الصور
النشاطات
السيرة
الصوتيات
المرئيات
الکتب
الإتصال بنا
القائمة العامة
الإستفتائات
علوی.نت
.
العربیة
.
مکتبة الکتب
.
رسالات الإسلامیة
.
المجلد الثالث و العشرون - 23
.
مقتل الامام الحسین - ع
.
5
.
فهرست
الخطبة الاُولى
ثمَّ دعا براحلتهِ فركبها ، ونادى بصوتٍ عالٍ يسمعهُ جُلّهم :
أ يُّها النَّاسُ اسْمَعوا قَوْلي وَلا تَعْجَلوا حَتَّى أعِظَكُمْ بِما هُوَ حَقٌّ لَكُمْ عَلَيَّ ،
وَحَتَّى أعْتَذِرَ إلَيْكُمْ مِنْ مَقْدَمي عَلَيْكُمْ ؛ فَإنْ قَبِلْتُمْ عُذْري ، وَصَدَّقْتُمْ قَوْلي
وَأعْطَيْتُموني النَّصَفَ مِنْ أنْفُسِكُمْ ، كُنْتُمْ بِذَلِكَ أسْعَدَ ، وَلَمْ يَكُنْ لَكُمْ عَلَيَّ سَبيلٌ ، وَإنْ
لَمْ تَقْبَلوا مِنِّيَ العُذْرَ وَلَمْ تُعْطوا النَّصَفَ مِنْ أنْفُسِكُمْ ، فَأجْمِعُوا أمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ، ثُمَّ
(20) ··· مقتل الإمام الحسين عليهالسلام
--------------------------------------------------------------------------------
لا يَكُنْ أمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ، ثُمَّ اقْضوا إلَيَّ وَلا تُنْظِرونِ ، إنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الذي نَزَّلَ
الكِتابَ ، وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحينَ .
فلمّا سمعنَ النساءُ هذا منهُ ، صِحْنَ وبَكينَ ، وارتفعتْ أصواتُهنَّ فأرسلَ إليهنَّ
أخَاهُ العبّاسَ وابنَهُ عليّا الأكبرَ ، وقالَ لهما : سَكِّتاهُنّ فَلَعَمْري لَيَكْثُرَ بُكاؤُهُنَّ .
ولمّا سكتْنَ ، حمدَ اللّهَ وأثنى عليهِ وصلّى على محمّدٍ ، وعلى الملائكةِ
والأنبياءِ ، وقالَ في ذلكَ ما لا يُحصى ذكرُهُ ، ولمْ يُسمعْ متكلّمٌ قبلَهُ ولا بعدَهُ أبلغَ
منهُ في منطقهِ ، ثمَّ قالَ :
عِبادَ اللّهِ اتَّقوا اللّهَ وَكونوا مِنَ الدُّنْيا عَلَى حَذَرٍ ، فَإنَّ الدُّنْيا لَوْ بَقِيَتْ عَلَى أحَدٍ
أوْ بَقِيَ عَلَيْها أحَدٌ لَكانَتْ الأنْبِياءُ أحَقَّ بِالبَقاءِ ، وَأوْلَى بِالرِّضا ، وَأرْضَى بِالقَضاءِ ،
غَيْرَ أنَّ اللّهَ خَلَقَ الدُّنْيا لِلفَناءِ ، فَجَديدُها بالٍ ، وَنَعيمُها مُضْمَحِلٌّ ، وَسُرورُها مُكْفَهِرٌّ ،
وَالمَنْزِلُ تَلْعَةٌ ، وَالدَّارُ قَلْعَةٌ ، فَتَزَوَّدوا فَإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ، وَاتَّقوا اللّهَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحونَ .
