الصور النشاطات السيرة  
الصور النشاطات السيرة  
الصوتيات المرئيات الکتب  
الصوتيات المرئيات الکتب  
الإتصال بنا القائمة العامة الإستفتائات  
الإتصال بنا القائمة العامة الإستفتائات  
       
 
   علوی.نت . العربیة . مکتبة الکتب . رسالات الإسلامیة . المجلد الثالث و العشرون - 23 . عید الغدیر بین الثبوت و الإثبات . 1 .  

بعد  فهرست  قبل 
(2)
--------------------------------------------------------------------------------
عيد الغدير بين الثبوت والإثبات(1)
الحمد للّه‏ ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمّد وآله .
قال اللّه‏ تعالى في كتابه الكريم في قصّة المسيح مع الحواريّين : « رَبَّنَا أنزِلْ
عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدا لأوَّلِنَا وَآخِرِنَا »(2) .
وقال رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : « أعياد المسلمين أربع : الفطر والأضحى والغدير
والجمعة » .
والعيد لغةً : مأخوذ من عاد يعود ، فيسمّى اليوم الخاصّ عيد ، لأ نّه يعود كلّ
سنة ، أو مأخوذ من العوائد ، جمع العائدة ، أي الفائدة الموهوبة ، لأنّ الأعياد
تشتمل على عوائد من الذكريات الطيّبة ، كما تنزل فيها البركات الإلهيّة والرحمة
الخاصّة والعطايا الربّانية والفيوضات القدسيّة .
ولكلّ اُمّة وشعب أعياد وطنيّة أو غيرها من ذكرياتهم الخاصّة ، يمجّدونها
--------------------------------------------------------------------------------
(1) محاضرة إسلاميّة ألقاها الكاتب في مسجد الإمام الرضا عليه‏السلام ( موكب النجف الأشرف )
ليلة عيد الغدير سنة 1421 .
(2) المائدة : 114 .
(3)
--------------------------------------------------------------------------------
ويحتلفون بها ويعيدون ذكرياتها ، وقد عيّن رسول الإسلام والإنسانيّة محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله لاُمّته في الشريعة الإسلاميّة أعيادا أربعة ، كما ورد في نصوص كثيرة عن أئمة
أهل البيت عليهم‏السلام ، ومنها : عيد الغدير الأغرّ .
ثمّ من الكلمات المتداولة على ألسن العلماء والفضلاء كلمتا ( الثبوت )
و ( الإثبات ) ، ويقصد بالأوّل الواقع والمعنى ونفس الأمر ، كما يقصد من الثاني
عالم الدلائل والألفاظ والظهور وإبراز ما هو في الواقع ، وإنّ الظاهر ينبئ عن
الواقع كما يخبر عن الباطن والحقيقة ، فقوله سبحانه في كتابه الكريم : « أقِيمُوا
الصَّلاةَ »(1) إنّما هو في عالم الإثبات الذي يخبر عن الإرادة الإلهيّة المتعلّقة
بالصلاة في عالم الثبوت والواقع ، والذي يسمّى بعالم المصالح والمفاسد ، ونظير
الإثبات والثبوت عالمي الملك والملكوت ، أو الظاهر والباطن ، فكلّ شيء له ملك
ظاهري كما له ملكوت باطني ، والناس يختلفون ويتفاوتون في الدرجات باعتبار
ما يحملون من العلوم والفنون والمعارف ، « يَرْفَعِ اللّه‏ُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ
اُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ »(2) فيتفاضلون في الدنيا والآخرة بتفاضل المعرفة ، وقيمة كلّ
امرئ ما يحسنه من العلم والمعرفة والآداب والفنون .
وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، فالآيات والروايات باعتبار المفاهيم
والمعاني ليست بمستوى واحد في فهمها ودركها ومعرفتها ، بل كما ورد في الخبر
السجّادي عليه‏السلام : « سيأتي في آخر الزمان أقوام يتعمّقون ، فأنزل اللّه‏ إليهم سورة
التوحيد وآيات من سورة الحديد » ، والقلوب أوعية خيرها أوعاها ، كما أنّ
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الأنعام : 72 .
(2) المجادلة : 11 .
(4) ··· عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
--------------------------------------------------------------------------------
الزمان وأهله في تطوّر وإزدهار في جانب العلوم المعاشيّة ، وكذلك في العلوم
المادّية وفي المعارف الإلهيّة المتبلورة بالقرآن الكريم والأخبار النبويّة الشريفة
والأحاديث المرويّة عن أهل البيت عليهم‏السلام .
ومن هذا المنطلق تطرح واقعة الغدير ـ التي هي من أهمّ الوقائع الإسلامية ـ
تارة باعتبار عالم الإثبات والدلائل ، وما جاء في القرآن الكريم من آيات التبليغ
والإكمال وغيرهما ، وما ورد في الأحاديث الشريفة من حجّة الوداع وخطبة
النبيّ الأعظم صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ونصب أمير المؤمنين علي عليه‏السلام للوصاية والخلافة ، واحتجاج
أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء وأهل البيت بغدير خم ، وما جرى فيه من الأحداث
التاريخية ، وتهنئة الأصحاب والشيخين أبي بكر وعمر بإمرة المؤمنين ، واُخرى
باعتبار عالم الثبوت ، وما في واقع الأمر وفي علم اللّه‏ سبحانه وفي العوالم السابقة
على عالم الناسوت ، وهي هذه الدنيا التي نعيش فيها ، فإنّه كما ثبت في محلّه هناك
عوالم سابقة على هذا العالم ، كعالم الأنوار وعالم الأرواح وعالم الذرّ وعالم
الطينة ، أو عالم الجبروت واللاهوت والملكوت ، ثمّ من العوالم السابقة ما كان فيها
التكليف في الجملة ، فإنّ في عالم الذرّ والذي يسمّى بعالم الميثاق وعالم ( ألست )
أيضا ، قد أخذ اللّه‏ الميثاق على الخلق وخاطبهم بقوله : « أ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ »(1)
قالوا : « بَلَى » ، إلاّ أنّ الإنسان كأ نّه خلق من النسيان ، فإنّ من الناس من أنكر
تلك الدعوة والتلبيّة ، فكفر وأشرك باللّه‏ ، كما قد أخذ اللّه‏ الميثاق على الناس
جميعهم بنبوّة خاتم النبيّين ، والتي تعني النبوّة كلّها من آدم إلى الخاتم ، فقال :
« أليس محمّد نبيّكم » فقالوا : « بلى » ، إلاّ أنّ منهم من أنكر ختم النبوّة في هذه
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الأعراف : 172 .
