يقع الكلام عطفاً على ما سبق: في بيان الوجوه في التمسك بالاستصحاب لإثبات الصحة مع الزّيادة.

الوجه الثاني: استصحاب عدم وقوع القاطع في الزيادة، أو استصحاب عدم المانع من الشك في كون الزيادة مانعة عن صحة الصلاة أم لا؟

بيان ذلك: قيل: يعتبر في المركب التام كالصلاة ان تكون بهيئة اتصالية في الأجزاء والشرائط والموانع القواطع، أي أنّ الصلاة لها هيئة اتصالية متحققة حين اشتغال المصلى بالصلاة قبل تحقق تلك الزيادة، فإذا وجدت الزيادة، فإنّه نشك في حصول القاطع أو وجود المانع، فإنّه يستصحب عدمها، فتصّح الصلاة مع الزيادة حينئذٍ.

إن قيل: ربّما الصلاة تكون مقيّدة بعدم المانع أو عدم القاطع، والاستصحاب لا يثبت التّقييد.

يقال في جوابه: بأنّ الاستصحاب يجري في نفس التقييد، أي الهيئة الاتصالية والكون الرابط، واستصحاب عدم تحقق المانع في الصلاة، عبارة أخرى عن كون الصلاة بلا مانع فتصّح الصلاة.

نعم ربما يقال في المقام: إن استصحاب عدم تحقق المانع في الصلاة يلازم عقلاً كون الصلاة بلا مانع، فإذا كان كذلك فالظاهر حينئذٍ يكون من الأصل المثبت وهو ليس بحجة في الأصول، كما هو ثابت في محلّه، وهذا نظير استصحاب عدالة زيد لإثبات كونه عادةً، فهذا كذلك من الأصل المثبت.

فلو أراد أن يأثم بزيد وشك في عدالته حين الائتمام وكان عادلاً من قبل، فإنّه يستصحب عدالة زيد، ولكن لايعني ذلك.

كون زيد عادلاً فعلاً فإنّ ذلك من لازمه العقلي وهو من الأصل المثبت، وكذلك الحال في المقام، فإن استصحاب عدم المانع يلازمه عقلاً كون الصلاة بلا مانع.

فما يترتب على الاستصحاب في المقام أنّ الصلاة بلا مانع أو الهيئة الاتصالية بلا قاطع فيستصحب بقائها على هذه الحالة عند الشك في طروّ المانع أو القاطع، ولكن مثل هذا الاستصحاب لا يثبت كون الصلاة بلا مانع أو كون الهيئة الاتصالية بلا قاطع، فإنّه من الأصل المثبت لكونه لزومه ذلك بحكم العقل.

ولكن ربما يقال: إنّ اجراء هذا الاستصحاب في المانع والقاطع لا يحتاج إلى إثبات الهيئة الاتصالية للصلاة كما قيل، كما أن جريان هذا الاستصحاب يبتني على أنّ مانعيّة الشيء أو قاطعيته ترجع إلى أخذ عدمهما قيداً في الصلاة بحيث يكون المأمور به الصلاة المقيدة بعدمهما كما هو المعروف في معنى المانع والقاطع.

ولكن لو قيل أن كون الشيء مانعاً أو قاطعاً ليس إلّا بمعنى كون وجودهما هادماً للصلاة من دون أن يقع الشيء مورداً للأمر ومن دون أن يكون موثراً للغرض كما هو كذلك في المانع التكويني فإنّ النار مؤثرة بما هي نار لا النار مع عدم الرطوبة نعم الرطوبة أن تؤثر في هدم النار وإطفاءها، وعليه فلا مجال لهذا الاستصحاب، لأنّ المأمور به ليست الصلاة المقيدة بلا مانع ولا قاطع بل ذات الصلاة التي لا يجتمع في نفس الأمر مع هذه القواطع والموانع ولا يحرز ذلك بالأصل لأنّ عدم أحد الضدين إنّما يلزم ثبوت الآخر عقلاً، وأمّا شرعاً فلا يلازم ذلك ويكون هذا نظير إثبات السكون لنفي الحركة، فتأمل.