ارسال السریع للأسئلة
تحدیث: ١٤٤٥/١٢/٢٤ السیرة الذاتیة کتب مقالات الصور دروس محاضرات أسئلة أخبار التواصل معنا
العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
فهرست کتاب‌‌ لیست کتاب‌ها
  1. النوران الزهراء والحوراء
  2. الأقوال المختارة في احکام الصلاة سنة 1436هـ
  3. الکافي في اصول الفقه سنة 1436هـ
  4. في رحاب الخير
  5. الغضب والحلم
  6. إیقاظ النائم في رؤیة الامام القائم
  7. الضيافة الإلهيّة وعلم الامام
  8. البداء بين الحقيقة والافتراء
  9. سيماء الرسول الأعظم محمّد (ص) في القرآن الكريم
  10. لمعة من النورین الامام الرضا (ع) والسیدة المعصومة(س)
  11. الدوّحة العلوية في المسائل الافريقيّة
  12. نور الآفاق في معرفة الأرزاق
  13. الوهابية بين المطرقة والسندانه
  14. حلاوة الشهد وأوراق المجدفي فضيلة ليالي القدر
  15. الوليتان التكوينية والتشريعية ماذا تعرف عنها؟
  16. الصّارم البتّار في معرفة النور و النار
  17. بريق السعادة في معرفة الغيب والشهادة
  18. الشخصية النبوية على ضوء القرآن
  19. الزهراء(س) زينة العرش الإلهي
  20. مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
  21. نور العلم والعلم نور
  22. نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل
  23. دروس الیقین فی معرفة أصول الدین
  24. في رحاب اولى الألباب
  25. الله الصمد في فقد الولد
  26. في رواق الاُسوة والقدوة
  27. العلم الإلهامي بنظرة جديدة
  28. أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم
  29. الانسان على ضوء القرآن
  30. إجمال الكلام في النّوم والمنام
  31. العصمة بنظرة جديدة
  32. الشباب عماد البلاد
  33. الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين
  34. النور الباهر بين الخطباء والمنابر
  35. التوبة والتائبون علی ضوء القرآن والسنّة
  36. القصاص علی ضوء القرآن والسّنة الجزء الثاني
  37. القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الثالث
  38. القول الرشید فی الإجتهاد و التقلید 2
  39. القول الرشيد في الاجتهاد والتقليد 1
  40. القصاص على ضوء القرآن والسنّة الجزء الاول
  41. الأقوال المختارة في أحكام الطهارة الجزء الأوّل
  42. أحكام السرقة على ضوء القرآن والسنّة
  43. الهدى والضلال على ضوء الثقلين
  44. في رحاب حديث الثقلين
  45. المأمول في تكريم ذرية الرسول 9
  46. عصمة الحوراء زينب 3
  47. عقائد المؤمنين
  48. النفحات القدسيّة في تراجم أعلام الكاظميّة المقدّسة
  49. قبس من أدب الأولاد على ضوء المذهب الإمامي
  50. حقيقة الأدب على ضوء المذهب
  51. تربية الاُسرة على ضوء القرآن والعترة
  52. اليقظة الإنسانية في المفاهيم الإسلامية
  53. هذه هی البرائة
  54. من لطائف الحجّ والزيارة
  55. مختصر دليل الحاجّ
  56. حول دائرة المعارف والموسوعة الفقهية
  57. رفض المساومة في نشيد المقاومة
  58. لمحات قراءة في الشعر والشعراء على ضوء القرآن والعترة :
  59. لماذا الشهور القمرية ؟
  60. فنّ الخطابة في سطور
  61. ماذا تعرف عن العلوم الغريبة
  62. منهل الفوائد في تتمّة الرافد
  63. سهام في نحر الوهّابية
  64. السيف الموعود في نحراليهود
  65. لمعة من الأفكار في الجبر والاختيار
  66. ماذا تعرف عن الغلوّ والغلاة ؟
  67. الروضة البهيّة في شؤون حوزة قم العلميّة
  68. النجوم المتناثرة
  69. شهد الأرواح
  70. المفاهيم الإسلامية في اُصول الدين والأخلاق
  71. مختصر دليل الحاجّ
  72. الشهيد عقل التاريخ المفكّر
  73. الأثر الخالد في الولد والوالد
