وإمّا أن لا تصدق الزيادة، فحينئذٍ لا مجال لتصوير الزيادة عقلاً على الاعتبار والمقدمة الأولى من كون الزائد من المزيد عليه، وكذلك على الاعتبار والمقدمة الثانية من كون المزيد عليه مركب تام محدود بحدود ولو إعتباريّة، لأن الزائد حينئذٍ ليس من سنخ المزيد عليه، كما أنّ الزيادة ترجع إلى النقيصة، وإنّما لم يكن من سنخ المزيد عليه، لخروج الزائد والوجود اثاني عن دائرة اللحاظ الأوّلي لعنوان المركب التّام، فيستحيل إتصافه عندئذٍ بالصلاة والصلاتية.

وأما الزيادة على الإعتبار والمقدمة الثالثة: فإنّه يتصوّر الزيادة الحقيقة مطلقاً سواء أخذ الجزء في مقام تعلّق الأمر بشرط لا، أو لا بشرط بالمعنى الأوّل الذي لازمه خروج الوجود الثاني عن دائرة المطلوبية، أو بالمعنى الثاني الراجع إلى كون المطلوب هو صرف الوجود المتحقق بأوّل الوجود.

أما على الأول والثاني فظاهر، لأنّ الوجود الثاني حينئذٍ يكون من طبيعة الجزء، وممّا يصدق عليه الزيادة بالنسبة إلى ما اعتبر في المأمور به من تحديد الجزء بالوجود والواحد، حيث إنه يتعلق الأمر بالصلاة المشتملة على ركوع واحد تتحد طبيعة الصلاة بالقياس إلى دائرة المأمور به من الطبيعة، يكون الوجود بالنسبة إلى ذلك الحدّ من الزيادة بقلب حدّه إلى حدّ آخر، وإن لم تصدق الزيادة بالنسبة إلى المأمور به بما هو مأمور به.

وكذلك الأمر على الاعتبار الثالث والأخير، إذ بإنطباق صرف الطبيعي على الوجود الأوّل في المتعاقبات تتحّد دائرة المركب والمأمور به بحدّ قهراً، يكون الوجود الثاني زيادة في المركب والمأمور به، فتأمل.

وأورد عليه بعض المناقشات:

أولاً: ما ذكره من الاعتبارات الثلاثة في المركب باعتبار أجزاءه أنّه إمّا أن يكون الجزء بشرط لا، أو لا بشرط المقسمي أو اللّا بشرط القسمي ممّا لا وجه له، لأنّ الثاني يرجع في الواقع إلى الثالث، فالجزء في الواقع لا يخلو من حالين بإعتبار الشرطية، فأما أن يكون بشرط لا بالنسبة إلى الزيادة أو بشرط لا.

وثانياً: يرد عليه فيما ذكره في الفرض الثالث من فرض الجزء لا بشرط القسمي والماهية المطلقة أنّه لو اعتبر نفس طبيعة الجزء جزءاً، فمعناه أن نفس طبيعة الركوع تعتبر جزءاً للصلاة، ومن الواضح أن طبيعة الركوع بما هي إنّما تتحقق في الخارج بأوّل فرد من الركوع في الركعة، فيصير جزءاً للصلاة، وأما الفرد الثاني الزائد لا يكون جزءاً للصلاة.

وثالثاً: يظهر من كلامه أنّ ما يعتبره قبل الحكم غير ما تعلّق به الحكم، وبهذا يزيل تصوير الزيادة، ولكن هذا أمر غريب ويلزمه اللّغو، فإنّه من البديهي اعتبار المركب بإعتبار أجزاء ه قبل تعلق الحكم لا بشرط، ثم تعليق الحكم بالأجزاء بنحو بشرط لا فهذا يلزمه التنافي واللّغويّة إذ لا أثر للإعتبار الأول عندئذٍ قبل تعلّق الحكم بالمأمور به وبالمركب والاجزاء.

ورابعاً: لو سلّمنا ما قاله فإنّه مع ذلك لا تتصدر الزيادة الحقيقية لأن ما يلزمه الزيادة في المأمور به وما ذكره قبيل تعلق الحكم لم يؤمر به فلا يرتبط بالمكلف حتى يكون له صلاة مثلاً وزيادة، فما ذكره من التصوير في الزيادة الحقيقية غير تام. فتأمل.