الصراط
المستقيم :
إنّ المؤمن والمسلم في
كلّ صلاته في ليله ونهاره
، وفي حمده وقرآنه ،
يدعو اللّه سبحانه ،
ويطلب منه أن يهديه
الصراط المستقيم ، ذلك
الصراط الذي
أنعم اللّه سبحانه بنعمة
رحيميّة خاصّة على أصحابه
، ولم يغضب عليهم كاليهود
،
ولم يضلّوا سواء السبيل
كالنصارى .
« اهْدِنَا الصِّرَاطَ
المُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ
الَّذِينَ أنْعَمْتَ
عَلَيْهِمْ غَيْرِ
المَغْضُوبِ
عَلَيْهِمْ وَلا
الضَّالِّينَ »(1) .
وقد ذكر اللّه سبحانه
مَن هم الذين أنعم عليهم
بنعمه الخاصّة في قوله
تعالى :
« وَلَهَدَيْنَاهُمْ
صِرَاطا مُسْتَقِيما *
وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ
وَالرَّسُولَ
فَاُوْلَئِكَ مَعَ
الَّذِينَ
أ نْعَمَ اللّهُ
عَلَيْهِمْ مِنَ
النَّبِيِّينَ
وَالصِّدِّيقِينَ
وَالشُّهَدَاءِ
وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ
اُوْلَئِكَ رَفِيقا
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الفاتحة : 6 ـ 7 .
(24) ··· فاطمة الزهراء
مشكاة الأنوار
--------------------------------------------------------------------------------
* ذَلِكَ الفَضْلُ مِنَ
اللّهِ وَكَفَى
بِاللّهِ عَلِيما »(1) .
ثمّ هذا الصراط المستقيم
إنّما يتجسّد ويتمثّل
باُمور :
الأوّل ـ عبادة اللّه
عزّ وجلّ حقّا ، هذه
العبادة التي هي من فلسفة
الحياة وسرّ
الخليقة ، فقال سبحانه :
« وَأنِ اعْبُدُونِي
هَذَا صِرَاطٌ
مُسْتَقِيمٌ »(2) .
الثاني ـ الدين الإسلامي
الحنيف ، كما في قوله
تعالى :
« إنَّنِي هَدَانِي
رَبِّي إلَى صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ دِينا قِيَما
مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ
حَنِيفا »(3) .
« وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ
الإسْلامِ دِينا فَلَنْ
يُقْبَلَ مِنْهُ »(4) .
الثالث ـ اتّباع النبيّ
صلىاللهعليهوآله ،
كما في قوله تعالى :
« وَأنَّ هَذَا صِرَاطِي
مُسْتَقِيما
فَاتَّبِعُوهُ »(5) .
الرابع ـ الاعتصام
باللّه :
« وَمَنْ يَعْتَصِمْ
بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ
إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
»(6) .
الخامس ـ الحكومة بالعدل
بكلّ مظاهره :
« هَلْ يَسْتَوِي هُوَ
وَمَنْ يَأمُرُ
بِالعَدْلِ وَهُوَ عَلَى
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ »(7)
.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) النساء : 68 ـ 70 .
(2) يس : 61 .
(3) الأنعام : 161 .
(4) آل عمران : 85 .
(5) الأنعام : 153 .
(6) آل عمران : 101 .
(7) النحل : 76 .
المحاضرة الثانية ···
(25)
--------------------------------------------------------------------------------
السادس ـ الإيمان :
« وَإنَّ اللّهَ لَهَادِ
الَّذِينَ آمَنُوا إلَى
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ »(1)
.
السابع ـ القول الطيّب :
« وَهُدُوا إلَى
الطَّيِّبِ مِنَ القَوْلِ
وَهُدُوا إلَى صِرَاطِ
الحَمِيدِ »(2) .
والقول هو الكلام مع
العمل كما في قوله : (
قولوا لا إله إلاّ اللّه
تفلحوا ) .
الثامن ـ المشي السوي
والاعتدال في الحياة :
« أ فَمَنْ يَمْشِي
مُكِـبّا عَلَى وَجْهِهِ
أهْدَى أمَّنْ يَمْشِي
سَوِيّا عَلَى صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ »(3) .