عيد الغدير بين الثبوت والإثبات ··· (5)
--------------------------------------------------------------------------------
الدنيا ، فكفر بالنبيّ الخاتم محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ، وقد أخذ اللّه‏ الميثاق أيضا بالإمامة فقال :
« أليس عليّ إمامكم » قالوا : « بلى » ، إلاّ أنّ منهم من جحد نعمة اللّه‏ سبحانه ، فكفر
بولاية أمير المؤمنين عليّ عليه‏السلام والأئمة المعصومين من بعده .
والغدير هو العيد الأكبر للخلائق أجمع بصورة عامّة ، كما هو عيد المسلمين
بصورة خاصّة ، وللمؤمنين الموالين لأهل البيت عليهم‏السلام بنحو أخصّ ، فإنّ اللّه‏ يعود
على الخلق بالفضل والعوائد والرحمة الخاصّة ، في مثل هذا اليوم المبارك .
ثمّ لنا نصوص كثيرة تدلّ على عظمة وشموخ يوم الغدير ، وفي بعضها
ما يشير إلى حقيقته في عالم الثبوت .
ففي ( المصباح ) لشيخ الطائفة شيخنا الطوسي قدس‏سره (1) ، عن داود الرقّي ، عن
أبي هارون عمّار بن حريز العبدي ، قال : دخلت على أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام في اليوم
الثامن عشر من ذي الحجّة ، فوجدته صائما ، فقال لي : هذا يوم عظيم ، عظّم اللّه‏
حرمته على المؤمنين ، وأكمل لهم فيه الدين ، وتمّم عليهم النعمة ، وجدّد لهم
ما أخذ عليهم من العهد والميثاق . فقيل له : ما ثواب صوم هذا اليوم ؟ قال : إنّه
يوم عيد وفرح وسرور ، ويوم صوم شكرا للّه‏ ، وإنّ صومه يعدل ستّين شهرا من
أشهر الحرم(2) .
قوله عليه‏السلام : « وجدّد لهم ما أخذ عليهم من العهد والميثاق » ، يدلّ على أنّ
عالم الإثبات يخبر عن عالم الثبوت ، وأ نّه تجديد لأمر كان قديما على الناس
وعهدا معهودا وميثاقا أخذه اللّه‏ منهم . كما ورد في أحاديث عالم الذرّ . وفي تفسير
الآية الشريفة .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) المصباح : 513 .
(2) الغدير ؛ للعلاّمة الأميني، الجزء 1 .
(6) ··· عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
--------------------------------------------------------------------------------
منها : عن الإمام الصادق عليه‏السلام ، قال : « كان الميثاق مأخوذا عليهم للّه‏
بالربوبيّة ولرسوله بالنبوّة ولأمير المؤمنين والأئمة بالإمامة ، فقال : « أ لَسْتُ
بِرَبِّكُمْ » ومحمّد نبيّكم وعليّ إمامكم والأئمة الهادون أئمّتكم « قَالُوا بَلَى » » ...
الحديث(1) .
والإمام السيّد عبد الحسين شرف الدين العاملي قدس‏سره يرى أنّ القول الإلهي
في الآية الشريفة « أ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ » من باب المجاز والتمثيل ، وهو من أوسع
أبواب البلاغة في لسان العرب ، والقرآن الكريم إنّما نزل على لغتهم وفي
أساليبهم ، وما تحدّى العرب إلاّ على طرائقهم وفي مجازاتهم وحقائقهم ، فعجزوا
عن أن يأتوا بسورة من مثله ، فآية الميثاق والإشهاد على أنفسهم إنّما جاءت من
هذا الباب كما جاء غيرها من آيات الفرقان وصحاح السنّة وسائر كلام العرب .
ويذكر في هذا الباب شواهد من التنزيل والسنّة وأشعار العرب ، كعرض
الأمانة على السماوات والأرض ، وقوله : « ا ئْـتِيَا طَوْعا أوْ كَرْها »(2) ، وقوله :
« إذَا أرَدْنَاهُ أنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ »(3) ، و « لَوْ أ نْزَلْنَا هَذَا القُرْآنَ عَلَى
جَبَلٍ »(4) ، وبكاء السماء والأرض لسيّد الشهداء عليه‏السلام ، وغير ذلك .
فظاهر آية ( الذرّ ) أ نّها إنّما جاءت على سبيل التمثيل والتصوير ، فمعناها
واللّه‏ تعالى أعلم : ( و ) اذكر يا محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله للناس ما قد واثقوا اللّه‏ عليه بلسان حالهم
التكويني من الإيمان والشهادة له بالربوبيّة ، وذلك ( إذ أخذ ربّك ) أي حيث أخذ
--------------------------------------------------------------------------------
(1) فلسفة الميثاق والولاية ؛ السيّد عبد الحسين شرف الدين : 9 .
(2) فصلّت : 11 .
(3) النحل : 40 .
(4) الحشر : 21 .
عيد الغدير بين الثبوت والإثبات ··· (7)
--------------------------------------------------------------------------------
ربّك جلّ سلطانه ( من بني آدم ) أي ( من ظهورهم ذرّيتهم ) فأخرجها من أصلاب
آبائهم نطفا فجعلها في قرار مكين من أرحام اُمّهاتهم ، ثمّ جعل النطف علقا ، ثمّ
مضغا ، ثمّ عظاما ، ثمّ كسا العظام لحما ، ثمّ أنشأ كلاً منهم خلقا سويّا قويّا في
أحسن تقويم ، سميعا بصيرا ناطقا عاقلاً مفكّرا مدبّرا عالما عاملاً كاملاً ذا حواسّ
ومشاعر وأعضاء أدهشت الحكماء ، وذا مواهب عظيمة وبصائر نيّرة تميّز بين
الصحيح والفاسد والحسن والقبيح ، وتفرّق بين الحقّ والباطل ، فيدرك بها آلاء اللّه‏
في ملكوته ، وآيات صنعه ... فكأ نّه تبارك وتعالى إذا خلقهم على هذه الكيفيّة
قرّرهم « وَأشْهَدَهُمْ عَلَى أنفُسِهِمْ » فقال لهم : « أ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ » وكأ نّهم
« قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا » على أنفسنا لك بالربوبيّة ، ونجعنا لعزّتك وجلاك بالعبوديّة
نزولاً على ما قد حكمت به عقولنا ، وجزمت به بصائرنا ، حيث ظهر لديها أمرك ،
وغلب عليها قهرك ـ إلى آخر ما يقوله قدس‏سره ـ ثمّ قال : وأمّا أخذ الميثاق هنا لرسوله
بالنبوّة ولأوصيائه الاثنى عشر بالإمامة ، فإنّما هو على حدّ ما ذكرناه من أخذ
الميثاق للّه‏ عزّ وجلّ بالربوبيّة ، فإنّه وله الحمد والمجد أقام على نبوّة نبيّنا وإمامة
أئمّتنا من الأدلّة القاطعة والبراهين الساطعة والآيات البيّنات والحجج البالغة
المتظاهرة ما لا يتسنّى جحوده ، ولا تتأتّى المكابرة فيه ، ولات حين مناص ،
ولو فرض أنّ اللّه‏ عزّ سلطانه سأل بني آدم ( بعد تناصر تلك الأدلّة ) وأشهدهم على
نبوّة نبيّنا وإمامة أوصيائه ، لما وسعهم إلاّ الإقرار لهم والشهادة بالحقّ طوعا
وكرها . ألا ترى البرّ والفاجر والمسلم والكافر والمؤمن والمنافق والناصب
والمارق قد نجعوا لفضلهم ، وطأطأوا لشرفهم ، فسطّروا الأساطير في مناقبهم ،
وملأوا الطوامير من خصائصهم ، وتلك صحاح أعدائهم تشهد لهم بالحقّ الذي هم
أهله ومعدنه ومأواه ومنتهاه ...