  74. الجنسان الرجل والمرأة في الميزان
  75. الشاهد والمشهود
  76. محاضرات في علم الأخلاق القسم الثاني
  77. مقتل الإمام الحسين 7
  78. من ملكوت النهضة الحسينيّة
  79. في ظلال زيارة الجامعة
  80. محاضرات في علم الأخلاق
  81. دروس في علم الأخلاق
  82. كلمة التقوى في القرآن الكريم
  83. بيوتات الكاظميّة المقدّسة
  84. على أبواب شهر رمضان المبارک
  85. من وحي التربية والتعليم
  86. حبّ الله نماذج وصور
  87. الذكر الإلهي في المفهوم الإسلامي
  88. السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
  89. شهر رمضان ربيع القرآن
  90. فاطمة الزهراء مشكاة الأنوار
  91. منية الأشراف في كتاب الإنصاف
  92. العين الساهرة في الآيات الباهرة
  93. عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
  94. بهجة الخواصّ من هدى سورة الإخلاص
  95. من نسيم المبعث النبويّ
  96. ويسألونک عن الأسماء الحسنى
  97. النبوغ وسرّ النجاح في الحياة
  98. السؤال والذكر في رحاب القرآن والعترة
  99. نسيم الأسحار في ترجمة سليل الأطهار
  100. لمحة من حياة الإمام القائد لمحة من حياة السيّد روح الله الخميني ومقتطفات من أفكاره وثورته الإسلاميّة
  101. قبسات من حياة سيّدنا الاُستاذ آية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي «قدّس سرّه الشريف »
  102. طلوع البدرين في ترجمة العلمين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الأمام الخميني 0
  103. رسالة من حياتي
  104. الكوكب السماوي مقدّمة ترجمة الشيخ العوّامي
  105. الكوكب الدرّي في حياة السيّد العلوي 1
  106. الشاكري كما عرفته
  107. كيف أكون موفّقآ في الحياة ؟
  108. معالم الصديق والصداقة في رحاب أحاديث أهل البيت
  109. رياض العارفين في زيارة الأربعين
  110. أسرار الحج والزيارة
  111. القرآن الكريم في ميزان الثقلين
  112. الشيطان على ضوء القرآن
  113. الاُنس بالله
  114. الإخلاص في الحجّ
  115. المؤمن مرآة المؤمن
  116. الياقوت الثمين في بيعة العاشقين
  117. حقيقة القلوب في القرآن الكريم
  118. فضيلة العلم والعلماء
  119. سرّ الخليقة وفلسفة الحياة
  120. السرّ في آية الاعتصام
  121. الأنفاس القدسيّة في أسرار الزيارة الرضويّة
  122. الإمام المهدي عجل الله تعالی فرجه الشریف وطول العمر في نظرة جديدة
  123. أثار الصلوات في رحاب الروايات
  124. رسالة أهل البيت علیهم السلام سفينة النجاة
  125. الأنوار القدسيّة نبذة من سيرة المعصومين
  126. السيرة النبوية في السطور العلوية
  127. إشراقات نبويّة قراءة موجزة عن أدب الرسول الأعظم محمّد ص
  128. زينب الكبرى (سلام الله علیها) زينة اللوح المحفوظ
  129. الإمام الحسين (علیه السلام) في عرش الله
  130. رسالة فاطمة الزهراء ليلة القدر
  131. رسالة علي المرتضى (علیه السلام) نقطة باء البسملة
  132. الدرّ الثمين في عظمة أمير المؤمنين - علیه السلام
  133. وميض من قبسات الحقّ
  134. البارقة الحيدريّة في الأسرار العلويّة
  135. رسالة جلوة من ولاية أهل البيت
  136. هذه هي الولاية
  137. رسالتنا
  138. دور الأخلاق المحمّدية في تحكيم مباني الوحدة الإسلاميّة
  139. أخلاق الطبيب في الإسلام
  140. خصائص القائد الإسلامي في القرآن الكريم
  141. طالب العلم والسيرة الأخلاقية
  142. في رحاب وليد الكعبة
  143. التقيّة في رحاب العَلَمَين الشيخ الأعظم الأنصاري والسيّد الإمام الخميني
  144. زبدة الأفكار في طهارة أو نجاسة الكفّار
  145. طالب العلم و السیرة الأخلاقیّة
  146. فاطمة الزهراء سلام الله علیها سرّ الوجود