والجامع لكلّ هذه المظاهر
والتمثّلات والتعيّنات هو
الإمامة والولاية
المتحقّقة بعد رسول
اللّه خاتم الأنبياء
محمّد
صلىاللهعليهوآله
بأمير المؤمنين عليّ
عليهالسلام
وبأولاده المعصومين
الأئمة الطاهرين
عليهمالسلام . فالخلفاء
الاثنا عشر ـ وكلّهم من
قريش كما في الصحاح ـ وهم
عليّ وأحد عشر من ولده
المعصومين عليهمالسلام ،
هم
الصراط المستقيم .
ولا يخفى أنّ الصراط في
المفهوم الإسلامي إنّما
هو صراطان : صراط في
الدنيا وصراط في الآخرة ،
وأنّ أحدهما يعبّر ويحكي
عن الآخر ، وبينهما تلازم
في العلم والعمل ، في
العقيدة والسلوك .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الحجّ : 54 .
(2) الحجّ : 24 .
(3) الملك : 22 .
(26) ··· فاطمة الزهراء
مشكاة الأنوار
--------------------------------------------------------------------------------
عن المفضّل بن عمر قال :
سألت أبا عبد اللّه
عليهالسلام عن الصراط ؟
فقال : هو
الطريق إلى معرفة اللّه
عزّ وجلّ ، وهما صراطان :
صراط في الدنيا وصراط في
الآخرة ، فأمّا الصراط
الذي في الدنيا فهو
الإمام المفروض الطاعة ،
من عرفه في
الدنيا واقتدى بهداه مرّ
على الصراط الذي هو جسر
جهنّم في الآخرة ، ومن لم
يعرفه في الدنيا زلّت
قدمه عن الصراط في الآخرة
، فتردّ في نار جهنّم(1)
.
وأمّا من هو الإمام
المفروض الطاعة ؟ فهذا ما
توضحه لنا البراهين
الساطعة
والأدلّة القاطعة من
العقل والنقل من الآيات
الكريمة والأحاديث
الشريفة
ـ كما هو مذكور بالتفصيل
في محلّه من كتب علم
الكلام والعقائد فراجع ـ
.
والإمام زين العابدين
عليّ بن الحسين
عليهماالسلام يعرّف
المصداق الأتمّ
للصراط المستقيم في قوله
عليهالسلام : « ليس بين
اللّه وحجّته ستر ، نحن
أبواب اللّه
ونحن الصراط المستقيم ،
ونحن عيبة علمه ، ونحن
تراجمة وحيه ، وأركان
توحيده ، وموضع سرّه »(2)
.
وعن أبي حمزة الثمالي عن
أبي عبد اللّه
عليهالسلام قال : سألت
عن قول اللّه
عزّ وجلّ : « قَالَ هَذَا
صِرَاطٌ عَلَيَّ
مُسْتَقِيمٌ »(3) ، قال :
واللّه عليّ عليهالسلام
هو واللّه
الميزان والصراط
المستقيم(4) .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) البحار 8 : 66 .
(2) البحار 8 : 70 .
(3) الحجر : 41 .
(4) تفسير البرهان 2 :
344 .
المحاضرة الثانية ···
(27)
--------------------------------------------------------------------------------
قال الطبرسي في تفسيره :
قرأ القرّاء السبعة (
صراط ) منوّنا مرفوعا ،
وعليّ
بفتح اللام ، وقرأ يعقوب
وأبو رجاء وابن سيرين
وقتادة ومجاهد وابن ميمون
( عليّ ) بكسر اللام وصفا
للصراط(1) .
وقال العلاّمة المجلسي :
الظاهر أ نّه ( عليّ )
بالجرّ بإضافة الصراط
إليه ،
ويؤيّده ما رواه قتادة عن
الحسن البصري ، قال : كان
يقرأ هذا الحرف ( هذا
صراط عليٍّ مستقيم )(2) .