أ يُّها النَّاسُ ، إنَّ اللّهَ تَعالَى خَلَقَ الدُّنْيا فَجَعَلَها دارَ فَناءٍ وَزَوالٍ ، مُتَصَرِّفَةً
بِأهْلِها حالاً بَعْدَ حالٍ ، فَالمَغْرورُ مَنْ غَرَّتْهُ ، وَالشَّقِيُّ مَنْ فَتَنَتْهُ ، فَلا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ
الدُّنْيا ، فَإنَّها تَقْطَعُ رَجاءَ مَنْ رَكَنَ إلَيْها ، وَتُخَيِّبُ طَمَعَ مَنْ طَمِعَ فيها ، وَأراكُمْ قَدِ
اجْتَمَعْتُمْ عَلَى أمْرٍ قَدْ أسْخَطْتُمُ اللّهَ فيهِ عَلَيْكُمْ ، وَأعْرَضَ بِوَجْهِهِ الكَريمِ عَنْكُمْ ،
وَأحَلَّ بِكُمْ نِقْمَتَهُ ، فَنِعْمَ الرَّبُ رَبُّنا ، وَبِئْسَ العَبيدُ أنْتُمْ ، أقْرَرْتُمْ بِالطَّاعَةِ ، وَآمَنْتُمْ
بِالرَّسولِ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله ، ثُمَّ إنَّكُمْ زَحَفْتُمْ إلَى ذُرِّيَّتِهِ وَعِتْرَتِهِ تُريدونَ قَتْلَهَمْ ، لَقَدْ
اسْتَحْوَذَ عَلَيْكُمْ الشَّيْطانُ فَأنْساكُمْ ذِكْرَ اللّهِ العَظيم ، فَتَبَّا لَكُمْ وَلِما تُريدونَ ، إنَّا للّهِ وَإنَّا
إلَيْهِ راجِعونَ ، هَؤلاءِ قَوْمٌ كَفَروا بَعْدَ إيْمانِهِمْ ، فَبُعْدا لِلْقَوْمِ الظَّالِمينَ .
··· (21)
--------------------------------------------------------------------------------
أ يُّها النَّاس ، انْسِبوني مَنْ أنا ، ثُمَّ ارجِعوا إلَى أنْفُسِكُمْ وَعاتِبوها ، وَانْظُروا
هَلْ يَحِلُّ لَكُمْ قَتْلي وَانْتِهاكُ حُرْمَتي ؟ ألَسْتُ ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكُمْ وَابْنَ وَصِيِّهِ وَابْنَ عَمِّهِ ،
وَأوَّلَ المُؤمِنينَ بِاللّهِ ، وَالمُصَدِّقَ لِرَسولِهِ بِما جاءَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ ؟ أوَ لَيْسَ حَمْزَةُ سَيِّدُ
الشُّهَداءِ عَمَّ أبي ؟ أوَ لَيْسَ جَعْفَرُ الطَّيَّارُ عَمِّي ، أوَ لَمْ يَبْلُغْكُمْ قَوْلَ رَسولِ اللّهِ لي
وَلأخي : هَذانِ سَيَّدا شَبابِ أهْلِ الجَنَّةِ ؟ فَإنْ صَدَّقْتُموني بِما أقولُ ، وَهُوَ الحَقُّ ، وَاللّهِ
ما تَعَمَّدْتُ الكَذِبَ مُنْذُ عَلِمْتُ أنَّ اللّهَ يَمْقُتُ عَلَيْهِ أهْلَهَ وَيَضُرُّ بِهِ مَنْ اخْتَلَقَهُ ، وَإنْ
كَذَّبْتُموني فَإنَّ فيكُمْ مَن إنْ سَألتُموهُ عَنْ ذَلِكَ أخْبَرَكُمْ ، سَلوا جابِرَ بنَ عَبْدِ اللّهِ
الأنْصاري وَأبا سَعيدٍ الخِدْري وَسَهْلَ بنَ سَعْدٍ السَّاعِدي وَزَيْدَ بنَ أرْقَمٍ وَأنَسَ بنَ
مالِكٍ ، يُخْبِروكُمْ أ نَّهُمْ سَمِعوا هَذِهِ المَقالَةَ مِنْ رَسولِ اللّهِ لي وَلأخي ، أما في هَذا
حاجِزٌ لَكُمْ عَنْ سَفْكِ دَمي ؟ !
