لیلة القدر فاطمة الزهراء‘

                                        بسم الله الرحمن الرحیم

في تفسیر نور الثقلین والبرهان وكتاب بحارالأنوار[1] عن تفسیر فرات الكوفي مسنداً عن الإمام الباقر× في تفسیر سورة القدر، قال: إنّ فاطمة هي لیلة القدر، من عرف فاطمة حقّ معرفتها فقد أدرك لیلة القدر، وإنّما سمّیت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها، ما تكاملت النبوّة لنبيّ حتّی أقرّ بفضلها ومحبّتها وهي الصدّیقة الكبری، وعلی معرفتها دارت القرون الاُولی.

وعن أبي عبدالله الإمام الصادق× أنّه قال: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾[2]، اللیلة فاطمة الزهراء والقدر الله، فمن عرف فاطمة حقّ معرفتها فقد أدرك لیلة القدر، وإنّما سمّیت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها.

عن زرارة عن حمران قال: سألت أباعبدالله× عمّا یفرق في لیلة القدر، هل هو ما یقدّر الله فیها؟ قال: لا توصف قدرة الله إلّا أنّها قال: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾[3]، فكیف یكون حكیماً إلّا ما فرق، ولا توصف قدرة الله سبحانه لأنّه یحدث ما یشاء، وأمّا قوله: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾[4]، یعني فاطمة‘، وقوله: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾[5] والملائكة في هذا الموضع المؤمنون الذین یملكون علم آل محمّد^، «والروح روح القدس وهو في فاطمة‘»﴿مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ﴾[6] یقول من كلّ أمر مسلّمة ﴿حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾[7] یعني حتّی یقوم القائم×[8]. قال العلّامة المجلسي في بیان الخبر: وأمّا تأویله× لیلة القدر بفاطمة‘ فهذا بطن من بطون الآیة، وتشبیهها باللیلة إمّا لسترها وعفافها، أو لما یغشاها من ظلمات الظلم والجور، وتأویل الفجر بقیام القائم بالثاني أنسب، فإنّه عند الك یسفر الحقّ، وتنجلي عنهم ظلمات الجور والظلم، وعن أبصار الناس أغشیة الشبه فیهم، ویحتمل أن یكون طلوع الفجر إشارة إلی طلوع الفجر من جهة المغرب الذي هو من علامات ظهوره، والمراد بالمؤمنین هم الأئمة^ وبیّن أنّهم إنّما سمّوا ملائكة لأنّهم یملكون علم آل محمّد^ ویحفظوها ونزولهم فیها كنایة عن حصولهم منها موافقاً لما ورد في تأویل آیة سورة الدخان أنّ الكتاب المبین أمیرالمؤمنین× واللیلة المباركة فاطمة‘﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾[9] أي حكیم بعد حكیم وإمام بعد إمام.

وقوله: ﴿مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ﴾[10] علی هذا التأویل هي مبتدأ، وسلام خبره، أي ذات سلامة، ومن كلّ أمر متعلّق بسلام، أي لا یضرّها وأولادها ظلم الظالمین، ولا ینقص من درجاتهم المعنویة شیئاً، أو العصمة محفوظة فیهم فهم معصومون من الذنوب والخطأ والزلل إلی أن تظهر دولتهم ویتبیّن لجمیع الناس فضلهم[11].

هذا وقد ذكرت في رسالة «فاطمة الزهراء× لیلة القدر» أربعة عشر وجه شبهٍ بین فاطمة الزهراء سیّدة النساء× وبین لیلة القدر، وإجمالها كما یلي:

1 ـ لیلة القدر وعاء زماني للقرآن الكریم وفاطمة الزهراء وعاء مكاني.

2 ـ لیلة القدر یفرق فیها كلّ أمر حكیم، كذلك الزهراء‘ فهي الفاروق بین الحقّ والباطل.

3 ـ لیلة القدر معراج الأنبیاء لكسب العلوم والفیوضات الإلهیّة، كذلك فاطمة الزهراء فهي مرقاة النبوّة ومعرفتها معراج الأنبیاء.

4 ـ لیلة القدر هي خیر من ألف شهر، كذلك تسبیح فاطمة ا لزهراء‘ تجعل كلّ صلاة بألف صلاة وبمحبّتها تضاعف الأعمال كلیلة القدر.

5 ـ ليلة  القدر لیلة مباركة، ومن أسماء فاطمة الزهراء (المباركة)‘.

6 ـ علوّ شأن لیلة القدر ومقامها الشامخ بین اللیالي، كذلك الزهراء، وأنّه لولاها لما خلق الله محمّد وعلي÷كما ورد في الخبر الشریف.

7 ـ العبادات في لیل القدر تضاعف كرامةً لها، كذلك حبّ الزهرا‘ یوجب تضاعف الأعمال، وإذا كانت لیلة القدر منشأ الفیوضات الإلهیة، فكذلك الزهراء‘ والتوسّل بها.

8 ـ القرآن هو النور ونزل في لیلة الدقر لیلة النور، وفاطمة هي النور فهي لیلة القدر كما في تفسیر آیة النور: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾[12].

9 ـ لیلة القدر لیلة السعادة، وفاطمة سرّ  السعادة.

10 ـ تقدّست لیلة القدر وما قبلها من الأیّام واللیالي وما بعدها كرامةً لها وتعظیماً لمقامها، كذلك الزهراء یحترم ذریّتها ویقدّسون عند الاُمّة كرامةً لها وحبّاً بها ولغیر ذلك.

11 ـ لیلة القدر لیلة الخلاص من النار والعتق من جهنّم، كذلك فاطمة تفطم شیعتها من النار وتلتقطهم من المحشر كما تلتقط الدجاجة حبّات القمح.

12 ـ لیلة القدر سرّ من أسرار الله، وكذلك الزهراء‘ فهي من سرّ الأسرار.

13 ـ لیلة القدر سیّدة اللیالي، وفاطمة الزهراء‘ سیّدة النساء.

14 ـ لقد جهل قدر لیلة القدر، وكذلك فاطمة الزهراء بنت الرسول‘ فقد جهل الناس ولا زالوا قدرها، كما أنّها مجهولة القبر إلی ظهور ولدها القائم من آل محمّد|.