وعن أبي عبد اللّه
الإمام الصادق
عليهالسلام في حديث ،
قال : قال أمير المؤمنين
عليهالسلام : إنّ اللّه
تبارك وتعالى لو شاء
لعرّف العباد نفسه ، ولكن
جعلنا أبوابه وصراطه
وسبيله والوجه الذي يؤتى
منه ، فمن عدل عن ولايتنا
، أو فضّل علينا غيرنا ،
فإنّهم
عن الصراط لناكبون(3) .
إشارة إلى قوله تعالى : «
وَإنَّكَ لَـتَدْعُوهُمْ
إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
* وَإنَّ الَّذِينَ
لا يُؤْمِنُونَ
بِالآخِرَةِ عَنِ
الصِّرَاطِ لَـنَاكِبُونَ
»(4) .
ومن نكب عن الصراط
المستقيم فإنّه في جهنّم
وبئس المصير .
عن أبي بصير ، عن أبي عبد
اللّه عليهالسلام ، قال
: الصراط الذي قال إبليس
« لأقْعُدَنَّ لَهُمْ
صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ
»(5) ، فهو عليّ
عليهالسلام (6) .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) جامع البيان 14 : 24
.
(2) البحار 24 : 23 .
(3) الكافي 1 : 184 .
(4) المؤمنون : 73 ـ 74 .
(5) الأعراف : 16 .
(6) شواهد التنزيل 1 : 61
.
(28) ··· فاطمة الزهراء
مشكاة الأنوار
--------------------------------------------------------------------------------
فأقسم الشيطان بعزّة
اللّه سبحانه منذ اليوم
الأوّل أ نّه يغوي ويضلّ
الناس
جميعا إلاّ القليل من
عباد اللّه الشكور ،
اُولئك الذين أخلصوا
للّه في سرّهم
وعلانيتهم .
هذا وقد استحوذ الشيطان
عليهم فارتدّ الناس بعد
رسول اللّه عن ولاية
عليّ عليهالسلام وخلافته
بالحقّ إلاّ القليل ممّا
وفى لرعاية الحقّ وأهله ،
ويوم القيامة
سيخاطبهم النبيّ على
الحوض ـ كما في صحيح
البخاري ـ قائلاً :
أصحابي
أصحابي ، فيأتي الخطاب من
مصدر الجلالة : سحقا سحقا
ـ أي إلى جهنّم ـ
لا تدري ماذا أحدثوا بعدك
يا رسول اللّه ، وأيّ
حدثٍ أعظم من غصب الخلافة
الحقّة ؟ ! فلم يبقَ منهم
إلاّ كهمل النعم ، أي
الشيء القليل جدّا كالأكل
المتبقّي على
فم الأنعام من الإبل
والبقر والأغنام .
وقد قال رسول اللّه
صلىاللهعليهوآله في
ولاية عليّ عليهالسلام
وفي حقّه : « فوعزّة ربّي
وجلاله إنّه لباب اللّه
الذي لا يؤتى إلاّ منه ،
وإنّه الصراط المستقيم ،
وإنّه الذي يسأل
عن ولايته يوم القيامة
»(1) .
وقال صلىاللهعليهوآله
: أتاني جبرئيل
عليهالسلام فقال :
اُبشّرك يا محمّد بما
تجوز على
الصراط ؟ قال : قلت : بلى
. قال : تجوز بنور اللّه
، ويجوز عليّ بنورك ،
ونورك من
نور اللّه ، وتجوز
اُمّتك بنور عليّ ، ونور
عليّ من نورك « وَمَنْ
لَمْ يَجْعَلْ اللّهُ
لَهُ نُورا
فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ
»(2) .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) شواهد التنزيل 1 : 61
.
(2) النور : 40 .
المحاضرة الثانية ···
(29)
--------------------------------------------------------------------------------
وقال صلىاللهعليهوآله
: إذا كان يوم القيامة
ونصب الصراط على جهنّم لم
يجز عليه إلاّ
من كان معه جواز فيه
ولاية عليّ بن أبي طالب
عليهالسلام ، وذلك قوله
تعالى :
« وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ
مَسْؤُولُونَ »(1) ، يعني
عن ولاية عليّ بن أبي
طالب عليهالسلام (2) .