الفرق بين العصمتين 58

الفرق  بين  العصمتين  :

أقول : إنّ هناک فرق بين عصمة الأنبياء السابقين لنبيّنا  : وبين عصمة خاتم الأنبياء وأهل بيته الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين ، ولكن هذا الفرق من حيث المبادئ والنتيجة ، أي أنّ عصمة الأنبياء يصدر معها ترک الأولى[1] ، ولكن   

عصمة النبيّ  9 وأهل بيته لا يصدر معها ترک الأولى ، كما يلاحظ ذلک في قصّة آدم وداود  8[2] ، إلّا أنّ ترک الأولى لا يضرّ بالعصمة .

   

ثمّ إنّ العصمة التي تبتني على الصبر تجعل صاحبها على درجة من اليقين بحيث لو كشف له الغطاء لما ازداد يقينآ بينما نرى أنّ إبراهيم الخليل  7 طلب من ربّه أن يرى ما يطمئنّ به القلب ، وهذا لأنّ عصمته بنيت على العلم والزهد، في حين أنّ أمير المؤمنين عليآ  7 لم يطلب ذلک من ربّه لأنّ صبره أساس الأخلاق ، واليقين جزء من الأخلاق ، إنّ الزهد والتقوى جنديّان من جنود العقل وحبّ الدنيا من جنود الجهل كما هو مبيّن في محلّه[3] .

 

فلا بدّ للعاقل من الاتصاف بالزهد والتقوى وباقي الصفات التي أعدّها الله من جنود العقل ، والصبر أساس لكلّ هذه الجنود، كما عند علماء الأخلاق والعرفان أنّ مراحل التهذيب عبارة عن التخلية والتحلية والتجلية ، وكلّها تبتنى على الصبر.

فبالصبر لم يصدر من عليّ  7 ترک الأولى ، فلا يقال لمثله  7: كان الأولى له أن يفعل كذا في سياسته أو اقتصاده ، وأعماله وسلوكه ، وهكذا كان أولاده المعصومين  : بالعصمة الذاتية المبتنية على العلم التامّ اللدنّي وعلى الصبر.

فإذا عرفنا أنّ العصمة التي عند النبيّ  9 وأهل بيته  : عصمة ذاتية ، أي ذاتآ عصمهم الله من كلّ شين ونقص وذنب وخطأ ونسيان وحتّى ترک الأولى في النبيّ محمّد وآله الطاهرين  :، وذلک باختبار وامتحان منه سبحانه في العوالم السابقة ، فأعطاهم الله العصمة ، فإذا عرفنا هذا، فإنّ التي عند زينب وأمثال زينب الذين تربّوا في أحضان النبوّة والإمامة[4]  عصمة أفعالية أي لم يرتكبوا الذنب في  

أفعالهم من حين ولادتهم وحتّى حين وفاتهم ، فعصمتهم هذه تسمّى بالعصمة الأفعالية أو الكسبية وأنّها الجزئية وليست عصمة ذاتية فلاتجب عليهم عقلا، لأنّ العصمة الذاتية مختصّة بالأنبياء والأئمة وفاطمة  :.

ثمّ لا بأس من أجل توضيح العصمة الذاتية والعصمة الأفعالية والفرق بينهما أذكر هذا المثال الطبّي ، ولا يخفى أنّ المثال كما يقال (يقرّب من جهة ويبعّد من ألف جهة ) وأنّه لا مناقشة في الأمثال ، فالمقصود وهو تقريب المعقول بأمر محسوس .

ففي الطبّ العصري يلقّح الأطفال منذ الصغر بتلقيح عدم الشلل ، فمن يُلقّح ـمن قبل الأبوين مثلاـ في صغره فإنّه يعصم من الشلل ، حتّى ولو وقع في محيط غير صحّي ، فكأنّه يعصم من اليوم الأوّل على عدم التلوّث بالشلل ، ومن لم يلقّح فإنّه يمكن أن لا يتلوّث أيضآ إلّا أنّه هو بأفعاله ووقايته يبتعد عن البيئة الملوّثة فينجو من الشلل أيضآ، إلّا أنّه بأفعاله ، لا بتلقيح الطبيب والوالدين .

فالعصمة الذاتية تلقيح إلهي للأنبياء والأئمة الأطهار بعد اختبارهم في العوالم السابقة ، ونجاحهم في الامتحانات الإلهيّة ، كنجاحهم في الدنيا، كما ابتلي إبراهيم الخليل بكلمات فأتمّهن .

