الصور
النشاطات
السيرة
الصوتيات
المرئيات
الکتب
الإتصال بنا
القائمة العامة
الإستفتائات
علوی.نت
.
العربیة
.
مکتبة الکتب
.
رسالات الإسلامیة
.
المجلد الثالث و العشرون - 23
.
مقتل الامام الحسین - ع
.
40
.
فهرست
شهادة أهل البيت عليهمالسلام
عليّ الأكبر سلام اللّه عليه
ولمّا لمْ يبقَ معَ الحسينِ إلاّ أهلُ بيتهِ ، عَزمُوا على ملاقاةِ الحتوفِ ببأسٍ
شديدٍ وحِفاظٍ مُرٍّ ونفوسٍ أبيّةٍ ، وأقبلَ بعضهمْ يودّعُ بعضا ، وأوّلُ منْ تقدّمَ أبو
الحسينِ عليٍّ الأكبرُ ، وعمرُهُ سبعٌ وعشرونَ سنةٍ ، فإنّهُ وُلدَ في الحادي عشرَ منْ
شعبانٍ سنةَ ثلاثٍ وثلاثينَ منَ الهجرةِ ، وكانَ مرآةَ الجمالِ النبويّ ، ومثالَ خُلُقهِ
الساميْ ، واُنموذجا منْ منطقهِ البليغِ .
فعليٌّ الأكبرُ هوَ المتفرّعُ منَ الشجرةِ النبويّةِ ، الوارثُ للمآثرِ الطيّبةِ ، وكانَ
حَريّا بمقامِ الخلافةِ لولا أ نّها منصوصةٌ منْ إلهِ السَّماءِ ، وقدْ سجّلَ سبحانَهُ أسماءَهمْ
في الصحيفةِ النازلِ بها جبرئيلُ عليهالسلام على رسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله .
ورثَ الصفاتَ الغرَّ وهيَ تُراثُهُ منْ كلِّ غطريفٍ وشَهمٍ أصيدِ
في بأسِ حمزةَ في شجاعةِ حيدرٍ بإبا الحسينِ وفي مهابةِ أحمدِ
وتراهُ في خُلُقٍ وطيبِ خلائقٍ وبليغُ نُطقٍ كالنبيِّ محمّدِ
ولمّا يمَّمَ الحربَ عزَّ فراقُهُ على مخدّراتِ الإمامةِ لأ نّهُ عمادُ أخبيتُهنَّ
وحِمى أمنهُنَّ ومعقدِ آمالِهنَّ بعدَ الحسينِ عليهالسلام ، فكانتْ هذهِ ترى هتافَ الرسالةِ في
وشكِ الانقطاعِ عنْ سمعِها ، وتلكَ تجدُ شمسَ النبوّةِ في شفا الكسوفِ ، واُخرى
تشاهدُ الخُلُقَ المحمّديَّ قدْ آذنَ بالرَّحيلِ ، فأحَطْنَ بهِ وتعلّقنَ بأطرافِهِ وقُلنَ :
(58) ··· مقتل الإمام الحسين عليهالسلام
--------------------------------------------------------------------------------
إرحمْ غُربتَنا لا طاقةَ لنا على فراقِكَ ، فلمْ يَعبأْ بِهنَّ ، لأ نّهُ يَرى حجّةَ الوقتِ مكثورَا
قدِ اجتمعَ أعداؤُهُ على إراقةِ دمهِ الطاهرِ ، فاستأذنَ أباهُ وبرزَ على فرسٍ للحسينِ
عليهالسلام تسمّى « لاحقا » .
ومنْ جهةٍ أنّ ليلى اُمِّ الأكبرَ بنتُ ميمونةَ ابنةُ أبي سفيانْ ، صاحَ رجلٌ منَ
القومِ : يا عليَّ ، إنَّ لكَ رحما بأميرِ المؤمنينِ « يزيدَ » ، ونريدُ أنْ نرعى الرحمَ فإنْ
شئتَ آمنّاكَ . قالَ عليهالسلام : إنَّ قرابةَ رسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله أحقُّ أنْ تُرعَى ، ثمَّ شدَّ يرتجزُ
معرِّفا بنفسِهِ القدسيّةِ وغايتهِ السَّاميةِ :
أنا عليُّ بنُ الحسينِ بنُ عليِّ نحنُ وربُّ البيتِ أولى بالنبيِّ تااللّهِ لا يحكمُ فينا ابنُ الدعيِّ أضربُ بالسيفِ اُحامي عنْ أبي ضربَ غلامٍ هاشميٍّ قرشيْ ولمْ يتمالكْ الحسينُ عليهالسلام دونَ أنْ أرخى عينيهِ بالدموعِ وصاحَ بعُمرِ بنِ
سعدٍ :
ما لَكَ ؟ قَطَعَ اللّهُ رَحِمَكَ كَما قَطَعْتَ رَحِمي ، وَلَمْ تَحْفَظْ قَرابَتي مِنْ رَسولِ اللّهِ
صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وَسَلَّطَ عَلَيْكَ مَنْ يَذْبَحُكَ عَلَى فِراشِكَ .