(8) ··· عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
--------------------------------------------------------------------------------
أقول : تفسيره هذا إنّما هو من تفسير الظاهر وكشف القناع عن الآية
الشريفة في الظاهر وفي عالم الإثبات والدلائل ، وأمّا تأويلها وكشف القناع عن
بواطنها وحقائقها فإنّه كما ورد في أحاديث أئمة أهل البيت عليهم‏السلام ، فإنّهم الأعرف
بعالم الثبوت والواقع ، بوحي نزل على جدّهم الرسول الأعظم صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ، فحديثهم
حديث جدّهم ، أو بإلهام من اللّه‏ سبحانه وقرع في الأسماع ونكت في القلوب .
وحسب الأخبار المرويّة في تأويل الآية الشريفة ، لنا ( عالم الذرّ ) والنشأة
الإنسانية الاُولى كما عند العلاّمة الطباطبائي في تفسيره ( الميزان ) ، وإنّ صدق
القضايا في عالمنا هذا إنّما هو باعتبار مطابقتها لنفس الأمر والواقع وما جاء في
النشأة الاُولى ، وإنّ عالم الميثاق وعالم الذرّ يعدّ من عوالم التكليف في الجملة
أيضا ، ودار الدنيا دار الامتحان والتكاليف بالجملة والتفصيل .
وقد أخذ اللّه‏ سبحانه العهد والميثاق من بني آدم بالتوحيد والنبوّة والإمامة ،
والجامع لهذه الحقائق هي الولاية العظمى الإلهيّة الجامعة للأسماء الحسنى
والصفات العليا ، والمتبلورة في النبوّة ، والمتجلّية في الوصاية والإمامة التكوينية
والتشريعية ، وهي ولاية أمير المؤمنين عليه‏السلام والأئمة الأطهار من بعده ، فبهم تختم
الوصاية كما بجدّهم ختمت النبوّة ، وقد ألقم اللّه‏ الميثاق هذا للحجر الأسود كما
ورد في الأخبار الشريفة(1) .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل 5 : 400 ، باب 12 من أبواب الطواف ، الحديث 2 ، بسنده عن معاوية ابن عمّار ،
عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام ، قال : إنّ اللّه‏ لمّا أخذ مواثيق العباد أمر الحجر فالتقمها ، فلذلك يقال :
أمانتي أدّيتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة .
وكذلك في الباب 13 ، وفيه 18 رواية ، خذها وتدبّر فيها لتستخرج منها اللؤلؤ
والمرجان .
عيد الغدير بين الثبوت والإثبات ··· (9)
--------------------------------------------------------------------------------
فاللّه‏ سبحانه توّج أمير المؤمنين بتاج الولاية والإمامة في عالم العهد
والميثاق من العوالم السالفة والقديمة ، وهذا ما نقصده من قولنا : ( الغدير في عالم
الثبوت ) ، ثمّ جدّد ذلك العهد في الثامن عشر من ذي الحجّة الحرام في السنة
العاشرة من الهجرة النبويّة الشريفة ، وكما ورد في التاريخ وفي الآيات
والروايات .
وقصّة الغدير في عالم الإثبات والدلائل الظاهرات والبراهين الساطعات
من المتواترات لا يمكن إنكارها إلاّ المكابر ، ومن استحوذ عليه الشيطان .
هذا ومن الروايات الدالّة على واقعة الغدير في العوالم السابقة :
ما جاء في البحار بسنده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، قال : كنّا عند
الرضا عليه‏السلام والمجلس غاصّ بأهله ، فتذاكروا يوم الغدير ، فانكره بعض الناس ،
فقال الرضا عليه‏السلام : حدّثني أبي عن أبيه ، قال : إنّ يوم الغدير في السماء أشهر منه
في الأرض ، إنّ للّه‏ في الفردوس الأعلى قصرا لبنة من فضّة ولبنة من ذهب ، فيه
مائة ألف قبّة من ياقوتة حمراء ، ومائة ألف خيمة من ياقوت خضراء ، ترابه مسك
والعنبر ، فيه أربعة أنهار : نهر من خمر ، ونهر من ماء ، ونهر من لبن ، ونهر من عسل ،
حواليه أشجار جميع الفواكه ، عليه طيور أبدانها من لؤلؤ وأجنحتها من ياقوت ،
وتصوّت بألوان الأصوات ، فإذا كان يوم الغدير ورد إلى ذلك القصر أهل
السماوات يسبّحون اللّه‏ ويقدّسونه ويهلّلونه ، تتطاير تلك الطيور فتقع في ذلك
الماء ، وتتمرّغ على ذلك المسك والعنبر ، فإذا اجتمعت الملائكة طارت فتنفض
ذلك عليهم ، وإنّهم في ذلك اليوم يتهادون نثار فاطمة عليهاالسلام ، فإذا كان آخر ذلك
اليوم نودوا : انصرفوا إلى مراتبكم فقد أمنتم الخطأ والزلل إلى قابل ـ أي إلى السنة
القابلة ـ في مثل هذا اليوم تكرمةً لمحمّد وعليّ عليهماالسلام .
(10) ··· عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
--------------------------------------------------------------------------------
ثمّ قال : يا ابن أبي نصر ، أينما كنت فاحضر يوم الغدير عند أمير المؤمنين
عليه‏السلام ، فإنّ اللّه‏ يغفر لكلّ مؤمن ومؤمنة ، ومسلم ومسلمة ، من ذنوب ستّين سنة ،
ويعتق من النار ضعف ما أعتق في شهر رمضان وليلة القدر وليلة الفطر ، والدرهم
فيه بألف درهم لإخوانك العارفين ، وأفضِل على إخوانك في هذا اليوم ، وسرّ فيه
كلّ مؤمن ومؤمنة .
ثمّ قال : يا أهل الكوفة ، لقد اُوتيتم خيرا كثيرا ، وأنتم ممّن امتحن اللّه‏ قلبه
للإيمان ، مستذلّون مقهورون ممتحنون ، ليصبّ البلاء عليكم صبّا ، ثمّ يكشفه
كاشف الكرب العظيم ، واللّه‏ لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته ، لصافحتهم
الملائكة في كلّ يوم عشر مرّات .