وأمّا العصمة الأفعالية فتلقيح في الأفعال بأن يتّقي الذنوب وأن لا يتلوّث بها حفظآ لبقاء سلامته . وكلاهما بالاختيار والاختبار، فلا يقال : لو كانت العصمة ذاتية ، فلا فضل لمن اتّصف بها. ثمّ العصمة الذاتية كلّية تعمّ العصمة عن الذنوب والخطأ والنسيان وما يشين الإنسان ، بخلاف الأفعالية فإنّها العصمة عن الذنوب والمعاصي ، وأمّا القضايا الاجتماعية أو الاقتصادية فربما يخطأ فإنّه غير معصوم .

ثمّ العصمة الذاتية للأنبياء واجبة عقلا ونقلا، أي لا بدّ منها. ويدلّ على ذلک الأدلّة العقليّة ، كعدم الاعتماد على قول من لم يكن معصومآ، والأدلّة النقليّة من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة كآيتي التطهير والولاية وحديث الثقلين والسفينة ، وأمّا العصمة الأفعالية فلم تكن ضرورية ، وبهذا ربما يصدر من غير المعصوم ما يتنافى مع العصمة الذاتية .

والعصمة الذاتية المطلقة إنّما تكون بنصّ من الله سبحانه كما يقول الإمام السجّاد  7: «الإمام منّا لا يكون إلّا معصومآ، وليست العصمة في ظاهر الخلق لتعرف ، ولذلک لا يكون إلّا منصوصآ»[5] .

 

وكون النبيّ والعترة الطاهرة يمتازون بالعصمة الذاتية باعتبار علمهم اللدني الخاصّ من غير كسب متعارف ، كما في قوله تعالى  :

(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ )[6] .

 

فاليقين عند الإمام المعصوم  7 يختلف عن العلوم المتعارفة التي عند الناس ، فيؤيّد النبيّ والإمام  8 بروح القدس .

في حديث جابر عن أبي جعفر  7 قال : سألته عن علم العالم ؟ فقال لي  : يا جابر، إنّ في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح : روح القدس وروح الإيمان وروح الحياة وروح القوّة وروح الشهوة . فبروح القدس يا جابر عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى . ثمّ قال : يا جابر، إنّ هذه الأربعة أرواح يصيبها الحدثان ، إلّا روح القدس فإنّها لا تلهو ولا تلعب[7] .

 

وفي صحيح زرارة عن أبي جعفر  7 في قول الله عزّ وجلّ: (وَكَذَلِکَ أوْحَيْنَا إلَيْکَ رُوحآ مِنْ أمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورآ نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا)[8] ، فقال أبو جعفر  7: منذ أنزل الله ذلک

الروح على نبيّه  9 ما صعد إلى السماء وإنّه لفينا[9] .

 

وفي صحيح أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله  7 عن قول الله تبارک وتعالى: (وَيَسْألُونَکَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أمْرِ رَبِّي )[10] ، قال : خلق أعظم

من جبرائيل وميكائيل ، كان مع رسول الله  9 وهو مع الأئمة وهو من الملكوت[11] .

 

عن أبي الحسن الرضا  7 قال : إنّ الله عزّ وجلّ أيّدنا بروح منه مقدّسة مطهّرة ، ليست بملک لم تكن مع أحد ممّن مضى إلّا مع رسول الله  9، وهي مع الأئمة منّا، تسدّدهم وتوفّقهم ، وهو عمود من نور بيننا وبين الله عزّ وجلّ[12] .

 

فقوله  7: «لم تكن مع أحد ممّن مضى إلّا مع رسول الله وهي مع الأئمة منّا» يدلّ على أنّ علمهم وفضلهم وعصمتهم يختلف عمّا سبق وعمّا لحق ، فإنّه يختصّ بهم ، وإنّهم أفضل الخلق ، ولمثل هذه العصمة الأخصّ نقول بأنّهم  : لا يصدر منهم ترک الأولى ، بخلاف بقيّة الأنبياء والأوصياء، فإنّه لهم عصمة الخاصّ ، وعند زينب  3 عصمة العامّ ، وما عند غيرها عصمة الأعمّ .

ومعنى العصمة في الأنبياء والأوصياء: لطف إلهي خاصّ باعتبار القوّة النورية الملكوتية الراسخة ، فتعصم الإنسان في حياته .

