الشرعي عليه مطلقاً سواء أكان بلا واسطة كجواز التوضوء به أو بواسطة أثر شرعي كجواز الدخول في الصلاة المترتب على صحّة وضوئه.

الثاني: أنّ الأثر الشرعي المترتب على المستصحب بواسطة لازمه أو ملزومه أو ملازمه فيما لم تكن الواسطة خفية ولا جليّة لا يترتب على المستصحب لكونه من الأصل المثبت وهو غير معتبر في الأصول كما مرّ تفصيل ذلك.

وموارد التّوهم الثلاثة إنّما هو من جهة صفرويتها للأمر الأول الذي كان بمنزلة الكبرى فيجري فيه الاستصحاب أو صغرويتها للأمر الثاني والكبرى الثانية فلا يجري فيما الاستصحاب، فذكر المصنف في تنبيهه الثامن موارد ثلاثة يتوهم كون الأصل مثبتاً فيها: وهي:

الأول: الأصل الجاري في الموضوعات الخارجيّة لإثبات الأثر الشرعي لها.

الثاني: الأصل الجاري في الشرط ونحوه لإثبات الشرطية.

الثالث: الأصل الجاري في عدم استحقاق العقوبة لإثبات البراءة.

بيان ذلك:

أما المورد الأول: فكما مرّ في بحث الأوامر أن الأحكام متعلقة بالطبائع لا بالأفراد، فمثلاً: إثبات الحرمة للمانع الذي علمنا بخريته سابقاً وشككنا فيه بإنقلابه خلاً، فنستصحب خمريّته، وهذا منوط بإثبات فردية هذا الفرد المشكوك لطبيعة الخمر، وموضوع الحكم حقيقةً هو بقاء الطبيعة الخمريّة، وإثبات الملازمة بين بقاء الفرد وبقاء الطبيعة من الملازمة العقليّة، وليست الشرعيّة، فكان من الأصل المثبت فإثبات حكم الطبيعة وهو حرمة الخمر للموضوع الخارجي المشكوك فيه بإجراء الأصل فيه موقوف على مثبتية الأصل.

فذهب الشيخ الأعظم قدس سره إلى القول بتعيم حجة الأصل المثبت وأنه لا فرق في مثبيته بين كون المستصحب ولازمه يتحدان معه في الوجود أو يتغايران في الوجود، فقال: لا فرق في الأمر العادي ـ أي اللازم العادي كإنبات اللحية باستصحاب الحياة ـ بين كونه متحد الوجود مع المستصحب بنحو لا يتغايران إلّا مفهوماً ـ وهو المسمى بالحمل الشايع الصناعي كإستصحاب بقاء الكّر في الحوض عند الشك في كريّة الماء الباقي فيه، وبين تغايرهما في الوجود، كما لو علم بوجود المقتضي لحادث على وجه لولا المانع حدَث وشك في وجود المانع^([3]).

والمصنف قدس سره قد دفع هذا التوهم بمنع اطلاق حكم استاذه قدس سره بمثبتية الاستصحاب في المقام بل القول بالتفصيل بين كون الواسطة متحدة وجوداً مع المستصحب وبين كونها مغايرة للمستصحب، كما يأتينا بيانه إن شاء الله تعالى.