ولولا أ نّي أكره التطويل لذكرت من فضل هذا اليوم وما أعطاه اللّه‏ من عرفه
ما لا يحصى بعدد(1) .
فقوله عليه‏السلام : « لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته » يشير إلى عالم
الثبوت وهو عالم الحقيقة والواقع . كما أنّ الملائكة تحتفل بهذا اليوم المبارك
من قبل ومن بعد .
وفي البحار بسنده عن الإمام الصادق عليه‏السلام ، يقول : صوم يوم غدير خم
يعدل صيام عمر الدنيا ، لو عاش إنسان عمر الدنيا ، ثمّ لو صام ما عَمِرت الدنيا
لكان له ثواب ذلك ، وصيامه يعدل عند اللّه‏ عزّ وجلّ مائة حجّة ومائة عمرة ، وهو
عيد اللّه‏ الأكبر ، وما بعث اللّه‏ عزّ وجلّ نبيّا إلاّ وتعيّد في هذا اليوم ، وعرف حرمته
--------------------------------------------------------------------------------
(1) البحار 8 : 182 ، راجع التهذيب 2 : 8 ، ومصباح المتهجّد : 513 ، ومصباح الزائر ،
الفصل السابع ، والإقبال : 685 .
عيد الغدير بين الثبوت والإثبات ··· (11)
--------------------------------------------------------------------------------
ـ وهذا يعني أنّ الأنبياء كلّهم عرفوا عيد الغدير ويومه ، وهو عيد اللّه‏ الأكبر ، في
مكنون علمه وسرّه جلّ جلاله ، فكان الغدير قبل خلق الخلق ـ واسمه في السماء
يوم العهد المعهود ، وفي الأرض يوم الميثاق المأخوذ والجمع المشهود ، ومن
صلّى فيه ركعتين من قبل أن تزول الشمس بنصف ساعة شكرا للّه‏ عزّ وجلّ ، ويقرأ
في كلّ ركعة سورة الحمد عشرا ، وإنّا أنزلناه في ليلة القدر عشرا ، وآية الكرسي
عشرا ، عدلت عند اللّه‏ عزّ وجلّ مائة ألف حجّة ومائة ألف عمرة ، وما سأل اللّه‏
عزّ وجلّ حاجة من حوائج الدنيا والآخرة كائنة ما كانتا إلاّ أتى اللّه‏ عزّ وجلّ
على قضائها في يسر وعافية ، ومن فطّر مؤمنا كان له ثواب من أطعم فئاما وفئاما ،
فلم يزل يعدّ حتّى عدّ عشرة . ثمّ قال : أتدري ما الفئام ؟ قلت : لا ، قال : مائة ألف ،
وكان له ثواب من أطعم بعددهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين في
حرم اللّه‏ عزّ وجلّ ، وسقاهم في يومٍ ذي مسغبة ، والدرهم فيه بمائة ألف درهم ،
ثمّ قال : لعلّك ترى أنّ اللّه‏ عزّ وجلّ خلق يوما أعظم حرمةً منه ؟ لا واللّه‏ لا واللّه‏
لا واللّه‏ ، ثمّ قال : وليكن من قولك إذا لقيت أخاك المؤمن : الحمد للّه‏ الذي أكرمنا
بهذا اليوم(1) وجعلنا من المؤمنين(2) وجعلنا من المؤمنين بعهده الذي عهد إلينا ،
وميثاقه الذي واثقنا به من ولاية ولاةِ أمره ، والقوّام بقسطه ، ولم يجعلنا من
الجاحدين والمكذّبين بيوم الدين(3) .
ثمّ ذكر الإمام عليه‏السلام الدعاء الذي بعد الصلاة ، ومثله مذكور في مفاتيح
--------------------------------------------------------------------------------
(1) وهذا يعني أ نّه من التقوى « إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّه‏ِ أتْقَاكُمْ ».
(2) وهذا يعني أ نّه رفع درجات « يَرْفَعِ اللّه‏ُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ » .
(3) البحار 95 : 302 ، عن الإقبال للسيّد ابن طاووس : 475 .
(12) ··· عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
--------------------------------------------------------------------------------
الجنان للشيخ عباس القمّي قدس‏سره ، فراجع .
وعن أبي الحسن الليثي ، عن أبي عبد اللّه‏ جعفر بن محمّد الصادق عليه‏السلام أ نّه
قال لمن حضره من مواليه وشيعته : أتعرفون يوما شيّد اللّه‏ به الإسلام ، وأظهر به
منار الدين ، وجعله عيدا لنا ولموالينا وشيعتنا ؟ فقالوا : اللّه‏ ورسوله وابن رسوله
أعلم ، أيوم الفطر هو يا سيّدنا ؟ قال : لا ، قالوا : أفيوم الأضحى هو ؟ قال : لا ،
وهذان يومان جليلان شريفان ، ويوم منار الدين أشرف منهما ، وهو اليوم
الثامن عشر من ذي الحجّة ، وإنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله لمّا انصرف من حجّة الوداع
وصار بغدير خُم ، أمر اللّه‏ عزّ وجلّ جبرئيل عليه‏السلام أن يهبط على النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وقت قيام
الظهر من ذلك اليوم وأمره أن يقوم بولاية أمير المؤمنين عليه‏السلام وأن ينصبه علما
للناس بعده ، وأن يستخلفه في اُمّته ، فهبط إليه وقال له : حبيبي محمّد إنّ اللّه‏ يقرئك
السلام ، ويقول لك : قم في هذا اليوم بولاية علي صلّى اللّه‏ عليه ليكون علما لاُمّتك
بعدك ، يرجعون إليه ، ويكون لهم كأنت ...(1) .
فعيد الغدير هو عيد اللّه‏ الأكبر جلّ جلاله ، كما هو عيد الرسول الأعظم صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ،
إنّه عيد الأنبياء والأوصياء ، عيد الأئمة الأطهار عليهم‏السلام وعيد مواليهم وشيعتهم
الأخيار ، وهو عيد المسلمين ، إلاّ أنّ القوم لمّا جحدوا حقّ أمير المؤمنين يوم
السقيفة ، وأنكروا يوم الغدير ـ الثابت عند الفريقين متواترا كما ذكر العلاّمة
الأميني قدس‏سره في كتابه القيّم ( الغدير ) في أحد عشر مجلّدا ـ أنكروا عيد الغدير
أيضا ، بل قالوا بهتانا وافتراءً ، إنّ هذا العيد السعيد من فعل الشيعة في القرن الثالث
الهجري ونسبوه إلى معزّ الدولة البويهي .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) المصدر 95 : 300 .
