الثامن: وضع الاصبعين في الأذنين في الأذان.

أقول: ذهب المشهور ومنهم المصنف كما هو المختار إلى إستحباب وضع الأصعبين في الأذنين في خصوص الأذان كما يدل عليه صحيحة الحسن بن السرّي.

محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحسن السري:

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من السُّنة إذا أذّن أن يضع إصبعيه في أذنيه^([1]).

وفي حديث آخر: محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن جعفر بن شبير عن الحسن بن السّري: عن أبي عبد الله عليه السلام قال السنة أن تضع إصبعيك في أذنيك في الأذان.

آراء الاعلام: ذهب السيد النجفي إلى أنّه فيه اشكال فليراعه رجاءً.

التاسع: مدّ الصوت في الأذان ورفعه ويستحب الرّفع في الإقامة إلّا أنّه دون الأذان.

أقول: من مستحبات الأذان ولا سيما الإعلامي منه مدّ الصوت ورفعه كما ذهب إليه المشهور ويدل عليه صحيحة معاوية بن وهب^([2]).

محمد بن علي بن ال حسين بإسناده عن معاوية بن وهب أنّه:

سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الأذان؟ فقال: إجهر به وإرفع به صوتك، وإذا أقمت فدون ذلك^([3]).

وفي حديث آخر: وبإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (في حديث) قال: يحزنك من الأذان إلّا ما أسمعت نفسك أو فهمته، وكلما اشتدّ صوتك من غير أن تجهد نفسك كان من يسمع أكثر وكان أجرك في ذلك أعظم^([4]).

وفي ثالث: محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نجران عن حمّاد عن حريز عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أذّنت فلا تخفين صوتك، فإنّ الله يأجرك مدّ صوتك فيه^([5]).

وفي حديث آخر: أحمد بن محمد البرقي في (المحاسن) عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان طول حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قامة، فكان عليه السلام يقول لبلال إذا أذّن : يا بلال اُعل فوق الجدار وأرفع صوتك  بالأذان، فإنّ الله عز وجل قد وكلّ بالأذان ريحاً ترفعه إلى السّماء، فإذا سمعته الملائكة قالوا: هذه أصواب أمة محمد صلى الله وآله وسلم لتوحيد الله عز وجل، فيستغفرون لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم حتى يفرغوا من تلك الصلاة، ورواه الكليني عن محمد بن سهل بن زياد عن ابن محبوب، ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب^([6]).

العاشر: الفصل بين الأذان والإقامة بصلاة ركعتين أوخطوة أو قعدة أوسجدة أو ذكر أو دعاء أو سكوت بل أو تكلّم لكن في غير الغداة، بل لا يبعد كراهته فيها.

أقول: العاشر من مستحبات الأذان والإقامة الفصل بينهما بما يصدق عليه الفصل كصلاة ركعتين أو خطوة إلى الأمام أوقعدة بينهما أوسجدة أو ذكر الله سبحانه أو دعاء أو سكوت بل حتى لو تكلم بينهما بكلام آدمي، وهذا ما ذهب إليه المشهور في الجملة ويدل على ذلك إستظهاراً من موثقة عمار الساباطي.

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قمت إلى صلاة فريضة فأذن وأقم وأفصل بين الأذان والإقامة بقعود أو بكلام أو بتسبيح^([7]).

وفي حديث آخر:

قال: سألته عن الرّجل ينسى أن يفصل بين الأذان والإقامة بشيء حتى أخذ في الصلاة أو أقام للصلاة؟ قال: ليس عليه شيء وليس له أن يدع ذلك عمداً^([8]).

وفي صحيحة سليمان بن جعفر الجعفري.

سمعته يقول: أفرق بين الأذان والإقامة بجلوس أو بركعتين^([9]).

وفي خبر بكر بن محمد بن أبي عبد الله عليه السلام: كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول لأصحابه: من سجد بين الأذان والإقامة فقال في سجوده: سجدت لك خاضعاً خاشعاً ذليلاً، يقول الله تعالى: ملائكتي وعزّتي وجلالي لأجعلن محبّته في قلوب عبادي المؤمنين وهيبته في قلوب المنافقين^([10]).

وخبر الحسن بن شهاب عن أبي عبد الله عليه السلام: لابدّ من قعود بين الأذان والإقامة^([11]).

وفي مرسلة ابن فرقد عن أبي عبد الله عليه السلام: بين كل أذانين قعدة إلّا المغرب فإنّ بينهما نفساً^([12]).

ـ أي بمقدار تنفس وربما يدل على السكوت كما في عبارة المصنف وإن كان لا إطلاق فيه فتأمل.

وأمّا الخطوة فربما يدل عليها ما في الرضوي: وإن أحببت أن تجلس بين الأذان والإقامة فإفعل فإنّ فيه فضلاً كثيراً، وإنّما ذلك على الإمام، وأما الينفرد فيخطو تجاه القبله خطوة برجله اليمنى ثم يقول: بالله استفتح وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم  استنجح وأتوجه، اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلني بهم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين^([13]).

والذكر والدعاء في عبارة المصنف وإن لم يرد فيهما نص خاص كما يظهر إلّا أنّه لا يبعد استفادة ذلك من خبر بكر بن محمد وغيره، مما فيه الدعاء في حال السجود والجلوس أو التخطي، وإن كان المذكور في الموثقة التسبيح فتأمل، والظاهر ما ذكر من باب المثال ويكفي الفصل بينهما بما يصدق عليه الفصل عرفاً وإن كان الأولى رعاية ما ذكر في الأخبار ثم استدرك المصنف وقال بعد قوله: (بل أو تكلّم لكن في غير الغداة، بل لا يبعد كراهته فيها) أي كراهة الكلام في صلاة الغداة ويدل عليه الخبر المروي في الفقيه والمجالس في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام: (وكره الكلام بين الأذان والإقامة في صلاة الغداة) ومقتضى ذلك الكراهة بمعنى المرجوحيّة ويكون الخبر قيداً لإطلاق ما دل على الفصل بالكلام، وللحديث صلة إن شاء الله تعالى.