وقال صلىاللهعليهوآله
: إذا جمع اللّه
الأوّلين والآخرين يوم
القيامة ونصب الصراط
على جسر جهنّم ، لم يجز
بها أحد إلاّ من كانت معه
براءة بولاية عليّ بن
أبي طالب عليهالسلام (3)
.
وفي حديث وكيع قال أبو
سعيد : يا رسول اللّه ،
ما معنى براءة عليّ
عليهالسلام ؟
قال : لا إله إلاّ اللّه
، محمّد رسول اللّه ،
عليّ وليّ اللّه(4) .
وقال صلىاللهعليهوآله
في حديث طويل : وإنّ ربّي
عزّ وجلّ أقسم بعزّته أ
نّه لا يجوز
عقبة الصراط إلاّ من معه
براءة بولايتك وولاية
الأئمّة من ولدك .
وعنه صلىاللهعليهوآله
: إذا كان يوم القيامة
يقعد عليّ بن أبي طالب
على الفردوس
ـ وهو جبل قد علا على
الجنّة فوقه عرش ربّ
العالمين ، ومن صفحه
تتفجّر أنهار
الجنّة وتتفرّق في الجنان
ـ وهو جالس على كرسي من
نور يجري بين يديه
التسنيم ، لا يجوز أحد
الصراط إلاّ ومعه براءة
بولايته وولاية أهل بيته
، يشرف
على الجنّة فيدخل محبّيه
الجنّة ومبغضيه النار(5)
.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الصافّات : 24 .
(2) البحار 8 : 69 .
(3) فرائد السمطين 1 :
298 .
(4) مناقب آل أبي طالب 2
: 156 .
(5) فرائد السمطين 1 :
292 .
(30) ··· فاطمة الزهراء
مشكاة الأنوار
--------------------------------------------------------------------------------
عن أبي عبد اللّه
عليهالسلام : « ربّنا
آمنّا واتّبعنا مولانا
ووليّنا وهادينا وداعينا
وداعي الأنام وصراط
المستقيم السويّ ، وحجّتك
وسبيلك الداعي إليك على
بصيرة هو ومن اتّبعه ،
سبحان اللّه عمّا يشركون
بولايته ، وبما يلحدون
باتّخاذ
الولائج دونه ، فاشهد يا
إلهي أ نّه الإمام الهادي
المرشد الرشيد عليّ أمير
المؤمنين
الذي ذكرته في كتابك وقلت
: « وَإنَّهُ فِي اُمِّ
الكِتَابِ لَدَيْنَا
لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ »(1)
لا اُشركه إماما ، ولا
أتّخذ من دونه وليجة »(2)
.
فواقع الصراط المستقيم
وحقيقته وسرّه هو ولاية
أمير المؤمنين عليّ
وأولاده الأئمة المعصومين
الأحد عشر عليهمالسلام .
ولا يخفى أنّ ولاية أهل
البيت عليهمالسلام تعني
ولاية الرسول الأعظم
محمّد
صلىاللهعليهوآله
وولاية النبيّ والتي
تسمّى بالحقيقة
المحمّديّة هي من الولاية
الإلهيّة العظمى التي
هي تجمع أسماء اللّه
وصفاته في تدبير الكون
وشؤونه .
وبهذه الولاية وظهوراتها
وتجلّياتها تصل الكائنات
إلى كمالاتها ، كما يصل
الإنسان إلى سعادته في
الدارين « سعد من والاكم
، وشقى وهلك من عاداكم »
.
قال الإمام الصادق
عليهالسلام : الصراط
المستقيم أمير المؤمنين
علىّ عليهالسلام .
وقال أمير المؤمنين
عليهالسلام : أنا الصراط
الممدود بين الجنّة
والنار ، وأنا
الميزان .
فسلام اللّه وسلام رسوله
وملائكته والخلق أجمعين
على الصراط المستقيم
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الزخرف : 4 .
(2) البحار 24 : 23 .
