عطفاً على ما سبق: فيما ينبغي للمصلي في قبول صلاته وزيادة ثوابها.

فينبغي أيضاً أن يجتنب ما يوجب قلّة الثواب والأجر في الآخرة على الصّلاة، كما لو أتى بمكروهات الصلاة في شرائطها وأجزائها وآدابها كأن يقوم إلى الصلاة كسلاً ثقيلاً كما لو كان في سكرة النوم أو الغفلة وشرود الذهن وإنشغال البال، أو كان لاهياً ساهياً في الصلاة، أو كان مستعجلاً مضطرباً مشغول الفكر، أو كان حاقناً ومدافعاً للبول أو الغائط أو الريح، أو كان طامحاً ببصره إلى السّماء، أي ينظر إلى الأعلى، والحال هو في مقام العبودية وأنّه ماثل أمام مولاه جبّار السّموات والأرض حاملاً على ظهره أثقال الذنوب والآثام، فينبغي له أن يتذلل غاية التذلّل وأن يخشع ببصره ـ كما ورد في جملة من الآيات والروايات ـ شبه المغمض للعين، فلا هي مفتوحة ولا هي مغمّضة بل برزخ بينهما، كما في آية غض البصر ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ (النور: 30) .

بل ينبغي للمصلي في صلاته أن يجتنب كلّ ما ينافي الخشوع والخضوع، والأول يتعلق بباطنه والثاني بظاهره ويجتنب كلّ ما ينافي الصلاة في عرف المتشرعة وعادة المسلمين المصلين، وكلّ ما يشعر ويوحي بالتكبّر أو الغفلة والسهو والنسيان.

هذا فيما يُقلّل من ثواب الصلاة في مقام السلب والإجتناب، وكذلك ينبغي له في مقام الإيجاب وزيادة الثواب ومن مستحبات الصلاة ينبغي للمصلي أيضاً أن يستعمل ما يوجب زيادة الأجر وإرتفاع الدرجات، كاستعمال الطيب فإنّه يجعل الركعة الواحدة بسبعين ركعة، وكذلك يلبس أنظف ثيابه، ويتختم بخاتم من عقيق ولا سيما العقيق اليماني، كما ورد فضله في الأخبار، وكذلك يستحب له أن يتمشّط ومن مستحب المستحب أن يقرء دعاء المشط حيث يمسحه بعد التمشط على صدره ويقول (اللّهم سرّحني عن الهموم والغموم ووحشة الصدر ووسوسة الشيطان برحمتك يا أرحم الراحمين).

كما يستحب له الاستياك قبل صلاته ونحو ذلك من المستحبات والآداب التي توجب جمال الصلاة وكمالها وزيادة أجرها وثوابها، والله العاصم يهدي من يشاء إلى صراط حميد.