العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
تصنیف المقالات احدث المقالات المقالات العشوائية المقالات الاکثرُ مشاهدة

المقالات الاکثرُ مشاهدة

کلمة توجیهیة من سماحة السيد عادل العلوي إلی الطلاب والمبلغین

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
 بسم الله الرحمن الرحيم 

وصلى الله على رسول الله وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين اللهم إرحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين. 
أحبّتي نحن على اعتاب شهر محرم الحرام والطلبة يذهبون إلى التبليغ والإرشاد حتماً منكم من يذهب إلى التبليغ وإن شاء الله تعالی لنشر معارف أهل البيت ومعارف القرآن الكريم فهذه كلمة أخلاقية وموعظة ربانية إن شاء الله تعالی تخصّ طلاب علوم الدين الذين عزموا على السفر التبليغي في أيام محرم الحرام بالخصوص العشرة الأولى من المحرم حيث الحوزات تعطّل من أجل التبليغ حتى أنه أهل العلم ينفرون إلى أهاليهم ويبلّغونهم وینذرونهم لعلهم يحذرون كما في آية النفرفي قوله تعالی:(فلولا نفر من کل فرقة منهم طائفة یتفقهوا في الدین  ولینذور قومهم اذا رجعوا الیهم لعلهم یحذرون) فأتم مصداق لآية النفر في يومنا هذا هو أن ینفر طلاب العلوم من فضلائها وعلمائها ومن أساتذتها ومن طلبتها ينفرون إلى التبليغ وإلى نشر مذهب أهل البيت من خلال القرآن والسنة المتمثلة بقول المعصوم وفعل المعصوم وتقرير المعصوم× سواء کان نبياً أو وصيّاً.
 اسمحولي أن أذكر قصة ومن خلال هذه القصة أصل إلى ما أبغية بكلمتي المختصرة: القصة أنه كان والدٌ له ولدان أحدهما يبيع الخمر والآخر يبيع العسل ورأى إزدحام (إزدحام المشترين) على حانوت الخمر وأما حانوت العسل فإنه خالٍ من المشتري فتعجب الوالد من أمر الولدين أنه كيف هذا الذي يبيع الحرام وما فيه الضرر وما فيه زوال العقل البشري وما فيه فساد المجتمع وما فيه إنحطاط الأمّة وإذا به يجذب المشتري هكذا ويتزاحمون وقبل أن يفتح الحانوت تجدهم وقفوا مصطفين لفتح الحانوت وأما هذا الذي يبيع العسل فيه شفاء للناس وبه بركة وإلى آخره،و ذلك مرٌ وهذا حلوٌ،إلّا أنّ المشتريین قليلين.
 فتعجب من ذلك فقال لابد من تحقيق وتدقيق وجاء وجلس في حانوت من يبيع العسل فوجد أنه المشتري الأول عندما دخل وسأله: عندك عسل؟ قال له: أنت أعمى؟ ألا ترى الدكان كله فيه عسل؟ ما هذا السؤال السخیف؟ تسأل العسل موجود؟



