عطفاً على ما سبق: أنّ الأصل الأولي في زيادة جزء أو شرط إنّما يقتضي في بعض صوره كما في الاستصحاب عدم البلطان في المأمور به، والكلام يقع بعد ذلك في بيان الأصل الثانوي من الأخبار فهل تدلّ على عدم البطلان في الزيادة كذلك أو تقول بالبطلان والكلام في خصوص الصلاة لما ورد فيها من حديث (لا تعاد الصلاة إلّا من خمس) والمسألة وإن كانت في الأصل من المسائل الفقهيّة، إلّا أنّ علماء الأصول قد تعرضوا لها كذلك، ويقع الكلام في ثلاث مقامات: اأول: في بيان مقدار دلالة الروايات الواردة في هذا الباب والثاني ما هو مفاد حديث لا تعاد ، والثالث أيّ نسبة بين حديث لا تعاد وبين باقي الروايات.

أمّا المقام الأوّل: فقد وردت جملة من الروايات تدلّ على أنّ الزيادة في الصلاة توجب الإعادة المكان (عليه) الوارد في الأخبار كما في خبر أبي بصير عن أبي عبد الله الإمام الصادق عليه السلام قال: من زاد في صلاته فعليه الإعادة، أي يجب عليه الإعادة لمكان (عليه).

وهذا يجري حتى على القول بعدم الزيادة الحقيقية عقلاً كما مرّ تفصيل ذلك، فإنّ الخطابات الشرعية تنزل منزلة المتفاهم العزمي، فقوله عليه السلام من زاد في صلاته، أي الزيادة العرفية الظاهرية، ويبقى أنه ما المقصود من هذه الزّيادة عرفاً؟

ذهب المحقق الحائري قدس سره عند تعّرضه للرّواية في كتاب الصلاة إلى أنّ المراد من الزيادة باعتبار أنها ذكرها في الصلاة فكانت الصلاة ظرفاً والزيادة مظروفاً، فإنّه يستوجب صحة إطلاق الزيادة على الصلاة أنها من الصلاة إلّا أنّه لا بمعنى أن تكون جزء الصلاة بل المراد ما يصدق عليه الزيادة بأقل مراتبها وهي عبارة عن الركعة الواحدة بعد الركعة الأولى فكانت من جنس الصلاة، كما لو قال (زاد الله في عمرك) فمعناه أنّ الله زاد عمراً في عمرك، فزاد في صلاته أي زاد صلاته في صلاته، وتحقق الصلاة بركعة واحدة، فالزيادة حينئذٍ يقصد منها عرفاً زيادة ركعة واحدة من جنس الصلاة.

وأجيب عنه: بالفرق بين زيادة الصلاة وبين زاد الله في عمرك، فإنّه قياس مع الفارق، إذ العمر من الأمر البسيط فهو غير مركّب، فإنّه من الأمر التكويني، بخلاف الصلاة، فإنّها مركبة من أجزاء مختلفة الحقائق كالركوع والسجود والقيام فعند العرف صدق الزيادة فيها لا يلزمه أن يكون من سنخ المركب كما كان في العمر، بل أضاف على الصلاة أمراً جديداً كما في قول (آمين) عند أبناء العامة بعد سورة الحمد، فإنّه من الزيادة في فقه الشيعة ويوجب بطلان الصلاة، فإنّها تصدق عليه من زاد في صلاته فعليه الإعادة لبطلانها.

ومن الروايات في الزيادة ما جاء في من قرء سورة السجدة في الصلاة، فإنّها مشروطة بعدم قراءة سور العزائم ففي خبر زرارة يذكر علّة عدم جواز قراءة سور العزائم في الصلاة، بأنّه لو قرأت آية السجدة وجب السجود  لها وهذا من الزيادة في المكتوبة يوجب بطلان الصلاة، فإنّه وإن لم يأت بالسجدة بعنوان الجزئية، ولكن سميّت بالزيادة فكيف يكون ذلك، قيل في توجيه خبر زرارة أنه ربما المقصود من الزيادة هي الزيادة الحكمية وليست الموضوعية أو قل الزيادة العرفية وليس الزيادة الحقيقية، فروايات من زاد في صلاته تشمل كل الزيادات ما دامت يصدق عليها عنوان الجزئية.

هذا في المقام الأول وأمّا في المقام الثاني وحديث لا تعاد وما هو مفادها، فإنّ فيها مباحث مختلفة تأتينا إن شاء الله تعالى.