فالنبيّ والإمام  8 لهما العلم الخاصّ وبطريق خاصّ يمنح صاحبه ملكة العصمة الخاصّة والمطلقة بإذن الله تعالى . فيكون الاُسوة والقدوة المطلقة (لَـقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ اُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )[13] ، ثمّ الأمثل فالأمثل بمقدار ما عندهم من

العلم والعصمة ، ولمثل هذا نقول : إنّ زينب الكبرى  3 هي من الاُسوة والقدوة أيضآ.

ثمّ بهذه العصمة الكلّية تجب الطاعة المطلقة ، كما تجب المودّة والمحبّة .

قال أمير المؤمنين عليّ  7: «إنّما الطاعة لله عزّ وجلّ ولرسوله ولولاة الأمر، وإنّما اُمر بطاعة اُولي الأمر لأنّهم معصومون مطهّرون لا يأمرون بمعصيته »[14] .

 

وقال الإمام الصادق  7: «الأنبياء وأوصيائهم لا ذنوب لهم لأنّهم معصومون مطهّرون »[15] .

 

وزبدة المخاض : يبدو لي من خلال المطالعة والمراجعة إلى مباحث العصمة في الكتاب والسنّة وعبائر الفلاسفة وعلماء الكلام ، إنّما العصمة من الكلّي التشكيكي فلها مراتب طوليّة وعرضيّة ، فبدايتها العدالة التي يشترط في كلّ مسلم وإمام جماعة : من إتيان الواجبات وترک المحرّمات وأن لا يأتي بما ينافي المروّة كما عند البعض ، ونهايتها عصمة الله الكبرى التي بلا نهاية ، ثمّ بينهما مراتب ، فبعد عدالة إمام الجماعة كما في مذهب أهل البيت  :، يشترط العدالة في مرجع التقليد، وعندي عدالته أعلى رتبة من عدالة إمام الجماعة ، كما ذكرت تفصيل ذلک في كتاب (القول الرشيد في الاجتهاد والتقليد ـ المجلّد الأوّل ) ثمّ يأتي دور عصمة أمثال زينب الكبرى  3 وهي التي نسمّيها بالعصمة الأفعالية العالية ، ثمّ عصمة الأنبياء والأوصياء وهي العصمة الذاتية الكلّية المطلقة الواجبة ، ثمّ عصمة الأربعة عشر معصوم محمّد والأئمة الاثني عشر وفاطمة الزهراء  :، والكلّ يشترک بالطهارة وبعدم ارتكاب الذنوب والمعاصي ، إلّا أنّه كلّ واحد يمتاز عن الآخر بخصائص ومميّزات ، كعصمة الأربعة عشر معصوم  : ليس فيها ترک الأولى ، بخلاف عصمة الأنبياء فإنّه لا يضرّها ترک الأولى ، وتفصيل الكلام يطلب من محلّه .

سؤال  :

لو سئل من أين لنا أن نعلم بعصمة زينب  3 ونحكم بأنّها معصومة بالعصمة الأفعالية ؟

الجواب  :

نعرف ذلک من خلال سيرتها وما ورد في حقّها كما في غيرها، وأذكر لكم شاهدآ على ذلک ، ما ورد في حقّ فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر  3 أنّها كانت في سنّ أربع أو خمس سنين عندما جاء بعض الشيعة إلى دار الإمام  7 ليسألوا عن بعض المسائل إلّا أنّهم لم يجدوا الإمام  7، فبعد طرق الباب خرجت لهم زوجة الإمام  7 وأخبرتهم بعدم وجود الإمام  7، فقالوا لها: إنّنا جئنا من مكان بعيد ولا بدّ لنا من أجوبة هذه المسائل ، فكيف بنا ومن نسأل ؟ فقالت لهم زوجة الإمام  7: هنا في البيت فاطمة بنت الإمام  7، قالوا: إذن نسأل فاطمة ، ولمّا دخلوا عليها وسألوها أجابتهم بكلّ الأجوبة وبتمامها، فأخذوا أجوبتهم وذهبوا، ولمّا جاء الإمام حدّثته زوجته بكلّ ما جرى وقالت : إنّ فاطمة أجابت بكذا وكذا، فقال عند ذلک : إنّ فاطمة حكمت بحكم الله سبحانه وتعالى ، وهكذا زينب 3 كان عمرها سنتين كما ورد في الرواية وهي جالسة في حجر أبيها أمير المؤمنين  7 فقال لها أبوها: بنيّة قولي واحد، فقالت : واحد، ثمّ قال لها: قولي اثنين ، قالت : لا أقول يا أبتاه ، قال : بنيّتي لِمَ لا تقولين اثنين ؟ قالت  : لساني جرى على الواحد ولا يجري على الاثنين . فمن تلک القصّة الاُولى وهذه القصّة الثانية نفهم أنّ السيّدتين الجليلتين عالمتان غير معلّمتين ، كما أنّهما تربّيتا تربية نبوية علوية ، ومثل هذه التربية لا تنتج إلّا عصمة أفعالية ، ثمّ عندما نطّلع على حالة زينب  3 وهي تصلّي صلاة الليل في ليلة الحادي عشر من المحرّم في تلک الليلة التي تهدّ الجبال بمصيبتها نلمس من ذلک مدى علم زينب وعصمة زينب  3، وهذا ليس بعجيب فإنّ مثل هذه العصمة ثبتت لمن هو أقلّ من مقام زينب  3 التي قال في حقّها الإمام زين العابدين  7: «عمّة ، أنتِ بحمد الله عالِمة غير معلَّمة ، وفهِمة غير مفهَّمة » أي أنّ معلّمکِ هو ربّ العالمين فأنتِ لست بحاجة إلى معلّم آخر، فإنّه تعالى أدّبکِ فأحسن تأديبک ، فهي عالمة لأنّها في أعلى مراحل التقوى وكانت مصداقآ واضحآ للاية الكريمة  :

(وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ)[16] .

 

وهي صابرة لم يسبقها في ذلک إلّا اُمّها فاطمة  3 فلكلّ هذا هي معصومة بالعصمة الأفعالية .

وكما قلت لكم إنّ هذه العصمة ثابتة لغيرها ممّن هو أدنى منها مرتبةً كسيّدنا الاُستاذ النجفي المرعشي  1، فإنّه قال لي يومآ وقد أقسم بفاطمة الزهراء  3 أنّه ما فعل شيئآ هوته نفسه قط ، أي كان (مخالفآ لهواه مطيعآ لأمر مولاه ) منذ اليوم الأوّل ، فلهذا (على العوام أن يقلّدوه ) كما ورد في الحديث الشريف ، وكذلک السيّد الخوانساري  1 الذي قضى صلاته طيلة حياته ثلاث مرّات ، مع أنّه من مراجع الدين وما كان ذلک إلّا لشدّة احتياطه ، فمثل هذه الأفعال تدلّ على عصمتهما الأفعالية .

وهذا ما أكّده الإمام الصادق  7 بقوله : «عجبت لمن يحبّ الله كيف يعصيه »، فالمحبّ لله تعالى لا يعصي الله تعالى ولا يفعل ما يؤثّر على هذه العلاقة مع ربّه ومولاه ومحبوبه . كما أنّه ورد في الحديث الشريف : «ثمرة العلم العصمة »، فكلّما ازداد الإنسان علمآ نافعآ وعملا صالحآ ازداد عصمة وورعآ عن المعاصي والذنوب والآثام والقبائح ، وهناک شواهد كثيرة أذكر منها ذلک الرجل المتواضع الذي لا يقرأ ولا يكتب أخي الحاجّ محمّد علي مشهدي فإنّه كان له شرف اللقاء بالإمام الحجّة  7 تكرارآ ولمّا سألته عن مؤهّلاته لذلک قال : إنّه ما كذب يومآ، ولا اتّهم أحدآ، ولا استغاب شخصآ، بل بمقدار ما عرف من دينه لم يرتكب ذنبآ منذ بلوغه ، فالمعرفة والحبّ يستوجبان العمل والقرب ، حتّى يصل المرء إلى العصمة في أفعاله ، والتي نسمّيها بالعصمة الأفعالية ، ولا بأس أن أذكر شاهدآ آخر لتأثير حبّ الله في الحياة وفي أداء الواجبات ، أذكر أنّي كنت راكبآ في القطار مع بعض الشباب وكانوا من الجيش فلمّا وقف القطار ونزلنا لأداء الصلاة كان أحدهم لا يؤدّي الصلاة وبمجرّد أن سألته : هل تحبّ الله تعالى ؟ قال : نعم ، قلت له : اذهب وتكلّم مع من تحبّ ، فقام فعلا وذهب للصلاة ، وغير ذلک من الشواهد ويكفينا ما نراه من طاعة العاشق لمعشوقه في العشق المجازي ، مع أنّ الحبّ بينهما شهواني ، فكيف إذا كان الحبّ الإلهي ؟