عيد الغدير بين الثبوت والإثبات ··· (13)
--------------------------------------------------------------------------------
وإليك ما يذكره العلاّمة الأميني عليه الرحمة في كتابه العظيم الغدير حول
عيد الغدير(1) :
« إنّ الذي يتجلّى للباحث حول تلك الصفة أمران :
الأوّل : أ نّه ليس صلة هذا العيد بالشيعة فحسب ، وإن كانت لهم به علاقة
خاصّة ، وإنّما اشترك معهم في التعيّد به غيرهم من فرق المسلمين ، فقد عدّه
البيروني في الآثار الباقية في القرون الخالية ( ص 334 ) ممّا استعمله أهل الإسلام
من الأعياد ، وفي مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ( ص 53 ) يوم غدير خم
ذكره ( أمير المؤمنين ) في شعره وصار ذلك اليوم عيدا وموسما لكونه كان وقتا
نصّه رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بهذه المنزلة العليّة ، وشرّفه بها دون الناس كلّهم .
وقال ( ص 56 ) : وكلّ معنى أمكن إثباته ممّا يدلّ عليه لفظ المولى
لرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فقد جعله لعليّ ، وهي مرتبة سامية ومنزلة سامقة ودرجة عليّة ،
ومكانة رفيعة ، خصصه بها دون غيره ، فلهذا صار ذلك اليوم عيد وموسم سرور
لأوليائه . انتهى .
قال العلاّمة الأميني قدس‏سره : تفيدنا هذه الكلمة اشتراك المسلمين قاطبة في
التعيّد بذلك اليوم سواء رجع الضمير في ( أوليائه ) إلى النبيّ أو الوصيّ صلّى اللّه‏
عليهما وآلهما ، أمّا على الأوّل : فواضح ، وأمّا على الثاني : فكلّ المسلمون يوالون
أمير المؤمنين عليّا شرع سواء في ذلك في يواليه بما هو خليفة الرسول بلا فصل ،
ومن يراه رابع الخلفاء ، فلن تجد في المسلمين من ينصب له العداء إلاّ شذّاذ من
الخوارج مرقوا عن الدين الحنيف .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الغدير 1 : 267 .
(14) ··· عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
--------------------------------------------------------------------------------
ثمّ يذكر رحمه‏الله شواهد اُخرى تدلّ على أنّ المسلمين في القديم كانوا يحتفلون
بهذا اليوم المبارك ويعدّونه عيدا عظيما من أعياد الإسلام ، ثمّ يقول :
الثاني : إنّ عهد هذا العيد يمتدّ إلى أمد قديم متواصل بالدور النبوي ، فكانت
البدأة به يوم الغدير من حجّة الوداع ... فكان يوما مشهودا يسرّ موقعه كلّ معتنق
للإسلام حيث وضح له فيه منتجع الشريعة ، ومنبثق أنوار أحكامها ، فلا تلويه من
بعده الأهواء يمينا وشمالاً ولا يسفّ به الجهل إلى هوّة السفاسف ، وأيّ يوم يكون
أعظم منه ؟ وقد لاح فيه لاحب السنن ، وبان جدد الطريق ، وأكمل فيه الدين ،
وتمّت فيه النعمة ، ونوّه بذلك القرآن الكريم ، ثمّ يذكر حديث التهنئة بالإمرة
لأمير المؤمنين علي عليه‏السلام من طرق عديدة تبلغ الستّين .
ثمّ يقول : كلّ هذه لا محالة قد أكسب هذا اليوم منعةً وبذخا ورفعةً
وشموخا ، سرّ موقعها صاحب الرسالة الخاتمة وأئمة الهدى ومن اقتصّ أثرهم من
المؤمنين ، وهذا هو الذي نعنيه من التعيّد به ، وقد نوّه به رسول اللّه‏ في ما رواه
فرات بن إبراهيم الكوفي في القرن الثالث عن محمّد بن ظهير عن عبد اللّه‏ بن
الفضل الهاشمي عن الإمام الصادق عن أبيه عن آبائه ، قال :
« قال رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : يوم غدير خم أفضل أعياد اُمّتي ، وهو اليوم الذي
أمرني اللّه‏ تعالى ذكره بنصب أخي علي بن أبي طالب علما لاُمّتي يهتدون به من
بعدي ، وهو اليوم الذي أكمل اللّه‏ فيه الدين ، وأتمّ على اُمّتي فيه النعمة ، ورضي لهم
الإسلام دينا ، كما يعرب عنه قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في حديث آخر أخرجه الحافظ الخركوشي
( كما في الغدير ص 274 ) : هنّئوني هنّئوني » .
واقتفى أثر النبيّ الأعظم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‏السلام نفسه
فاتّخذه عيدا ، وخطب فيه سنة اتّفق فيها الجمعة والغدير ، ومن خطبته قوله : إنّ اللّه‏
عيد الغدير بين الثبوت والإثبات ··· (15)
--------------------------------------------------------------------------------
عزّ وجلّ جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين ولا يقوم
أحدهما إلاّ بصاحبه ليكمل عندكم جميل صنعه ، ويقفكم على طريق رشده ،
ويقفو بكم آثار المستضيئين بنور هدايته ، ويسلككم منهاج قصده ، ويوفّر عليكم
هنيء رفده ، فجعل الجمعة مجمعا ندب إليه لتطهير ما كان قبله ، وغسل ما أوقعته
مكاسب السوء من مثله إلى مثله ، وذكرى للمؤمنين ، وتبيان خشية المتّقين ،
ووهب من ثواب الأعمال فيه أضعاف ما وهب لأهل طاعته في الأيّام قبله ،
وجعله لا يتمّ إلاّ بالائتمار لما أمر به ، والانتهاء عمّا نهى عنه ، والبخوع بطاعته
في ما حثّ عليه وندب إليه ، فلا يقبل توحيده إلاّ بالاعتراف لنبيّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بنبوّته ،
ولا يقبل دينا إلاّ بولاية من أمر بولايته ، ولا تنتظم أسباب طاعته إلاّ بالتمسّك
بعصمه وعصم أهل ولايته ، فأنزل على نبيّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في يوم الدوح ما بيّن به عن إرادته
في خلصائه وذوي اجتبائه ، وأمره بالبلاغ وترك الحفل بأهل الزيغ والنفاق وضمن
له عصمته منهم ـ إلى أن قال ـ :
عودوا رحمكم اللّه‏ بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم ، وبالبرّ
بإخوانكم ، والشكر للّه‏ عزّ وجلّ على ما منحكم ، وأجمعوا يجمع اللّه‏ شملكم ،
وتبارّوا يصل اللّه‏ اُلفتكم ، وتهادوا نعمة اللّه‏ كما منّكم بالثواب فيه على أضعاف
الأعياد قبله أو بعده إلاّ في مثله ، والبرّ فيه يثمر المال ويزيد في العمر ، والتعاطف
فيه يقتضي رحمة اللّه‏ وعطفه ، وهيّئوا لإخوانكم وعيالكم عن فضله بالجهد من
وجودكم ، وبما تناله القدرة من استطاعتكم ، وأظهروا البشر في ما بينكم والسرور
في ملاقاتكم . الخطبة(1) .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) ذكرها شيخ الطائفة بإسناده في مصباح المتهجّد : 524 .