فقالَ الشمرُ : هوَ يعبدُ اللّهَ على حرفٍ إنْ كانَ يدري ما يقولُ !
فقالَ لهُ حبيبُ بنَ مظاهرٍ : واللّهِ إنّي أراكَ تعبدُ اللّهَ على سبعينَ حرفا ، وأنا
أشهدُ أ نّكَ صادقٌ ، ما تدري ما يقولُ ، قدْ طبعَ اللّهُ على قلبكَ !
ثمَّ قالَ الحسينُ عليهالسلام :
فَإنْ كُنْتُمْ في شَكٍّ مِنْ هَذا القَوْلِ أفَتَشُكُّونَ أ نِّي ابْنُ بِنْتِ نَبِيِّكُمْ ، فَوَاللّهِ ما بَيْنَ
المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ ابْنُ بِنْتِ نَبِيٍّ غَيْري فيكُمْ وَلا في غَيْرِكُمْ ، وَيْحَكُمْ أتَطْلِبوني
بِقَتيلٍ مِنْكُمْ قَتَلْتُهُ ! أوْ مالٍ لَكُمْ اسْتَهْلَكْتُهُ أوْ بِقَصاصِ جِراحَةٍ .
فأخذوا لا يكلّمونَه !
فنادى :
يا شَبَثُ بنَ رَبْعي ، وَيا حَجَّارُ بنَ أبْجُر ، وَيا قَيْسُ بنَ الأشْعَث ، وَيا زَيْدُ بنَ
(22) ··· مقتل الإمام الحسين عليهالسلام
--------------------------------------------------------------------------------
الحارِثِ ، ألَمْ تَكْتُبوا إلَيَّ أنْ أقْدِمْ قَدْ أيْنَعَتِ الثِّمارُ وَاخْضَرَّ الجَنابُ ، وَإنَّما تَقْدِمُ عَلَى
جُنْدٍ لَكَ مُجَنَّدَةً ؟
فقالوا : لمْ نفعلْ .
قالَ :
سُبْحانَ اللّهِ بَلَى وَاللّهِ لَقَدْ فَعَلْتُمْ .
ثمَّ قالَ :
أ يُّها النَّاسُ إذا كَرِهْتُموني فَدَعوني أنْصَرِفُ عَنْكُمْ إلَى مَأمَنٍ مِنَ الأرْضِ .
فقالَ لهُ قيسُ بنُ الأشعثِ : أوَ لا تنزلُ على حكمِ بني عمّكَ ؟ فإنّهمْ لنْ يُروكَ
إلاّ ما تُحبُّ ولنْ يصلَ إليكَ منهمْ مكروهٌ .
فقالَ الحسينُ عليهالسلام :
أنْتَ أخو أخيكَ ؟ أتُريدُ أنْ يَطْلُبَكَ بَنو هاشِمٍ أكْثَرَ مِنْ دَمِ مُسْلِمٍ بنِ عَقيلٍ ؟ لا
واللّهِ لا اُعْطيْهُمْ بِيَدي إعْطاءَ الذَّليلِ وَلا أفِرُّ فِرارَ العَبيدِ ، عِبادَ اللّهِ إنِّي عُذْتُ بِرَبِّي
وَرَبِّكُمْ أنْ تَرْجُمونِ ، أعوذُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الحِسابِ .
ثمّ أناخ راحلته وأمر عقبة بن سمعان فعقلها .
فهرست
نسخ الرابط :
." جميع الحقوق محفوظة للمؤسسة الإسلامِة العالمية " التبليغ و الإرشاد .
Your browser does not support inline frames or is currently configured not to display inline frames.
العربية
فارسي
English