إعلم أيُّها السالک إلى الله سبحانه والمتعلّم على سبيل النجاة : إنّ الدنيا إن كانت لله عزّوجلّ ، فانّها مزرعة الآخرة لمن يريد أن يفلح فيها، وإنّها متجر أولياء الله لمن يريد التجارة التي لن تبور، إلّا انّها هذه المزرعة لا تساوى الجنّة التي عرضها السماوات والأرض، فأين الثرى من الثريا، وأين الآخرة من الاُولى ، فيها ما تشتهى الأنفس وتلذّ الأعين ومالم يخطر على قلب بشر، في مقعد صدق عند مليک مقتدر، أحياء عند ربهم يرزقون ، سقاهم ربّهم شراباً طهوراً، يطوف عليهم ولدان مخلّدون بأكواب وأباريق وكأسٍ من معين .

أمّا الدنيا التي خلت عن ذكر الله، فانّها وما فيها بكلّ بهارجها وزخارفها وألوانها لا تساوى ذرّة في المقام الأعلى الذي أعدّ لعباد الله الصالحين الأبرار العليّين ، فالدنيا هذه بكلّ مظاهرها الساحرة والفاتنة أحقر وأرذل من أن تستحقّ المحبّة والمودّة ، وما قيمة هذه الحياة الفانية ذات المظهر الخادع في مقابل العذاب الإلهي الأبدي ؟!

إنّ الاُمور الدنيويّة كلّها ومن دون إستثناء إذا ما كانت سبباً في تعلّق الانسان وإنشداده إلى الدنيا وغفلته عن الله تبارک وتعالى ، فانّها بلا ريب تبعث على الحجب الظلمانيّة ، وتكدر صفو الروح الانسانيّة ، وفي عاقبة الأمر ينجرف إلى الهاوية ، ويتبع خطوات الشيطان ، فيسوقه ويقوده إلى النار الحاميّة ، الّتي تتطلّع على الأفئدة....

http://www.alawy.net/arabic/book/11732/