قاعدة لا ضرر ولا ضرار

قال المصنف المحقق الخراساني قدس سره: ثم إنّه لا بأس بصرف الكلام إلى بيان قاعدة الضرر والضرار على نحو الإقتصار، وتوضيح مدركها وشرح مفادها،وإيضاح نسبتها مع الأدلة المثبتة للأحكام الثابتة للموضوعات بعناوينها الأولية ـ كأدلة وجوب الصلاة والصيام وغيرهما ـ أو الثانوية ـ كأدلة نفي العسر والحرج والإكراه ونحوهاـ وإن كانت أجنبية ـ لكون القاعدة من القواعد الفقهية، فحمل بحثها هو الفقه الشريف ـ عن مقاصد الرسالة، إجابة لإلتماس بعض الأحبة، فأقول وبه استعين: أنه قد استدل عليها بأخبار كثيرة.

أقول: يقع الكلام في بيان قاعدة لا ضرر ولا ضرار فإنها من القواعد الفقهية المصطادة والمستنبطة، فالكلام في رواياتها سنداً ودلالةً تبعاً للشيخ الأعظم في فرائد أصوله ^([1])، وتلميذه المحقق الخراساني في كفاية اصوله (380).

والأخبار في الباب كثيرة وعمدتها رواية سمرة بن جندب:

في موثقة زرارة لموضوع ابن بكير الفطحى الثقة في سندها كانت موثقة ـ عن أبي جعفر عليه السلام: إنّ سمرة بن جندب ـ وهو من الاشقياء المذمومين كما في كتب التراجم كما يدل على ذلك قصة هذه ـ كان له غدق ـ التحفة بحملها ـ في حائط ـ أي بستان ـ برجل من الأنصار، وكان منزل الأنصاري بباب البستان، وكان سمرة يمرّ إلى نخلته ولا يستأذن، فكلّمه الأنصاري أن يستأذن إذا جاء، فأبى سمرة.

فجاء الأنصاري إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فشكا إليه؟ فأخبر بالخبر، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخبره بقول الأنصاري وما شكاه، فقال: إذا أردت الدخول فاستأذن، فأبى.

فلما أبى فساومه حتى بلغ من الثمن ما شاء الله، فأبى أن يبيعه.

فقال لك بها عنق في الجنة، فأبى أن يقبل.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للأنصاري: إذهب فاقلعها وارم بها إليه، فإنّه لا ضرار ولا ضرار^([2]).

وفي رواية الحذاء أبي عبيدة زياد بن عيسى عن أبي جعفر عليه السلام مثل ذلك مع إختلاف يسير لا يقدح في دلالة الخبر على المطلوب وفيما بعد الإباء: (ما أراك يا سمرة إلّا مضارّاً، إذهب يا فلان فافعلها وارم بها وجهه).

إلى غير ذلك من الروايات الواردة في قصة سمرة كرواية ابن مسكان عن زرارة، رواها الوسائل عن الكافي، وفيها.

قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنك رجل مضارّ الاضرار على مؤمن، ثم قال: ثم أمر بها فقلعت ورمي بها إليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انطلق فاغرسها حيث شئت)^([3])، وغيرها وهي كثيرة كروايتي عقبة بن خالد في الشغفة ومنع فصل الماء حيث تذبل كلّ منهما بجملة (لا ضرر ولا ضرار).

وكذا مرسلة الصدوق (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) ورواية عقبة بن خلاد عن الصادق عليه السلام قال: (لا ضرر ولا ضرار) وقد ادّعي تواترها مع إختلافها لفظاً ومورداً وهذا ما يأتينا بيانه إن شاء الله تعالى.