كما ذهب إليه المشهور، إلّا أن الظاهر من النصوص كراهة وجود التماثيل في البيوت مطلقاً سواء صلّى فيها أم لم يُصل ، وعلل ذلك بعدم دخول الملائكة فيها كما ورد في صحيحة أبي بصير.

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنّ جبرئيل عليه السلام قال: إنّا لا ندخل بيتاً فيه صورة ولا كلب، يعني صورة إنسان ولا بيتاً فيه تماثيل().

كما ورد مستنبطاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الإختلاف في الروايات ممّأ لا يضرّ ولا يقدح بالمطلوب ففي فيرد تمثال وفي آخر: (انا معاشر الملائكة لا ندخل بيتاً فيه تماثيل) فلا يدخل الملائكة تبعده عن الرحمة وللتقليل كما في المرسلة عن الصادق عليه السلام قال: فإذا قيل بكراهة الصلاة في بيت فيه تماثيل فليس ذلك باعتبار خصوصية في الصلاة نفسها، بل من باب المجاز والاولوية يقال بكراهة الصلاة فيها. وعن الهداية إطلاق كراهة البيت الذي فيه تماثيل كما عن الصدوق في المقنع وعن المبسوط: لا يصلّي وفي قبلته أو يمينه أو شماله صور وتماثيل إلّا أن يغطيها، فإن كان تحت رجليه فلا بأس قيل ونحوه البيان والإصباح ، وفي بعض الأخبار علل ذلك بأنّ الله أقرب إليه من حبل الوريد فتأمل.

ويلحق بذلك البساط الذي فيه التماثيل، فإنّه وإن كانت صحيحة محمد بن مسلم كما تقدمت دلّت على الجواز وعدم البأس محمد بن حسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن ابن محبوب عن علا عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أُصلّي والتماثيل قدّامي وأنا أنظر إليها؟ قال: لا، إطرح عليها ثوباً، ولا بأس بها إذا كانت عن يمينك أو شمالك أو خلفك أو تحت رجلك أو فوق رأسك، وإن كانت في القبلة فألق عليها ثوباً وصلّ().

ورواه البرقي في المحاسن عن ابن محبوب مثله.

وجه الإستدلال: عدم البأس بالصلاة على بساط تحت رجلك فيه تماثيل، ولكن يظهر من رواية أخرى من الروايات خلاف ذلك كرواية سعد بن إسماعيل عن أبيه.

قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن المصلّي والبسافط يكون عليها التماثيل أيقوم عليه فيصلّي أم لا؟

فقال: والله إني لأكره، وعن رجل دخل على رجل عنده بساط عليه تمثال؟ فقال: أتجد ههنها مثالاً، فقال: لا تجلس عليه ولا تصلّ عليه().

ولكن ورد في رواية جواز ذلك معللاً أنه يريد اهانته كما أومأ إليه أبو جعفر عليه السلام لما سئل عن الجلوس على بساط ذي تمثال فقال: أردت أن أخفيته.

فيكون التعارض بينهما ومع تمامية السند يقال بالكراهة حينئذٍ.

وربما يقال بالتفصيل في تماثيل البساط بين أن يكون له عين واحدة فلا بأس بالصلاة عليه، وإن كان ذو عينين ففيه البأس والكراهة تمسكاً بطائفة من الروايات منها: مرسلة ايمن أبي عمير.

عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن إبن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في التمثال يكون في البساط، فتقع عينك عليه وانت تصلّي، قال: إن كان بعين واحدة، فلا بأس وإن كان له عينان فلا.

ومرفوعة ابن أبي عمير().

وعن أبيه عن ابن ابي عمير رفعه قال: لا بأس بالصلاة والتصاوير تنظر إليه إذا كانت بعين واحدة().

وكذلك رواية الصدوق عن ليث المرادي (إن كان لها عين واحدة فلا بأس، وغن كان لها عينان وأنت تصلي فلا).

وبناء على التسامح في أدلة السّنن كما هو المختار، لا بأس بهذا التفصيل وإن كان يحتمل خفة الكراهة بالعين الواحدة كما صرّح به بعض الأصحاب ومنهم من تبدي من العين إلى باقي الأعضاء بل الحق طمس العين به على أن المراد من الصورة الكاملة منها فتأمل فإنّه لا يسلب إسم الصورة عنه عرفاً.

كما يحتمل أن يكون المراد بالعين الواحدة أو العينين باعتبار المصلّي الناظر فإنّه بعينيه يرى تمام الصورة دون العين الواحدة فإنها تنكظر إلى الشمال أو اليمين، كما يؤيد غلبة نقص العين وغيرها في صورة الإنسان المنقوشة على جدار ونحوه فتأمل وراجع الجواهر (8: 385).

ثم لا خصوصية للبيت في كراهة الصلاة فيها مع وجود التماثيل في الجهات الست، بل يجري الحكم في المفازة أيضاً وفي أي مكان آخر للإطلاقات.

ثم ليس في الفتاوى ولا في النصوص المتعرض لدفع الكراهة ببعد عشرة أذرع عن الشمال أو الصورة، بل ولا بالحائل كالعنزة ونحوها، إلّا أنه لا بأس بزوال الكراهة بالحائل السائر، فإنه رديف الأمر بالتغطية أولاً، وثانياً ورد في خبر علي بن جعفر ما يدل عليه.

عن قرب الإسناد (ص113) تسأل أخاه عليه السلام: هل يصلح له أن يصلّي في بيت على بابه ستر خارجة فيها التماثيل، ودونه ممّا يلي البيت ستر آخر ليس فيه تماثيل، هل يصلح له أن يرض الستر الذي ليس فيه التماثيل حتى يحول بينه وبين الستر الذي فيه التماثيل أو يسد الباب دونه ويصلّي؟ قال: نعم لا بأس، هذا والله العالم بحقائق الأمور.

العشرون: مكان قبلته حائط ينّز من بالوعة يبال فيها أو كنيف، وترتفع بستره وكذا إذا كان قدّامه عذرة هذا ما ذهب إليه المشهور ويدل عليه طائفة من الروايات منها:

ما رواه الصدوق باسناده عن محمد بن ابي حمزة عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: إذا ظهر النّز من خلف الكنيف وهو في القبلة يستره بشيء.

ومنها: مرسلة البزنطي: عمَن سأل أبا عبد الله عليه السلام عن المسجد ينّز حائط قبلته من بالوعة يبان فيها، فقال: إن كان نزه من البالوعة فلا تصل فيه، وإن كان نزّه من غير ذلك فلا بأس().

ومنها: ما عن المستدرك عن كتاب الحسين بن عثمان أنه قال: روي عن أبي الحسن عليه السلام قال: إذا ظهر النّز إليك من خلف الحائط من كنيف في القبلة سترته بشيء.

والروايات وإن كانت ضعيفة السند إلّا أنها أفتى بها المشهور كما نقول بالتسامح في أدلة السنن وشمولها للمكروهات أيضاً.

وأما إذا كان قدامه عذرة فيكره ذلك لرواية الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام أقوم في الصلاة فأرى قدّامي في القبلة عذرة، قال: تنّح عنها ما استطعت، ولا يصلّ على الجواد(). أي الطريق كما مرّ تفصيل ذلك.

الحادي والعشرون: إذا كان قدّامه مصحف وكتاب مفتوح أو نقش شاغل، بل كل شيء شاغل.

وهذا ما يأتينا تفصيله إن شاء الله تعالى.