 بسوء خلقه خرج المشتري خائباً وجاء المشتري الثاني فقال: بكم العسل؟ فأجاب: لقد كتبت قيمة العسل على الباب على الزجاجة موجودة لماذا تسأل؟
 فأيضاً خرج من سوء خلقه وهكذا كلّ مشترٍ بسوء خلق يخرج،ولكن ذلك الذي يبيع الخمر ما إن إنفتح الحانوت إلّا أخذ يهلّل ويرحّب غاية الترحيب مع الإبتسامات مع الفرحة والسرور والدبكة وما شابه ذلك بحيث الذي لا يشتهي أن يشرب الخمر يشرب الخمر،والذي يشرب كأس واحد سيشرب كؤوس من حسن خُلق هذا البائع.
 فعرف أنّ حسن الخلق يجعل المرّ حلواً في المذاق،وأن سوء الخلق يجعل الحلو مراً.
والعبرة من هذه القصة: أنصح نفسي أولاً،فنحن الآن نبلغ مذهب أهل البيت^ وقضية سيد الشهداء× بالخصوص وعاشوراء والتفاعل مع عاشوراء، فإنّ الإسلام حلوٌ، والقرآن حلوٌ، ومذهب أهل البيت^ أحلى من كل حلو.
 حلو الحلو هو القرآن الناطق، فهذا كله من حلو الله، إن الله جميل ويحب الجمال، الله حلو، الله جميل، واقعاً الله جميل فالمفروض بسوء أخلاقنا، لا نجعل هذا الحلو مراً، أعدائنا فسادهم، ظلمهم وجورهم وثقافتهم السوداء بحسن أخلاقهم، يجعلونها بيضاء! المرّ عندهم يكون حلواً بالأخلاق والفنیّات ولكن نحن لا سامح الله، إذا نسيء الأخلاق مع الناس مع الجمهور عند ذلك الويل فنجعل الإسلام الحلو، في مذاق الناس مراً، يفرّون من الإسلام يقولون: ان هذا الإسلام؟ مع هذه الاخلاق السیئة لرجل الدين؟ هذا الذي يمثل لي الإسلام ويمثل لي القرآن؟ إذا كان هذا أخلاقه فأنا لا أريد الإسلام!!
 فتجد كثير من الناس من يفر والعياذ بالله وكثير ممن دخل الإسلام، إنما دخل بخلق الرسول| {وأنك لعلى خلقٍ عظيم} والعلماء ورثة الأنبياء، فلابد أن يرثوا هذا الخلق النبوي الشريف، لابد أن يرثوا هذا الخلق ويبلغوا بأخلاق.
لذا تجد العلم أميرٌ، ووزيره الحلم، والحلم أن يرد جهل الجاهل بحلمه، يعلم الناس ويعلم الجاهل.
 هذا من باب الفاعلية، وامّا من باب القابلية فربّما الجاهل يجرحه، ربما الجاهل يسيء الأدب معه، جاهل لا يعرف، يسيء الأدب معه! فحينئذٍ على  العالم أن يظهر حلمه، كما يظهر علمه، يظهر حلمه مع الجاهل، مع جهل الجاهل {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} قولاً وفعلاً، واقعاً قولاً وفعلاً.
 فحينئذٍ لابد أن يحسن الأخلاق، لذا الرسول الأعظم| يقول لأقربائه، لعشيرته، یا آل  أبي طالب: إن لم تمتسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم بأخلاقكم.
 ومن ثمّ تری ربّ أخلاق أفضل من آلاف آلاف مرة من المال! خُلق واحد، ربما تصرف ملايين لا تقدر أن تغيّر سلوك الجاهل ولكن بحسن خلق واحد تغيّر سلوك الطرف المقابل و خلال تاريخ علمائنا الأعلام من الماضي إلى الحاضرحتى في المستقبل تجد العالم الناجح، من كان خلوقاً بين الناس، متواضعاً، أول خُلق العالم
التواضع ومن تواضع لله، يتواضع مع الناس، فعندئذٍ لما يتواضع للناس، یجدّه الناس.
 يجود بما عنده، إذا عنده مال، يجود بماله، من جاد ساد الإمام الحسين× روحي له الفداه يقول: السيادة تأتي بالجود والكرم. وإن لم يكن له مال، فالسيادة بالأخلاق، حسن الخلق يوجب السيادة، آلة الرئاسة سعة الصدر، من أراد أن يكون سيد قومه ورئيس قومه، عليه أن يكون واسع الصدر، وسيع الصدر، يتحمل أذى الآخرين، يتحمل سوء الأدب من الآخرين، يتحمل هجران الآخرين.
 ربّ عالم يذهب إلى قرية مثلاً فالناس يهجرونه وإن كان يوم القيامة، ثلاثة يشكون، واحد العالم الذي يكون بين الجهال، و الجهال يؤذونه أو يهجرونه، لكن على كل حال النبي الأعظم|، طبيبٌ دوّارٌ بطبه ونحن نمثل هذه الرسالة الإسلامية السمحاء، نمثل إلاسلامية المحمدية السمحاء، فعلينا أن نكون أطباء.
 واقعاً الناس مرضى، أول لابد أن أصحح نفسي، أُخلق نفسي لأن فاقد الشي لا يعطيه، ثم بعد ذلك، هذا  يلزمه بعدما أكون مليئاً بالأخلاق الحسنة والطيبة وأربي نفسي على الأخلاق، عند ذالك، سأكون مربياً لغيري، أتربّى وأربّي وتتجلى الربوبيّة الإلهيّة فيَّ.
 حينئذٍ الله هو الربّ والمربّي وتربية الربّ بالرحمانية والرحيمية، هذا نقطة مهمة في تربية الله، {الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم} إنما وصف ربّ العالمين، تارةً ببسم الله الرحمن الرحيم وتارةً بالرحمن الرحيم، معناه أنه المربي والمعلم لابّد أن يكون رحماناً للكافر والمؤمن!
الله رحمان للكافر والمؤمن، فالمعلم يكون رحماناً للتلميذ المخطئ وللتلميذ الناجح والمصيب، في كلا الحالين إنما ينظر إليهما برحمة رحمانية.