ثمَّ رفعَ شيبتَهُ المقدّسةَ نحوَ السَّماءِ ، وقالَ :
اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَى هَؤُلاءِ فَقَدْ بَرَزَ إلَيْهِمْ أشْبَهُ النَّاسِ بِرَسولِكَ مُحَمَّدٍ خَلْقا
وَخُلُقا وَمَنْطِقا ، وَكُنَّا إذا اشْتَقْنا إلَى رُؤْيَةِ نَبِيِّكَ نَظَرْنا إلَيْهِ ، اللَّهُمَّ فَامْنَعْهُمْ بَرَكاتِ
الأرْضِ وَفَرِّقْهُمْ تَفْريقا ، وَمَزِّقْهُمْ تَمْزيقا ، وَاجْعَلْهُمْ طَرائِقَ قِدَدا ، وَلا تُرْضِ الوُلاةَ
عَنْهُمْ أبَدا ، فَإنَّهُمْ دَعَوْنا لِيَنْصُرونا ثُمَّ عَدَوْا عَلَيْنا يُقاتِلونا ، ثُمَّ تَلا قَوْلَهُ تَعالى : « إنَّ
اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحا وَآلَ إبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ
··· (59)
--------------------------------------------------------------------------------
بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ »(1) .
ولمْ يزلْ يحملُ على الميمنةِ ويُعيدُها على الميسرةِ ، ويغوصُ في الأوساطِ
فلمْ يقابلْهُ جَحفلٌ إلاّ رَدّهُ ، ولا برزَ إليهِ شجاعٌ إلاّ قتلَهُ :
يرمي الكتائبَ والفلا غصّتْ بها في مثلِها منْ بأسِهِ المتوقَّدُ
فيردُّها قَسرا على أعقابِها في بأسِ عرّيسِ العرينةِ مُلبّدُ
فقتلَ مائةً وعشرينَ فارسا ، وقدْ اشتدَّ بهِ العطشُ فرجعَ إلى أبيهِ يستريحُ
ويذكرُ ما أجهدهُ منَ العطشِ ، فبكى الحسينُ وقالَ :
وَا غَوْثاهُ ، ما أسْرَعَ المُلْتَقى بِجَدِّكَ فَيَسْقيكَ بِكَأسِهِ شِرْبَةً لا تَظْمَأُ بَعْدَها وَأخَذَ
لِسانَهُ فَمَصَّهُ ، وَدَفَعَ إلَيْهِ خاتِمَه لَيَضَعْهُ في فيهِ .
ورجعَ « عليٌّ » إلى الميدانِ مُبتهجا بالبشارةِ الصادرةِ منَ الإمامِ الحجّةِ عليهالسلام
بملاقاةِ جدّهِ المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم فزحفَ فيهمْ زحفَهُ العلويُّ السابقُ وغبَّرَ في وجوهِ
القومِ ، ولمْ يُشعروا أهوَ « الأكبرُ » يطردُ الجماهيرَ منْ أعدائِهِ أمْ أنَّ « الوصيَّ » عليهالسلام ،
يزأرُ في الميدانِ ، أمْ أنَّ الصواعقَ تَترى في بريقِ سيفِهِ ، فأكثرَ القتلى في أهلِ
الكوفةِ حتّى أكملَ المائتينَ .
فقالَ مرّةُ بنُ منقذٍ العبديّ : عليَّ آثامُ العربِ إنْ لمْ اُثكلُ أباهُ بهِ ، فطعنهُ
بالرّمحِ في ظهرهِ ، وضربَهُ بالسيفِ على رأسِهِ ، ففلَقَ هامتَهُ ، واعتنقَ فرسَهُ فاحتملَهُ
إلى معسكرِ الأعداءِ ، وأحاطوا بهِ حتّى قطّعوهُ بسيوفهِمْ إربا إرَبا .
ونادى رافعَا صوتَهُ : عليكَ منّي السلامُ أبا عبدِ اللّهِ هذا جدّي قدْ سقاني
--------------------------------------------------------------------------------
(1) آل عمران : 33 ـ 34 .