المحاضرة الثانية ···
(31)
--------------------------------------------------------------------------------
والميزان القويم ، مولانا
أمير المؤمنين وسيّد
الوصيّين أسد اللّه
الغالب الإمام عليّ
ابن أبي طالب عليهالسلام
، وعلى أولاده المعصومين
الأدلاّء على صراط اللّه
، فالراغب
عنهم مارق ، واللازم لهم
لاحق ، والمقصّر في حقّهم
زاهق ، والحقّ معهم وفيهم
ومنهم وهم أهله ومعدنه(1)
. وهم الصراط الأقوم ،
ومن أراد اللّه بدأ بهم
، ومن
وحّده قبل عنهم(2) .
ثمّ لا بدّ من الاستقامة
في هذا الطريق المستقيم
بلا انحراف ولا اعوجاج
ولا إفراط ولا تفريط ، أي
بلا غلوّ ولا تقصير .
وصراط عليّ هو صراط
اللّه ، وإنّ النبيّ
صلىاللهعليهوآله يهدي
الناس إلى صراطه :
« وَإنَّكَ لَـتَهْدِي
إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
* صِرَاطِ اللّهِ
الَّذِي لَهُ مَا فِي
السَّمَوَاتِ
وَمَا فِي الأرْضِ »(3) .
وهذا الصراط الذي أمرنا
اللّه باتّباعه بقوله
تعالى : « وَبِعَهْدِ
اللّهِ أوْفُوا ذَلِكُمْ
وَصَّاكُمْ بِهِ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
* وَأنَّ هَذَا صِرَاطِي
مُسْتَقِيما
فَاتَّبِعُوهُ وَلا
تَتَّبِعُوا السُّبُلَ
فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ
سَبِيلِهِ »(4) .
عن بلال بن حمامة قال :
خرج علينا رسول اللّه
صلىاللهعليهوآله ذات
يوم ضاحكا
مستبشرا فقام إليه عبد
الرحمن بن عوف فقال : ما
أضحكك يا رسول اللّه
صلىاللهعليهوآله ؟
--------------------------------------------------------------------------------
(1) راجع في عليّ هو
الصراط المستقيم كتاب (
إحقاق الحقّ وتعليقاته )
7 : 114 ـ 125 .
(2) اقتباس من زيارة
الجامعة الكبرى .
(3) الشورى : 52 ـ 53 .
(4) الأنعام : 152 ـ 153
.
(32) ··· فاطمة الزهراء
مشكاة الأنوار
--------------------------------------------------------------------------------
قال : بشارة أتتني من عند
ربّي ، إنّ اللّه لمّا
أراد أن يزوّج عليّا
فاطمة أمر ملكا أن
يهزّ شجرة طوبى فهزّها
فنشرت رقاقا ( أي صكاكا )
وأنشأ اللّه ملائكة
التقطوها
فإذا كانت القيامة ثارت
الملائكة في الخلق فلا
يرون محبّا لنا أهل البيت
محضا إلاّ
دفعوا إليه منها كتابا :
براءة له من النار من أخي
وابن عمّي وابنتي فكاك
رقاب
رجال ونساء من اُمّتي من
النار(1) .
ها ونحن في ضيافة اللّه
في شهر رمضان المبارك
دعانا الربّ الكريم إلهنا
القديم الرحمن العظيم على
مأدبة كتابه المجيد
وأسمائه الحسنى وصفاته
العليا ،
وعلى مائدة الأدعية
والأذكار واستجابة الدعاء
وغفران الذنوب ، ولا يخفى
أنّ
قمّة الضيافة الرمضانيّة
وأوجها في ليالي القدر
المباركة ، فإنّ اللّه
يمدّ سماط رحمته
الواسعة ، ويقدّر كلّ
أمرٍ حكيم ويدبّر شؤون
الكائنات بتقدير وقضاء
وحكم ، يكتبه
في ليلة التاسع عشر من
الشهر المبارك ، ويبرمه
بعد التقديم والتأخير في
الليلة
الحادية والعشرين ،
ويختمه في اللوح المحفوظ
في الليلة الثالثة
والعشرين ،
ويطلع وليّه الأعظم صاحب
الزمان الإمام المنتظر
عليهالسلام ، يتنزّل
الملائكة والروح
عليه من كلّ أمر ، سلامٌ
هي حتّى مطلع الفجر .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) تاريخ بغداد 4 : 210
.