 نحن عندما نهدي الناس ننظر إلى الناس برحمة رحمانية، الناس على صنفين، صنف من الطيبين وصنف من الخبيثين، صنف من الجاهلين وصنف من العالمين، من المثقفين وغير المثقف، فحينئذ علينا أن نلاحظ هذا المعنى، بأنه إذا كان ممن هو جاهل مريض، نتعامل معه كطبيب،وأما أنه عالم ويحتاج إلى زيادة علم، فتعامل معه معاملة المعلم وإذا كان عنده نقص في الأخلاق فنتعامل معه معاملة المربي، سواء في ا لجاهل أو العالم لا فرق حينئذٍ فإذن عندنا رحمة رحمانية المعلم المربي يتعامل مع الصنف برحمة رحمانية، كما يتعامل مع المقربين برحمة رحيمية، فالله رحمان للمؤمن والكافر والرحيم للمؤمن في الدنيا وفي الآخرة،  وهذا يعني أن الإنسان يكون فيه ظاهر وباطن، في الظاهر نتعامل بالرحمانية، في الباطن نتعامل بالرحيمية، فنتعامل مع الناس، مع أهل الظاهر، رحمانية الله، حتى المخالف له في الدين والمذهب مع يهودي، إذا جالست يهودياً، فأحسن مجالسته.
عن الإمام عليه الصلاة والسلام حتى مع اليهودي، عليك أن تحسن مجالسته، عليك أن تحسن الأخلاق، فعندما تذهب إلى التبليغ بين الناس، حتما هناك من سيخالفك، لأن ليس كلّ الناس على مرادك وعلى كلمتك، فهناك من غرته الدنيا وهناك من غلب عليه الجهل وهناك من غلب عليه الشكوى وهناك من كان  سيء السريرة، خبيث السريرة، خبيث الطينة، فمثل هذا، علينا أن نتعامل معه بالرحمة الرحمانية، كما أنّ الله يتعامل مع خلقه، سواء كان كافراً أو مؤمناً، برحمانيته، يرزق الجميع، يحيي الجميع، يوفق الجميع، يشافي الجميع وهو مشافي برحمانيته، هو معافي برحمانيته، حتى الكافر إذا تمرض وقال: شافني، الله يشافيه لأنه المشافي من الرحمانية.
 تارة، لا، شفاء قلبي، شفاء  روحي، الشفاء الروحي من الرحيمية، فمن رحيمية الله، أن يشافي المؤمن في أخلاقه في قلبه،  في نفسيته، في عقله، هذا شفاء العقل والقلب هي من الرحمة الرحيمية، أما الشفاء الجسدي من الرحمة الرحمانية، فيشافي المؤمن والكافر في جسده، أما في روحه، إنما يكون الشفاء فيه شفاء للمؤمنين ولا يزيد االظالمين إلّا خسارا.
فالقرآن نورٌ وشفاء، لكن للمؤمن، هذا باعتبار شفاء القلب، فيشافيه من الشرك، من النفاق، من الرياء، من العُجب، من الأمراض القلبية، من الحقد، من الحسد وما شابه ذلك، يشافيه من ذلك، فيكون حينئذ في شفاء الله سبحانه وتعالى برحيميته.
