عطفاً على ما سبق في بيان النسبة بين حديثي من زاد ولا تعاد، فكانت النسبة عموم من وجه وفي مادة الاجتماع كان التعارض فأمّا أن يقال بالتساقط أو الأرجحية وذهب الشيخ الأنصاري قدس سره غلى الثاني فقال بأرجحيتة حديث لا تعاد من باب الحكومة في تضييق دائرة المحكوم عليه في موضوع حديث من زاد، فمن زاد سهواً لا يعيد إذ لا تعاد الصلاة  إلّا من خمس.

وأنكر عليه المحقق الحائري ذلك بأنّ الحكومة إنّما تصرف مع الطولية، فلو كان حديث من زاد في طول حديث لا تعاد لكان حديث لا تعاد كما على حديث من زاد والحال إنّما نقول بالعرضية في الحديثين غذا أحدهما يحكم بوجوب الإعادة والآخر بنفيها في رتبة واحدة، فكيف يقدم أحدهما على الآخر، والكلام في متن الحديثين دون البحث عن السندين والأخذ بالمرجحات الداخلية أو الخارجية كما في الأخبار العلاجيّة.

نعم يقدّم من باب الحكومة لو كان حديث من زاد مثل الأدلة الأخرى الواردة في المقام في مبطلات وقواطع الصلاة فعناوينها عناوين النهي والمبطلية كقولنا (لا تضحك في الصلاة )أو أن الحدث مبطل الصلاة، فإنّ حديث لا تعاد يكون حاكماً عليهما لوجود ضابطة الحكومة وهي أن الحاكم يتصرف في موضوع المحكوم عليه مطلقاً سواء ما وقع في سلسلة العلل وسلسلة المعلولات، فإذا كان الحدث مبطلاً فإنّه يترتب على ذلك معلولاً وهو الإعادة المعبّر عنها بإلغاء، كما يقال الحدث مبطل فتجب الإعادة، فإنّ الحاكم كما يتصرف في حلّة موضوع المحكوم عليه يتصرف في معلول الموضوع أيضاً.

ولكن في المقام ليس الأمر كذلك إذ النفي والإثبات في الحديثين في رتبة واحدة، فتأمّل.

ثم قيل بوجه آخر في ترجيح حديث لا تعاد على حديث من زاد وخلاصته: أنّ حديث لا تعاد أقوى ظهوراً من حديث من زاد فيقوم عليه بقوة ظهور.

وأمّا وجه القوة في الظهور فذلك باعتبار أحد الطريقين.

الأول: من جهة الجملة الإستثنائية في الحديث (لا تعاد إلّا من خمس) والجملة الإستثنائية فيها من القوة ما لم يكن في غيرها كالجملة الخبريّة، فإذا قيل: (جائني القوم) فربما المتكلم أو المخاطب يتردّد في مجيء زيد أنه مع القوم أو ليس معهم، فإذا قال ( إلّا زيد) فإنه قطع هذا الترديد ورفع الشك، فكان أقوى من قولنا: جاء القوم وفي جملة أخرى نقول (لم يجيء زيد).

الثاني: إنّ حديث لا تعاد يشتمل على التعليل والوجه في عدم الإعادة بقوله (لا يعاد التشهد لأنّه من السنة والسنة لا تنقض الغريفية) فيكون الحكم معللاً وما كان كذلك لا يصّح الشك في علّته فيكون أقوى ظهوراً ممّا لم يُذكر فيه علّة الحكم فيقدّم على غيره.

ثم أياً كان في القول بالأرجحيّة سواء بالحكومة أو بغيرها كقوة الظهور، فإن لازمه خروج حديث من زاد عن مادة الإجتماع، فلا تعارض، إلّا أن من مادة الاقتران في حديث من زاد هو الزيادة العمدية في غير الأركان الخمسة، فيكون مورد الحديث الزيادة العمدية غير الركنية، فإنّه يعيد صلاته، وهنا يأتي النزاع الذي مرّ بأنه لا يمكن تصويرها لو كان المقصود منها الزيادة الحقيقية بحسب حكم العقل وإنّما تكون من الزيادة المجازية بحسب نظر العرف وربما يقال في جواز الزيادة العمدية تصويراً، بإنّه ربما تجد من المتشرعة من لم يبال بالمسائل الشرعية بما هو المطلوب فيتصور بجواز الزيادة العمديّة فيقدم عليها، فيدخل تحت عموم من زاد حينئذٍ.

ولا يخفى أنّ مثل هذا الفرد ربما يكون نادراً، فهنا يطرح السؤال التالي كيف يكون حديث من زاد ناظر إلى الفرد النّادر فتأمل.

مقولة النائيني ومناقشته: