مسألة 2: لا يتأكد الآذان لمن أراد إتيان فوائت في دور واحد لما عدا الصلاة الأولى، فله أن يؤذن للأولى ويأتي بالبواقي باللإقامة وحدها لكل صلاة.

أقول: يقع الكلام فيمن يقضي صلوات فائتة أو يصلي استيجاراً في مجل سواحد ليوم أو أكثر كما هو المتعارف في يومنا لمن يصلّي إستيجاراً، فإنّه يؤذن للصلاة الأولى ويقيم ثم الصلوات الأخرى يكتفي بالإقامة لكل واحد منها، والكلام في ثلاث مقلبات الأول: في أصل السقوط، والثاني: في مشروعية الآذان لصلاة القضاء والثالث: بعد القول بالمشروعية هل السقوط على نحو الرخصة أو العزيمة؟

أمّا المقام الأوّل: فقد ذهب المشهور كما عليه المصنف وهو المختار إلى سقوطه في الجملة، والظاهر عدم الخلاف فيه ويستدل عليه بجملة من الروايات المعتبرة في المقام.

منها: صحيحة محمد بن مسلم

قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلّى الصلوات وهو جنب اليوم واليومين والثلاثة، ثم ذكر بعد ذلك، قال: يتطهّر ويؤذن ويقيم في أوّلهن، ثم يصلي ويقيم بعد ذلك في كل صلاة، فيصلّي بغير آذان حتى يقضي صلاته^([1]).

وجه الإستدلال: بعد صحة السند واضح بسقوط الآذان للصلوات القضائية في مجلس واحد دون الصلاة الأولى.

ومنها: صحيحة زرارة.

عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا نسيت صلاة أو صلّيتها بغير وضوء، وكان عليك قضاء صلوات، فابدء بأولاهنّ فأذن لها واقم ثم صلّى ما بعدها بإقامة لكل صلاة^([2]).

ومنها: صحيحة محمد بن مسلم.

عن أبي جعفر عليه السلام، سألته عن الرّجل يُغمى عليه ثم يفيق، قال عليه السلام: يقضي ما فاته يؤذن في الأولى ويقيم في البقيّة.

ومنها: مكاتبة موسى بن عيسىز

وبإسناده (محمد بن يعقوب الكليني) عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن حسين عن موسى بن عيسى قال: ثبت إليه: السّلام رجل يجب عليه إعادة الصلاة أيعيدها بأذان وإقامة؟ فكتب عليه السلام: يعيدها بإقامة^([3]).

قيل: هذا الخبر لا يدل على ما نحن فيه لظهوره في الإعادة أي الفعل ثانياً بعد فعله الأول وليس القضاء، فتأمل، فربما المراد من الاعادة أعمّ من القضاء أو الفعل المكرّر نفسه، كما لا يظهر من الخبر أنّه في الصلوات المتعدّد كما هو مفروض المسألة.

ومنها: صحيحة زرارة أو حسنته لمكان إبراهيم بن هاشم.محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم وعن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعاً عن حمّاد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: إذا كان عليك قضاء صلوات فابدأ بأوّلهن، فأذن لها وأقم ثم صلّها، ثم صل ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة ـ محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن يعقوب مثله^([4]). ومثلها غيرها.

ودل المجموع على عدم سقوط الآذان في الصلاة الأولى للصلوات الفائتة والقضية دون الصلوات الأخرى، فإنّ÷ا يسقط آذانها دون الإقامة، فثبت أن أصل الحكم ممّا لا نقاش فيه.

وأمّا المقام الثاني: فمع غض النظر عن النصوص الواردة في المقام الأول، فهل لدينا دليل خاص على مشروعية أصل الآذان لصلاة القضاء، فإنّه ربما يقال بقصور الدليل الدال على ذلك، فإنّ مشروعية الآذان إنّما كان للصلوات الادائية، أمّا القضاء فلم يشرع لها كما لم يشرع لجملة من الصلوات الأخرى كصلاة الآيات وصلاة الأموات ونحوهما.

ذهب المشهور إلى مشروعية الآذان للصلاة القضاء أيضاً، واستدل العلامة الحلي قدس سره في المنتهى (4: 416) برواتين:

الأولى: قوله عليه السلام في صحيحة زرارة: (يقضي ما فاته كما فاته) ^([5]).

وجه الإستدلال: أن مقتضى المماثلة التساوي بين القضاء والآداء في كافة الأحكام والتي منها استحباب ومشروعية الآذان والإقامة وأشكل عليه سنداً ودلالةً صاحب المدارك السيد العاملي قدس سره (المدارك: 3: 262) أمّا السّند فمن جهة إبراهيم بن هاشم فلم يوثق، وأمّا الدلالة، فمن جهة أنّ الخبر ناظر إلى المطابقة من حيث القصر ولتمام كما هو الظاهر، وليس سائر الأحكام حتى تشمل الآذان والإقامة.

ولكن صاحب الحدائق: (7: 372 ـ 375) بعد نقل ما قاله صاحب المدارك من المناقشة في السند والدلالة، يتعجب من السيد العاملي من تضعيف الخبر، بل أمّا أن يكون صحيحاً أو حسناً، والأول باعتبار ولده علي فيكون من التوثيق العام، والثاني باعتبار أنه أمامي ممدوح في الجملة، ثم صاحب المدارك قد وصف الخبر المتقدم عن زرارة بالصحيح مع أنّ في السند أيضاً إبراهيم بن هاشم، فكيف يضعف هذا الخبر الثاني، وربما وجه الضعف عن صاحب المدارك لكون السند فيه من النطيحة ولكن بأجمعهم من الثقات وصاحب الحدائق يعمل بالموثقات، فتأمل، فإنّ النزاع سيكون مبنوياً في العمل بأخبار الفطيحة باعتبار فساد مذهبهم وإن كانوا من الثقات.

وأمّا الاشكال في الدلالة فعله في وجه في الجملة، فتأمل.

الثانية: ما رواه الشيخ بإسناده عن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ـ كما مر ـ قال: سئل عن الرجل إذا أعاد الصلاة هل يعيد الآذان والغقامة؟: قال: نعم^([6]).

وجه الإستدلال: بعد اعتبار السند أنّ المراد من الإعادة في لسان الروايات أعم من القضاء والإعادة المصطلحة، وللحديث صلة .