 والكافر يشافيه الله سبحانه وتعالى في جسده فيكون برحمانيته  وهذا يعني على أنّ المبلغ الذي يتجلى فيه الربوبية الإلهية ويكون مظهر ومرآة لربّ الله سبحانه وتعالى، عليه أن يكون في مقام التبليغ والإرشاد والموعظة والنصيحة واقعاً مربياً، قلبه يحترق على الناس ويكون كالشمعة يحترق، لينير لنفسه وينير من حوله دائماً، بل يكون كالشمس الطالعة.
 في الحديث الشريف عن الإمام× يقول: كن كالشمس الطالعة للمؤمن وللكافر. للبرّ والفاجر، كالشمس الطالعة، الشمس تعطي نورها للجميع، على حد سواء، من كان مؤمناً، ينتفع من نور الشمس وحرارة الشمس وضوء الشمس وأشعة الشمس وبركات الشمس وكذلك من كان كافراً.
 فربما المؤمن إذا أعرض عن الشمس فلا ينتفع منها  والكافر إذا توجه للشمس، فإنه ينتفع منها، فربما تجد مثلاً، اليهودي ينتفع من كلامك، من نصائحك، من مواعظك، عندما تتحدث عن الأُسرة وقوام الأُسرة وآداب الأُسرة، تجد ربما المخالف، ربما المسيحي، ربما اليهودي، ربما من لا دين له، شابٌ، جالس في المجلس، لیس له التزامات دینیّة ولكن يتأثر بكلامك ويهتدي وربما الذي عنده دين وملتزم، لا يحضر المجلس، لا يتأثر بكلامك. فحينئذٍ، علينا أن نتوكل على الله سبحانه وتعالى ونزداد تُقاً وعلماً ونزداد ورعاً، بالخصوص الورع عن محارم الله ونزداد فهماً في الإسلام، في المعاني بل نكون من العارفين بزماننا، العارف بزمانه لا يهجم عليه اللوابس ولا يلتبس عليه الأمر،  معنى ذلك أنه  لابّد أن أكمل نفسي ولو لسنين وأخرج للناس حينئذٍ وأنا أحمل التقوى والعلم والمعرفة والإخلاص والتقرب إلى الله وأنقل ذلك إلى الناس، هادياً مُُهتدياً إن شاء الله ( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً) هذا عُمدة ما في التبليغ، خالصاً مخلصاً، يبلغ.
 وأفضل موعظة، موعظة القرآن الكريم  (قل إنما أعظكم أن تقوموا لله مثنى وفرادی) الجماعة كلهم يقومون لله بدأ بالجماعة.
 إذا لم یوجد جماعة لا أقل أنت بنفسك تقوم لله، يعني خالصاً مخلصاً ومن أخلص لله أربعين صباحاً جرت وتفجرت ينابيع الحكمة، من قلبه وتجري على لسانه، فتكون حكيماً يا ولدي وأسأل الله أن يوفقكم جميعاً بما فيه الخير والسعادة  وأن لا تنسوني من صالح دعواتكم، كما لا أنساكم.
 أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
27 ذي الحجة 1436 هـ

ارسال الأسئلة