(60) ··· مقتل الإمام الحسين عليهالسلام
--------------------------------------------------------------------------------
بكأسِهِ شربةً لا أظمأُ وهوَ يقولُ : إنَّ لكَ كأسا مذخورةً ، فأتاهُ الحسينُ عليهالسلام وانكبَّ
عليهِ واضعا خَدّهُ على خدّهِ وهوَ يقولُ :
عَلَى الدُّنْيا بَعْدَكَ العَفا ما أجْرَأهُمْ عَلَى الرَّحْمَنِ وَعَلَى انْتِهاكِ حُرْمَةِ الرَّسولِ
يَعُزُّ عَلَى جَدِّكَ وَأبيكَ أنْ تَدْعُوهُمْ ، فَلا يُجيبونَكَ ، وَتَسْتَغيثُ بِهِمْ فَلا يُغيثونَكَ .
ثمَّ أخذَ بكفّهِ منْ دمِهِ الطاهرِ ورمى بهِ نحوَ السَّماءِ فلمْ يسقطْ منهُ قطرةً ! وفي
هذا جاءتْ زيارتُهُ :
« بِأبي أنْتَ وَاُمِّي مِنْ مَذْبوحٍ وَمَقْتولٍ مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ ، بِأبي أنْتَ وَاُمِّي دَمُكَ
المُرْتَقَى بِهِ إلَى حَبيبِ اللّهِ ، بِأبي أنْتَ وَاُمِّي مِنْ مُقَدَّمٍ بَيْنَ يَدَيْ أبيكَ يَحْتَسِبُكَ
وَيَبْكي عَلَيْكَ مُحْتَرِقا عَلَيْكَ قَلْبُهُ يَرْفَعُ دَمَكَ إلَى عَنانِ السَّماءِ لا يَرْجَعُ مِنْهُ قَطْرَةٌ
وَلا تَسْكُنُ عَلَيْكَ مِنْ أبيكَ زَفْرَةٌ » !
وأمرَ فتيانَهُ أنْ يحملوهُ إلى الخيمةِ فجاؤوا بهِ إلى الفُسطاطِ الذي يقاتلونَ
أمامَهُ .
وحرائرُ بيتِ الوحيِ ينظرنَ إليهِ محمولاً قدْ جلّلتهُ الدماءُ بمطارفِ العزِّ
حمراءَ ، وقدْ وَزّعَ جثمانَهُ الضربُ والطعنُ فاستقبلْنهُ بصدورٍ داميةٍ وشعورٍ منشورةٍ
وعَولَةٍ تصكُّ سمعَ الملكوتِ ، وأمامَهنَّ عقيلةُ بني هاشمٍ « زينبٌ الكبرى » ابنةُ
فاطمةٍ بنتُ رسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله صارخةً نادبةً فألقتْ بنفسِها عليهِ ، تضمُّ إليها جمامَ
نفسِها الذاهبَ ، وحمى خِدرِها المنثلمِ ، وعمادَ بيتها المنهدمِ .
لهفي على عقائلِ الرسالةْ لمّا رأينهُ بتلكَ الحالةْ
علا نحيبهنَّ والصياحُ فاندهشَ العقولُ والأرواحُ
ناحتْ على كفيلها العقائلُ والمُكرماتُ الغُرُّ والفضائلُ
··· (61)
--------------------------------------------------------------------------------
لهفي لها إذْ تَندبُ الرَّسولا فكادتِ الجبالُ أنْ تَزولا(1)
--------------------------------------------------------------------------------
(1) سيّدي ومولاي عليّ الأكبر عليهالسلام للشيخ أحمد الوائلي عليه الرحمة بردٌ تتوّجهُ خلائقُ أحمدٍ بفصاحةٍ وسماحةٍ ومضاءِ
متجلببٌ من حيدرٍ بشجاعةٍ ومنَ الحسينِ موشّحٌ بإباءِ
سَلْ عنهُ أكنافَ الطفوفِ فكمْ بها تركتْ صفيحتهُ منَ الأشلاءِ
وسَلِ القواضِبَ والقنا عنْ نثرِهِ والنَّظمِ فهيَ بهِ منَ الخبراءِ ملكَ الوغى بحسامهِ فأحالها دهماءَ أعيَتْ ألسنَ البلغاءِ
والسبطَ يرصدهُ وفوقَ جبينهُ للناظرينَ بوادرُ السرّاءِ
وإذا بهِ يدعوهُ أدركني فقدْ دارتْ عليَّ بجمعها أعدائي
ألفاهُ منعفرَ الجبينِ تمازجتْ حمرُ الدماءِ بوجنةٍ بيضاءِ
* * *
بويه من سمع يمّك ونينك ومن شبحت لعدّ الموت عينك للعشرين ما وصلت سنينك وما تفني عليك الدهر الأگشر
فهرست
نسخ الرابط :
." جميع الحقوق محفوظة للمؤسسة الإسلامِة العالمية " التبليغ و الإرشاد .
Your browser does not support inline frames or is currently configured not to display inline frames.
العربية
فارسي
English