(16) ··· عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
--------------------------------------------------------------------------------
وعرفه أئمة العترة الطاهرة صلوات اللّه‏ عليهم فسّموه عيدا وأمروا بذلك
عامّة المسلمين ، ونشروا فضل اليوم ومثوبة من عمل البرّ فيه ، ففي تفسير فرات بن
إبراهيم الكوفي في سورة المائدة عن جعفر بن محمّد الأزدي ، عن محمّد بن
الحسين الصائغ ، عن الحسن بن علي الصيرفي ، عن محمّد البزّاز ، عن فرات بن
أحنف ، عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام ، قال : قلت : جعلت فداك للمسلمين عيد أفضل من
الفطر والأضحى ويوم الجمعة ويوم عرفة ؟ قال : فقال لي : نعم ، أفضلها وأعظمها
وأشرفها عند اللّه‏ منزلة هو اليوم الذي أكمل اللّه‏ فيه الدين وأنزل على نبيّه محمّد :
اليوم أكملت لكم دينكم ، وأتممت عليكم نعمتي ، ورضيت لكم الإسلام دينا ، قال :
قلت : وأيّ يوم هو ؟ قال : فقال لي : إنّ أنبياء بني إسرائيل كانوا إذا أراد أحدهم أن
يعقد الوصيّة والإمامة من بعده ففعل ذلك جعلوا ذلك اليوم عيدا ، وإنّه اليوم الذي
نصب فيه رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله عليّا للناس علما وأنزل فيه ما أنزل ، وكمل فيه الدين ،
وتمّت فيه النعمة على المؤمنين ، قال : قلت : وأيّ يوم هو في السنّة ؟ قال : فقال
لي : إنّ الأيام تتقدّم وتتأخّر وربما كان يوم السبت والأحد والاثنين إلى آخر
الأيام السبعة(1) . قال : قلت : فما ينبغي لنا أن نعمل في ذلك اليوم ؟ قال : هو يوم
عبادة وصلاة وشكر للّه‏ وحمد له وسرور لِما منَّ اللّه‏ به عليكم من ولايتنا . فإنّي
اُحبّ لكم أن تصوموه .
وفي الكافي لثقة الإسلام الكليني ( 1 : 303 ) عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه
عن القاسم بن يحيى عن جدّه الحسن بن راشد عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام قال : قلت :
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الظاهر أنّ في لفظ الحديث سقطا ، ولعلّه ما سيأتي في لفظ الكليني عن الإمام نفسه من
تعيينه باليوم الثامن عشر من ذي الحجّة .
عيد الغدير بين الثبوت والإثبات ··· (17)
--------------------------------------------------------------------------------
جعلت فداك للمسلمين عيد غير العيدين ؟ قال : نعم يا حسن ، أعظمهما
وأشرفهما ، قلت : وأيّ يوم هو ؟ قال : يوم نصب أمير المؤمنين عليه‏السلام علما للناس ،
قلت : جعلت فداك وما ينبغي لنا أن نصنع فيه ؟ قال : تصوم يا حسن ، وتكثر
الصلاة على محمّد وآله ، وتبرأ إلى اللّه‏ ممّن ظلمهم ، فإنّ الأنبياء صلوات اللّه‏ عليهم
كانت تأمر الأوصياء اليوم الذي كان يقام فيه الوصيّ أن يتّخذ عيدا ، قال : قلت :
فما لمن صامه ؟ قال : صيام ستّين شهرا(1) .
وفي الكافي أيضا ( 1 : 204 ) عن سهل بن زياد عن عبد الرحمن بن سالم
عن أبيه قال : سألت أبا عبد اللّه‏ عليه‏السلام هل للمسلمين عيدٌ غير يوم الجمعة والأضحى
والفطر ؟ قال : نعم أعظمها حرمة ، قلت : وأيّ عيد هو جعلت فداك ؟ قال : اليوم
الذي نصب فيه رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أمير المؤمنين وقال : من كنت مولاه فعليٌّ مولاه .
قلت : وأيّ يوم هو ؟ قال : وما تصنع باليوم ، إنّ السنّة تدور ، ولكنّه يوم ثمانية
عشر من ذي الحجّة ، فقلت : ما ينبغي لنا أن نفعل في ذلك اليوم ؟ قال : تذكرون اللّه‏
عزّ ذكره فيه بالصيام والعبادة والذكر لمحمّد وآل محمّد ، فإنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أوصى أمير المؤمنين عليه‏السلام أن يتّخذوا ذلك اليوم عيدا ، وكذلك كانت الأنبياء تفعل
كانوا يوصون أوصياءهم بذلك فيتّخذونه عيدا .
وبإسناده عن الحسين بن الحسن الحسيني ، عن محمّد بن موسى الهمداني ،
عن عليّ بن حسان الواسطي ، عن عليّ بن الحسين العبدي ، قال : سمعت
أبا عبد اللّه‏ عليه‏السلام يقول : صيام يوم غدير خمّ يعدل عند اللّه‏ في كلّ عام مائة حجّة
ومائة عمرة مبرورات متقبّلات وهو عيد اللّه‏ الأكبر . الحديث .
--------------------------------------------------------------------------------
(1) ستوافيك هذه المثوبة من رواية الحفّاظ بإسناد رجاله كلّهم ثقات .
(18) ··· عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
--------------------------------------------------------------------------------
وفي ( الخصال ) لشيخنا الصدوق بإسناده عن المفضل بن عمر قال : قلت
لأبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام : كم للمسلمين من عيد ؟ فقال : أربعة أعياد ، قال : قلت : قد
عرفت العيدين والجمعة فقال لي : أعظمها وأشرفها يوم الثامن عشر من ذي الحجّة
وهو اليوم الذي أقام فيه رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أمير المؤمنين عليه‏السلام ونصبه للناس علما ،
قال : قلت : وما يجب علينا في ذلك اليوم ؟ قال : يجب(1) عليكم صيامه شكرا للّه‏
وحمدا له مع أ نّه أهل أن يشكر كلّ ساعة ، كذلك أمرت الأنبياء أوصياءها أن
يصوموا اليوم الذي يقام فيه الوصيّ ويتّخذونه عيدا . الحديث .