فلذا من عرف فإنّه لا يعصيه ، ومن عرف زينب فإنّه يتأدّب في حضرتها بخشوع ، فبالحبّ تكون الطاعة ، وحبّ مجنون ليلى كان مجازيآ، ومن طريف ما يحكى أنّه كتب على أرض الصحراء اسم ليلى ، فلمّا سئل عن سبب ذلک ؟ أجابهم : اُسلّي قلبي بذكرى ليلى ، وهكذا يفعل الحبّ المجازي بأهله ، فكيف بالعشق الحقيقي وهو عشق الله سبحانه ، ومن أنس به استوحش من الناس ، ولهج لسانه بذكره  :

(ألا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ )[17] .

 

فإذن إذا علمنا وزهدنا وصبرنا أطعنا حقّآ، وزادنا الله عصمةً ، ومثل زينب الحوراء  3 التي وصلت إلى مقام الفناء في الله كما يشهد لها قولها في جواب ابن زياد اللعين : كيف رأيتِ صنع الله؟ فقالت  3: «ما رأيت إلّا جميلا». ولا يقول هذا إلّا العارف الفاني في إرادة الله وحبّه ، فترى شهادة إخوتها الكرام من الله صنعآ جميلا، وإن كان من بني اُميّة ويزيد الطاغية ظلمآ وعدوانآ، فمثلها كيف لا تكون معصومة ؟

كيف لا تكون معصومة وقد صبرت حتّى عجز الصبر من صبرها، وهل يمكن لغيرها أن ترفع جسد أخيها الإمام الحسين في عصر يوم عاشوراء وهو مقطّع بالسيوف والرماح والسهام وتقول: اللهمّ تقبّل هذا القربان من آل محمّد؟

كيف لا تكون معصومة وإمام زمانها زين العابدين  7 يقول في حقّها : أنتِ بحمد الله عالمة غير معلّمة ؟ فلا ريب ولا شکّ في أنّها معصومة ، إلّا أنّ عصمتها عصمة أفعالية تختلف عن عصمة اُمّها فاطمة الزهراء  3، تختلف عن عصمة الأنبياء والأئمة الأطهار  :.

اللهمّ نسألک بعصمة الأنبياء والأولياء وبعصمة زينب الحوراء اغفر لنا فيما مضى من حياتنا واعصمنا فيما بقي من عمرنا، آمين ربّ العالمين .

 

 

 

 



[1] ()  مراده من ترک الأولى هو أنّ الأولى للإنسان أن يفعل كذا لأنّه في مصلحته ولائق بحالهولكنّه لو لم يفعل فيسمّى تارک للأولى ، وترک ما هو أولى من غيره ليس بمعصية لأنّه مخالفةلأمر إرشادي وليس لأمر مولوي أي أمر واجب .

[2] ()  في قصّة آدم  7 عندما أكل من الشجرة التي نهاه الله تعالى عنها فكان الأولى أي الأحسنأن لا يأكل منها ولكنّه خالف الأمر الإرشادي وأكل وهذا ما ذكرته الآيات القرآنية ، وقصّةداود  7 الذي كان الأولى به أن يستمع إلى أصحاب الدعوى على حدّ سواء ولا يسمعأحدهما ويترک الآخر ولكنّه استمع إلى أحدهما دون الآخر، وهذا مذكور في الآياتالقرآنية .

[3] ()  ذكر أهل البيت  : أنّ للعقل جنودآ وللجهل جنودآ، وهذا مفصّل في اُصول الكافي بابالعقل والجهل ، فراجع .

[4] ()  من أمثال زينب الكبرى الذين تربّوا في أحضان النبوّة أو الإمامة كأبي الفضل العباسوعليّ الأكبر وفاطمة بنت موسى بن جعفر سلام الله عليهم وغيرهم .

[5] ()  معاني الأخبار: 132.

[6] ()  السجدة : 24.

[7] ()  الكافي :1 272.

[8] ()  الشورى : 52.

[9] ()  بصائر الدرجات : 457.

[10] ()  الإسراء: 85.

[11] ()  الكافي :1 273.

[12] ()  بحار الأنوار :25 48.

[13] ()  الأحزاب : 21.

[14] ()  بحار الأنوار :25 200.

[15] ()  المصدر :25 199.

[16] ()  البقرة : 282.

[17] ()  الرعد: 28.