وفي ( المصباح ) لشيخ الطائفة الطوسي ( ص : 513 ) عن داود الرقّي عن
أبي هارون عمّار بن حريز العبدي قال : دخلت على أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام في اليوم
الثامن عشر من ذي الحجّة فوجدته صائما ، فقال لي : هذا يوم عظيم ، عظّم اللّه‏
حرمته على المؤمنين وأكمل لهم فيه الدين ، وتمّم عليهم النعمة ، وجدّد لهم ما أخذ
عليهم من العهد والميثاق فقيل له : وما ثواب صوم هذا اليوم ؟ قال : إنّه يوم عيد
وفرح وسرور ويوم صوم شكرا للّه‏ ، وإنّ صومه يعدل ستّين شهرا من أشهر الحرم .
الحديث .
وروى عبد اللّه‏ بن جعفر الحميري عن هارون بن مسلم عن أبي الحسن
الليثي عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام أ نّه قال لمن حضره من مواليه وشيعته : أتعرفون يوما
شيّد اللّه‏ به الإسلام ، وأظهر به منار الدين ، وجعله عيدا لنا ولموالينا وشيعتنا ؟
فقالوا : اللّه‏ ورسوله وابن رسوله أعلم ، أيوم الفطر هو يا سيّدنا ؟ قال : لا . قالوا :
--------------------------------------------------------------------------------
(1) المراد بالوجوب هو الثبوت بالسنّة الشامل للندب أيضا كما يكشف عنه التعبير
بـ ( ينبغي ) في بقية الأحاديث وله في أحاديث الفقه نظائر جمّة .
عيد الغدير بين الثبوت والإثبات ··· (19)
--------------------------------------------------------------------------------
أفيوم الأضحى هو ؟ قال : لا ، وهذان يومان جليلان شريفان ويوم منار الدين
أشرف منهما ، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة ، وإنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله لمّا انصرف من حجّة الوداع وصار بغدير خم . الحديث .
وفي حديث الحميري بعد ذكر صلاة الشكر يوم الغدير وتقول في سجودك :
اللهمّ إنّا نفرِّج وجوهنا في يوم عيدنا الذي شرّفتنا فيه بولاية أمير المؤمنين عليّ
ابن أبي طالب صلّى اللّه‏ عليه .
وقال الفيّاض بن محمّد بن عمر الطوسي سنة تسع وخمسين ومائتين وقد
بلغ التسعين : إنّه شهد أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه‏السلام في يوم الغدير
وبحضرته جماعة من خاصّته قد احتبسهم للإفطار ، وقد قدّم إلى منازلهم الطعام
والبرّ والصلات والكسوة حتّى الخواتيم والنعال ، وقد غيّر من أحوالهم وأحوال
حاشيته ، وجدّدت لهم آلة غير الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه ، وهو
يذكر فضل اليوم وقدمه .
وفي مختصر بصائر الدرجات بالإسناد عن محمّد بن العلاء الهمداني
الواسطي ويحيى بن جريح البغدادي ، قالا في حديث : قصدنا جميعا أحمد بن
إسحاق القمّي صاحب الإمام أبي محمّد العسكري ( المتوفّى 260 ) بمدينة قم
وقرعنا عليه الباب فخرجت إلينا من داره صبيّة عراقيّة فسألناها عنه ، فقالت :
هو مشغول بعيده ، فإنّه يوم عيد ، فقلنا : سبحان اللّه‏ أعياد الشيعة أربعة : الأضحى
والفطر والغدير والجمعة . الحديث .
( ما عشت أراك الدهر عجبا )
إلى هنا أوقفك البحث والتنقيب على حقيقة هذا العيد وصلته بالاُمّة جمعاء ،
وتقادم عهده المتّصل بالدور النبوي ، ثمّ جاء من بعده متواصلة العرى من وصيّ
(20) ··· عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
--------------------------------------------------------------------------------
إلى وصيّ يعلم به أئمة الدين ، ويشيد بذكره اُمناء الوحي كالإمامين أبي عبد اللّه‏
الصادق وأبي الحسن الرضا بعد أبيهم أمير المؤمنين صلوات اللّه‏ عليهم ، وقد توفّي
هذان الإمامان ونطف البويهيّين لم تنعقد ، وقد جاءت أخبارهما مرويّة في تفسير
فرات والكافي المؤلَّفين في القرن الثالث ، وهذه الأخبار هي مصادر الشيعة
ومداركها في اتّخاذ يوم الغدير عيدا منذ عهد طائل في القدم ، ومنذ صدور تلكم
الكلم الذهبيّة من معادن الحُكم والحِكَم .
إذا عرفت هذا فهلمّ معي نسائل النويري والمقريزي عن قولهما : إنّ هذا
العيد ابتدعه معزّ الدولة عليّ بن بويه ( سنة 352 ) قال الأوّل في ( نهاية الإرب في
فنون الأدب ) ( 1 : 177 ) في ذكر الأعياد الإسلاميّة : وعيد ابتدعته الشيعة وسمّوه
عيد الغدير ، وسبب اتّخاذهم له مواخاة النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏سلم عليّ بن أبي طالب يوم غدير
خم ، والغدير تصبّ فيه عين وحوله شجر كبير ملتفّ بعضها ببعض ، وبين الغدير
والعين مسجد رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏سلم واليوم الذي ابتدعوا فيه هذا العيد هو الثامن عشر من
ذي الحجّة ، لأنّ المواخاة كانت فيه في سنة عشر من الهجرة وهي حجّة الوداع ،
وهم يحيون ليلتها بالصلاة ويصلّون في صبيحتها ركعتين قبل الزوال ، وشعارهم
فيه لبس الجديد وعتق الرقاب وبرّ الأجانب والذبائح .
وأوّل من أحدثه معزّ الدولة أبو الحسن عليّ بن بويه على ما نذكره إن
شاء اللّه‏ في أخباره في سنة 352 ، ولمّا ابتدع الشيعة هذا العيد واتّخذه من سننهم
عمل عوام السنّة يوم سرور نظير عيد الشيعة في سنة 389 وجعلوه بعد عيد الشيعة
بثمانية أيّام ، وقالوا : هذا يوم دخول رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏سلم لغار هو وأبو بكر الصدّيق ،
وأظهروا في هذا اليوم الزينة ونصب القباب وإيقاد النيران . ا ه .
وقال المقريزي في الخطط 2 : 222 : عيد الغدير لم يكن عيدا مشروعا
عيد الغدير بين الثبوت والإثبات ··· (21)
--------------------------------------------------------------------------------
ولا عمله أحد من سالف الاُمّة المقتدى بهم ، وأوّل ما عرف في الإسلام
بالعراق أيام معزّ الدولة عليّ بن بويه فإنّه أحدثه سنة 352 فاتّخذه الشيعة من
حينئذٍ عيدا . ا ه .
وما عساني أن أقول في بحّاثة يكتب عن تأريخ الشيعة قبل أن يقف على
حقيقته ، أو أ نّه عرف نفس الأمر فنسيها عند الكتابة ، أو أغضى عنها لأمر دُبِّر بليل ،
أو أ نّه يقول ولا يعلم ما يقول ، أو أ نّه ما يبالي بما يقول ، أوَ ليس المسعودي
المتوفّى 346 يقول في التنبيه والإشراف ص 221 : وولد عليّ رضى‏الله‏عنه وشيعته
يعظّمون هذا اليوم . أوَ ليس الكليني الراوي لحديث عيد الغدير في الكافي توفّي
سنة 329 ؟ وقبله فرات بن إبراهيم الكوفي المفسّر الراوي لحديثه الآخر في
تفسيره ( الموجود عندنا ) الذي هو في طبقة مشايخ ثقة الإسلام الكليني المذكور ،
فالكتب هذه اُلّفت قبل ما ذكراه ( النويري والمقريزي ) من التاريخ ( 352 ) .
أوَ ليس الفيّاض بن محمّد بن عمر الطوسي قد أخبر به سنة 259 ؟ وذكر أ نّه شاهد
الإمام الرضا سلام اللّه‏ عليه ( المتوفّى سنة 203 ) يتعيّد في هذا اليوم ويذكر فضله
وقدمه ، ويروي ذلك عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم‏السلام . والإمام الصادق المتوفّى
سنة 148 قد علّم أصحابه بذلك كلّه وأخبرهم بما جرت عليه سنن الأنبياء من
اتّخاذ يوم نصبوا فيه خلفاءهم عيدا كما جرت به العادة عند الملوك والاُمراء من
التعيّد في أيّام تسنّموا فيها عرش الملك ، وقد أمر أئمة الدين عليهم‏السلام في عصورهم
القديمة شيعتهم بأعمال برِّية ودعوات مخصوصة بهذا اليوم وأعمال وطاعات
خاصّة به . والحديث الذي مرّ عن مختصر بصائر الدرجات يعرب عن كونه من
أعياد الشيعة الأربعة المشهورة في أوائل القرن الثالث الهجري .
هذه حقيقة عيد الغدير لكن الرجلين أرادا طعنا بالشيعة فأنكرا ذلك السلف
(22) ··· عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
--------------------------------------------------------------------------------
الصالح وصوّراه بدعةً معزوّة إلى معزّ الدولة وهما يحسبان أ نّه لا يقف على
كلامهما من يعرف التاريخ فيناقشهما الحساب .
« فَوَقَعَ الحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا
صَاغِرِينَ »(1) .
وختاما : انطلاقا من عقيدتنا الإسلاميّة الحقّة ، لا بدّ لنا ولكلّ مسلم ومسلمة
أن يحتفل بهذا اليوم العظيم بالعبادة والتقرّب إلى اللّه‏ سبحانه وبالصلاة والصوم
والشكر للّه‏ ، والصلاة على النبيّ وآله ، ولعن أعدائهم ومنكري فضائلهم ، كما نحتفل
فيه بالسرور والأفراح وإقامة الحفلات والإطعام والسخاء والعطاء على الأهل
والعيال والأصدقاء والأحبّاء ، ونشاطر البهجة السماوية ونشارك الفرحة القدسيّة
مع ملائكة السماء ، واجتماعهم في القصر الفردوس الذي وصفه لنا مولانا وإمامنا
الرضا عليه‏السلام ، ونتعايد بعضنا مع بعض بالمعانقة والمصافحة الولائية ، فرحين
مستبشرين بما آتانا اللّه‏ من إكمال الدين وإتمام النعمة التي لا يحصى فضائلها ،
ونقول : الحمد للّه‏ الذي جعلنا من المتمسّكين بولاية أمير المؤمنين وأهل بيته
الطاهرين .
ومن الطريف أن نذكر أنّ كثيرا من الحوادث والوقائع الإسلامية ـ كولادة
النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ـ يوجد اختلاف بين المسلمين في تحديده ووقوعه ، بل نجد الاختلاف
في الأحكام والفروع الفقهيّة ، وحتّى الاختلاف في العقائد وحدودها ، إلاّ أ نّه نجد
الاتّفاق بين كلّ المذاهب الإسلاميّة على هذه الأيام الأربعة ( أعياد المسلمين )
الفطر والأضحى والغدير والجمعة ، فإنّ الجمعة نهاية الاُسبوع يجتمع فيه المسلمون
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الأعراف : 118 ـ 119 .
عيد الغدير بين الثبوت والإثبات ··· (23)
--------------------------------------------------------------------------------
ويحتفلون بها بصلاة الجمعة ، كما يحتفلون بيوم الفطر الأوّل من شوّال ، ويوم
الأضحى العاشر من ذي الحجّة ، ويوم الغدير الثامن عشر من ذي الحجّة ، ولم يقع
الخلاف بأنّ واقعة الغدير كانت في غير اليوم الثامن عشر ، فتدبّر .
كما أنّ القاسم المشترك في هذه الأعياد هو مسألة الإمامة والالتفاف حول
الإمام ، ففي كلّ اُسبوع يجتمع المسلمون في صلاة الجمعة حول أئمّتهم ( أئمة
الجماعة والجمعة ) ليسمعوا الخطب والمواعظ والبلاغ ، كما أنّ أصل البلاغ وتمامه
كان في يوم الغدير ، فلو لم يفعل النبيّ نصب الولي والوصي فما بلّغ رسالته ،
فاجتمع الناس حول إمامهم في الغدير كما يحتفل به في كلّ عام إحياءً لتلك
الواقعة العظمى ، وكذلك الناس يجتمعون حول أئمّتهم في عيد الفطر والأضحى ،
فتدبّر .
واعلم أنّ ثقافة مذهب أتباع أهل البيت عليهم‏السلام تبتني على أركان وأساطين
أربع :
1 ـ التوحيد الكامل .
2 ـ النبوّة الصادقة .
3 ـ والغدير الأغرّ .
4 ـ وعاشوراء الخالدة .
والثالث يتجلّى فيه الولاء والإمامة الحقّة ، كما أنّ الرابع يتبلور فيه البراءة
من الأعداء والشهادة ، فالثالث يعني الولاية ، كما أنّ الرابع ينتهي إلى الشهادة .
ولمثل هذا نقول : ( إنّما الحياة عقيدة وجهاد ) شعار وشعور وفداء .
وآخر دعوانا أن الحمد للّه‏ ربّ العالمين .
(24) ··· عيد الغدير بين الثبوت والإثبات
--------------------------------------------------------------------------------
عيد الغدير بين الثبوت والإثبات ··· (25)
بعد  فهرست  قبل 
نسخ الرابط :  
 ." جميع الحقوق محفوظة للمؤسسة الإسلامِة العالمية " التبليغ و الإرشاد .
   
العربية    فارسي    English